من «العثور» إلى القبور.. رحلة الجثامين المجهولة في عالم الموتى

الخميس، 08 أغسطس 2019 11:45 ص
من «العثور» إلى القبور.. رحلة الجثامين المجهولة في عالم الموتى

 
تعد الجثامين المجهولة واحدة من أكثر الملفات التي تسبب إرهاقا لأجهزة البحث الجنائي، لاسيما تلك الناتجة عن الأحداث والعمليات الإرهابية، وإن كانت تلك التي كانت وفاتها لأسباب جنائية أخرى، أو طبيعية، هي الأكثر إرهاقا لأجهزة الداخلية، الأمر الذي تبذل معه تلك الأجهزة جهودا مضاعفة للوصول إلى ماتحتاج إليه من معلومات في تلك القضايا وحل مايترتب عليها من ألغاز.
 
وتتعامل الأجهزة الأمنية مع تلك الجثامين من خلال «المشرحة» والتي تقوم بدورها في إعداد وصف تفصيلي مكتوب عن حالة جل جثمان يصل إليها يتضمن لون البشرة، والطول، والنوع، ولون العيون، والشرح التفصيلي للملابس التي كانت ترتديها قبل دخول ثلاجات المشرحة، وأهم العلامات والإشارات التي تميزها كالوشوم، والعاهات، وغيرها، ثم رقم المحضر أو القضية الخاص بها المقيد بمصلحة الطب الشرعي.
 
«المجاهيل».. هو اللقب المتداول بين أطباء وخبراء مصلحة الطب الشرعي على تلك الجثامين والتي تظل غير معلومة بالنسبة لهم إلى أن يتم دفنها، وينتفي هذا المصطلح عنها بمجرد الوصول إلى معلومات عنها، وتسير الجثامين المجهولة في رحلة النهاية بدءا من مصلحة الطب الشرعي التي تتسلمها، قبل أن يعاينها فريقا من النيابة العامة، ووزارة الصحة، قبل أن تنتقل إلى «الحانوتية» لإنهاء معاناتها تحت التراب.
 
ولدى استلام مصلحة الطب الشرعى الجثة المجهولة، تبدأ النيابة العامة باعتبارها محامى الشعب فى ممارسة جزئين من التحقيق؛ الأول قانونى هو محاولة التعرف على ملابسات واقعة الوفاة، والوصول إلى مرتكب الواقعة، واستدعاء الشهود، بينما يكون الجزء الآخر عبارة عن تحقيقًا فنيا لمعرفة سبب وفاة المجنى عليه، وذلك يتم بالتعاون مع رئيس مصلحة الطب الشرعى الذى يكلف طبيبًا من قسم الطب الميدانى لإعداد تقرير الصفة التشريحية لمعرفة سبب وفاة المجنى عليه سواء كان مقتولًا أو منتحرًا .
 
وفى المقابل تكثف النيابة العامة مجهوداتها للوصول إلى هوية الجثة المجهولة عن طريق إصدار حزمة من القرارات تبلغ 10 قرارات لبيان هوية الجثة المجهولة وهى:
 
- نقل الجثمان إلى مصلحة الطب الشرعي بمعرفة وصول الخبر للنيابة العامة.
 
- التشريح لبيان كيفية الوفاة والكشف عن أية إصابات بأسلحة مستخدمة، والتعرف على كونها ثيبا أم بكرا، وعما إذا كانت تعرضت لعنف جنسى من عدمه، وعينات، وعينات بول ودم وعينات حشوية، لإرسالها للمعمل الشرعى الجنائى للبحث عما كانت المتوفاة متعاطية لمواد أو عقاقير «مخدرات، مواد سامة، مواد منومة»، وعما إذا كانت تلك العقاقير أدت إلى الوفاة من عدمه، وانتداب الطبيب الشرعى لفحص ملابس المتوفاة لاستظهار ما قد يتراءى من علامات أو إشارات تدل على وجود شبهة جنائية.
 
- أخذ عينة من «DNA» تمهيداَ لإجراء المقارنات حال ظهور أحد من ذوى المتوفاة.
 
- التحفظ على الجثة لحين صدور قرار آخر بشأنها.
 
- انتداب خبراء البصمات للانتقال لمحل تواجد الجثة، ورفع بصمات يديها لإرسالها لإدارة الأحوال المدنية والحاسب الآلى، وإجراء المقارنات وصولا لهوية المتوفاة.
 
- انتداب خبير التصوير الجنائى لتصوير الجثة بأكثر من موضع واتخاذ كافة إجراءات النشر.
 
- إخطار مكتب بلاغات العاصمة لاتخاذ إجراءات النشر الخاصة بصور المتوفاة إلى مكتب بلاغات الغياب على مستوى الجمهورية.
 
- يستعلم مكتب بلاغات الغياب بالعاصمة عن ما إذا كان قد سبق الإبلاغ بغياب أو فقد المتوفاة بحسب أوصافها أو ملابسها المعثور بحالتها عليها.
 
- عقب التوصل لذوى المتوفاة يتم إبلاغهم للحضور لسراى النيابة فورا.
 
- تطلب تحريات المباحث حول الواقعة وظروفها وملابساتها، وصولا لحقيقتها.
 
وأثناء القيام بتلك الإجراءات فى محاولات مضنية للوصول إلى هوية الجثة المجهولة تودع   فى أقرب مشرحة لها، وذلك على أن يسحب منها تحليل الحمض النووى «DNA»، والاحتفاظ به، وفى حال سؤال شخص ما عن أى شخص مفقود من أهليته أو ذويه من الدرجة الأولى، يتم إجراء تحليل الحمض النووى له ومطابقته مع تحليل عينة الحمض النووى للجثة المجهولة؛ لاستبيان ما إذا كانت هناك صلة قرابة من عدمه.
 
بينما فى حال عدم التوصل إلى أهل الجثة المجهولة الهوية، يتم دفنها فى أقرب مقبرة من مقابر الصدقة، ولا يوجد حصر لتلك الجثث، وإنما تختلف من يوم لآخر، ومن شهر لآخر، ومن سنة لأخرى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة