بدأت بكذبة وانتهت بفوضى.. ماذا يجري في العراق؟

الأحد، 06 أكتوبر 2019 02:00 م
بدأت بكذبة وانتهت بفوضى.. ماذا يجري في العراق؟
مظاهرات العراق

 
بعد الاحتلال الأمريكى عام 2003، أسس الحاكم المدنى بول بريمر أول طائفة سياسية بعد أن قسم المجتمع العراقى إلى مكونات فى خطوة بديلة عن المواطنة، فبعد أن قامت قوات الاحتلال الأمريكى بحل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، واعتمدت على الاستقطاب الطائفى فى عملية بناء الدولة العراقية، وتشكيل معظم القوى والاحزاب السياسية العراقية التى تأسست على أساس ولائها للمكون، وعانت هذه القوى من غياب رؤية واضحة لمفهوم الدولة وعملية بنائها لكونها حديثة الممارسة للسلطة وانشغلت بالتشبث بالسلطة فقط.
 
ودائما وأبدا لا تأتى الحروب إلا بالفوضى والتدمير وبث الفُرقة فى صفوف المجتمع، لتنهال كلاب الإرهاب على الفريسة وتأكل من لحمها وتنهب ثرواتها لتدمر شعبها، ويصبح إما قتيلا أو لاجئية، بالإضافة إلى التهجير والنزوح بسبب الوضع الأمنى، فإن أسباب الهجرة بشقيها الداخلى والخارجى يمكن إجماله بالوضع الأمنى المرتبط بالعمليات الحربية، أو بسبب الهيمنة الطائفية والاستهداف السياسي؛ وكلا السببين بدورهما يؤشران إلى ظاهرة عدم استقرار سياسى.
 
فالاستقرار السياسيه، ليس وليد القوة العسكرية والأمنية، وإنما هو وليد تدابير سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية.
 
وأدى ذلك التدهور الهائل إلى نزوح الجماعات الإرهابية والمتطرفة إلى العراق، لتنفيذ أجندات خارجية على الأراضى العربية، وبث الفوضى فى الشرق الأوسط برمته، وتنجرف العراق فى حرب مع الإرهاب والجماعات المتطرفة، مدمرة جميع البنية التحتية للبلاد، ومخلفة آلاف المهاجرين والعاطلين عن العمل، لنجد أنفسنا أمام تظاهرات وأعمال شغب من أبناء العراق لتوفير الوظائف وتحسين مستوى المعيشة.
 
وفى هذا الصدد، نشرح كيف استشرت الفوضى بالعراق منذ الغزو الأمريكى عام 2003، حتى نصل الأن إلى اشتباكات بين محتجين وقوات الأمن،ومظاهرات عارمة فى الشوارع ، والتى لا تفسر إلا أنها بسبب وجود العراق لأكثر من 20 عاما فى أجواء من الحرب والفتن، لتتعرض العراق الأن لأول احتجاجات كبرى يسقط فيها قتلى منذ أكثر من عام.

س: لماذا يحتج العراقيون؟

ج: بعد عامين من هزيمة تنظيم داعش يعيش قطاع كبير من سكان البلاد الذين يقترب عددهم من 40 مليون نسمة فى أوضاع متدهورة رغم ما يملكه العراق من ثروة نفطية.
 
ورغم تحسن الوضع الأمنى عما كان عليه منذ سنوات غير أن البنية التحتية التى حاق بها الدمار لم تمتد إليها يد الإصلاح كما أن الوظائف أصبحت نادرة، ويتهم الشباب من يرون أنها قيادات فاسدة صراحة بالمسؤولية عن ذلك ويقولون إن هذه القيادات لا تمثلهم.

س: ما سبب سوء الأوضاع لهذه الدرجة؟

ج: بعد حروب متتابعة على مدى عشرات السنين مع دول مجاورة وعقوبات الأمم المتحدة وغزوين أمريكيين واحتلال أجنبى وحرب أهلية طائفية كانت هزيمة داعش فى 2017 إيذانا بأن العراق دخل مرحلة سلام وأصبح حرا فى تسيير تجارته لفترة متواصلة طويلة للمرة الأولى منذ سبعينيات القرن الماضي. كما أن إنتاج النفط ارتفع إلى مستويات قياسية. غير أن البنية التحتية متهالكة، بل وتتدهور، ولم يبدأ البناء بعد فى مدن دمرتها الحرب كما أنه لا يزال لجماعات مسلحة سطوة فى الشوارع.

س: ما الذى أطلق شرارة الاحتجاجات الأخيرة؟ ومن نظمها؟

لا يبدو أن الاحتجاجات تنسقها جماعة سياسية بعينها. وقد تزايدت الدعوات على وسائل التواصل الاجتماعى للاحتجاجات فى أوائل هذا الأسبوع، وبدا أن الإقبال على المشاركة فيها كان مفاجأة لقوات الأمن. والسببان الرئيسيان للغضب الشعبى هما قصور خدمات الدولة ونقص الوظائف.

س: هل الاحتجاجات الجماهيرية نادرة فى العراق؟

ج: فى شهر سبتمبر من العام الماضى وقعت احتجاجات كبرى تركزت أساسا فى مدينة البصرة الجنوبية، ولقى فيها قرابة 30 شخصا حتفهم.
 
ومنذ ذلك الحين شهد العراق بعض المظاهرات المتفرقة لكنها لم تكن بحجم الأحداث التى وقعت هذا الأسبوع وكانت أول مظاهرات كبرى مناهضة لحكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدى منذ تولت السلطة فى أكتوبر الماضي.

س: هل سيتسع نطاقها؟ وما هى المخاطر؟

ج: يتوقف الأمر على الكيفية التى ستعالج بها الحكومة والأجهزة الأمنية الاحتجاجات. فسقوط مزيد من القتلى سيغذى مشاعر الغضب. فحتى الآن سقط أكثر من 80 قتيلا. وإذا شاركت جماعات عشائرية أو فصائل مسلحة فقد يتدهور الوضع. وقد تفجرت اشتباكات بالرصاص فى مدن جنوبية هذا الأسبوع بين مسلحين مجهولين ورجال الشرطة.
 
س: هل الاضطرابات طائفية؟
 
ج: سعى أغلب العراقيين لتحاشى الشعارات الطائفية بعد التجربة المريرة التى تمثلت فى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وذلك رغم بقاء بعض التوترات الطائفية.
 
وتدور الاحتجاجات حول تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتحدث وقائعها أساسا فى بغداد والجنوب الذى يغلب عليه الشيعة لكن تتداخل فيها خطوط عرقية وطائفية. كما أن الغضب موجه لطبقة سياسية لا لطائفة بعينها.
 
س: ما الذى تعنيه الاضطرابات للحكومة؟

ج: ربما تجد الحكومة أنه من الصعب السيطرة على هذه الاحتجاجات، إذ لا يشارك أى فصيل أو حزب سياسى فيها علنا، ولا حتى المعارضة البرلمانية المتمثلة فى كتلة رجل الدين الشيعى مقتدى الصدر التى سبق أن نظمت مظاهرات من قبل. وإذا اتسع نطاق الاحتجاجات فليس من الواضح ما هى الخيارات التى تملكها الحكومة. ولم يُذكر شيء حتى الآن عن تعديلات وزارية أو استقالات.

س: هل ستلبى الحكومة مطالب المحتجين؟

ج: وعدت الحكومة بتحسين فرص العمل للعراقيين، وهذا الأسبوع وعد عبد المهدى بإتاحة وظائف للخريجين وأصدر تعليمات لوزارة النفط وهيئات حكومية أخرى لاشتراط أن يكون 50 % من العاملين من العراقيين فى التعاقدات التالية مع الشركات الأجنبية.
 
وكانت الحكومة السابقة قد قطعت وعودا مماثلة بتحسين الرعاية الصحية والكهرباء والخدمات فى العام الماضي. وقال رئيس البرلمان العراقى، محمد الحلبوسي، إنه سيتم تفعيل قرارات مجلس الوزراء العراقي فيما يتعلق بحاملي الشهادات، موضحاً أنه سيتم تقديم قروض معفاة من الضرائب لمن لا يملك سكنا، كما سنعمل على إعادة النازحين إلى ديارهم.
 
وأضاف الحلبوسى، خلال مؤتمر صحفى، أنه سيتم إعفاء المزارعين من بدلات الإيجار حتى 2020، كما أنه سيتم فتح باب التسجيل للعاطلين عن العمل في وزارة الدفاع العراقية، مؤكداً على أنه يجب تجاوز البيروقراطية لتسريع عملية إنجاز المشاريع في العراق.
 
وتابع رئيس البرلمان العراقى، أن مشكلة الفساد في العراق تتلخص بعدم إنجاز المشاريع، والاجتماع مع وفد المتظاهرين أسفر عن اتفاق على ضمان حقوق المتقاعدين، لافتا إلى أن الفقراء في العراق مسؤولية البرلمان والحكومة وجميع السلطات.

دائما وأبدا لا تأتى الحروب إلا بالفوضى والتدمير وبث الفُرقة فى صفوف المجتمع، لتنهال كلاب الإرهاب على الفريسة وتأكل من لحمها وتنهب ثرواتها لتدمر شعبها، ويصبح إما قتيلا أو لاجئية، 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق