«العمارات المايلة» في شوارع فيصل تهدد حياة سكانها.. والحى يكتفي بقرارات الإزالة

الأحد، 23 يونيو 2019 11:00 ص
«العمارات المايلة» في شوارع فيصل تهدد حياة سكانها.. والحى يكتفي بقرارات الإزالة
هبة جعفر

3 عقارات صدرت لها قرارات إزالة.. وأصحابها أقوى من مسئولى الحى.. أستاذ «عمارة»: تشكيل لجان لفحص كل عقار على حساب المخالف

بدأت محافظة الجيزة فى تطوير العديد من المناطق السكنية بمنطقة «فيصل»، استعدادا لتوسعة الشوارع وتنظيمها تمهيدا لبدء العمل فى إنشاء خط مترو الأنفاق الجديد، إلا أن مسئولى الحى لم يضعوا فى حساباتهم الخاصة عشرات «العمارات المايلة» والمهددة بالسقوط فى أى وقت، وهو ما يعنى أن المنطقة على وشك حدوث كارثة. 
 
جولة سريعة فى شوارع فيصل وميدان الملكة ستكتشف وجود عشرات العمارات المائلة والتى تهدد حياة قاطنيها، فمنذ أسبوع شهد شارع العشرين بمنطقة فيصل سقوط بلكونة على سيارة بعد ميلها على العقار المجاور، لتهرع سيارات الشرطة والنجدة لإنقاذ قاطنى العقار وإنزالهم قبل وقوع الكارثة.
 
كانت البداية بسقوط كميات من الطوب من العمارة سالفة الذكر، ما تسبب فى تحطم سيارة ملاكى، وأثار غضب مالكها الذى توجه إلى قسم شرطة بولاق الدكرور لتحرير محضر بالواقعة، متهما مالك البرج بالتسبب فى التلفيات التى لحقت بسيارته، فقام مأمور القسم بإبلاغ القيادات الأمنية بالواقعة، وكانت فى انتظار القوة الشرطية مفاجأة غير سارة، حيث تبين وجود «ميل» فى عقار ملاصق للبرج الأمر الذى ينذر بكارثة.
 
ونظرا لخطورة الوضع فرضت المحافظة كردونا أمنيا على المنطقة فى نفس اليوم، للبدء فى أعمال معاينة العقار وتأمين السكان، وانتدبت النيابة لجنة من كلية الهندسة جامعة القاهرة ومسئولى الحى لمعاينة البرج والعقار المجاور، لتتوالى المفاجآت، حيث تبين أن التصريح الصادر للبرج يسمح ببناء 7 أدوار فقط، إلا أن مالكه أقام 6 أدوار إضافية مخالفة، كما تبين وجود فراغ بين العقارين أخذ فى الاتساع- بمرو الأيام- لمسافة 5 سم، ما نتج عنه سقوط بعض قوالب الطوب بتلك المنطقة، وبناء على هذه المعاينة صدر قرار بإزالة الأدوار المخالفة وفق تقرير لجنة كلية الهندسة، فى الوقت الذى قامت فيه الشرطة وقوات الحماية المدنية بإخلاء العقارين من قاطنيهما حرصا على حياتهما.
 
ولم تكن هذه هى الحالة الوحيدة فى المنطقة، فعلى بعد 500 متر من هذا العقار، وتحديدا بمنطقة الملكة، تسبب مالك عقار آخر فى تدمير منزل والإنذار بانهياره بالإضافة إلى تصدع العقار المجاور وإحداث شروخ وشقوق كبيرة بالأسانسير الخاص به، ما ينذر بحدوث كارثة، لكن هذه المرة تسبب الأمر فى تصدع عقارين، وهو ما يهدد حياة 50 أسرة بالتشرد نتيجة جشع ملاك العقارات فى بناء الأدوار المخالفة لحصد الأموال على رقاب المواطنين الأبرياء دون النظر للخسائر فى الأرواح.
 
وفى شارع محمد حسن بالملكة، يعيش سكان العقار 45 حالة من الرعب بعدما استيقظوا صباح الجمعة الماضية على أصوات تساقط الطوب وانهيار أجزاء من العقار بعد قيام المقاول ياسر. ع، ببناء عمارة بلغت أربعة عشر دورا بجوار العقار، لتبدأ الشقوق والتصدعات تظهر بالعقار بصورة مخيفة للسكان.
 
ويقول مالك العقار المتضرر شعبان عبدالفتاح، أنه منذ بداية بناء العمارة المجاورة لاحظ وجود شقوق وتصدعات بوجه العقار والدور الأرضى، ومع زيادة ارتفاع المبنى فوجئ بزيادة التصدعات بكافة شقق العقار، الأمر الذى أصابه بالذعر ودفعه للحديث مع مالك العمارة الذى أكد على تحمله لكافة الأضرار بعد الانتهاء من تشطيب العمارة وتسكينها، إلا أننا استيقظنا على أصوات انهيار بمدخل المنزل، وقررت بعدها عدم الانتظار وإبلاغ شرطة المرفق والحى والمسئولين قبل وقوع الكارثة.
 
وتابع «عبدالفتاح» قائلا: فور تقديم الشكوى لمجلس الوزراء جاءت حملة من القسم معها رئيس حى بولاق الدكرور، وقاموا بمعاينة كافة الشروخ الموجودة بالمنزل، إلا أنهم غادروا المنطقة بعد كلمات بالطمأنة وأن الوضع تحت السيطرة، وبعد مرور ثلاث ساعات جاء المقاول لإعادة البناء مرة أخرى دون الالتفات للتحذيرات بوقف البناء، واستطرد قائلا: توجهت مع سكان العقار المجاور إلى قسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة حمل رقم 4692 ادارى 2019، وقام الحى بالتحفظ على الأسمنت والونش الموجود بالمكان، وأمرت النيابة بتشكيل لجنة هندسية لفحص العمارة وكتابة التقرير الذى انتهى إلى وجود مخالفات بالبناء وارتفاع ادوار بالمخالفة، فضلا عن إنكار صاحب العمارة لوجود أوراق لها أو تراخيص بالنيابة.
 
ومن شارع الملكة إلى منطقة تقسيم عمرو بن العاص، وبمجرد وصولك المنطقة سترى 3 عقارات «مايلة» نتيجة البناء المخالف، والعقار الواحد مكون من 12 طابقا، تركه جميع السكان منذ أيام خوفا على حياتهم، باستثناء أسرة رفضت مغادرة العقار رغم خطورته لعدم وجود مسكن بديل لهم، وأكد السكان أن هذه العقارات صدرت لها قرارات بالإزالة، إلا أن أصحابها أقوى من المسئولين داخل الحى، وأضافوا أن هذه العقارات تمثل خطرا كبيرا يهدد حياتهم لاحتمال سقوطها فوق رؤوسهم فى أى وقت. 
 
وقال أحمد. م، ٣٤ سنة، أحد قاطنى العقار المجاور للعقار المخالف أن الأهالى فوجئوا بميل العقار، فانتقلنا على الفور لإبلاغ المسئولين بحى فيصل، وصدر له بالفعل قرار بالإزالة، وحاول رجال الحى إنذار صاحب العقار بإخلائه تمهيدا لتنفيذ قرار الإزالة، إلا أنه يرفض دائما بحجة عدم توافر سكن بديل لديه.
 
الغريب أن الأرقام تؤكد أن أكثر من 80 % من عقارات فيصل والهرم بالجيزة مخالفة، وغير حاصلة على رخص بناء، وهو ما يعنى أن كافة هذه العقارات تهدد حياة المواطنين الذين يعيشون بداخلها، لأنها لم تخضع لأى إشراف هندسى، وهو ما يعنى عدم سلامتها إنشائيا وهو ما أكده الدكتور عبدالمجيد جادو، الخبير العقارى الذى طالب بسرعة إصدار قانون البناء الموحد وزيادة العقوبة على المخالفين لتصل إلى مصادرة العقار فى حالة مخالفاته لقواعد السلامة الإنشائية.
 
من جانبه أوضح الدكتور رأفت شميس، أستاذ العمارة، أن العقار المخالف يبنى بدون عمل أساسات جيدة أو إجراء جسات للتربة للتعرف على مدى تحمل الأرض للعقار وعدد الأدوار التى يجب أن تقام عليه، مطالبا بضرورة إجراء حصر شامل لكافة هذه العقارات وتشكيل لجان لفحص كل عقار على حدة، وذلك على حساب المخالف، وتطبيق المواد ٦١ و١٠٣ من قانون البناء الموحد، مشيرا إلى أنه عقب الانتهاء من حصر هذه العقارات يتم التعامل مع كل عقار على حدة، فالعقارات شديدة الخطورة يتم إزالتها على الفور، أما العقارات التى تحتاج لتدعيم يتم عمل ذلك على نفقة المخالف، وهناك نوعية أخرى من العقارات تتطلب إزالة طابق أو اثنين.
 
 من جانبه أكد النائب عمرو أبو اليزيد عضو مجلس النواب عن دائرة بولاق الدكرور، وعضو لجنة الإسكان أنه طالب الحكومة بسرعة الانتهاء من حصر العقارات والمبانى الآيلة للسقوط على مستوى جميع المحافظات، لافتا إلى أن الدائرة شهدت فى الآونة الأخيرة انهيار العديد من العقارات المخالفة وميل بعضها وأصبحت حياة المواطنين مهددة، لافتاً إلى الحاجة لتشكيل لجنة داخل كل وحدة إدارية لفحص المبانى واتخاذ الإجراءات اللازمة لها بما يضمن التعامل مع العقارات الآيلة للسقوط بصورة جادة وتجنب وقوع مخاطر على المواطنين ومحاسبة المسئولين بالإحياء على التراخى وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة نجاة المخالفين.
 
من ناحيته أوضح النائب محمد إسماعيل عضو مجلس النواب، أن  90 % من العقارات فى جميع المحافظات مخالفة وليس فى منطقتى فيصل والهرم فقط، وهذا ليس نتاج الثورة والفوضى الأمنية، ولكن الأمر يعود لسنوات، نتيجة فساد المحليات، والتأخر فى إصدار التراخيص وبعض التعنت، موضحا إن بعض العمارات المرخصة أيضا يحدث بها ميل وتصدعات نتيجة عدم القيام بأبحاث للتربة وهل صالحة للبناء أو غير صالحة، وبعضها غير متساو، وبذلك يبدأ انخفاض  فى الأرض وميل العقار على العقار المجاور له.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق