67 عاما على 23 يوليو 52

حكاية ثورة ومسيرة زعيم

السبت، 20 يوليو 2019 12:55 م
حكاية ثورة ومسيرة زعيم
عادل السنهورى يكتب:

الثورة مستمرة بعد 30 يونيو.. فى الإنجازات الاقتصادية والجيش الوطنى القوى والعدالة الاجتماعية والبناء والتنمية

مصر استعادت دورها فى المنطقة والعالم.. عبدالناصر تأثر بـ«عودة الروح» لتوفيق الحكيم 

67 عاما تمر على ثورة 23 يوليو 1952.. وما زالت هى الثورة الأم أو أم الثورات فى مصر والعالم العربى، التى حققت بقيادة زعيمها الراحل جمال عبدالناصر مطلب الاستقلال والحرية للشعب المصرى وشعوب المنطقة، وأنهت عصر الاستعمار القديم وألهمت الملايين من المحيط إلى الخليج حلم التحرر والوحدة بعد أن أعلن قائدها دعمه لثورات الشعوب العربية والأفريقية ضد الاستعمار والعبودية.. ولذلك ما زالت 23 يوليو باقية حية بأهدافها ومشروعها فى الاستقلال الوطنى والعدالة الاجتماعية والحرية. 

67 عاما وما زالت إنجازات يوليو شاهدة على التغيير الضخم الذى أحدثته الثورة فى مصر فى كافة الاتجاهات.. وما زال زعيمها هو الرمز الوطنى الشامخ و« حبيب الملايين» و«نصير وناصر الفقراء».

قامت الثورة بالجيش وبالضباط الأحرار وباركها وأيدها ودعمها الشعب وهتف الملايين فى شوارع المحروسة «عاشت ثورة الجيش والشعب».. وما أشبه الليلة بالبارحة فقد تكرر الشعار الملهم والثورة الملهمة من جديد عندما هتف الملايين فى الميادين والشوارع قى ثورة 30 يونيو 2103 «الجيش والشعب إيد واحدة».. فقد خرج الشعب ضد الإرهاب والاستعمار الإخوانى وأيد ثورته الجيش.. وكأن التاريخ يعيد نفسه فى أبهى صوره فى ملحمة وطنية عظيمة.     
 
فالثورة الأم حققت إنجازات عظيمة فى الداخل والخارج، والمسيرة ما زالت مستمرة مع ثورة 2013 لإرساء مبادئ الحرية والعدالة الاجتماعية وبناء دولة عصرية حديثة واستعادة دورها القيادى والريادى فى المنطقة.. فثورات الشعوب تتواصل وتكمل بعضها البعض ولا يمكن أن تتقاطع أبدا.. هى مسيرة نضال وكفاح للشعوب من أجل تحقيق أحلامها المشروعة فى الاستقلال الوطنى والبناء والتنمية. 
 
لقد أحدثت ثورة 23 يوليو 52 إنجازات وتغييرات عظيمة، فقامت بإحداث إنجازات سياسية، وثقافية، وتعليمية، واجتماعية واقتصادية، وإنجازات عربية وأفريقية وعالمية.
 
فى الداخل تجسدت إنجازات يوليو وزعيمها فى الجلاء والاستقلال والقضاء على الاستعمار البريطانى والسيطرة على الحكم وتأميم قناة السويس، ما أدى لزيادة قيمة العائدات المصرية من القناة وأدى إلى صدمة كل من أمريكا وبريطانيا وبعض الدول الأوروبية.
 
الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية هائلة، حيث قامت بتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية، وإنشاء السد العالى، وتحرير الفلاح عن طريق وجود القانون الخاص بالإصلاح الزراعى، حيث ينص هذا القانون على أن يتم تحديد الملكية الزراعية للفرد، وأن يتم أخذ الأرض من كبار الملاك وتوزيعها على صغار الفلاحين المعدمين، وصدرت عدة تعديلات قامت بتحديد ملكية الأسرة والفرد تبدأ من مائتى فدان إلى خمسين فدانا، وذلك للملاك القدامى، وتم إنشاء جمعيات الإصلاح الزراعى، وذلك لكى تتولى عملية استلام الأراضى من الملاك بعد أن يترك القانون النسبة التى حددها لهم، وبهذا فإن الفلاح المصرى رفع رايته واسترد أرضه بشكل كبير وأرض أجداده.
 
كما تم تطبيق واحدة من أنجح الخطط الخمسية فى مصر من عام 59-65 لتحقق نسبة نمو 7 % وتجاوزت كوريا الجنوبية فى التصنيع والعمران والزراعة واحترام حقوق المرأة فى دستور 1956 وبذلك سبق العديد من دول العالم، واهتمت الدولة بتطوير المصانع المصرية وقامت بما يسمى بالثورة الصناعية المصرية.
 
إنشاء أول وأكبر إذاعة للقرآن الكريم فى العالم فى 25 مارس 1964.. إنشاء وتطوير محافظة الوادى الجديد فى أكتوبر 1959.. افتتاح مدينة البعوث الإسلامية فى الأزهر عام 1959.
 
الاهتمام بمحاربة الجهل والأمية عن طريق مجانية التعليم، وتطوير الأزهر.
 
إصدار قوانين جديدة لتطوير العمل، حيث حدد الحد الأدنى للأجور، وقلل عدد ساعات العمل، وعمل العديد من الإصلاحات الزراعية مثل تقليص حجم الإقطاعيين الذين يسيطرون على الأراضى الزراعية. شجع على مجانية التعليم، وذلك فى عام 1962.. طوّر نظام مصر الاقتصادى، حيث زاد حجم الصادرات، وشجع الصناعة، وأمم بنوك مصر الأجنبية والخاصة، وشجع على الثقافة والفن والرياضة.. أقام معرض الكتاب الدولى فى القاهرة، وأنشأ تليفزيون مصر فى عام 1960، وأقام استاد القاهرة فى مدينة نصر، بنى الواحات البحرية والمناجم فى أسوان، وأنشأ كورنيش النيل، وأنشأ التنظيم الطليعى.
 
إنجازات ثقافية تشتمل على قصور الثقافة، والمراكز الثقافية التى تسعى لتحقيق وتوزيع الثقافة للجميع، وتم إنشاء أكاديمية تشتمل على معاهد مسرح وسينما وباليه وأوبرا ونقد وموسيقى وفنون شعبية.
 
الإنجازات التعليمية ظهرت فى مجانية التعليم، وإضافة المجانية للتعليم العالي، ومضاعفة ميزانية التعليم العالى، وإنشاء مراكز للبحث العلمى وتطوير المستشفيات التعليمية.. ودعم الطبقة الوسطى والانحياز للفقراء.
 
إنجازات عربية فى تبنى تجربة عربية فى الوحدة بين سوريا ومصر، وبناء حركة عربية قومية تقوم بتحرير فلسطين ودعم العمل العربى المشترك.  وفى أفريقيا.. تم إنشاء أول منظمة للوحدة الأفريقية ودعم حركات التحرر الأفريقية والاهتمام بالقارة السمراء فى إطار السياسة الخارجية المصرية ودوائرها الثلاث العربية والأفريقية والإسلامية. 
 
الإنجازات العالمية تجسدت فى توقيع صفقة الأسلحة التشيكية سنة 1955، وعقد أول مؤتمر يدعم تضامن الشعوب الآسيوية والأفريقية، وتأسيس حركة عدم الانحياز. 
 
أما عن زعيم الثورة فقد ولد جمال عبدالناصر قبل ثورة 1919 بعام واحد فقط فى يناير عام 1918.
 
كان دخول جمال عبدالناصر عالم السياسة من قبيل الصدفة البحتة، فقد رأى مظاهرة فى ميدان المنشية بالإسكندرية فانضم إليها دون أن يعرف مطالبها، وعلم بعد ذلك أنها من تنظيم جمعية مصر الفتاة، وكانت تندد بالتدخل الأجنبى فى شئون مصر بعد قيام إسماعيل صدقى رئيس الوزراء آنذاك بإلغاء دستور 1923، ألقى القبض على جمال عبدالناصر ليقضى ليلة فى الحجز.
 
عام 1933 انتقل والد جمال إلى القاهرة، فانتقل معه جمال ليلتحق بعد ذلك بمدرسة النهضة الثانوية بحى الظاهر، نما نشاطه السياسى منذ ذلك الحين، ففى 13 نوفمبر 1935 قاد عبدالناصر مظاهرة تندد بتدخل بريطانيا فى شئون مصر. 
 
كان لانتقال جمال عبدالناصر مع والده عام 1933 أثر كبير فى تكوين شخصيته، فقد سكن بجوار دار الكتب والوثائق القومية، ما ساعده على قضاء معظم وقته فى القراءة، فقد قرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، كما قرأ السيرة الذاتية للعديد من زعماء العالم مثل نابليون وأتاتورك وغيرهما.
 
أيضا تأثر جمال عبدالناصر بفكرة القومية العربية بشدة التى اعتنقها كثير من الكتاب والأدباء والساسة فى ذلك الوقت، كما تأثر بشدة برواية عودة الروح للكاتب المصرى توفيق الحكيم، فكانت بداية إلهام عبدالناصر لثورة يوليو.
 
لم يكن التحاق عبدالناصر بالكلية الحربية أمرا سهلا خاصة بعدما ذاع صيته كمناضل. 
 
تقدم عبدالناصر بطلب للالتحاق بكلية الحربية لكنه رفض نتيجة لماضيه السياسى، التحق بعد ذلك بكلية الحقوق، لكنه ما لبث أن تركها بعد فصل دراسى واحد ليتقدم من جديد بطلب التحاق للكلية الحربية. فى مارس 1937 استطاع مقابلة إبراهيم خيرى باشا وزير الحربية آنذاك واستطاع إقناعه بالموافقة على طلبه، وتخرج جمال عبدالناصر من الكلية الحربية بعد 17 شهرا فى يوليو 1938.
 
عام 1941 طلب نقله للسودان وقد كان جزءا من مصر آنذاك وعاد فى سبتمبر 1942.
 
تم قبوله فى كلية الأركان العامة فى نفس العام، ثم بدأ حينها فى تشكيل ما عرف بالضباط الأحرار فيما بعد.
 
مسيرة ثورة يوليو وحياة زعيمها وقائدها جمال عبدالناصر حافلة بالإنجازات التاريخية المشرفة فقد غيرت الثورة وجه التاريخ ليس فى المنطقة فقط وإنما فى العالم.
 
وما زالت المسيرة مستمرة.. والإنجازات تكتمل والأهداف واحدة.. فمصر 30 يونيو تستمر فى تحقيق الأهداف فى بناء جيش وطنى قوى قادر على الردع والدفاع عن الوطن وحماية المنجزات، وهو ما تم فى السنوات الأربع الأخيرة من تحديث وتجهيز وتقوية.. واستعادة الدور القيادى فى أفريقيا بعد 2014 وتولت مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى، وتكررت الزيارات الرئاسية للرئيس عبدالفتاح السيسى إلى أفريقيا لنحو 20 زيارة حتى الآن ولدول لأول مرة يزورها رئيس مصرى، ودعم التفاعل الأفريقى وعقد مؤتمرات التعاون الاقتصادى بين دول القارة باستلهام روح الآباء المؤسسين، ناصر ونكروما وسيكوتورى وكينياتا، ثم إعلان تنفيذ منطقة التجارة الحرة بين دول القارة السمراء كأكبر منطقة حرة فى العالم تضم نحو 1.7 مليار نسمة، فهذه هى أفريقيا الآن التى عملت ثورة يوليو وزعيمها على دعم حركات تحررها ووحدتها تعيش أزهى عصور الوحدة والتكامل بقيادة مصر 30 يونيو.
 
استعادت مصر دورها فى المنطقة العربية وتوازنها الدولى بين عواصم العالم الكبرى شرقا وغربا. 
 
روح يوليو فى الداخل الآن بالبناء والتنمية وإطلاق المشروعات العملاقة الضخمة فى كل أنحاء مصر وتشييد المصانع الجديدة وتنمية سيناء وتحديث البنية التحتية بشبكة طرق غير مسبوقة وكبارى وجسور  ومدن جديدة. 
 
روح يوليو فى العدالة الاجتماعية والانحياز للفقراء بالقضاء على العشوائيات وإطلاق أكبر برنامج حماية اجتماعية فى تاريخ مصر هو برنامج «تكافل وكرامة» لحماية 9.5 مليون مواطن من الفقر والعوز  ورفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات وزراعة مليون ونصف المليون فدان وإطلاق مشروع الصوبات الزراعية.. لبناء اقتصاد وطنى قوى ومستقل استطاع فى سنوات قليلة تحقيق المعجزة بشهادة النظمات والمؤسسات الدولية.
 
الثورة الأم فى 23 يوليو 52 تطل الآن بعد 67 عاما على مصر 30 يونيو بثقة واطمئنان على استكمال المسيرة والمسار نحو تحقيق الأهداف المرجوة لبناء وطن مستقل وتنمية وعدالة اجتماعية وجيش قوى يحمى ويدافع ويصون الإنجازات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة