لتقليل فاتورة الاستيراد.. زراعة المحاصيل الاستراتيجة تغنينا عن «المهندسة وراثيا»

الأحد، 06 أكتوبر 2019 04:00 ص
لتقليل فاتورة الاستيراد.. زراعة المحاصيل الاستراتيجة تغنينا عن «المهندسة وراثيا»
زراعة المحاصيل الاستراتيجة واجب وطنى وقومى
كتب ــ محمد أبو النور

كانت الزراعة المصرية، وستظل طوق النجاة، لتوفير الأمن الغذائى، لأكثر من 100 مليون نسمة، وعلى الرغم من الأزمات المزمنة، التى تواجهها الزراعة حالياً، وأهمها مشكلة نقص المياه عموماً، وعلى وجه الخصوص أزمة مياه الرى، إلاّ أن مقومات تطوير وتحديث والنهوض بالزراعة مُتوافرة، وتحتاج فقط إلى العزيمة فى التطبيق، والاهتمام الجِدّى بمستلزمات الإنتاج، وتوجيه الدعم للمُزارع الوطنى، بدلاً من المُزراع الأجنبى، من خلال الاستيراد لأكثر من 10 ملايين طن قمح، وحوالى 9 ملايين طن ذرة صفراء سنوياً.

تطوير زراعة المحاصيل الاستراتيجة

تأكيداً لهذا التوجه، الهادف لزيادة مساحة وإنتاجية المحاصيل الاستراتيجة، كان وزير الزراعة واستصلاح الأراضى، قد أصدر فى يناير الماضى القرار الوزارى رقم 17 لسنة 2019، بتشكيل مجموعة عمل تحت مسمى"اللجنة التنسيقية للأمن الغذائى"، برئاسة وزير الزراعة، وشمل القرار عضوية الدكتور  سعد نصار، مستشار وزير الزراعة واستصلاح الأراضى  مقرراً، والدكتورة منى محرز، نائب وزير الزراعة لشئون الثروة الحيوانية والسمكية والداجنة،  والدكتور محمد سليمان، رئيس مركز البحوث الزراعية، والدكتور إبراهيم صديق، أستاذ الاقتصاد الزراعى، بكلية الزراعة جامعة المنوفية، والدكتور محسن البطران، أستاذ الاقتصاد الزراعى بكلية  الزراعة، جامعة القاهرة، والدكتور محمد عبد النبى  دسوقى، رئيس قطاع الشئون الاقتصادية، والدكتور شعبان سالم، مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعى، ومدير مركز الزراعات التعاقدية.

زراعة الأرز
زراعة الأرز

كما تضمّن القرار ممثلى  وزارة التموين والتجارة الداخلية، المحاسب مجدى الشاطر بصيلى، نائب رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات الغذائية، وكوثر عبد  الرحمن السلامونى، رئيس  الإدارة المركزية للدراسات وتنمية التجارة الداخلية، بقطاع التجارة الداخيلة، وممثلي وزارة الموارد المائية والري، والمهندس عبد اللطيف السعيد،  رئيس قطاع الرى، وممثلى وزارة التجارة والصناعة، السيد أبو القمصان، مستشار وزير التجارة والصناعة، لشئون التجارة، وأكد القرار على أن اللجنة، تختص بوضع استراتيجية واضحة للأمن الغذائى، على مستوى الجمهورية، لتجنب الارتفاعات  المفاجئة، في أسعار السلع والمحاصيل الغذائية أو نقص المعروض منها، على أن  تتضمّن الاستراتيجية، تحديد فترات الفجوات، التى تحدث  بها ارتفاع  الأسعار أو نقص المعروض، ووضع خريطة تفصيلية للمحاصيل الزراعية، تحدد حجم المساحة المنزرعة، من كل محصول، والكميات المتاحة منه على مدار العام، ومدى كفاية تلك الكميات للاستهلاك المحلى.

إضافة إلى توقعات العجز فى إنتاج هذه المحاصيل للأسباب المختلفة، لتحديد الاحتياجات الموسمية المطلوب توفيرها، بالتنسيق مع الجهات المعنية، ووضع سياسة واضحة لتنظيم سوق 11  سلعة، وهى التى تؤثر فى معدلات التضخم، سواء بالسلب أو بالإيجاب، بما يضمن توافرها فى الأسواق على مدار العام، وتختص اللجنة بدراسة وجود سعر استرشادي للمحاصيل والسلع الغذائية، وفقاً للتكلفة المقترحة، ومتوسط سعر السلعة خلال السنوات السابقة، بما يحقق عائداً للمزارع، وفى نفس الوقت  يكون السعر عادلاً للمستهلك، على أن يتولى الأمانة الفنية، الدكتور على عبد المحسن على، رئيس الإدارة المركزية للاقتصاد الزراعى، والدكتورة رانيا عبد الله السيد، باحث بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعى ، وأحمد حسن السيد.

 

الأرقام والإحصائيات تتحدّث

كان الدكتور محمد فتحي سالم، الخبير الدولي في الزراعة، والأستاذ بجامعة المنوفية، قد أكد فى دراسة له، أن فشل مصر، في الوصول للاكتفاء الذاتي من الغذاء، حتى الآن، يرجع لغياب استراتيجية زراعية حقيقة، يتم تطبيقها على أرض الواقع، حيث تستورد مصر بحوالى 160 مليار جنيه سلعاً زراعية، من القمح والذرة الصفراء وفول الصويا والزيوت النباتية والسكر والفول والعدس، والمكونات الأساسية، للأعلاف الداجنة والحيوانية،  وأشار الدكتور محمد فتحي سالم، إلى أن مصر، تستطيع تحقيق الاكتفاء الذاتي، من المحاصيل الزراعية، لتوفير الغذاء، عن طريق إصلاح التركيب المحصولي، وزراعة ما لا يقل عن 3.5 مليون فدان قمحاً بنظام الزراعة التعاقدية، وأن يرتفع سعر التوريد إلى 450 جنيها بدلاً من 420 جنيها للأردب، ويتم سداد فرق السعر، من المبلغ المخصص سنوياً لاستيراد القمح من روسيا وأوكرانيا ورومانيا وفرنسا وأمريكا، والتي تبلغ قيمتها 21 مليار جنيه سنوياً، من الموازنة العامة للدولة.

زراعة الذرة
زراعة الذرة

وقال الدكتور محمد فتحي، إن هناك ضرورة مُلحّة لدعم الفلاح المصري، وليس الفلاح الأجنبي، عن طريق توفير الأسمدة، على صورة" NPK"، وهى المغذيات الصغرى والكبرى، وليست الصورة الحالية من اليوريا المُحرّمة دوليّاً، والتي تُعد مصدر تلوث للزراعة والتربة والبيئة، ولابد من تقليص المساحة المخصصة للبرسيم إلى 2 مليون فدان، بدلاً من 3.3 مليون فدان دون خلل في إجمالي إنتاج المحصول، عن طريق رفع إنتاجية الفدان، باستخدام نوع متميز من الأسمدة الحيوية الصديقة للبيئة، والتى نجح  فريقي علمى في جامعة المنوفية، فى إنتاجها وتم تطبيقها على أرض الواقع، خلال السنوات الـ 6 الماضية، وحققت طفرة فى إنتاجية الأعلاف الخضراء، بشهادة عدة لجان من وزارة الزراعة، فى عهد، الدكتور أيمن فريد أبو حديد.

محاصيل مُهندسة وراثياً

 وهذه الأعلاف "البرسيم" يزيد فيها محتوى البروتين، ليصل إلى 26% بدلاً من 12 %، وتكون أراضي البرسيم التي تم تسميدها حيوياً، صالحة في موسم الزراعة الصيفي لزراعة الذرة الصفراء زراعة تعاقدية للدولة، بسعر منافس لا يقل عن 420 جنيهاً للأردب، وبعقود مُلزمة من الدولة لصالح الفلاح المصرى، وهو ما يترتب عليه الاستغناء عن استيراد ما يقرب من 6 مليون طن ذرة صفراء، والتى يتم استيرادها، وكلها مهندسة وراثيّاً وتُشكّل خطورة كبيرة على صحة الإنسان والحيوان، من خلال دخولها في برامج علف الدواجن والماشية، بنسبة 60%، وتستورد مصر من الأرجنتين والبرازيل وأمريكا، وهي دول تزرع الأصناف المهندسة وراثياً " GMO" وتقوم بتصديرها، وفي المقابل، نجد دول الاتحاد الأوروبي، قد توقفت تماماً عن استخدام كل من الذرة الصفراء وفول الصويا المهندسة وراثياً، في برامج تغذية الحيوان والدواجن.

 

زراعة القمح فى مصر
زراعة القمح فى مصر

كما أن المساحة التي يتم زراعتها في الموسم الشتوي، بمحصول القمح تُزرع صيفاً، بأصناف فول الصويا، والتي تمتاز بمقاومتها لدودة ورق القطن، من خلال الأصناف المنتخبة من مركز البحوث الزراعية، بالتعاون مع بعض الباحثين من الجامعات المصرية، وبالتالى يصبح التركيب المحصولي، بهذا الشكل يعمل على زراعة محصول نجيلي، يعقبه محصول بقولي والعكس، وبالتالي تزداد خصوبة التربة الزراعية عاماً بعد عام، ونستطيع بذلك تقليل كميات الأسمدة المُستخدمة، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستيراتيجية، وتوفير ما يقرب من 120 مليار جنيها سنوياً لخزانة الدولة، وتقليل العجز فى الميزان التجارى، وهناك مثال واضح على ذلك فى البرازيل، حيث قللت العجز فى الميزان التجارى، بحوالى 500 مليار دولار قروضاً من البنك الدولى، فى خلال عامين فقط، عن طريق الزراعة.

زراعة 11 محصولاً تقلل فاتورة الاستيراد

من ناحيته، أكد الحاج ممدوح حماده، رئيس الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى، أن الـ 11 سلعة زراعية، التى ستتابعها اللجنة التنسيقية، تشمل القمح والذرة، وقصب وبنجر السكر، والمحاصيل الزيتية، مثل فول الصويا ودوّار الشمس والسمسم،  والبطاطس، والبقوليات مثل العدس والفول والأرز، وهذه المحاصيل تُمثّل الدعامات والأعمدة الرئيسية للأمن الغذائى فى مصر، وحمايتها وتطوير زراعتها واجب وطنى وقومى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق