«رأس إخوان تونس» يواجه مصير «البشير»

الخميس، 25 يوليو 2019 08:00 م
«رأس إخوان تونس» يواجه مصير «البشير»
الغنوشي
محمود علي

 - رئيس إخوان تونس يستجيب لوساوس شياطين الرئاسة.. والحركة تهدده بالعزل     
- النهضة تستغل المرأة غير المحجبة للسيطرة على السلطة التشريعية
- «الغنوشي» يهرول نحو البرلمان خوفًا من قضايا التمويل الأجنبي 

 
 
لا يمكن فصل ما تشهده تونس من متغيرات على الساحة السياسية عن العالم العربي، فكل ما يدور في فلك المنطقة ربما يكون مؤشرًا لما هو قادم، سقط عمر البشير بالسودان في غفلة عين، انتقلت الجزائر إلى مرحلة حساسة عقب استقالة عبد العزيز بوتفليقة من الرئاسة، فيما تمر بلد الحبيب بورقيبة بوضع لم يكن أفضل حال من هذه الدول المذكورة بعد وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، في وقت تحاول فيه جماعة الإخوان تصدر المشهد السياسي مرة أخرى، على خلفية ترشح راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة المتشددة لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة، واعتزامه السيطرة على رئاسة البرلمان التونسي.
 
واستيقظت تونس اليوم على كابوس بإعلان الرئاسة التونسية وفاة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، وهو ما أثار تساؤلات كثيرة حول من يقود البلاد في الظرف الاستثنائي، ويجيب على ذلك الدستور التونسي الذي ينص على أن رئيس مجلس النواب هو من يصعد إلى كرسى الحكم بصفة مؤقتة لمدة 90 يومًا.
 
وقبل وفاة الرئيس التونسي بأيام شهدت تونس جدلًا واسعًا،بعد إعلان النهضة خوض الغنوشي الانتخابات البرلمانية، فمن ناحية ترفض بعض القوى السياسية سيطرة الحركة الإخوانية على السلطة التشريعية وما يُعتبر رجوع تونس إلى الخلف كثيرًا، من ناحية أخرى تستنكر قيادات كبيرة داخل النهضة انفراد الغنوشي بالسلطة بعد إقصائه لعدد من الوجوه القديمة بالحركة المتشددة.
 
وما يضع علامات استفهام على ترشح الغنوشي، أنه جاء في خضم خلافات كبيرة داخل إخوان تونس، عقب تعرض بعض قيادات النهضة للتصفية من قبل رئيسها، والمشاكل والصراعات التنظيمية التي فجرت بتدخله في ترتيب قوائم الحركة المرشحة لخوض الانتخابات المقبلة، فيما ينظر المتابع الجيد للملف التونسي إلى تحركات رئيس النهضة بإقصائه بعض الوجوه القديمة للحركة المتشددة على إنها محاولة جديدة يراوغ من خلالها القوى السياسية لكسب الثقة للفوز بأحد أهم الرئاسات الثلاثة في تونس (رئاسة البرلمان التونسي).
 
وتنقسم حركة النهضة الإخوانية إلى «صقور» يسيطر عليهم الفكر المتشدد الرافض للتعاون مع الدولة، و«حمائم» وهؤلاء متشددون ينجرون وراء المطامع السياسية متخذين الدين ستار للوصول إلى المناصب العليا، من أجل سيطرتهم على منافذ الدولة، وتظل خلافات الصقور والحمائم دائمة في التوجه المستقبلي، مستندة إلى برنامج وفكر واحد، فيما تهدأ وتصعد هذه الخلافات على السطح، عندما يتعلق الأمر بمتغيرات في المشهد السياسي، وهو ما مرت به النهضة مؤخرًا ونتج عنه انشقاقات عديدة.
 
قرار الغنوشي الأخير بالدخول إلى الساحة الانتخابية، لم يكن بداية الخلاف الواسع الذي دب في النهضة، فقبل حديث رئيس النهضة عن خوض الانتخابات البرلمانية المقررة إجراءها أكتوبر المقبل، حذرت قيادات تاريخية بالحركة رئيسها بما ستؤول إليه الأوضاع من شق الصف عقب تأييده لتغيير بعض الأسماء الكبرى في قوائم الانتخابات، واصفين هذا القرار بأنه نهاية لمستقبله وليس البداية، فضلًا عن ذلك طالب هؤلاء بعزل راشد الغنوشي من قيادة الحركة، واتهامه بأنه مسئول عن حدوث انشقاقات كبرى داخل التنظيم، مشيرين إلى الغنوشي سيتسبب في خراب التنظيم.
 
هذا الخلاف الواضح، دفع عضو المكتب التنفيذي للحركة الإخوانية محمد الحبيب السلامي إلى توجيه رسالة لراشد الغنوشى مفادها أن مصيره قريب من نفس مصير عمر البشير رئيس السودان السابق، إذا ما أقدم على خطوة القفز على رئاسة البرلمان، ليقول له صراحة: «وسائل الإعلام تتحدث اليوم في تونس عن شيطان حب الرئاسة والسيادة الذي دخل حزب النهضة ووسوس لك كما وسوس إبليس لأدم وحواء ليخرجهما من الجنة».
 
أيضًا ما أثار الخلاف في النهضة هو استخدام الغنوشي للمرأة التونسية كأداة في فترة ما قبل إعلان ترشحه للانتخابات، لغسل يده من ممارسات الحركة المنددة دائمًا بمساواة المرأة والرجل والمطالبة بارتداء النقاب، ليصبح في لحظة داعي للحداثة والدفاع عن المرأة والحقوق المدنية لها، مستقطبًا مرشحات غير محجبات ليكونن واجهة الحركة في الانتخابات التشريعية المقبلة، ما وضع نفسه في موقف محرج جدًا مع صقور الإخوان في تونس، لكن يبقى طموحه المستقبلي بالقفز على السلطة التشريعية والسيطرة عليها هو الهدف الرئيسي في المرحلة المقبلة متغاضيًا عن المعارضة الكبيرة داخل حزبه للكثير من قراراته.
 
ولكن رغم محاولات الغنوشي الانسلاخ من وجه الحركة المتشدد ببعض التحركات الملتوية، إلا أن جميعها قوبلت برفض وهجوم واسع من قبل القوى السياسية والشعب التونسي، بعدما انهالت عليه الردود الساخرة من استغلال الغنوشي للمرأة التونسية في معركته الانتخابية على اعتبار أن منهج الحركة متشددًا إلى حد لا يمكن فيه تطوير ومراجعة بهذه السرعة، تصل من خلالها مرشحة غير محجبة لتكون واجهة للنهضة في الانتخابات التونسية. 
 
ويبدو أن الغنوشي رغم حالة الجدل التي أحدثها في الشارع السياسي بعد قرار الترشح للانتخابات التشريعية التونسية، عازم على استكمال مساره نحو رئاسة البرلمان، وهو ما فسره محللون سياسيون في تونس على أنها محاولة للإفلات من العقاب بقضايا عديدة كان قد تورط فيها سابقًا، وهو ما أشار له الباحث السياسي التونسي حسان القبي في إحدى تصريحاته قائلًا: «هناك قضايا عديدة متعلقة بملف التمويل الأجنبي في الفترة من 2012 إلى 2014 ترتبط باسم راشد الغنوشي؛ وهو ما دفعه للترشح على رأس قائمة تونس 1 في الانتخابات التشريعية للبحث عن الحصانة البرلمانية».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة