ماذا خسر المسلمون بظهور «الإخوان»؟ (4)

الخميس، 20 يونيو 2019 11:10 م
ماذا خسر المسلمون بظهور «الإخوان»؟ (4)
سمير رشاد اليوسفي يكتب:

 
الكثير من أعضاء "الإخوان" لم يسمعوا باسم "أحمد السكري" المتوفى نهاية مارس 1991 مع أنّهُ من قرية البنّا ونائبه لقرابة 20 عاماً.. بل والمؤسس الفعلي للجماعة -بحسب قوله- قبل إعلانها رسميا بـ 8 أعوام.
 
وانتهى ارتباطه بالإخوان بفصله في 27 نوفمبر 1947م بعد تشبثه بضرورة تنفيذ عقوبة قررتها لجنة شكلها البنّا برئاسته للتحقيق في اتهام صهره "عبدالحكيم عابدين" المسئول عن إدارة نظام الأسر بإغواء واستخدام نساء الإخوان والتحرش بهن مستعيناً بنفوذه.
 
ودانت اللجنة زوج شقيقة البنّا في تقرير رفعته إليه، وضمنته اعتراف صهره، لكن المرشد رفض تنفيذ عقوبة الفصل عليه مما أثار حنق السكري وصالح عشماوي وبقية أعضاء اللجنة، فقاموا بتسريب قرار اللجنة لبقية الإخوان وعبرهم للشارع العام. وتسبب إعلان تلك الفضيحة عن تأسيس أول كيان منشق عن الإخوان أُطلق عليه "شباب محمد".
 
وكان مُستفزاً للسكري أنّ البنّا -بعدها- عمد إلى تعيين  صهره الذي صار يلقب بـ"راسبوتين" الإخوان، نائباً له بدلاً عن السكري فنشر بدوره مقالات في جريدة "صوت الأمة" ابتداءً من تاريخ 11 أكتوبر 1947 أعلن فيها أنّه مؤسس  الجماعة، وكشف من خلالها الكثير من الغموض الذي رافق انحرافها بعد تمكين البنّا..  ومعارضته  لتلقيها الدعم المالي من المخابرات البريطانية والدور الذي اضطلع به "سعيد رمضان" زوج بنت البنّا في التلاعب بأموالها واشتراكه مع عابدين في التخطيط لعمليات الاغتيال التي نفذها النظام الخاص، وأقبل القراء على متابعة مقالاته لاسيما بعد مقتل النقراشي واتهامه للإخوان بتدبير الاغتيال.
 
وفِي تلك الفترة كلّف البنّا "أحمد حسن الباقوري" بإدارة شئون الجماعة ليتفرغ هو لإجراء تسوية مع حكومة عبدالهادي سبقها إعلانه البراءة من النظام الخاص وتكفيره لمن قاموا بعمليات الاغتيال في بيان شهير عنونه بـ"ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين" قيل إنّه كان أحد أسباب اغتياله وهو خارج من اجتماع في جمعية الشبان المسلمين مع مندوب الحكومة.
 
وبسبب مُلابسات اغتيال "حسن البنّا" واختلاف الإخوان بين متهم للحكومة والنظام الخاص بقتله فشلت "الهيئة  التأسيسية" التي صارت تُعرف لاحقاً بـ"مكتب الإرشاد" في التوافق على مُرشدٍ يخلفه من داخلها.. واستقرت بعد فترة طويلة تجاوزت العامين في معظم الروايات ولا تقل عن 14 شهراً فيما عداها على تنصيب المستشار "حسن الهضيبي" الذي لم يكن معروفاً بانتمائه للجماعة.
 
وبرروا للساخطين الكُثر على اختيار مُرشد مجهول بأنّ البنّا أوصى باستخلافه بعد توقعه التعرض للانتقام من حكومة رئيس الوزراء "عبد الهادي" التي كشفت ضلوع "النظام الخاص" التابع له في اغتيال رئيسها السابق "النقراشي باشا" وآخرين؛ فرأى في الهضيبي الشخصية القادرة على تهدئة القصر وإلغاء قرار حل الجماعة ومصادرة ممتلكاتها!!
 
ولم يستسغ هذا التبرير أغلب المنتمين للنظام الخاص -وفيهم أعضاء في الهيئة التأسيسية- وعَدّوه افتئاتاً على مؤسس الجماعة وخطوة لتقليص نفوذهم الذي تفشى أكثر في الأشهر اللاحقة لمقتل البنّا فجابهوه بالرفض والعصيان الصريح محتجين بأنّهم لم يعلموا بالوصية المزعومة للبنا، ولو كانت صحيحة لتم إعلانها بعد مقتله ولو بأيام ولما أُجلت لفترة طال أمدها لحين انتقاء الهضيبي مرشداً، والأرجح أنّها استمرت إلى ما بعد إعلان ثورة يوليو التي ألغت قرار حل جماعة الإخوان وبالمقابل حظرت كل الأحزاب السياسية بنصيحة من سيد قطب!! 
 
وكان الشيخ "محمد الغزالي" أبرز الرافضين للهضيبي وصرّح  أنّه منتمٍ للماسونية.. ولحقه سيد سابق.. والاثنان كان البنّا قد كلفهما بتأليف كتابين حول "فقه السيرة" و"فقه السنة" فرضهما ضمن المنهج التمهيدي للمنتمين للإخوان.
 
وانضم إليهما "البهي الخولي" مؤلف "تذكرة الدعاة" و"يوسف القرضاوي" و"عبدالرحمن السندي" قائد "النظام الخاص" والمسئول التنفيذي عن جرائم الاغتيالات.
 
ولما تفاقم رفضهم وتحوّل إلى تمرد معلن اتخذ الهضيبي قرارات بفصل الغزالي وصالح عشماوي، ومحمد سليمان، وأحمد عبد العزيز جلال.. كما عين شخصاً آخر لإدارةالنظام الخاص -الذي صار اسمه النظام السري- لكن "عبدالرحمن السندي" قتله بعبوة ناسفة صنعها خصيصاً وأرسلها له محشوة وسط حلوى الاحتفال بالميلاد النبوي. 
(...يُتبع)

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق