بعد تشليحه على يد مليشيات السلطان العثماني.. أردوغان يدخل الجيش التركي المصيدة

الجمعة، 11 أكتوبر 2019 05:00 م
بعد تشليحه على يد مليشيات السلطان العثماني.. أردوغان يدخل الجيش التركي المصيدة
سوريا

 
 بعد اجتياح الأراضى السورية توالت إدانات وغضب المجتمع الدولى ضد العدوان التركى والانتهاك الفج للقوانين والمواثيق الدولية، لكن على الأرض هناك معادلات وحسابات أثبتت حتى الآن أن القوات العسكرية التركية لن تكون فى نزهة، فالضربات العدوانية حتى الآن ضد المدنيين، واستهداف أماكن تجمعات المواطنين السوريين العزل، أو السجون لإخراج عناصر داعش ، ولم يدخل جيش الأردوغاني أي معارك فى مواجهة مقاتلى جيش سوريا الديمقراطية أو وحدات حماية الشعب الكردية حتى الآن.
 
فتنظيم داعش الإرهابى على مدار السنوات الأخيرة، كان يقاتل بالسلاح التركى والتمويل القطري، وتحت حماية قوات أردوغان، تم هزيمته شر هزيمة فى عدة مناطق بالأراضى السوريةعلى يد المقاتلين الأكراد وجيش سوريا الديمقراطية.
 
وقد تكون مدفعية أردوغان وطلعات قواته الجوية أحدثت زلزالا فى الأراضى السورية ، لكنها على الأرض لم يدخل أي من قواته لقرى والمدن ، وحتى الآن لم تستطيع القوات التركية دخول مدينة رأس العين،  رغم وجود حالات تسلل ، لذا استعان الجيش المعتدى التركى بعناصر الإخوان الموالين له للتحرك على الأرض حسبما أكد صطفى بالى المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية: "لدينا ما يكفى من الخبرات القتالية للتصدى للجيش التركى"، مضيفا إلى إن هناك تصدى شعبيا واسعا للعدوان التركى على الشمال السورى.
 
وهذا ما أكده نائب وزير الخارجية السورى، ​فيصل المقداد ، والذى وصف أردوغان بالمجرم القاتل الذى فتح حدود تركيا أمام أكثر من مئة وسبعين ألف إرهابى لكى يمارسوا القتل والإرهاب فى جميع أنحاء سوريا".
 
 واستطاعت قوات سوريا الديمقراطية فى أول يوم للعدوان التركى صد هجمات شرق نهر الجلاب، وتدمير 3 مركبات عسكرية، وقتل أكثر من 22 عنصرا من المهاجمين .
 
114 قتيل حتى الآن

ويتعرض الآن الشعب السورى فى شطر الحدود الذي أخلته القوات الأمريكية هذا الأسبوع، ويمتد مسافة 100 كيلومتر تقريبا، بين مدينتى تل أبيض ورأس العين السوريتين، لعمليات قصف وعدوان تركى خلف أكثر من 114 قتيل حتى الآن نتيجة ضربات جوية ومدفعية تركية  منذ مساء الأربعاء.
 
وأعلن المرصد السورى لحقوق الإنسان عن اندلاع اشتباكات عنيفة داخل مدينة رأس العين وفي محيطها بين قوات سوريا الديمقراطية، وفصائل موالية لتركيا.
 
فالقصف الجوي التركي استهدف مدخل تل أبيض من جهة الرقة، وذلك بالتزامن مع مرور سيارات لوفود عشائرية ومدنية قادمين من الرقة إلى تل أبيض للمشاركة في اعتصام "خيمة الدروع البشرية"، استنكاراً للعملية العسكرية التركية على المنطقة، ما أدى لسقوط جرحى في صفوف القافلة، أعقبه قصف برى من قبل القوات التركية استهدف ساحة الاعتصام، وأدى إلى سقوط جرحى فى صفوف المعتصمين.

خسائر باعتراف أنقرة

لكن الخسائر فى الجانب التركى بدأت تؤكد أن جيش أردوغان قد لا يواصل لآخر المعركة ، اعترفت السلطات التركية بمقتل 6 وإصابة 70 شخصا، فى قصف كردى طال جنوبى البلاد ردا على استمرار العدوان التركى فى شمالى شرق سوريا، منهم 3 أشخاص فى إقليم نصيبين الحدودى فى محافظة مردين، وفى محافظة شانلى أورفا المجاورة، كما قتل ثلاثة أشخاص آخرين جراء سقوط قذائف وصواريخ على مدينتى أقجة قلعة وجيلان بينار، وفق السلطات المحلية.
 
وأسفرت قذائف الأكراد، فى أقجة قلعة، عن مغادرة عائلات عدة منازلها وخلت الشوارع بعدما طلبت البلدية من السكان الاحتماء.
 
وحدات حماية الشعب المتمرسين اكتسبوا خبرة سنوات في حرب مدن فى مواجهة تنظيم داعش، ويعد هذا الشريط الحدودى، الذي كان في جزء منه عبر التاريخ وجود عربي قوى، مهما للمقاتلين من أكراد سوريا ، لأنه يربط المناطق التي يغلب عليها الأكراد فى الشمال الشرقى ببلدة كوبانى الكردية التى لا يزال للقوات الأمريكية، والقوات المتحالفة معها قاعدة فيها.
 
وبناء على مدى توغل القوات التركية في سوريا من الممكن أن يتعرض اتصال الأراضي الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية فى شمال سوريا والمعروفة فى اللغة التركية باسم روج آفا للخطر.

قوات خاصة فرنسية وبريطانية

للحد من المكاسب الكردية نفذت تركيا حتى الآن عمليتى توغل كبريين فى الشمال السورى، فيما يسمى بلسعة البعوض، وأدت العملية الأخيرة منهما "غصن الزيتون" إلى إبعاد مقاتلى وحدات حماية الشعب وعدد كبير من المدنيين الأكراد عن منطقة عفرين فى الشمال الغربى.
 
فعلى الأرض أيضا مازالت هناك قوات خاصة فرنسية وبريطانية مع أكراد في المنطقة ويدعم جيشا الدولتين القوات الكردية من خلال طلعات جوية وتدريب إذ كان الأكراد، حتى بدء الهجوم التركى، يواصلون عمليات ملاحقة خلايا  داعش الباقية، وإن كان قرار ترامب "الذى لم يتم تنفيذه فعليا على الأرض"، سحب القوات الأمريكية فى إضعاف موقف بريطانيا وفرنسا بشكل خاص.
 
وتتركز المخاوف الأوروبية المباشرة على عودة المسلحين المتشددين لتنظيم صفوفهم لكن هناك أيضا خطر فرار آلاف المقاتلين الأجانب الذين يحتجزهم الأكراد من السجون.

مدرعات القتال الرئيسية
تستخدم تركيا في عدوانها العسكرى ضد سوريا، دبابات القتال الرئيسية Leopard 2A4 وM60A3 ، تم استخدام هذه التقنية بشكل متكرر للعمليات العسكرية على أراضي دولة مجاورة، وكقاعدة عامة، لم تنجح.
 
على سبيل المثال، تكبدت ليوبارد الألمانية الصنع خسائر ملحوظة للغاية من استخدام الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، هناك العديد من الحالات عندما تلقت المركبات القتالية إصابات قاتلة، مما أدى إلى انفجارها وتدميرها بالكامل، والوضع مع دبابات M60 الأمريكية ليس أفضل: حتى فى الإصدار الحديث مع الدروع المحسنة، لم تتمكن من تحمل الأسلحة الحديثة المضادة للدبابات ومع ذلك يتم استخدام الدبابات من النسخ الأولية، مثل M60A3فى المعركة، دون أى حماية إضافية وتكون عرضة للغاية حتى لقنابل أر بى جى التى يجيد استخدامها مقاتلى الصحراء السورية.

القوات البرية

أساس الجيش التركي هو القوات البرية، ويبلغ عددها حوالي 390 ألف شخص - أي حوالي 80 % من إجمالي عدد الجيش التركي، وتتمثل المهمة الرئيسية التي تواجه القوات البرية لتركيا، اليوم، فى القدرة على شن أعمال قتالية فى عدة اتجاهات في وقت واحد والمشاركة فى الحفاظ على النظام العام داخل الدولة، والمشاركة فى مهام حفظ السلام تحت رعاية حملات الأمم المتحدة وحلف الناتو.
 
تنقسم القوات البرية في أربعة جيوش ومجموعة منفصلة من القوات الموجودة في الجزء الشمالي من قبرص. تشمل القوات البرية التركية أيضًا تسع فرق، وثلاثة فرق ميكانيكية، وفرقتى مشاة، و 39 لواءً منفصلًا، وفوجان لأغراض خاصة، وخمسة أفواج حدودية، وعددًا من وحدات التدريب. التشكيل التكتيكى الرئيسى للجيش التركى هو اللواء، وثلاثة أفواج مروحيات ومجموعة واحدة منفصلة مروحيات وفوج مروحيات هجومية، وفقا لموقع "ميلاتري أرمس".

الولايات المتحدة وتسليح قوات سوريا
ورغم أن الولايات المتحدة تولت تسليح قوات سوريا الديمقراطية وتدريبها، خلال سنوات محاربة تنظيم داعش، إلا أنه نتيجة للتفاهمات مع تركيا رفضت واشنطن تزويد حلفائها الأكراد بترسانة أكثر تطورا بما يعكس احتياجات المعركة وكذلك المخاوف التركية.
 
وأكدت سياسة واشنطن تجاه ، وحدات حماية الشعب، التعقيدات الأشمل لدورها في الصراع السورى، الذي تطور من احتجاجات على حكم الرئيس بشار الأسد، إلى حرب متعددة الأطراف.
 
ورغم أن قوات سوريا الديمقراطية ، أثبتت أنها حليف فعال فى مواجهة داعش، فقد أثار التأييد الأمريكي لها غضب تركيا التى تعتبر وحدات حماية الشعب قوة إرهابية بسبب صلتها بحزب العمال الكردستانى الذى يشن حركة تمرد داخل تركيا منذ فترة طويلة.
 
وقالت مصادر بالمعارضة السورية ، حسبما نقلتها وكالة رويترز ، إن بعض السوريين الذي يحظون بدعم تركى ويواجهون الآن قوات سوريا الديمقراطية،  استفادوا من دعم عسكرى أمريكى في مرحلة سابقة من الحرب ، عندما أشرفت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية على برنامج لتسليح المعارضة المناهضة للأسد وتدريبها.
 
وأنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، العمل بهذا البرنامج فى 2017 في إطار مساعيه لتحسين العلاقات الأمريكية مع روسيا أقوى حلفاء الأسد. وكان البرنامج تعرض للانتقاد لأن بعض أفراد المعارضة انضموا لجماعات إسلامية متشددة.

40 ألف مقاتل
قوات سوريا الديمقراطية يبلغ عدد أفرادها في الوقت الحالى نحو 40 ألف مقاتل، وبخلاف ذلك كونت السلطات الكردية منذ فترة طويلة قوات أمنية أخرى مثل "الأساييش" التى يقدر عدد أفرادها بعشرات الآلاف.
 
وقال مصدر بالمعارضة السورية مطلع على الموقف التركى، إن أنقرة تراقب الأسلحة التي تسلم لوحدات حماية الشعب منذ فترة طويلة، وكان ذلك نقطة خلاف مع واشنطن.
 
وقد عارضت واشنطن ظهور مناطق تتمتع بالحكم الذاتي يقتطعها قادة أتراك وحلفاؤهم فى سوريا رغم دعمها العسكرى لقوات سوريا الديمقراطية التي تضم في صفوفها مقاتلين من العرب وعرقيات أخرى.

معركة صعبة وطويلة
وقال المصدر العسكري الأول في وحدات حماية الشعب إن الشريط الحدودي بين المدينتين، والذي ينصب عليه اهتمام تركيا في الوقت الحالي قد يضيع في نهاية الأمر من يد الأكراد.
 
غير أنه أضاف أن قوات وحدات حماية الشعب عازمة على أن تجعل المعركة صعبة وطويلة بقدر الإمكان على تركيا، بالاعتماد على التحصينات القائمة على الحدود ، والمقاتلين المستعدين للتضحية بأرواحهم فى سبيل القضية الكردية.
 
وقال إنهم إذا واجهوا الهزيمة هناك "فسيحدث تمرد لا نهاية له" على القوات التركية هناك، مضيفا "سيدفعون ثمن ذلك، في نهاية الأمر ربما نفقد (تلك) المنطقة وهو ما يبدو أنه سيحدث لكن هذا لا يعنى أننا سنستسلم ونتراجع".
 
قال سام هيلر المحلل فى المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات (ICG) ، "لقد حذرت قوات سوريا الديموقراطية، قوات الدفاع من تلك المرحلة  فإذا دخلت تركيا الأراضى السورية  ستكون مصدرا لنشر الإرهاب، فيتعين عليها تكريس قواتها لصد الهجوم التركى، قبل ان يتمكنوا من الوصول للسجون. "
 
وقال جوزيف فوتل، الذى كان قائدا سابقا فى قوات الجيش الأمريكى بالشرق الأوسط، حسبما نقلت عنه وسائل إعلام: "أعتقد أن الأكراد سيدافعون قبل كل شىء عن أنفسهم بأفضل وسيلة بإمكانهم، وعندما يتضح لهم أنهم لا يستطيعون التعامل مع هذا الجيش وتلك القدرات الحديثة جدا لدى تركيا فأعتقد أنهم سيتركون المنطقة".
 
وقال نهاد على أوزجان المحلل الأمني لدى مؤسسة الأبحاث التركية تيباف إن قوات سوريا الديمقراطية ستستخدم أساليب حرب العصابات والكر والفر والألغام، وتفجير القنابل على جوانب الطرق أو ربما الصواريخ المضادة للدبابات التي بحوزتها، وأضاف "سيواصلون اللسع مثل البعوض".
 
واشنطن وضربة قوية لأردوغان
وعلى الجانب السياسى الغربى لم يعد هناك أى مساندة فعلية لأردوغان على جميع المستويات ، فالاتحاد الأوروبى قلق من احتمال وصول مسلحين أجانب إلى أوروبا، و تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى وضع 3 خيارات للرد على العدوان التركى على سوريا، أن واشنطن بصدد  توجيه ضربة مالية قوية لتركيا أو إرسال آلاف من الجنود أوالتوسط للتوصل لاتفاق بين تركيا والأكراد.
 
أيضا المجموعة الأوروبية في مجلس الأمن أكدت أن العمل العسكري التركي يهدد جهود مكافحة تنظيم داعش فى سوريا ويجب العمل على خفض التصعيد.
 
وفي باريس هناك مواجهة كلامية وانزعاج شديد من الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون الذى دعا تركيا إلى "وضع حد بأسرع ما يمكن" لهجومها العسكرى فى سوريا ، والذى "قد يساعد داعش فى إعادة بناء تكتله"، فرد عليه وزير خارجية تركيا بما يعتبر خروج عن البرتوكول بان ماكرون يريد تقسيم تركيا.
 
 فهذا العدوان التركي أثار غضب عارم من حلفاء أنقرة الأوروبيين ، كما يضيف توترا إضافيا على العلاقات عبر الأطلسى بما يشمل الثقة بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، ويثير القلق من أن يؤدي ذلك لوصول موجة جديدة من المتشددين لكن الدول الأوروبية تسابق الزمن للخروج برد فعل محكم بخلاف رفض المساعدة بالأموال فى أى أزمة إنسانية جديدة قد تستجد على حدودهم.
 
كما يُعقد الهجوم من فرص نجاح احتمالات انضمام أنقرة للاتحاد الأوروبي ويهدد بانهيار اتفاق لكبح تدفق المهاجرين بين تركيا والتكتل أدى لخفض حاد في أعداد اللاجئين الوافدين لدول الاتحاد لكنه يتعرض لضغوط متواصلة بسبب محاولة لاجئين جدد الوصول للأراضي الأوروبية.
 
لم يتضح ما الذي يمكن لأوروبا أن تفعله للضغط على أنقرة، يعتمد التكتل على تركيا في كبح تدفق اللاجئين لدوله بعد اتفاق فى 2016 لإغلاق طريق للهجرة غير المشروعة عبر بحر إيجة عقب وصول أكثر من مليون لاجئ لدول الاتحاد الأوروبى، خاصة أن الرئيس التركي عاد لابتزاز أوروبا من جديد وتهديدهم بفتح الباب أمام اللاجئين لدخول أوروبا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق