أردوغان يواجه «أوقات عصبية».. مستقبل تركيا: حرب أهلية واضطرابات اجتماعية

الجمعة، 21 يونيو 2019 09:00 م
أردوغان يواجه «أوقات عصبية».. مستقبل تركيا: حرب أهلية واضطرابات اجتماعية
رجب طيب أردوغان

 
طرحت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية، عدة سيناريوهات لتوضيح كيفية الإطاحة بإردوغان وحزبه العدالة والتنمية، الذي بات يترنح ويفقد صوابه بشكل كامل، وهو ما تجسد في إلغاء نتيجة الانتخابات البلدية التي أجريت في مدينة إسطنبول 31 مارس الماضي، بعد أن فاز بها حزب الشعب الجمهوري المعارض، لتقرر لجنة الانتخابات إجراء اقتراع إعادة في 23 يونيو الجاري.
 
وذكرت المجلة، أن تصرف حزب إردوغان إزاء نتيجة الانتخابات البلدية يفقده أرضية سياسية؛ فالحزب لم يفقد فقط سيطرته على العاصمة أنقرة ولا أكبر مدن البلاد (إسطنبول) ثم إزمير وأضنة وأنطاليا، وإنما تلقى صفعة مدوية بذهاب الأصوات لصالح منافس قوي، هو حزب الشعب الجمهوري.
 
وللمرة الأولى منذ 25 عامًا يفقد إردوغان سيطرته على الانتخابات البلدية في إسطنبول، لكن هذه الخسارة الفادحة كانت لها أسباب من وجهة نظر المجلة الأمريكية منها، الحرب الأهلية السورية المستمرة منذ 9 سنوات، والتي شكلت ضغوطا اقتصادية واجتماعية هائلة على تركيا، فضلًا عن قيام واشنطن بتوجيه ضربة إلى الاقتصاد التركي بفرض عقوبات وتعريفة خاصة على الصلب والألومنيوم التركي.
 
وأضافت المجلة، أنه في أغسطس 2018 بدأت أزمة اقتصادية خانقة في تركيا، انخفضت الليرة بشكل قياسي مقابل الدولار، كما ارتفع التضخم، ولم يتمكن إردوغان من التغلب على الأزمة. إضافة إلى ذلك، شكل استقبال تركيا لنحو 3.5 مليون لاجئ سوري في جميع أنحاء البلاد إلى أزمة بالنسبة للأتراك، الذين انخدعوا وصدقوا تصريحات إردوغان الزائفة والتي زعم فيها أنه يتحمل مسؤولية الإنفاق على هؤلاء اللاجئين، في حين الحقيقة أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي يتكفلون بصرف الإعانات المقدمة للاجئين بناء على اتفاق مع الحكومة التركية، التي تخصص الأموال المقدمة لها لأغراض أخرى.
 
قبل الانتخابات البلدية الأخيرة، تفطن أغلب المعارضة إلى ضرورة التصدي لإردوغان بشكل جماعي، فأنشأت المعارضة، في خطوة غير مسبوقة، تحالفًا هائلا بات قادرًا على تحدي حزب العدالة والتنمية.
 
حزب المعارضة الرئيسي في البلاد، حزب الشعب الجمهوري، وحزب الخير شكلا تحالف الأمة من أجل ضمان الفوز بأكبر مقاعد في الانتخابات البلدية، ونال هذا التحالف دعمًا بشكل غير رسمي من قبل حزب الشعوب الديمقراطي (HDP) وحزب السعادة (SAADET)، وهو ما أدى إلى فوز مرشحي التحالف في كل من أنقرة وإسطنبول؛ في المقابل تلقى تحالف إردوغان مع حزب الحركة القومية (MHP) خسارة في كبرى المدن، وحقق نتائج مخيبة للآمال في تلك المدن.
 
وأجابت «ناشيونال إنترست» الأمريكية  عن سؤال: «لماذا تعد الانتخابات المعادة في اسطنبول حيوية لمستقبل تركيا»؟، وقالت إن إردوغان بعد أن أصبح أول رئيس لتركيا في ظل النظام الرئاسي الجديد - بعد انتخابات يونيو 2018 - واجه عقبة لم تكن في الحسبان، إذ أظهرت الانتخابات البلدية الأخيرة أن المعارضة، إذا كانت موحدة، قادرة على بناء جبهة حاسمة ضده.
 
إذا فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو في إعادة الانتخابات في إسطنبول بهامش واحد أو 2%، فسوف يمنح هذا الفوز الكتلة المعارضة لإردوغان مزايا معنوية هائلة، لقدرتها على تحقيق أصعب المكاسب، ما يبشر بأوقات عصيبة أمام ديكتاتور أنقرة، بحسب المجلة. 
 
هناك سيناريوهان محتملان لما بعد انتخابات 23 يونيو- بحسب المجلة، ولا يبدو أي منهما مشرقًا بالنسبة لإردوغان، فالسيناريو الأول، إذ فاز مرشح حزب العدالة والتنمية بن علي يلدرم، قد تبدأ الكتلة المناهضة لإردوغان في انتفاضة طويلة الأمد على غرار ما حدث في فنزويلا مؤخرًا، في شكل مظاهرات في الشوارع. 
 
شهدت تركيا هذا النوع من المحاولات للإطاحة بالحكومة من خلال احتجاجات منتزة جيزي في عام 2013، حيث أسفرت مظاهرات عنيفة استمرت لمدة شهرين ونصف الشهر على مستوى البلاد عن مقتل 22 شخصًا واعتقال الآلاف.
 
يمكن للمعارضة محاولة تنفيذ تمرد عنيف، لكن مع سيطرة إردوغان الكاملة على الشرطة والجيش والمخابرات بعد عمليات التطهير في أعقاب مسرحية الانقلاب التي روج لها النظام في 15 يوليو 2016، فإنه من المحتمل أن يتم إخماد هذه المحاولات بشكل سريع، وربما منعها من الظهور.
 
وبالرغم من إحكام إردوغان سيطرته على مفاصل المؤسسات الحيوية في البلاد، فإن المجتمع التركي منقسم كما لم يحدث من قبل، ولذلك فإن فوز حزب العدالة والتنمية في اسطنبول قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية لن تقدر الدولة على مواجهتها.
 
في كرة القدم مثلًا هناك جماهير رافضة لإردوغان، خاصةً مشجعو فريقا بيشكتاش وفنربخشة، وهو ما قد يساعد على جمع حشد شعبي كبير ضد الديكتاتور التركي، فجماهير بيشكتاش كانت واحدة من القوى الدافعة وراء احتجاجات منتزه جيزي ضد النظام الحاكم في العام 2013.
 
مرشح حزب الشعب الجمهوري وقائد المعارضة الفعلي في تركيا حاليًا أكرم إمام اوغلو يدرك هذه النقطة، وهو ما بدا من حضوره مباراة كرة القدم لفريق بيشكتاش بعد عشرة أيام من الانتخابات التي أجريت نهاية مارس الماضي، قبل أن يحصل على بطاقة رسمية من لجنة الانتخابات تؤكد فوزه برئاسة بلدية إسطنبول، لكنها ألغيت لاحقًا. وخلال المباراة، هتف مشجعو بشكتاش لدعم أوغلو.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق