أردوغان يعترف بخطورة العقوبات الأمريكية على تركيا.. فهل يتوقف عن عناد واشنطن؟

الجمعة، 14 يونيو 2019 12:00 م
أردوغان يعترف بخطورة العقوبات الأمريكية على تركيا.. فهل يتوقف عن عناد واشنطن؟

خلال دقائق قليلة، تبنى الرئيس التركي، رجب إردوغان، موقفين متناقضين خلال سياق حديثه عن شراء بلاده منظومة الدفاع الروسية S-400، والغضب الأمريكي تجاهها، ما بين الإصرار على الصفقة، وإبداء الاستعداد للتراجع عنها.
 
إردوغان وجه اتهاما مباشرة إلى الولايات المتحدة بالسعي لإسقاط حكمه، وقال أمام أعضاء حزبه في مقر "العدالة والتنمية" بالعاصمة أنقرة، إن واشنطن تريد "الإطاحة بحزب العدالة والتنمية من الحكم، هذا هو هدفهم الأكبر. لكنهم لن يستطيعوا، لن تكون قوتهم كافية لذلك".
 
وفيما لخّص الديكتاتور التركي خلاف واشنطن وأنقرة في نقطتين، أولاهما الوضع في سورية، والثاني منظومة الصواريخ الروسية. اعترف أن العقوبات الأمريكية تشكل خطرا على الاقتصاد التركي، مؤكدا في الوقت ذاته على أن صفقة الصواريخ الروسية تمت بالفعل، وأن بلاده سوف تتسلمها الشهر المقبل، فـ"تركيا لن تستشير أحدا حينما ترغب باتخاذ تدابيرها الدفاعية اللازمة"، حسب قوله.
 
في نفس اللحظة، كشف إردوغان عن أنه أعرب للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن استعداده للتراجع عن الصفقة الروسية، وشراء منظومة صواريخ الباتريوت بدلا منها، إذا وافق البيت الأبيض على بيعها لتركيا بنفس شروط الـS-400.
 
حول التهديد الأمريكي بوقف مشاركة تركيا في تصنيع مقاتلات F-35، قال إردوغان: "سنحاسب على إقصائنا من المشروع، وكلفت المسؤولين بمهامهم بهذا الصدد، وسيجرون مباحثاتهم من نظرائهم، وبعد المباحثات، سألتقي ترامب في اليابان نهاية الشهر، وسنبحث بشكل متبادل مثل هذه المواضيع".
 
إردوغان قال إن بلاده شاركت في إنتاج F-35، ودفعت حتى الآن مبلغ مليار و250 مليون دولار.
وعلق إردوغان على تلك النقطة قائلا: "إن منظومة الدفاع الروسية ستصل الشهر المقبل، فقد حصلت تركيا على وعد من موسكو بالإنتاج المشترك للصواريخ الروسية عندما وقعت الاتفاق بالسعر المناسب".
 
وأردف: "لا أقول إن تركيا ستشتري (S-400)، لقد اشترتها وأنهينا الأمر"، كما تعهد إردوغان بالرد على تهديدات الولايات المتحدة بإقصاء بلاده من برنامج (F-35)، قائلاً: "تركيا ليست مجرد عميل للبرنامج بل شريك إنتاج".
 
ولا يزال الانقسام العميق يسود العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا حول مسألة وحدات حماية الشعب الكردية (واي بي جي) المدعومة من الولايات المتحدة، وهي مكون رئيس في الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش في سورية، وترى أنقرة أنها امتداد لحزب العمال الكردستاني.
 
وكالة بلومبرج نقلت عن مسؤول أمني تركي بارز قوله إن تركيا تضغط على الولايات المتحدة لجمع الأسلحة الثقيلة التي قدمتها للأكراد السوريين، وهي نقطة الخلاف الرئيسة في الجهود المشتركة بين البلدين لإنشاء منطقة آمنة عبر جزء من شمال سورية. 
 
وحدات حماية الشعب الكردية (واي بي جي) المدعومة من واشنطن، هي مكون رئيس في الحملة العسكرية التي تقودها الولايات المتحدة لهزيمة تنظيم داعش في سورية.
 
بالنسبة لأنقرة، فإن وحدات حماية الشعب الكردية مرتبطة بشكل وثيق بحزب العمال الكردستاني الانفصالي (بي كيه كيه) والذي أدرجته الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضمن التنظيمات الإرهابية، كما أن سيطرة الميليشيا على أراض تقع على طول الحدود التركية يجعلها عدوا لدودا لأنقرة.
 
المسؤول التركي الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته قال لبلومبرج إن تركيا تريد من الولايات المتحدة أن تجبر مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية على التحرك لمسافة لا تقل عن 30 كيلو مترا جنوب الحدود التركية، وجمع جميع الأسلحة التي قدمتها لهم ووضع المنطقة الآمنة تحت السيطرة التركية.
 
"الولايات المتحدة أرسلت عشرات الآلاف من الشاحنات المحملة بالأسلحة والذخيرة للجماعات المسلحة"، هذا ما قاله المسؤول التركي، مستبعدا وجود أي مفاوضات مباشرة أو اتصالات مع وحدات حماية الشعب الكردية، والتي تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية.
 
إعلان تركيا عن شراء منظومة الصواريخ الروسية يثير غضبًا أمريكيا متصاعدا منذ نحو عام، بدأ بالتلويح بعقوبات اقتصادية، وهو ما تسبب في فقدان الليرة التركية نحو 40% من قيمتها، وارتفاع نسبة التضخم في البلاد، وارتفاع الأسعار.
 
الولايات المتحدة تعتبر الصفقة الروسية خطرا على أنظمة الدفاع في حلف شمال الأطلسي، الناتو، لأن المنظومة الصاروخية مصممة بالأساس لإسقاط طائرات الـF-35، التي تشارك تركيا في إنتاجها، وهو ما يعني أن تركيا لديها الطائرات، ولديها ما يسقطها، وهو ما يحدث خللا في موازين القوى في المنطقة.
 
في أبريل الماضي، تسلمت تركيا من الولايات المتحدة 3 مقاتلات من طراز F-35، وكانت تنتظر الرابعة. لكن وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، أوقفت تسليم بقية الطائرات، فيما أعلن قائد قاعدة "لوك" الجوية في ولاية أريزونا الأمريكية، تود كانتربوري، وقف تدريبات الطيارين الأتراك على مقاتلات F-35. 
 
السفير الروسي في أنقرة أليكسي يرهوف، أكد على تصريحات إردوغان بالقول إنه لا تغير بالموقف الروسي فيما يتعلق بصفقة منظومة الدفاع الصاروخية مع تركيا.
 
يرهوف قال للصحافيين أمس الأربعاء في حفل بسفارة بلاده بمناسبة اليوم الوطني الروسي: "روسيا قدمت تعهدات لتركيا وستنفذ تعهداتها، ولم يتغير شيء بهذا الخصوص، ولابد أن يعمل خبراء الدولتين بجد من أجل هذا".
 
القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، باتريك شاناهان، قال في خطاب إلى وزير الدفاع التركي، خلوصي آكار، بتاريخ 6 يونيو الجاري، إنه "لا تدريب جديدًا للطيارين الأتراك على F-35. التدريب لن يجري لأننا نعلق مشاركة تركيا في البرنامج، ومن ثم لن تكون هناك حاجة بعد ذلك للحصول على مهارات تلك الأنظمة"، وفقا للنص الذي نشرته صحيفة فاينانشال تايمز الأمريكية.
 
شاناهان حذر الوزير التركي من أن أمريكا ستعتبر إصرار تركيا على إكمال صفقة المنظومة الروسية "تحديا" مباشرا لها، وهو ما يؤثر على اتفاقيات التجارة الثنائية، ويعرّضها لعقوبات محتملة، مثل "عرقلة "قدرة تركيا على تعزيز أو الحفاظ على التعاون مع الولايات المتحدة وداخل حلف الناتو"، مشيرا إلى تأثيرات ذلك على "صناعة الدفاع التركية" و"التنمية الاقتصادية".
 
الأسبوع الحالي شهد تصعيد المؤسسات الأمريكية المختلفة، بشكل متزامن، من قرارات تأديب النظام التركي، وصدّق مجلس النواب الأمريكي بالإجماع، مساء الاثنين، على مشروع قرار يفرض عقوبات جديدة ضد أنقرة.
 
موقع "ديفينس نيوز" الدفاعي الأمريكي توقع خسائر الصناعة العسكرية التركية من العقوبات الأمريكية بـ10 مليارات دولار، وتقضي على أحلام أنقرة في الحصول على مقاتلات F35، وتنهي مشاركتها في برنامج تطويرها، وتعرقل صادراتها العسكرية التي تدر عليها مليارات الدولارات سنويًا.
 
موقع ديفينس نيوز قال إن مضي أنقرة قدمًا في خططها لشراء منظومات "S400" يعرضها لعقوبات أمريكية صارمة بموجب قانون "مواجهة خصوم الولايات المتحدة من خلال العقوبات".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق