«ناضورجي» تجار الكيف في مواجهة كاميرات المراقبة.. من ينتصر في معركة الأمن؟

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2019 11:00 م
«ناضورجي» تجار الكيف في مواجهة كاميرات المراقبة.. من ينتصر في معركة الأمن؟
كاميرات المراقبة
إبراهيم الديب

يعتبر «الناضورجي» صمام الأمان وطريق الهلاك في الوقت ذاته لأباطرة الكيف، ومافيا الإجرام، وأحد أهم الشخصيات العاملة بتلك العصابات، ويتمتع بقدرات وسمات شخصية معينة، كما يتلقى تدريبات عالية على أيدي كبار تجار المخدرات للوصول إلى أفراد المباحث ومعرفتهم من الوهلة الأولى، حيث أن حياتهم مرهونة بصيحة واحدة من تلك التي يطلقها.

ويمثل «الناضورجي» صمام الأمان والعين الساهرة لملوك العالم السفلي، ويتمتع بمعاملة وقرب خاص من كبار التجار، حيث أنه المسئول الأول والأهم عن استمرار تجارتهم، ويعمل من خلال نظام محكم للرصد والمراقبة فهو يمكنه معرفة «الحكومة» والوجوه الغريبة في المنطقة بمجرد ظهورها وحين يلاحظ تحركات أو وجود أفراد غير مألوفة يبدأ في إطلاق نفير الإنذار بـ «الكبسة» محذرا من خلفه من تجار السموم لتختفي البضاعة وأصحابها في لحظات.

وألقت العديد من الأعمال السينمائية والدرامية الضوء على عمل «الناضورجي» ونشاطه غير المشروع، وأنه كيف يمكنه أن يطيل أمد أيا من امبراطوريات الكيف، أو ينهيها إذا ما أراد ذلك، وكثيرا ماتسبب هذا الفرد في إرهاق أفراد الأمن، ورجال المباحث، في الوصول إلى تجار الممنوعات والقبض عليهم، فبمجرد بدء ظهروهم يطلق صيحته «كبسة»، أو صفيرا محددا مع استخدام إشارة لأحد أتباعه المرابطين على أسطح المنازل ليوصل هو الأخير الإنذار إلى القائمين على عملية البيع ليختفي المشهد بأكمله في دقائق.

ومع التطور التكنولوجى الذى شهده العالم، وانتشار الكاميرات فى مختلف المناطق والشوارع، بات دور «الناضورجي» ليس ذوو قيمة، فأصبحت القضايا مدعمة بأدلة وأسانيد قوية لا يمكن للمتهمين الإفلات منها، واتضح ذلك جليًا فى الفيديو الذى انتشر مؤخرًا لأحد تجار المخدرات وهو يوزع «أقراص مخدرة» على عملائه فى إحدى المناطق، بنطاق محافظة الجيزة، وتم تصويره بالصوت والصورة.

ويقول اللواء عبد الرحيم سيد الخبير الأمنى، إن بداية «الناضورجي» تعود إلى عصر المماليك والدولة العثمانية، الذين كانوا يستعينون بشخص يدعى «البصاص»، وكان دوره تأمين المدن، من هجمات الأعداء، وإيصال معلومات بشأن العمليات العدائية التى يسعى الأفراد لتنفيذها ضد الدول، أو الهجمات المباغتة، مشيرا إلى أن اختيار «البصاصين» من الأشخاص الذين يمتازون بحدة البصر، وبعد فترة تم التوسع فى استخدامهم، وأصبح يعمل لدى «جابى الضرائب» ويقوم دوره على مراقبة الأسواق لمعرفة أصحاب التجارة، ومصادر دخلهم، لتوصيل معلومات لجامع الضرائب، الذى يقدر حجم الضرائب المفروضة على التجار.

كاميرات مراقبة (2)

وفى العصر الحديث، ومع انتشار تجارة المخدرات، أصبحت العصابات تستعين بـ «الناضورجي» ويقوم دوره على مراقبة الطرق التى من المتوقع أن تشن من خلالها الأجهزة الأمنية حملة على أوكار بيع وتداول المواد المخدرة، ويقوم بتنبيه أفراد العصابة بعدة أشارات بعدها سمعية، كإصدار صوت معين، أو بصرية عن طريق إشعال النيران فى شىء ما.

وأضاف «سيد»، أن منطقة الباطنية شهدت نشاطًا رائجًا فى تجارة المخدرات، وانتشرت العصابات التى تروج تلك السموم على المواطنين، وخلال تلك الفترة، ذاع صيت «الناضورجي» وأصبح مقترنًا بتلك العصابات بصفة أساسية، وساهم فى تأمين نشاط تجار المخدرات بشكل كبير، وهو ما دفع وزير الداخلية الأسبق اللواء أحمد رشدى، إلى اقتحام أحد أوكار المخدرات عن طريق سيارات الإسعاف حتى يضبطهم متلبسين، ودون أن تصل إليهم معلومات الحملة عن طريق «الناضورجى».

وزير الداخلية الأسبق اللواء أحمد رشدى

ويؤكد «سيد»، أن التطور التكنولوجى الذى شهده العالم خلال الفترة الأخيرة ساهم بشكل كبير فى اختفاء دور "الناضورجى"، حيث تنتشر كاميرات المراقبة فى كافة المحال التجارية، فضلًا عن وجود كاميرات فى كل هاتف محمول، تستطيع التقاط أى نشاط غير مشروع، إضافة إلى التطور الكبير الذى شهدته معدات وأدوات الأجهزة الأمنية التى تمكنها من توفير دلائل إدانة دامغة ضد تجار الكيف، والإيقاع بهم متلبسين.

ويواجه «الناضورجي» عقوبات الفاعل الأصلى، ومعاونته المتهمين فى الاتجار بالمخدرات تضعه فى نفس موضعهم القانونى، حسبما أوضح ممدوح عبد الجواد، المحامي والخبير القانونى؛ بأن القانون واضح فى تلك النقطة، فالمشارك فى الجريمة سواء بتسهيل حدوثها أو تأمين العاملين فيها، يواجه نفس العقوبات التى يواجهها المشارك الأصيل تاجر المخدرات.

وقال «عبد الجواد»، إنه إذا كان المتهم هناك شخص ذهب لقتل شخص آخر، وأصطحب معه شخص لتأمينه فقط وتسهيل خروجه عقب إتمام جريمته، فأن الشخصين يعاقبان بنفس العقوبة، ويواجهان نفس التهمة وهى تهمة القتل، وهذا يعنى أن الناضورجى الذى سهل وأمن عملية بيع وتجارة المخدرات، يواجه تهمة الاتجار فى المخدرات، لافتا إلى أن عقوبة الاتجار فى المخدرات، تختلف وفقًا لكمية المواد المضبوطة ونوعيتها، وتصل فى بعض الأحيان إلى السجن المؤبد أو السجن المشدد، ويواجه «الناضورجي» ذات العقوبة مع التاجر، إلا أن المحكمة من الممكن أن تتخفف مع «الناضورجي» فعاقبته بعقوبة أقل من عقوبة تاجر المخدرات، باعتبار أن فعله مختلف عن فعل التاجر، ولكن الأصل أنه يعاقب بعقوبة الفاعل الأصيل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة