40 مليون ضحية.. قصة جنكيز خان أخطر رجل فى العالم

الجمعة، 14 يونيو 2019 09:00 ص
40 مليون ضحية.. قصة جنكيز خان أخطر رجل فى العالم
جنكيز خان
إسراء بدر

"جنكيز خان" ربما لا يعرف عنه الكثيرين سوى ما شاهدوه من خلال أحداث فيلم "وا إسلاماه" ولكن تاريخ هذا الرجل حافل بالجرائم، وهو ما جعلنا نطلق عليه أخطر رجل فى العالم، فقد ولد "تيموجين بن يسوكاي بهادر" أو ما نعرفه باسم "جنكيز خان سنة 1162م تقريباً، وكان والده رئيساً لقبيلة مغولية تدعى "قيات".

سمى ابنه "تيموجين" ومعناه "الفولاز القوي" تيمناً بمولده في يوم انتصاره على إحدى القبائل التي كانت يتنازع معها، وتمكن من القضاء على زعيمهم الذي يحمل نفس الاسم "تيموجين".

لديه ثلاث أخوة من أمه وهم جوجي قسار وقاجيون وتيموجي وأخت اسمها تيمولين، أما إخوته من أبيه فهم بختير وبلكوتي. وكما هي أوضاع الكثير من قبائل المغول، فإن بداية حياة تيموجين كانت قاسية، حيث جهز له والده زوجة في سن التاسعة إلى العشيرة، التي بها زوجة المستقبل بورته، وهي تابعة لقبيلة أونجيرات و ظل تيموجين هناك في خدمة والد زوجته (داي سيجين) حتى بلوغه 12 عاما وهو سن الزواج، وزوجة المستقبل تدعى "بورته" وهي تابعة لقبيلة أونجيرات.

توفى الأب في عام 1175م، عند مروره على أعدائه التتار المجاورين لقبيلته في طريق عودته إلى الديار، حيث قدموا له طعاما مسموما فمات من فوره، وما أن وصل الخبر لـ"تيموجين" حتى عاد إلى أهله مطالبا بمنصب والده كونه الوريث الشرعي لرئاسة قبيلته، وكان عمره آنذاك 9 سنوات وقيل 13 سنة، فقد مات والده تاركاً حملاً ثقيلاً ومسئولية كبيرة.

download (11)

وبعد وقت قليل انفض عنه حلفاء أبيه وانصرف عنه الأنصار والأتباع، واستغلت قبيلته صغر سنه فرفضت الدخول في طاعته على الرغم من أنه الوريث الشرعي لأبيه والتفت حول زعيم آخر، بل ووصل الأمر أنهم أسروا "تيموجين" نفسه، وبذلك فقدت الأسرة الجاه والسلطان، وتذوق مرارة الجوع والفقر والحرمان، بعد أن صارت مطاردة من الأعداء، وكان هذا موقف صعب يتعرض له "تيموجين" وهو في بداية حياته، خاصة أن الجميع كان يضع عليه أملاً كبيراً في استكمال قوة وفتوحات والده.

وبعد سنوات نجحت والدة "تيموجين" في أن تجمع شمل الأسرة المستضعفة، وتحث أبنائها الأربعة ومنهم "تيموجين" على الصبر والكفاح، حتى صاروا شباباً أقوياء وخاصة "تيموجين" الذي كان يتمتع ببنيان قوي جعله المصارع الأول بين اقرانه.

وقرر "تيموجين" استعمال اسلوب الخداع لإجبار القبائل على الخضوع له مرة أخرى، ورغم أنه كان لايزال شاب ولا يعاونه أي من المستشارين أو الحكماء، إلا أن "تيموجين" استند إلى قلبه المخادع ليعد منه الخدع المناسبة لأعدائه.

وفي البداية اهتم بمزارع ومراعي أسرته فتحسنت أحوالها وزاد إنتاجها، مما مكنه من جذب بعض القبائل للتعامل التجاري معه، وهنا بخدعة بسيطة تمكن من إجبار القبائل المتوافدة عليه من الأتباع والأقارب للعودة إلى قبيلته، ورغم مناهضة البعض الآخر إلا أنه دخل في صراع مرير معهم، وتمكن في النهاية من أن تدين قبيلته "قيات" كلها بالولاء له وهو دون العشرين من عمره.

استطاع أن يفرض سيطرته على منطقة كبيرة من إقليم منغوليا تمتد حتى صحراء "جوبي"، ورغم أن كان له حليف استراتيجي كبير هو "أونك خان" زعيم قبيلة "الكراييت"، إلا أن العلاقات ساءت بينهما من جراء خداع "تيموجين" له، فانقلب حلفاء الأمس إلى أعداء وكان النصر لصالح "تيموجين" في عام 1203 بعد استيلائه على عاصمته "قره قورم" وجعلها قاعدة لملكه وتعني "الرمل الأسود"، بعد ذلك قضى جنكيز خان ثلاث سنوات لتوطيد سلطانه، والسيطرة على جميع المناطق التي يسكنها المغول، حتى تمكن من توحيد منغوليا كلها تحت سلطانه.

 

download (10)

 

وفي عام 1206، ووضع لشعبه دستوراً محكماً ليحكم سيطرته على تصرفات الشعب المغولي، التي هي أبعد ما يكون عن الحضارة، وأسماه "قانون الياسا"، وهو مجموعة من القوانين التشريعية التي جمعها جنكيز خان بنفسه، وكانت مقولته الشهيرة: "إن من استطاع أن يحفظ الأمن في داره، في وسعه أن يحفظه في إمبراطورية، فالذي يضبط عشرة رجال يستطيع قيادة عشرة آلاف منهم".

اصطدم جنكيز خان بامبراطورية الصين التي كان يطمع في السيطرة عليها، وكانت تحكمها عائلة "سونج" ، فاشتبك معهم لأول مرة في عام 1211م، واستطاع أن يحرز عدد من الإنتصارات عليهم، ولم يستطع سور الصين العظيم أن يحميهم، ويسيطر على كل البلاد الواقعة داخل سور الصين العظيم.

وبعد أن فرغ جنكيز خان من حربه مع الصين اتجه ببصره إلى السيطرة على الغرب، وعزم على القضاء على أعدائه من قبائل "النايمان" و "الماركييت"، وكان "كوجلك خان بن تايانك" زعيم "النايمان" قد تمكن من التعاون مع السلطان "محمد خوارزم شاه" سلطان الدولة الخوارزمية في عام 1210م، ولكن لم يهنأ السلطان كثيراً بدولته الممتدة وحليفيه المخلصين، فقد أرسل إليه جنكيز خان جيشاً كبيراً يقوده أحد قادته الأكفاء، وتمكن من القضاء على "كوجلك" زعيم "النايمان" وحليف السلطان الخوارزمي، وأرسل إبنه "جوجي" لتعقب زعيم قبيلة "الماركييت" في عام 1218م، وتمكن من القضاء عليهم تماماً، وإتمام سيطرته على الشرق كله.

كان جنكيز خان مع يريد إبرام معاهدات تجارية مع السلطان محمد بن خوارزم شاه لمصلحة الطرفين، فأرسل جنكيز خان إلى السلطان ثلاثة من التجار التتار المسلمين لهذا الغرض، فوافق السلطان على بداية التعاون التجاري بين المملكتين المتجاورتين، واتجه بعد ذلك وفد كبير من المغول يبلغ نحو 450 تاجراً يحملون أصنافاً مختلفة من البضائع، اتجهوا إلى مدينة "أترار"، وبدلاً من أن يمارسوا عملهم في البيع والشراء اتهمهم حاكم المدينة "ينال خان" بأنهم جواسيس يرتدون زي تجار، وبعث إلى السلطان يخبره بذلك فصدقه وطلب مراقبتهم حتى يرى ماذا سيفعل بهم، ولكن "ينال خان" قتلهم وصادر تجارتهم.

وفور وصول الأخبار إلى جنكيز خان غضب بشدة، وأرسل إلى السلطان يطلب منه تسليم "ينال خان" ليعاقبه على جريمته، لكن السلطان رفض الطلب، بل وقتل الوفد الذي حمل له هذه الرسالة، وكان ذلك في عام 1218م، وكان الرد غريب على جنكيز فقد اعتاد على الطاعة فاستعد لحملة كبيرة تضم 250.000 مقاتل و مليون حصان على الدولة الخوارزمية، ورفض هو بدوره كل آراء مستشاريه الذين كانوا يطلبون تأجيل الصدام مع السلطان.

وتمكن بسهولة من السيطرة على مدنها الكبيرة مثل أترار وبخاري وسمرقند، واستغرب عدم وجود أو مقاومة من سكانها الذين كانوا رافضين الدولة الخوارزمية، ولكن لم يلين قلب جنكيز خان وظل على موقفه الرافض للصلح أو حتى لقبول استسلام الطرف الآخر، فأقدم على ارتكاب ما تقشعر له الأبدان من قتل وحرق وتدمير كل من يواجهه.

فقد قتلت جيوشه سكان مدينة "أترار" بكل أطفالها ونسائها وشيوخها، ولم يكتف بذلك بل أحرق مدينة "بخاري" بمن فيها من أحياء، وفي طريقه لتعقب السلطان محمد الخوارزمي، واصل قتل الآلاف من الأبرياء الذين في طريقه، واستعمل الأسرى كدروع بشرية أثناء حصارهم لـ"سمرقند" وحرقوها بمبانيها الرائعة، في الوقت الذي كان الخوف يزلزل قلب السلكان الذي أخذ ينتقل من بلد إلى بلد حتى لجأ السلطان محمد الخوارزمي إلى إحدى الجزر الصغيرة هرباً من جنكيز خان، وهناك خارت قوته وعزيمته ودفع غالياً ثمن لرفضه طلب جنكيز خان وتوفى عام 1220.

وفى مدينة "هيرات" لم يترك جنكيز سوي 16 شخص أحياء وياقي سكان المدينة سلقهم أحياء، وفي مدينة "ميرف" صنع من رؤوس سكان المدينة كومة كبيرة، وفي مدينة "أوغنسي" حول مجرى النهر واغرق البلدة أحياء، ثم قطع رؤوسهم خوفاً من كونهم متظاهرين بالموت، ولذلك أطلقوا على جنكيز خان "القلب الحجري".

استمر جنكيز خان في فتوحاته بعد أن هزم سلطان الدولة الخوارزمية، ورغم أن ابنه "جلال الدين منكبرتي" حاول حمل لواء المقاومة بدلاً من أبيه، وحاول جمع الأتباع وحشد الأنصار ونجح بالفعل في إلحاق الهزيمة بالمغول في مدينة "براون" سنة 1221، وكانت هذه المعركة سبب فرح الكثير من الناس لهزيمة أقسى من عرفتهم البشرية جنكيز خان.

لكن سرعان ما نشبت الصراعات بين قادة جيوش جلال الدين، وانسحب أحدهم بمن معه من جنود، فانهار حلم الدفاع عن ارواحهم، وتهاوى جلال الدين أمام جحافل المغول، واضطر للإنسحاب والفرار للهند.

وفي 25 أغسطس عام 1227 توفى صاحب القلب الحجري الذى وصل ضحاياه لـ 40 مليون ضحية ولقى مصرعه في مدينة "تس جو" ودفن في منغوليا، تاركاً ورائه إمبراطورية مترامية الأطراف لإبنه "أوكتاي" وحفيده بعد ذلك "هولاكو" الذي استكمل مسيرة قسوته ووحشيته على البشر.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق