مسجد «الرفاعي».. مرقد الملوك والسلاطين

الخميس، 30 مايو 2019 07:00 م
مسجد «الرفاعي».. مرقد الملوك والسلاطين
أشرف أمين

واحدا من أشهر المساجد التي تجذب الأنظارَ إليها بسبب تميزه المعماري وبراحه الواسع ،حيث يضم تحت ترابه شخصيات  عظيمة  ملأت الدنيا بصيتها وجدلها في عصرها .

علي الرغم من  تلك المنطقة الاثرية  تمتلِئُ بالعديد من الزوايا والمساجد التي لم تفكر العائلة العلوية في جعلها مقراً لمقابِرها الا ذلك المكان العتيق الذي ترقد فيه الملوك والسلاطين ، حيث رائحة وعبق التاريخ يتجلي في هذا البناء العظيم  "مسجد الرفاعي" احد اشهر أبنية القاهرة القديمة .

يرجع بناء مسجد الرفاعي بمنطقة الخليفة لعهد الأسرة العلوية في مصر، ويكتسب شهرته كونه يضم رفات عدد من أشهر ملوك وأميرات مصر في الفترة الخديوية من تاريخ مصر، ومن اللافت في نقوش هذا المسجد هو تجاور الصلبان داخله مع الآيات القرآنية والزخرفة الإسلامية التي عرفت بها مساجد القاهرة التاريخية الأثرية طوال عصوره التاريخية.

2017-636208732140860607-86
 

ألنشأة والتاريخ

أنشأته والدة الخديوي إسماعيل السيدة خوشيار، عرف بسيدي علي الرفاعي الشهير بأبي شباك المدفون به، وكان زاوية صغيرة تعرف بزاوية الرفاعي وبالزاوية البيضاء، وكان بها عدة قبور، فأزيلت تلك الزاوية والبيوت المجاورة لها وعدة حارات، وكان الخديوي إسماعيل رائد التطور والتغيير الفني من بين كل أحفاد هذه الأسرة العلوية، فجاء فنانو النهضة وصمموا الكثير من أجزاء المسجد.".

وذكر إنها  أمرت الأمير حسين باشا فهمي وكيل ديوان الأوقاف بأن يعد لها تصميماً لجامع به ضريح لسيدي علي الرفاعي، وآخر لسيدي يحيى الأنصاري، ومدافن لأسرتها في سنة 1286هـ- 1870م.". 

يرجع المسجد  في الأصل إلى مسجد صغير من العصر الفاطمي يسمى "مسجد الذخيرة"، أنشأه المـلك "جـعفر" والي القاهرة في عام 516هـ، حيث تقول الدكتورة سعاد ماهر في موسوعتها "مساجد مصر وأولياؤها الصالحون"، أنه على الرغم من أن فكرة إنشاء الجامع ترجع إلى "خوشيارهانم"، إلا أنه لم ينسب لها بل نسب إلى "جعفر" حيث كانت هناك زاوية صغيره تسمى" الزاوية البيضاء" أو "الزاوية الرفاعية"، وقامت هي بنقل رفات مشايخ الطريقة الرفاعية، وقامت بتجـديد زاوية الرفاعـي عام1869م، وضمت لها بعض الأراضي المجاورة له، واشتهر الجامع بعد ذلك باسم "الرفاعي" نسبة لسيدي علي الرفاعي".

957

 

روعة الطراز المعماري للمسجد

التقسيم الثلاثي للمسجد يطغى عليه الروماني أغلب أجزاء المسجد فنجده في تخطيط بيت الصلاة، والواجهات قسمت كل منها إلى ثلاثة أقسام، وجدار القبلة،  لهو بالطبع انعكاس لفكرة تقسيم البازيلكا الذي بدأ في العمارة الإسلامية منذ العصر الأموي

المسجد متحفاً مفتوحاً يعكس تاريخ العمارة الإسلامية في مصر، وقد أراد المعماري استعراض مهارته وفنونه فعكس كل العناصر المعمارية والفنية التي كانت موجدوه في سجل العمارة الإسلامية، مناطق انتقال القباب، المقرنصات البديعة التي تحملها، تيجان الأعمدة الشاهقة، الدخلات والصدور المقرنصة في الواجهة، الأعتاب والعقود المزررة أو المعشقة التي تتخذ أشكالاً وريقات نباتية متداخلة تعلو فتحات الأبواب والمداخل .

أما عن محرابه الخشبي قطعة فنية تحكي قصة الفن المملوكي بالذوق الفني الخاص بالقرن التاسع عشر، فشكّل من قطع خشبية متناهية الصغر يطلق عليها الفنانون طريقة الحشوات المجمعة صنعت شكل  أطباقاً نجميه متجاورة وأسقف المسجد يمكنك أن تجد فيها التطور الكبير في ضخامة القبة التي تجدها تقليداً لقباب آية صوفيا جنباً إلى جنب مع الأسقف الخشبية المملوكية.

99146-صورة-للمسجد-من-الخارج

الغرض من بناء المسجد الرفاعي

شيد الجامع الرفاعي ليضم مقابر الأسرة العلوية، حيث دفن به كما ذكر " زينب هانم، وتوحيده هانم، وعلي جمال الدين، وإبراهيم حلمي، والسلطان حسين كامل ابن الخديوي إسماعيل وتتصل قبته بقبر السلطان حسين كامل بن إسماعيل الذي تولى حكم مصر عام 1914 وتوفيَّ عام 1917 ليخلفه أخوه الملك فؤاد.

ودفن فيه شاه إيران الأخير محمد رضا بهلوي، الذي كان في يوم من الأيام زوجاً للأميرة فوزية، شقيقة الملك فاروق، والتي طلقت منه منتصف الأربعينات.

والذي بعد  نفيه حيث لم يجد مَنْ يستقبلُهُ سوى الرئيس الراحل محمد أنور السادات. وعند وفاته عام 1980 أمر بدفنه في مسجد الرفاعي حيث يقع قبره على يمين المدخل الملكي من ناحية الغرب في غرفة رخامية منفصلة، ووضعت على القبر تركيبة رخامية بديعة مرسوم عليها الشعار الساساني للدولة البهلوية، ومكتوب عليها اسم الشاه وتاريخ ميلاده ووفاته باللغة الفارسية.

 الطريف أن هذه الغرفة تربطها علاقة صلة قوية بعائلة الشاه، حيث كانت قبراً لوالده الشاه رضا بهلوي الذي خلعته إنجلترا أثناء الحرب العالمية الثانية ونفته إلى جنوب أفريقيا.

وبعد ذلك بثلاثة أعوام، مات رضا بهلوي في منفاه ونقل جثمانه إلى مسجد الرفاعي ليدفن هناك في فترة زواج فوزية بشاه إيران، إلا أنه وعقِبَ حدوث الطلاق بين الاميرة فوزية والشاه محمد رضا بهلوي، قرر الأخير إعادة جثمان والده إلى طهران، ليعود هو ذاته بعد أكثر من ثلاثة عقود ليدفن في الغرفة ذاتها.

كما دفن به خوشيار هانم، وابنها الخديوي إسماعيل، كما دفنت به زوجات الخديوي إسماعيل الأميرة شهرت فزا، والأميرة جنانيار، والأميرة جشم آفت، والأميرة فادية الابنة الصغرى للملك فاروق، وأخيراً الأميرة فريال أم الملك فؤاد التي توفيت عام 2009 .

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة