وسعت منك يا مولانا!!

الأربعاء، 11 سبتمبر 2019 12:57 م
وسعت منك يا مولانا!!
طلال رسلان يكتب:

اعتدل مولانا في جِلسته وضرب بيده وأشار بالأخرى في وجه الكاميرا بأن احذروا.. فموضع النقاش كان أمرا جللا عندما يتعلق بمحاربة الخرافات ومدعي العلم والذين يستخفون ويعبثون بعقول الناس من أشباه العلماء والدعاة على مواقع التواصل الاجتماعي.
 
في إحدى حلقات برنامجه قال الشيخ خالد الجندي "إن الدين علم يجب أن يحرص عليه دارسوه، حتى لا يعبث "أشباه العلماء والدعاة" بعقول العوام. أنا شخصيًا درست ربع مليون مجلد، العالِم يوريني نفسه، لكن الكلام التاني مليش دعوة بيه، ولازم تكون فخور بعلمك وتقدمه بمنتهى القوة والتواضع. أحب العلم لكن محبش الجهلة، ربنا يكفينا شرهم".
 
بالتأكيد حديث الشيخ الجليل عن العلم وتلقيه من أصحاب الثقة بعيدا عن جملة "العالِم يوريني نفسه" لا بأس به، بل إن هذا ما بحت به الأصوات للتخلص من أفكار مغلوطة في الدين كانت في النهاية شماعة لوكلاء الإرهاب.
 
تابعت حديث الجندي جيدا، فالحقيقة دائما ما أجد لديه مسائل فيها خلاف عميق بين العلماء يصر على إخراجها للناس، ثم يحسم هو الجدل الضارب في التاريخ بفتوى تزيد الخلاف أكثر، ومسائل أخرى لم نسمع عنها يكتشفها دون غيره مثل حديثه سابقا عن أن "الفراعنة كان فيهم أولياء لله صالحين"، وفي النهاية حقيقة أنصح المقربين بعدم الاقتراب أو التصوير من آراء الجندي.
 
المهم أني لست بصدد تقييم خالد الجندي الآن ولا أي وقت آخر، فالطالما تعاملت مع المشايخ، كل المشايخ، بطريقة له ما له وعليه ما عليه، في الأخير الرجل له آراؤه ولنا حرية الاختيار.
 
المسألة هنا في احترام عقلية المشاهدين على الأقل في مناقشة موضوع يتعلق باحترام العقول، استوقفني بصدمة قول الشيخ خالد الجندي إنه درس ربع مليون مجلد ليصل إلى ما لديه من علم، ويتباهى بهل من مبارز.
 
كيف درس الشيخ خالد الجندي ربع مليون مجلد!!.. بحسبة بسيطة إذا قرأ الجندي كل يوم مجلد فيلزمه 250 ألف يوم أي نحو 684 عاما، نحن نتكلم فقط عن القراءة فما بالك هو يقول درست، أي تفحص وفند وحلل.. لا حل لهذا الرقم المهول عقلانيا إلا بأن الشيخ خالد أخطأ.
 
نعم أخطأ عندما أراد أن يكحل مسألة عدم الاعتماد على فتاوى شاذة من أي شخص يُخرج رأسه على الشاشة أو وسائل التواصل الاجتماعي، فعماها بمغالاته في محاولة إظهار علمه، نعم أخطأ إذا قصد فعليا هذا الرقم بأن استخف بعقولنا، نعم أخطأ وعليه الاعتذار مباشرة دون مواربة أو محاولة للتبرير ستكون نتائجها بائسة أكثر من آلاف المشاهدين يتابعون.
 
لم يكن الشيخ خالد الجندي بحاجة إلى مزايدة كهذه لإثبات علمه، أو حتى تحقيق نيته في تخويف المتلقي بعدم الارتكان لكلام كل من هب ودب، وقع الشيخ الجليل في فخ "أتأمرون الناس بالبر"، بعيدا عن رأينا أو تعاطينا مع آرائه الدينية أو قبولنا شخصيته من عدمها، هو اختار أن يظهر واعظا وعليه احترام العقول إذا كان قوله حق يريد به إصلاح.
 
ربما أظهر كلام خالد الجندي عن الربع مليون مجلد التي درسها، شيئا من المغالاة في رد الفعل، ومن الممكن أن تنسحب هذه الطريقة على حكمه في مسائل دينية طرحها في وقت سابق لاحقتها علامات الاستفهام والتعجب والاستنكار أوقات كثيرة، وفي الغالب سيكون على المتلقي الحذر من تناول أحاديثه التي تتماس مع حياته أو تحدد شيئا مصيريا في مستقبله.
 
إلى الشيخ خالد الجندي.. وسعت منك دي يا مولانا

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة