باق من الزمن 30 يوما.. سور مجرى العيون يتخلص من آفة مدابغ الجلود (صور)

الخميس، 13 يونيو 2019 10:00 م
باق من الزمن 30 يوما.. سور مجرى العيون يتخلص من آفة مدابغ الجلود (صور)
سور مجرى العيون - أرشيفية

 
بدأت الحكومة المصرية السنوات الأخيرة الماضية تنفيذ خطتها لإعادة المظهر الحضاري للمحافظات، من خلال تطوير العشوائيات، والمناطق الأثرية، حفاظا على التراث، وكان ضمن مخططها إعادة تطوير منطقة سور مجرى العيون الأثري، بمصر القديمة، والذي يحمل الرقم (78)، والمنطقة المحيطة به واخلائها من المدابغ الملاصقة للسور والتي تسببت في تشويهه.
 
وعلى مدار عقود متتالية نهش الإهمال والخراب في ذلك السور الأثري، الذي طالما شهد على عبقرية المصريين في توفير احتياجاتهم اليومية، وعبقريتهم الهندسية التي استخدموها لتشييد حضارتهم لتظل شاهدة على العديد من الأحداث الهامة في واحدة من أهم الحقب التاريخية المارة على أرض النيل، قبل أن يتحول إلى «مسخ» خلقه العشوائية والزيادة السكانية.
 
download (1)
 
وظل الأثر رقم (78) يأن آلام الإهمال والتخريب على مر سنوات عديدة حتى بدأت الحكومة في عام 2006 في وضع مخطط لتطوير منقطة «مجرى العيون»، إلا أنه تم تأجيل التنفيذ لأسباب عدة، وفي عام 2012 وتنفيذا لمبادرة تحسين النظافة العامة التي عملت في تلك الفترة على رفع تراكمات القمامة من الشوارع واستغلال تلك المساحات لوضع «أكشاك» للشباب العاطل عن العمل، بدأت وزارة البيئة في تطهير محيط السور من المخلفات والقمامة، وإنشاء سياج حديد حوله لضمان عدم عودتها مرة أخرى، إلا أنه ومع الوقت تحول هذا السياج إلى «مربط للدواب» التي يستخدمها أهالي المنطقة في نقل جلود المدابغ، وتحول إلى مقلب عمومي لفضلات الأحصنة ومرعى للأغنام بالإضافة إلى تراكمات القمامة.
 
download (2)
 
وبمرور الوقت بدأت عملية التنفيذ الفعلي لمخطط التطوير، وإخلاء المدابغ ونقلها إلى منطقة «الروبيكي» للقضاء نهائيا على هذا المرض الذي نهش جسد واحدة من أقدم وأعرق المدن المصرية، وتعمل أجهزة محافظة القاهرة الآن على الانتهاء من عملية الإخلاء بشكل كامل، وإزالة المناطق العشوائية وتوفير سكن ملائم لسكانها، بالإضافة إلى القضاء على التلوث البيئى التى تسببه المدابغ والتشوية الذى تسببه لسور مجرى العيون التاريخى، وكذلك المشاكل التى كانت تسببها المنطقة لشبكات الصرف الصحى والمرافق بشكل عام.
 
download
 
يهدف مشروع تطوير منطقة المدابغ إلى إحياء هذه المنطقة التاريخية وإعادة إبراز رونقها الحضارى، بما تتمتع به من قيمة ثقافية، لتمثل إضافة جديدة على خارطة المقاصد الأثرية والسياحية بمصر، والمشروع يعد جزءًا ضمن تصور شامل لإعادة القاهرة كمدينة للتراث والفنون، ومركز للإشعاع الحضارى والثقافى، ومقصد سياحى رئيسى على صعيد الدائرتين الإقليمية والعالمية. 
 
وتضمن خطة إخلاء المنطقة هدم المدابغ، بالإضافة إلى هدم المساكن المحيطة بها "منطقة أكشاك ابو السعود" والتى تضم أكثر من ألف اسرة تحيط منطقة المدابغ بالكامل بالإضافة إلى المحال الملحقة بالمدابغ، ويتم نقل المدابغ لمدينة الروبيكى الصناعية بالقرب من مدينة بدر، ونقل السكان لحى الاسمرات 3 الكائن بمدينة الأسمرات بالمقطم، حيث يتم تسليمهم وحدات مجهزة بالأثاث والأجهزة الكهربائية، بالإضافة إلى تعويض أصحاب المدابغ بتعويضات مادية بناء على رغباتهم.
 
ويتابع اللواء خالد عبد العال، محافظ القاهرة أعمال الهدم والإزالة مع قيادات المحافظة، وأجهزة الأمن، وبلغ حجم الإزالة أكثر من 100 مدبغة حتى الآن ونقل وتسكين أكثر من 400  أسرة بحى الاسمرات 3 من منطقة أكشاك ابو السعود، وتستمر أعمال الحصر والهدم ونقل السكان، ومن المقرر أن تنتهى المحافظة من هدم المدابغ بالكامل خلال شهر تقريبا.
 
images (1)
 
وقال اللواء خالد عبد العال محافظ القاهرة، إن أجهزة أجهزة حي مصر القديمة بالتنسيق مع مديرية الأمن أزالت 6 مدابغ بمنطقة المدابغ ليصل إجمالي ما تم إزالته حتى الآن حوالى مائة مدبغة ، وتم تعويض أصحابها حسب رغبتهم إما بمقابل مادى أو توفير بديل بمنطقة صناعات الجلود بالروبيكى، مشيرا إلى أن الدولة قامت بتوفير البديل المناسب لصناعة الجلود بمنطقة الروبيكى حيث تم توفير ورش و ومدابغ وأراضى لإقامة مصانع مع توفير مركز تكنولوجى لتطوير الصناعة ، بالإضافة إلى إنشاء محطة معالجة للصرف الصناعى على مسطح 280 فدانا تقريبا وغابة شجرية على مساحة 830 فدانا للاستفادة من المياه المعالجة وهو الذي كان يمثل مشكلة بمنطقة المدابغ القديمة نظرا لعدم وجود صرف صناعي وقيام أصحاب الورش بصرف مخلفات صناعتهم على شبكات الصرف الصحى مما يؤدى الى تدميرها بصفة دائمة.
 
images (3)
 
من جانبه أكد اللواء أحمد فؤاد، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، أن مسئولى المحافظة وشرطة المرافق وشركة القاهرة، يتواجدون بشكل يومى بمنطقة المدابغ لمتابعة أعمال النقل التسكين والهدم، لافتا إلى أنه يتم حل أي مشكلات تتعلق بأعمال النقل وهدم المدابغ، وعن المدابغ التى لم يتم توفير مدابغ بديلة لها بمدينة الروبيكى، أكد انه يتم التواصل مع مسئولى وزارة الصناعة وشركة القاهرة لتوفير البديل وتسليم ملاك المدابغ أوراق تضمن حقهم وتذكر المساحات التى أخلوها لتسليمهم مساحات بديلة بالروبيكى ويتم تجهيزها الأن، وانهاء اللمسات النهائية لأعمال التسليم، مؤكدا أن المحافظة كانت اعطت مهلة لأصحاب المدابغ للنقل والإخلاء وانتهت هذه المهلة منذ أيام ويتم هدم المدابغ ومن المقرر أن تنتهى المحافظة من الهدم خلال شهر تقريبا.
 
images (2)
 
وقال أحد أصحاب المدابغ التى لم يتم نقلها حتى الآن أنه وعدد آخر من ملاك المدابغ لم يتم توفير مدابغ بديلة لهم بالروبيكى حتى الآن أسوة بغيرهم من الملاك والمستثمرين مشيرا إلى أنهم عرضوا المشكلة على مسئولى المحافظة الذين وعدوهم بحلها وضمان حقهم بكتابة عقود تضمن المساحات التى يستحقونها بالروبيكى، فضلا عن إمكانية التعويض المادى.
 
ويذكر أن من بين المشاكل التى كانت تسببها المنطقة هى مشكلة الصرف الصناعي الذى يعد من أكبر مصادر التلوث لاحتوائه على كثير من المواد الكيميائية السامة، و كانت تشترك أغلب المصانع ومنها المدابغ في إلقائها الكثير من المواد مثل الأحماض والقواعد والمنظفات الصناعية والأصباغ، وبعض مركبات الفوسفور والمعادن الثقيلة كالرصاص والزئبق.
 
وواجهت محافظة القاهرة المشكلة لمدة تزيد عن الـ 18 عامًا، وذلك بسبب رفض اصحاب المدابغ فكرة  الانتقال من مصر القديمة لأى مكان آخر، وكان حى مصر القديمة، في السنوات الآخيرة، قد شكل لجنة من الحى والصرف الصحى لمعاينة الغرف أو "حجرات الترسيب" فى كل مدبغة، ولاحظ أن معظم المدابغ ليس لديها تلك الغرف، وتم منحهم فرصة لإنشائها، وإلا ستتخذ إجراءات صارمة ضد المخالفين، لما يسببه الصرف الصناعى الخاص بمدابغهم من ضرر على الشوارع المحيطة بالمنطقة.
 
images
 
ودفع عدم الاهتمام والإصرار على البقاء، محافظة القاهرة لاتخاذ خطوات جادة لنقل المدابغ خارج الكتلة السكنية، خاصة بعد تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتكليفه لقيادات المحافظة بإخلاء المنطقة، ضمن مشروع قومي لتطويرها، وإعادة المكانة التاريخية والسياحية لمنطقة سور مجرى العيون، وعقب توجيهات الرئيس، بدأت أجهزة المحافظة تتخذ خطوات جادة في عملية إخلاء المدابغ ونقلها، وانتهت تحديدًا فى عام 2016، ودبرت لهم لهم مع وزارة الإسكان وحدات سكنية فى مدينة بدر، ثم مدينة الأسمرات فى حين صرفت تعويضًا ماديًا لمن لا يرغب فى الانتقال، وهذه الإجراءات، تمت من خلال لجنة مُشكلة من قبل حى مصر القديمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق