اسطنبول فى قبضة المعارضة مع سقوط الديكتاتور

الإثنين، 24 يونيو 2019 11:03 م
اسطنبول فى قبضة المعارضة مع سقوط الديكتاتور
سعيد محمد أحمد. .يكتب

أخيرا سقط أردوغان مدرجا بهزائمة وخيبات أمله، والتى فشلت جميعها على مختلف الأصعدة المحلية والخارجية والسياسية والإقتصادية وراح "ضحية" كما أراد ليهوى إلى المجهول غير مأسوف عليه نتيجة لعناده واستعلائه وتناقضاتة، الأمر الذى قد يعيد الأمل إلى فئات المجتمع التي تعرضت للتنكيل بسبب "حملة قمع المعارضة"، وفقا لما وصفتها جماعات حقوقية وحلفاء تركيا في الغرب الذين سبق وأن عبروا عن قلقهم بشأن تلك الحملة .   
 
الأسباب عديدة وراء الهزائم وملاحقة الفشل لأردوغان، ولعل أبرزها على الأطلاق حالة التحول التى أصابتة منذ سنوات طويلة لانتهاجه خطاب الأنكار والمراوغة، والكذب ولى الحقائق مع التخوين والتهويل لكل صغيرة وكبيرة واستثماره لصالحة فقط دون غيرة وعلى حساب المصلحة الوطنية للدولة التركية .
 
نعم تلقى أردوغان العديد من الصفعات على كافة المستويات المحلية والأقليمية والدولية فى مختلف الملفات الساخنة التى شهدتها وتشهدها المنطقة والعالم، بتدخلاتة السافرة فى الشئون الداخلية سواء للدول المجاورة أو دول الأقليم، والتى تشكل بالنسبة له " هاجس مرعب وخطير علي مستقبلة وكيانة السياسى" ، فسعى للهروب من أزماتة الداخلية وافتعال أزمات سياسية بوصفه السلطان الطاغية فهمش حزبه " العدالة والتنمية " وتعامل مع قياداتهم كأدوات لتحقيق طموحاتة الحالمة العارية، رافضا النصيحة ممن أوصوله إلى تلك المكانة ليكون مصيرهم الأقصاء والطرد الفورى ليكشف حقيقة أن "حزبه" حزب " الولاء والطاعية العمياء ".
 
ومافعله أردوغان مع أصدقاء الأمس " عبد الله غول وأحمد داود أوغلو وعلي باباجان وبولنت أرينتش، وغيرهم كثر"  أكبر دليل على أنه استمرأ شهوة السطوة والسلطة بوصفهم أعداء اليوم، ولم يتبق معه سوى المهزوم" بن على يلدريم "، ليتجرع أردوغان وحده  مرارة الهزيمة مرتين فى  فترة لم تتعدى الأربعة أشهر فى أكبر صفعة يتلقاها للمرة الثانية، ويتم حرق رجله الأخير سياسيا فى الحزب " بن على يلدريم "،وربما يكون ذلك مقدمة لإنشقاق وتمرد وبداية تحلّل وتفكّك للحزب فى ظل غياب شخصيات بارزة لها وزنها واعتبارها السياسى.
 
خطاب أردوغان عشية انتخابات الأعادة، جاء ليضع نفسه فى مأزق قد يصعب الخروج منه، وقوله "إن مرشح المعارضة أكرم إمام اوغلو، موالي للرئيس السيسي ويؤيده"، مطالبا الناخبين في اسطنبول عدم التصويت له لأنه سيكون مثل السيسي، ظنا منه أن حزبه مسيطر وأن ناخبه يتسمون بالغباء وفقدان الوعى، فكان الرد سريعا ومزلزلا وصاعقا فى الصندوق، ولينجح غريمة "إمام اوغلو"، ليتضح له أن تهديده ووعيده ولا حتى استعطافه نجح.
 
فيما كانت انتخابات شهر مارس الماضى، والتى جرى اعادتها فى شهر يونيو الجارى، حرب وجود وتحديد مصير وبقاء أردوغان ، لتأتى الرياح بما لاتشتهى السفن ويخسر أردوغان مجددا معركتة للمرة الثانية، وقبلها أنقرة وأضنه ومرسين وأنطاليا وغيرها، والتى ستحرمة وتحرم المقرّبين منه والمنتفعين من الإستفادة والتصرّف بعشرات مليارات الدولارات في مشاريعهم الخاصة، علما أن اقتصاد إسطنبول يؤمن حوالى 30% من الناتج القومي التركي، وكذا الجزء الأعظم من صادراتها بما يشكل خسارة مهمة لحزبه وحاشيته.
 
النتيجة طبيعية لمن أرادها ويراها وفق الواقع الحقيقى والطبيعى لمسار الأحداث المتلاحقة، حول كيفية تحول التفاف القوى السياسية حوله بعد محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة، وخطتة لتغيير النظام السياسي إلى رئاسي يحصر الصلاحيات بيده وحده كديكتاتور، مهمّشاً الأحزاب الأخرى، فجاءت النتيجة قى غضب المعارضة وتوحدها ضده، حيث أعطى أولوية لإنشاء نظام رئاسي يحتاج فيه إلى الفوز بـ50 % على الأقل، وهو ما حصده بالفعل من فشل ذريع .
 
فيما جاء خطاب إمام أوغلو كخطاب لزعيم جديد، ومرشحا قويا ومحتملا لرئاسة الجمهورية فى 2023، داعيا فيه الإعتبار للعلمانية في تركيا ولأتاتورك في مواجهة حملة تديين النظام وأسلمة الدولة، ليجد حزب " العدالة والتنمية" نفسه لأول مرة بدون قيادة فعلية، باستثناء شخص أردوغان، مما قد يدفعه ربما إلى المراجعة أو الاستمرار فى غييه، خاصة وأن المرحلة المقبلة قد يتخللها صراعات وتصفيات وتحميل مسؤوليات.
 
الإنتخابات ليست مجرد هزيمة في معركة داخلية فقط، بل انعكست على وضعه كونه اعتاد الظهور بمظهر الزعيم القوي داخلياً، واستخدام تلك الورقة سياسيا ، وذلك على خلاف الحقيقة بأنها ستنعكس بشكل سلبى على مواقفه السياسية الخارجية، وكيفية تعامل الخارج معه كونة مثخن بالجراح، وفشله فى كل معاركة التى خاضها اقليما ودوليا، كما أن تلك الهزيمة ستظل ترافقه كظلّه حتى انتخابات عام 2023 ، ومع فشل كل محاولاتة الملتوية والغير أخلاقية واستنجاده بمن وضعه على لائحة الأرهاب التركى بالمعتقل حاليا "عبد الله اوجلان " للحصول على رسالة خطية لدعوة حزبه "الشعوب الديموقراطية" الكردي للوقوف على الحياد، وذلك رعبا وهلعا من قوة وتأثير الناخب الكردى  فى تلك الإنتخابات سواء فى اسطنبول أو غيرها من المدن التركية .
 
وليس غريبا أيضا أن يستغل أردوغان كافة أسلحتة الغير اخلاقية فى خداع الرأى العام التركى ليقدم نفسه ك " ضحية " من باب "المظلومية"  كأشقائة فى التنظيم الدولى لجماعة الأخوان الأرهابية الذين مارسوه على مدى 80 عاما، واستطاعوا خلالها خداع الرأى العام المصرى والعربى لتسقط تلك المظلومية وإلى الأبد بعد كشف مدى زيفها وكذبها ومتاجرتها بالدين،  ليعادو أردوغان استخدام تلك "الأكذوبة "، وليصبح هو نفسه سبب الهزيمة، بعناده فى الذهاب مجددا إلى انتخابات الإعادة، لتكون هزيمتة مدوية، ويتسع الفارق بعد أن كان 13 ألف صوت فقط، ليصل إلى قرابة لـ800 ألف صوت وبمشاركة 85 % من الناخبين نكاية فى الديكتاتور.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة