«ياجوازة ماتمت».. فرح تخلع زوجها قبل أيام من دخلتها حزنا على والدها

وقفت فرح - كعادتها صباح كل يوم - أمام نافذة غرفتها، تتأمل شروق شمس يوم جديد، يخبئ فى طياته ميلاد أو وداع جزء من روحها، فبعد موت والدها قبل عدة أشهر وفراق سندها الوحيد، انطفئت لمعت عيناها الواسعة، وبهتت حمرة وجنتيها، وخمدت شعلة نشاطها، ونحف جسدها، واستسلمت للألم يتملك من روحها، فبالرغم من كون فرح فتاة مرحة بطبيعتها، لكن موت والدها المفاجئ جعلها هشة، فهجرت البسمة وجهها، وسقطت وحيدة لا تملك من الدنيا سوى بعض الصور التى تجمعهما معا، فتحيا على سعادة عاشتها يوماً وفقدتها عُمرًا.

 

كان والد فرح آخر ما تبقى لها بعد خسارة والدتها فى الثالثة من عمرها، فاحتضنها بحنان جارف يومها، ولم يفارقها ساعة واحدة، فأخذ يرعاها بحب جم، وكأنها زهرة ضعيفة تحتاج لعناية يومية حتى لا تذبل، فكان يرويها بالعطف والحب والسعادة، لتكبر فرحته الوحيدة أمام عينه يوماً بعد يوم وتتخرج من كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وتعمل بإحدى المدارس الخاصة، فكان لها الأب والصديق والأخ والحبيب، وعندما تعرفت على معتز فى العمل، جرت على أبيها تخبره بكل شئ، وتقص عليه مشاعرها، وتشاركه تطور علاقتهما، فلم يكن بينهما أسرار بل ثقة كبيرة لا تنتهي.

 

علاقة فرح ومعتز مختلفة قليلًا عن قصص الحب الأخرى، التى تبدأ بتبادل نظرات الإعجاب وتنتهى "فى تبات ونبات"، فوجهه الوسيم وجسمه الرشيق لم يكونا السبب الرئيسي لإنجذابها له بل أول ما لفت إنتباها إليه هو إرتباطه الشديد بأمه، وحرصه الدائم عليها وعلى رضاها وسلامتها، حيث فقد والده في سن صغير، وتعلق بوالدته جدًا منذ تلك اللحظة، فشعرت فرح بأنه نصفها الآخر، وكل منهما يكمل الآخر ويجد عنده ما ينقصه لتشابه ظروفهما، وعندما أخبرت والدها، طلب رؤية معتز ليتمكن من تقيمه جيدًا، وبعد المقابلة أحست فرح في والدها رفضًا لشخصية معتز.

 

أعتادت فرح على أتخاذ قراراتها بنفسها، ولذلك وافق أبوها على الخطبة رغم تحفظه على شخصية العريس الضعيفة أمام والدته، وسريعًا عُقد القران بناءًا على رغبة الأم المتحكمة، ووافق الأب رغبةً منه فى الإطمئنان على صغيرته مع زوجها، على أن يتم الزفاف ويكتمل الزواج بعد ستة أشهر، لكن القدر لم يمهل والد فرح، فلم تمر عليه الشهور الست إلا وكان في مسواه الأخير، تاركًا صغيرته وحيدة بين عريسها ضعيف الشخصية وأمه المسيطرة.

 

قطع رنين الهاتف شرود فرح، فأسرعت تكتشف هوية محدثها لتجد رقم حماتها يتوسط الشاشة، فخرجت منها تنهيدة بسيطة تخفي ألم كبير، فهي تعلم السر وراء هذا الإتصال المتكرر، فحماتها تريد إتمام الزواج غير آبهة بمشاعرها أو مدى استعدادها نفسيًا لتلك الخطوة، هى تعلم في قرارة نفسها أن الحياة تستمر لكن لم يمر سوى أربعة أشهر فقط على وفاة أبيها، ولا يمكن أن تتناسى كل مشاعر الفقد التى تسيطر عليها، وترتدي فستانها الأبيض وتسير إلى بيت زوجها بتلك البساطة التى تتحدث عنها حماتها.

 

توقعت فرح من معتز أن يدعمها فى قرار تأجيل الزواج إحترامًا لوالدها المتوفي، وحالتها النفسية السيئة، لكن سلبيته فاجأتها، فالعريس ترك كل الأمر لأمه، والأخيرة متعجلة على زفاف نجلها خاصة بعد أن أنتهت من تجهيز الشقة، وحجزت القاعة وأعلنت الموعد لأقاربها وأصدقائها، وغير مستعدة للتأجيل لأي سبب من الأسباب حتى إن لم تكن العروس جاهزة، فأخذت تضغط عليها، وتهددها بإنهاء الزيجة إن لم يتم الزفاف في موعده، فثارت العروس المنتظرة على كل تلك الضغوطات، وتوجهت إلى محكمة الأسرة لتخلع زوجها.