«دعارة وتجسس وتسجيلات داخل وكر الإخوان».. كيف اعترف سامي كمال الدين على نفسه بالجريمة؟

الخميس، 08 أغسطس 2019 11:59 ص
«دعارة وتجسس وتسجيلات داخل وكر الإخوان».. كيف اعترف سامي كمال الدين على نفسه بالجريمة؟
سامي كمال الدين
طلال رسلان

لطالما لاحقت علامات الاستفهام الهارب إلى تركيا سامي كمال الدين الموالي مؤخرا لجماعة الإخوان، غالبا لن تصل إلى نتيجة لمعرفة توجهاته إذا ما تتبعت آخر 7 سنوات بعد تردد اسمه في الإعلام، قبل أن تكتشف أنه لعب على كل الأطراف، سيرة مشوشة لن تخرج منها إلا بسرقة حرام أو مواقف متلونة تضعه تحت الأضواء فترة قبل أن يخفت مرة أخرى، ليظهر من جديد محسوبا على فصيل عكر بئره بالأحجار في وقت سابق. 

في البداية سطع اسم سامي كمال الدين في الوسط الإعلامي المصري قبل ثورة 30 يونيو، وتردد اسمه في أحاديث بلاط صاحبة الجلالة، بعد فضيحة مدوية بتعيينه مجاملة لوالد زوجته الكاتب سليمان الحكيم بالأهرام فى عهد الراحل إبراهيم نافع، ظلت تطارده فترة لا بأس بها، قبل أن يرحل منها إلى مجلة نصف الدنيا، لكن فضيحة أخرى لم تختلف عن الأولى تصدر بها المشهد من جديد، بعدما سرق موضوعًا صحفيًا وباعه إلى صحيفة الدوحة القطرية إلى أن انكشف أمره، وتم فصله من المجلة.

مع وصول جماعة الإخوان إلى الحكم، يبدو أن سامي كمال الدين "الميت إكلينيكيا في المشهد وقتها" وجد فرصته، بعد ابتزازه عددا من الكتاب والصحفيين والإعلاميين في كتابه "الصحافة الحرام"، الذي يمكنك من اسمه وغلافه معرفة محتواه بسهولة دون الخوض في الصفحات، فلم يبتعد كثيرا عن شخصية سامي نفسه في الاتهامات والحكايات ملوثة السمعة وتصفية الحسابات وما إلى ذلك.

ارتمى سامي كمال الدين، المحسوب من قبل على فصيل الثورجية، في أحضان قنوات الإخوان ليبدأ بالنوم على فراش جديد بدى مريحا له وأظهره في المشهد من جديد، لكن ثورة 30 يونيو وما تلتها من أحداث أتت برياح لم تشتهيها سفن سامي، اضطر إلى القفز من السفينة الغارقة والهرب إلى تركيا مع قيادات الجماعة، ليجد فراشا آخر متمثلا في "أيمن نور"، فأنتج له في قناة الشرق برنامجي "الحرام" و"فى المليان"، وكان يحرض من خلالهما على مصر وقوات الأمن سائرا في ركاب مذيعي القناة الإخوانية.

لكن سرعان ما اكتشف سامي كمال الدين الأشواك في فراش أيمن نور بعد خلاف على تقسيم تركة أموال تبرعات الجماعة والمرتبات داخل القناة، فطرده أيمن نور من القناة وراح سامي يوما تلو الآخر يفضح ما كان مستورا.

سقط اللثام عن الجاسوس

في خضم الخلافات الأخيرة داخل جماعة الإخوان بالخارج، والصراع بين جبهتي محمود عزت ومحمود حسين، وتوالي الاتهامات والاعترافات على لسان شباب الجماعة وكشف النقاب عن المخططات ونهب أموال التبرعات، كان من بينها تسجيل لشاب من شباب الجماعة عندما سئل عن سامي كمال الدين رد بكلمة واحدة وهي "الجاسوس" ولم يعقب أو يشرح بعدها، لكنها كانت كفيلة بوصف دقيق لشخصيته أو وضع إجابات لأسئلة كثيرة لاحقت شخصية سامي كمال الدين، ومواقف شابها الغموض.

مؤخرا خرج سامي كمال الدين ليروي حكاية عن استهدافه من أشخاص تم زرعهم داخل الجماعة للتجسس عليهم، وأكمل قصته عن شخص داخل الجماعة يستخدم تسجيلات لعناصراها لابتزازهم فيما بعد، إحدى هذه القصص مثلا يقول فيها إن شخصا كان يعرفه من قبل هرب من مصر إلى اسطنبول في 2013، ويعرف أنه يسجل للجميع ويستقدم فتيات من مصر ومن تونس بحجة أنهم من المتابعين لمذيعي الجماعة ثم يورطوهم في تسجيلات للضغط عليهم.

جزء من اعتراف سامي كمال الدين
جزء من اعتراف سامي كمال الدين

الغريبة أن أحداث الرواية التي نسجها سامي كمال الدين عبر صفحته لم تختلف كثيرا عن شخصية سامي نفسه، يبدو أنه أراد إبعاد الأعين عنه في فضائح كشفتها تقارير بعلاقاته مؤخرا، فوقع في الاعتراف بتجسسه على قيادات الجماعة في الخارج، لكن حكى الرواية على أنه شخص آخر.


لماذا تعد رواية سامي كمال الدين التي صاغها بنفسه اعترافا منه بالتجسس؟

إضافة إلى أن وقت خروج الشخصية التي تحدث عنها سامي كمال الدين من مصر هو الوقت نفسه الذي هرب فيه سامي إلى تركيا مع قيادات الإخوان عقب سقوط حكم الجماعة، فإن تقارير إعلامية بشهادات موثقة فضحت لعبة سامي كمال الدين داخل جماعة الإخوان قبل كتابته روايته بأيام.

الشهادة الموثقة قبل رواية سامي كمال الدين كشفت حالة غير مسبوقة من الانهيار الأخلاقى وصل إليها عناصر الإخوان الهاربين فى تركيا، حيث وصل الأمر إلى الكشف عن اتهامات بتشكيل شبكة دعارة، يقودها أحد العناصر فى إعلام الإخوان لتصفية الخلافات المتبادلة، وكذلك الاحتفاظ بتسجيلات لإدانة بعضهما البعض.

بطل شخص يدعى خالد كمال كمال، وهو شقيق الداعية الإخوانى أشرف عبد المقصود كمال، أحد الذين كانت تستضيفهم القنوات الدينية أثناء حكم الإخوان باستمرار، فضلاً عن أنه يتمتع بشهرة واسعة بين عناصر الجماعة، وهو الأمر الذى دعم من مكانة شقيقه بين العناصر الهاربة فى أسطنبول.

قدم خالد كمال شهادة بشان الخلافات والشتائم المتبادلة بين سامى كمال الدين، والناشطة غادة نجيب زوجة هشام عبد الله، لكنه مسحها من على حسابه بشبكة "فيس بوك"، لكن ذلك لم يفد في تبادلها عبر وسائل الإعلام، وحملت عنوان "الآن أروى قصة سامى كمال الدين وغادة نجيب"، وكشف خلالها عن فضائح أخلاقية لعناصر الإخوان الهاربين فى أسطنبول.

روى خالد شهادته قائلاً: "اتصلت بيه غادة نجيب تخبرنى أنه سامى بيتكلم عليا أن أنا بعرف ستات وأنه بينصحنى وأنه بيحكى على أولادى"، وأضاف: "قلت لها بالنص مفيش مشكلة سامى قواد وجاب الكلام لنفسه اللى بتقوليه ده العكس تمامًا"، قالت يعنى إيه؟ قلت لها ده دعانى لمنزله وجاب عاهرة خرجت كما ولدتها أمها لقيتها واقفة ورايا وإيدها عليه، وسامى جالس أمامى بيصور كما أظن".

اعتراف القيادي الإخواني
اعتراف القيادي الإخواني

واستطرد خالد عن تفاصيل الحوار بينه وبين غادة نجيب: "قالت طيب وأنت عملت إيه؟.. قلت لها استجمعت أفكارى وبعد ما دخل مع العاهرة أخرجت 100 ليرة وقلت لها أعطيها للعاهرة طالما جبتها ووثقت المشهد، ورفضت".

وتابع: "ده تانى مرة يعملها جاب قبل كده مغاربة، وقلت له - وأقسم بالله - وهو يتصل بى تحت بيتى: أنا بخاف عندى أولاد "

روى خالد كمال، تفاصيل المواجهة التى جرت بينه وبين سامى كمال الدين فى منزل غادة نجيب، قائلاً: "قال غادة نجيب يبقى نجيب سامى فى بيتنا وتواجهه بالكلام ده أمام هشام عبد الله "

وأضاف: "فعلت كما خططت غادة ورحت عندهم وجبت سامى كمال الدين وإمام هشام ورويت كل ده وسامى ساكت لا ينطق بحرف، هشام عبد الله قاله بالحرف أقسم بالله أنت عاوز البصق فى وجهك وعاوز ضرب الجزمة، واعتذر لخالد لأنه من أشرف الناس طالما بيتكلم أمامك الآن وأنت ساكت".

واصل الحكاية قائلاً: "اعتذر ليه سامى كمال أمام هشام وأصر يوصلنى البيت وانتهى الموقف وبلغت الكلام ده لدكتور سيف - أى سيف عبد الفتاح- ومحمد ناصر وسليم عزوز أن سامى مسيطر على عاهرات ويوقع بها المعارضة، وأنه حكى ليه كيف سيطر على بنت واستخدمها ضد أيمن نور فى حينه".

وأضاف: "انتهى إلى هنا موقفى وقد حصلت على دليل دامغ أنه سامى قواد وأنه بيعتقد أنه استخدم البنات فى إسطنبول وسيلة للسيطرة بعد البنت ما تسجل لأى حد يظهر سامى يقولك وأنا هنقذك أنا أعرف البنت وعملها مع أشهر إعلامى الآن فى إسطنبول".

وتابع: "المهم سامى أعتذر لكن غادة مش ساكتة كل شوية يبلغنى معلومات جديدة، لدرجة أنه خليت سامى قاعد أمامى واتصلت بأيمن نور وسامى جالس وشرحت له كيف أن القواد ده هيخرب إسطنبول، وكان أيمن نور مذهول أنه سامى بيسمع وهو ساكت".

وأضاف: "المهم توالت اتصالات غادة نجيب تحرض لحد ما قلت لها من شهرين ممكن تجمدى أى اتصال معى لأنه الأمور وصلت لحد خطر لكن لم يحدث، اتصلت تانى دى مرات سامى قالت وعادت وأنت مسجل اعتراف سامى فى بيتنا أنه قواد".

واستطرد: "قلت لها إذا أنتى أصلاً اللى رتبتى لكل ده ومش عاوزة تبطلى فماذا تريدى؟ سامى عنده أطفال وأنا مش ناوى أعمل جريمة، وأغلقت الخط. طبعًا فى النهاية مشكلتى مع غادة نجيب؛ إصرارها على التحريض رغم بتعرف سامى وبتنقل عنه، وبالرغم أن كشفته فى بيتها وفهمتها كل شىء!! طيب بتعرفيه أعرفيه بعيد بدون أن تنقلى لى".

انكشفت اللعبة.. سامي كمال الدين في الفخ

الشهادات السابقة الموثقة من شخصية لها ثقلها داخل الجماعة كشفت بشكل واضح وصريح الأعمال غير الأخلاقية التي يقوم بها سامي كمال الدين، للتجسس على قيادات الجماعة في تركيا، وسبقت روايته التي حاول فيها التملص والتضليل بنسبها إلى شخص آخر يقوم بعمليات التجسس على قيادات الجماعة لصالح طرف من أطراف الصراع المشتعل في اسطنبول، إلا أن سامي وقع في الفخ ولم يتقن لعب دور الضحية، لكنه كان اعترافا غير مباشر.

ليست الواقعة الأولى

في أوائل 2018 خرجت قنوات الإخوان بتسجيلات زعمت بأنها لأحد الضباط المصريين يدعى "أشرف الخولي" يعطي أوامر لإعلاميين بالتوجه في القنوات، سرعان ما ملأت التسجيلات قنوات الجماعة وأذرعها الإعلامية، قبل صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن اسم سامي كمال الدين كان حاضر في تلك الواقعة أيضا.. إذا ما علاقته؟.

التحقيقات التي جرت وقتها وتضمنتها تقارير إعلامية موسعة لمعرفة الحقيقة فى واقعة التسجيلات التى بثتها قنوات جماعة الإخوان فى تركيا، كشفت أن صاحب الصوت الذي انتحل صفة ضابط مصري، وأجرى المكالمات مع عدد من الإعلاميين والفنانين على أنه يعمل في جهاز أمني، هو مذيع قناة الشرق الإخواني سامى كمال الدين، تأكد الأمر وقتها بإجراء المحققين مقارنة تقريبية للأصوات المذاعة، في التسجيل ومن خلال التقنيات الحديثة تبين أن صاحب الصوت هو المذيع الإخواني الهارب في تركيا.

كشفت المقاطع الصوتية للمذيع الإخواني عبر برنامجه في قناة الشرق مقارنة بالتسجيل المسرب، عن أنه نفس الشخص الذى أجرى مكالمات هاتفية مع الإعلاميين والفنانين وسجَل لهم، لتكون اللعبة الإخوانية الجديدة، بعد محاولة سامي كمال الدين البحث عن مصدر بديل للشرق، فلم يجد غير "مكملين"، ليقدَم لهم مسرحية التسريبات عربونًا، لتقفل صفحة أخرى من صفحات لعبة "الجاسوس".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق