العبور الجديد 6 أكتوبر .. حرب لم تنته

السبت، 05 أكتوبر 2019 12:00 م
العبور الجديد 6 أكتوبر .. حرب لم تنته
6 أكتوبر

فى 6 أكتوبر 1973 حققت مصر انتصارا عسكريا على إسرائيل، واستردت سيناء، من خلال معركة عسكرية لا تزال تدرس فى الأكاديميات العسكرية العالمية، وتبعتها مصر بضربة دبلوماسية من خلال معركة تفاوضية امتدت لسنوات، لتنتهى بتحرير كامل الأراضى المصرية.
 
اليوم وبعد مرور 46 عاما على الانتصار العسكرى، لا تزال مصر تواصل حربها، لكن هذه المرة ضد الإرهاب، والجماعات الإرهابية التى تلعب دورا تخريبيا لا يقل عما كان يؤديه المحتل الإسرائيلى، وتزامن ذلك مع أدوار تخريبية يضطلع بها أتباع جماعة الإخوان الإرهابية الممولة من الخارج، ممن لا يعترفون بسيادة الدولة على أراضيها، لأنهم تغذوا على فكر وعقيدة الفوضى، لذلك لم يكن غريبا أن تكون القوات المسلحة المصرية- التى كانت مستهدفة من إسرائيل قبل حرب أكتوبر 1973 - هى نفسها المستهدف من الجماعات الإرهابية التى مارست- ولاتزال تمارس- حربا إعلامية وعبر منصات التواصل الاجتماعى، بهدف ضرب وتفكيك الجيش المصرى، باعتباره رمانة الميزان فى المنطقة، وبالتالى فإن بقاءه قويا هو أكبر مهدد للإرهاب والجماعات الإرهابية وعلى رأسها الإخوان.
 
أحد المتعاونين مع جماعة الإخوان الإرهابية، هو مسعد أبوفجر، اختار لنفسه صفة «ناشط سيناوى» هو إحدى الأذرع الإخوانية لتوجيه ضربات كاذبة ضد القوات المسلحة المصرية، ومنها خروجه الأسبوع الماضى بفيديو دعا فيه من أسماهم بأصدقائه فى اليسار الإسرائيلى إلى التدخل فى مصر وسيناء، وقال: «أتمنى من الأصدقاء فى اليسار الإسرائيلى أن ينتبهوا لهذه الرسالة.. هناك من يلعب داخل دولة إسرائيل وداخل الشعب الإسرائيلى.. حلف نتنياهو مع السيسى خطير جدا على دولة إسرائيل، اليسار الإسرائيلى عليه مسئولية، فما يحدث فى سيناء اليسار الإسرائيلى مسئول بصمته عنه.. إخواننا فى بئر السبع عليكم ترجمة هذا الفيديو بالعبرانى، ويوضع على شبكات التواصل فى إسرائيل لأن هذه رسالة للمجتمع الإسرائيلى».
 
وليس غريبا أن تظهر هذه الرسالة فى ظل احتفال مصر بانتصارات أكتوبر، فالإخوان ومن يسيرون على دربهم- ومنهم مسعد أبوفجر- لم يعترفوا بهذا الانتصار، لأنهم كانوا يأملون أن يصل الاحتلال الإسرائيلى ليس إلى سيناء فقط، وإنما إلى كامل الاراضى المصرية، وإلا ما ظهر «أبوفجر» مرددا لحلم طالما راود أقطاب الصهيونية الدولية بفصل سيناء عن مصر وضمها لما يسمى «إسرائيل الكبرى»، أخذا فى الاعتبار أن مسعد أبوفجر، الذى طالما قدم نفسه على أنه يسارى ومثقف، هو أحد دعاة التدخل الإسرائيلى فى مصر، وقبل هذا الفيديو كانت له مواقف شبيهة تغزل خلالها فى قدرات إسرائيل وجيشها، ففى 2007 أصدر رواية «طلعة البدن»، استغلها لمهاجمة الدولة المصرية، وفى نفس الوقت الإشادة بإسرائيل وبفترة احتلالها لسيناء، جعلته محل هجوم غالبية المصريين، وفى المقدمة منهم أهالى سيناء الذين أعلنوا تبرؤهم من هذا الناشط «إسرائيلى الهوى»، خاصة أنه فى هذه الرواية المشبوهة أشاد بما أسماه «إنسانية الجيش الإسرائيلى فى معاملة أهل سيناء مقابل وحشية الجيش المصرى!»، وكأنه يحاول أن يمرر للمصريين ولساكنى سيناء رسالة خبيثة بأنهم تحت الاحتلال الإسرائيلى سينعمون بالرخاء، متناسيا أن أهالى سيناء بعد نكسة 1967 كانوا فى ظهر الدولة المصرية، وأعلنوها صراحة أن سيناء جزء أصيل من مصر.
 
وترافقت رسالة «أبوفجر» لأصدقائه الإسرائيليين مع الكشف عن ثلاث رسائل مسربة صادرة من قيادات جماعة الإخوان الإرهابية إلى قواعدها، تمنحهم الضوء الأخضر لمزيد من التحركات المشبوهة، تكون بدايتها فى يوم السادس من أكتوبر ويستمر حتى يناير 2020، وهو ما يؤكد رغبة الجماعة الإرهابية فى طمس انتصار الجيش المصرى فى حرب أكتوبر، الرسالة الأولى التى جاءت تحت عنوان «رسالة للأحرار.. وما يعلم جنود ربك إلا هو»، ويتم تداولها عبر مجموعات الفتيات والنساء أو المجموعات المُختلطة من القواعد الوسيطة والمهنيين واللجان الإدارية، أما الثانية فكان عنوانها «رسالة للصف.. أكتوبر بين دماء الشهداء وتفريط العملاء»، والثالثة «أكتوبر يناير.. زراعة الثورة وحصاد المفازة»، وكانتا أكثر تواترا عبر مجموعات الطلاب والمجموعات الإعلامية وعناصر الرصد والتوثيق .
 
«أكتوبر بين دماء الشهداء وتفريط العملاء» هى الرسالة التى تفضح مخططات الجماعة الإرهابية، خاصة أنها حملت مجموعة من التفاصيل التى تريد الجماعة من أعضائها تطبيقها، وهدفها الطعن فى المؤسسة العسكرية، واختلاق وقائع تاريخية تُضفى على الجماعة مظهرا بطوليا، حيث تدّعى الورقة أن الإخوان شاركوا فى معركة فلسطين خلال العام 1948، وهى الفترة نفسها التى نشطت فيها عناصر النظام الخاص فى اغتيال السياسيين والرموز الوطنية، أبرزهم المستشار أحمد الخازندار ورئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى.
 
بعيدا عن نقطة التلفيق التاريخى فى الرسالة، فإن الورقة كشفت- بشكل واضح نسبيا- عن خطط الإخوان فى الظرف الراهن، التى تتأسس على إحداث فصل فى تاريخ القوات المسلحة، وادعاء أن المؤسسة الآن لا تُمثّل انتصار أكتوبر الذى حاولت الورقة الاقتراب منه على طريقة المعزول محمد مرسى، حينما احتفل به خلال العام 2012 بدعوة آل الزمر وقادة الجماعة الإسلامية ممن شاركوا فى اغتيال قائد هذا النصر، الرئيس الراحل محمد أنور السادات.
 
ووضعت الجماعة فى رسائلها التى وزعتها على قواعدها فى ذكرى 6 أكتوبر، ما أطلقت عليه خطة الـ15 أسبوعا، والتى تُشير إلى أن المدى الزمنى للعمل على المحاور التى تتضمنها يمتد 15 أسبوعا، بدءا من الاحتفال بالذكرى السادسة والأربعين لحرب 6 أكتوبر، حتى الذكرى الثامنة لثورة يناير، ويتركز أغلبها على الشق الإعلامى والنشاط المُكثف على مواقع التواصل الاجتماعى، لكنها تُوجه إلى جانب ذلك بـ«المراقبة الحثيثة» للشارع ورصد أى حراك أو تظاهرات أو موجات غضب وتوثيقها من خلال مجموعات الرصد، وتمريرها إلى فريق الدعم الإعلامى، وفى إحدى الفقرات تُركز الورقة على أهمية نقل الاشتباك على منصات التواصل الاجتماعى من حيّز النقاش واختلاف الرأى، إلى السخرية والإهانة على طريقة الخطاب اللاذع فى فيديوهات محمد على، رهانا على «إسقاط هيبة مؤسسات الدولة»، فضلا عن ردع المؤيدين عن استكمال المعركة، بما يُخلى الساحة للخطاب الرائج من جانب ما من وصفتهم الورقة بـ«مؤيدى الشرعية» الرافضين للنظام.
 
أهم عناصر الخطة.. أوردت الورقة فى نقاطها المتفرقة باقة من الأهداف الأساسية للعمل طوال الأسابيع المتبقية على ذكرى 25 يناير، كان أبرزها: هزّ صورة الجيش وإقناع المعارضين بأنه المساند الأبرز للنظام ولا سبيل للثورة إلا بإخراجه من المشهد، ومواصلة السخرية من الإعلام واتهامه بالخيانة والعمالة و«التعريض» وما إلى ذلك، والتركيز على بقاء الإخوان فى واجهة المشهد بالتوازى مع ترويج دعوات محمد على، للاستفادة من الزخم المحيط بفيديوهات المقاول فى تحريك القطاعات الرافضة للإخوان ضد النظام، والإبقاء على مساحة دائمة لوضع قدم التنظيم فى أى حراك فعلى مُحتمل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة