يوسف أيوب يكتب: الوسيط‭ ‬الدولي‭ ‬المدخل‭ ‬الرئيسي‭ ‬لحل‭ ‬الخلاف‭ ‬حول‭ ‬أزمة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭

السبت، 12 أكتوبر 2019 06:00 م
يوسف أيوب يكتب: الوسيط‭ ‬الدولي‭ ‬المدخل‭ ‬الرئيسي‭ ‬لحل‭ ‬الخلاف‭ ‬حول‭ ‬أزمة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭

- الوسيط‭ ‬الدولى‭ ‬المدخل‭ ‬الرئيسى‭ ‬لحل‭ ‬الخلاف‭ ‬حول‭ ‬أزمة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬

- الوفد‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬حاول‭ ‬جاهدا‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬المفاوضات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طرح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والمبادرات‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬مرضية‭ ‬لكل‭ ‬الأطراف

- نحن‭ ‬أمام‭ ‬تغيرات‭ ‬مفصلية‭ ‬فى‭ ‬قضية‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬فالأزمة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬ثلاثية‮»‬‭ ‬وإنما‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬إطارها‭ ‬الضيق‭ ‬إلى‭ ‬الإطار‭ ‬الدولى


كان‭ ‬لافتا‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬عبد‭ ‬الفتاح‭ ‬السيسى،‭ ‬وهو‭ ‬يحتفل‭ ‬مع‭ ‬المصريين‭ ‬بالذكرى‭ ‬الـ46‭ ‬لانتصارات‭ ‬حرب‭ ‬السادس‭ ‬من‭ ‬أكتوبر،‭ ‬أن‭ ‬ربطها‭ ‬بما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬تتخذ‭ ‬أشكالا‭ ‬جديدة‭ ‬ومتعددة،‭ ‬وتختلف‭ ‬عن‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬التى‭ ‬حققت‭ ‬خلالها‭ ‬مصر‭ ‬الانتصار‭ ‬فى‭ ‬1973.‬

هذه‭ ‬الحرب‭ ‬التى‭ ‬أُتفق‭ ‬على‭ ‬تسميتها‭ ‬بحروب‭ ‬الجيلين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس،‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬أسلحة‭ ‬جديدة،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬متوافرة‭ ‬فى‭ ‬الماضى،‭ ‬وزادت‭ ‬وتيرتها‭ ‬فى‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية،‭ ‬مستهدفة‭ ‬وعى‭ ‬وعقول‭ ‬المصريين،‭ ‬وكانت‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬شراسة‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭.‬

‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬يتردد‭ ‬الآن‭ ‬فى‭ ‬الأوساط‭ ‬السياسية‭ ‬والدبلوماسية‭ ‬هو: ‬إلى‭ ‬أين‭ ‬ستسير‭ ‬إثيوبيا‭ ‬فى‭ ‬أزمة‭ ‬سد‭ ‬النهضة؟‭ ‬هل‭ ‬تواصل‭ ‬عنادها‭ ‬أم‭ ‬تستجيب‭ ‬للقانون‭ ‬والتاريخ؟ ‬ وهل‭ ‬سيكون‭ ‬للتدخل‭ ‬الأمريكى‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬الموقف‭ ‬الإثيوبى؟

الأخبار‭ ‬التى‭ ‬جاءتنا‭ ‬من‭ ‬الاجتماع‭ ‬الثلاثى‭ ‬لوزراء‭ ‬الرى‭ ‬فى‭ ‬مصر‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬والسودان،‭ ‬الذى‭ ‬عقد‭ ‬بالخرطوم‭ ‬السبت‭ ‬الماضى،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مطمئنة،‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬وزارة‭ ‬الرى‭ ‬المصرية‭ ‬أن‭ ‬المفاوضات‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود،‭ ‬نتيجة‭ ‬تشدد‭ ‬الجانب‭ ‬الإثيوبى‭ ‬ورفضه‭ ‬كل‭ ‬الأطروحات‭ ‬التى‭ ‬تراعى‭ ‬مصالح‭ ‬مصر‭ ‬المائية‭ ‬وتتجنب‭ ‬إحداث‭ ‬ضرر‭ ‬جسيم‭ ‬لمصر‭.‬

خلال‭ ‬المفاوضات‭ ‬التى‭ ‬جرت‭ ‬فى‭ ‬الخرطوم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المجموعة‭ ‬العلمية‭ ‬البحثية‭ ‬المستقلة‭ ‬وكذلك‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزارى،‭ ‬قدم‭ ‬الوفد‭ ‬الإثيوبى‭ ‬مقترحا‭ ‬جديدا‭ ‬وصفه‭ ‬الوفد‭ ‬المصرى‭ ‬بأنه‭ ‬‮«‬ردة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬مبادئ‭ ‬حاكمة‭ ‬لعملية‭ ‬ملء‭ ‬وتشغيل‭ ‬السد‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬خلا‭ ‬المقترح‭ ‬من‭ ‬ضمان‭ ‬وجود‭ ‬حد‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬التصريف‭ ‬السنوى‭ ‬من‭ ‬سد‭ ‬النهضة،‭ ‬والتعامل‭ ‬مع‭ ‬حالات‭ ‬الجفاف‭ ‬والجفاف‭ ‬الممتد‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تقع‭ ‬فى‭ ‬المستقبل،‭ ‬كما‭ ‬رفضت‭ ‬إثيوبيا‭ ‬مناقشة‭ ‬قواعد‭ ‬تشغيل‭ ‬سد‭ ‬النهضة،‭ ‬وأصرت‭ ‬على‭ ‬قصر‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬مرحلة‭ ‬الملء‭ ‬وقواعد‭ ‬التشغيل‭ ‬أثناء‭ ‬مرحلة‭ ‬الملء،‭ ‬بما‭ ‬يخالف‭ ‬المادة‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬نص‭ ‬اتفاق‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ‭ ‬الموقع‭ ‬فى‭ ‬23‭ ‬مارس‭ ‬2015،‭ ‬كما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬الأعراف‭ ‬المتبعة‭ ‬دوليا‭ ‬للتعاون‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬وإدارة‭ ‬السدود‭ ‬على‭ ‬الأنهار‭ ‬المشتركة‭. ‬

والخلاف‭ ‬قائم‭ ‬الآن‭ ‬على‭ ‬الجزئية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بقواعد‭ ‬ومواعيد‭ ‬ملء‭ ‬السد،‭ ‬فمصر‭ ‬اقترحت‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬الملء‭ ‬خلال‭ ‬7‭ ‬سنوات،‭ ‬لتقليل‭ ‬التأثيرت‭ ‬السلبية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬تدفق‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬والمقدرة‭ ‬سنويا‭ ‬بـ55‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب،‭ ‬لكن‭ ‬إثيوبيا‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬عند‭ ‬موقفها‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬ملء‭ ‬السد‭ ‬خلال‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬فقط‭ ‬كحد‭ ‬أقصى‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬الرى‭ ‬السودانى‭ ‬ياسر‭ ‬عباس،‭ ‬حاول‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الأزمة‭ ‬بقوله‭ ‬‮«‬إن‭ ‬بناء‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬سوف‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬مراحل‭ ‬وليس‭ ‬مرة‭ ‬واحدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سوف‭ ‬يساعد‭ ‬فى‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬دون‭ ‬وقوع‭ ‬أضرار،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬اختلافات‭ ‬بين‭ ‬الجانب‭ ‬المصرى‭ ‬والإثيوبى‭ ‬لكنها‭ ‬اختلافات‭ ‬مقدور‭ ‬عليها‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬حديث‭ ‬المسئول‭ ‬السودانى‭ ‬لا‭ ‬ينفى‭ ‬الواقع‭ ‬الذى‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬الأمور‭ ‬تسير‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬ياسر‭ ‬عباس،‭ ‬فالموقف‭ ‬الإثيوبى‭ ‬أوصل‭ ‬المفاوضات‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬الجمود‭ ‬التام،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬وفد‭ ‬أديس‭ ‬أبابا‭ ‬استمر‭ ‬فى‭ ‬سياسة‭ ‬وضع‭ ‬العراقيل‭ ‬أمام‭ ‬مسارات‭ ‬التفاوض‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنوات‭ ‬الأربع‭ ‬الماضية‭ ‬منذ‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ،‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬تتبع‭ ‬مسارات‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الفنية‭ ‬والوزارية‭ ‬التى‭ ‬تم‭ ‬عقدها‭ ‬طيلة‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬أديس‭ ‬أبابا‭ ‬أعاقت‭ ‬المسار‭ ‬الخاص‭ ‬بإجراء‭ ‬الدراسات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالآثار‭ ‬البيئية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬لسد‭ ‬النهضة‭ ‬على‭ ‬دولتى‭ ‬المصب،‭ ‬حينما‭ ‬امتنعت‭ ‬عن‭ ‬تنفيذ‭ ‬نتائج‭ ‬الاجتماع‭ ‬التساعى‭ ‬وموافاة‭ ‬الاستشارى‭ ‬الدولى‭ ‬بملاحظات‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بتقريره‭ ‬الاستهلالى،‭ ‬فى‭ ‬مخالفة‭ ‬واضحة‭ ‬للمادة‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ‭ ‬والتى‭ ‬تقضى‭ ‬بإجراء‭ ‬تلك‭ ‬الدراسات‭ ‬واستخدام‭ ‬نتائجها‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬حول‭ ‬قواعد‭ ‬ملء‭ ‬وتشغيل‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭. ‬

وللحق‭ ‬فإن‭ ‬الوفد‭ ‬المصرى‭ ‬فى‭ ‬الاجتماعات‭ ‬الأخيرة‭ ‬حاول‭ ‬جاهدا‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬المفاوضات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طرح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفكار‭ ‬والمبادرات‭ ‬التى‭ ‬يمكن‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬مرضية‭ ‬لكل‭ ‬الأطراف،‭ ‬تلبى‭ ‬رغبة‭ ‬وحق‭ ‬إثيوبيا‭ ‬فى‭ ‬التنمية،‭ ‬وتستجيب‭ ‬لمشاغل‭ ‬مصر‭ ‬فى‭ ‬قضية‭ ‬المياه،‭ ‬لكن‭ ‬كان‭ ‬الموقف‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬غريبا،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬أى‭ ‬تجاوب‭ ‬من‭ ‬الجانب‭ ‬الإثيوبى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬مصر‭ ‬إلى‭ ‬طلب‭ ‬تنفيذ‭ ‬المادة‭ ‬العاشرة‭ ‬من‭ ‬اتفاق‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ‭ ‬بمشاركة‭ ‬طرف‭ ‬دولى‭ ‬فى‭ ‬مفاوضات‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬للتوسط‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬وتقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬والمساعدة‭ ‬على‭ ‬التوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬عادل‭ ‬ومتوازن‭ ‬يحفظ‭ ‬حقوق‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬دون‭ ‬الافتئات‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬أى‭ ‬منها،‭ ‬لكن‭ ‬كانت‭ ‬المفاجأة‭ ‬أن‭ ‬إثيوبيا‭ ‬رفضت‭ ‬هذا‭ ‬الطلب،‭ ‬وتضامن‭ ‬معها‭ ‬السودان‭ ‬فى‭ ‬موقف‭ ‬لم‭ ‬نعرف‭ ‬أسبابه‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭.‬

انتهت‭ ‬اجتماعات‭ ‬الخرطوم‭ ‬لكن‭ ‬الحديث‭ ‬أبدا‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬ينتهى،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬أخذت‭ ‬بعدا‭ ‬دوليا،‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬دعمها‭ ‬للمفاوضات‭ ‬الثلاثية‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬والسودان‭ ‬بشأن‭ ‬السد،‭ ‬ودعت‭ ‬المتحدثة‭ ‬الصحفية‭ ‬باسم‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬‮«‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭ ‬إلى‭ ‬بذل‭ ‬جهود‭ ‬حسنة‭ ‬النية‭ ‬للتوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬مستدام‭ ‬يحقق‭ ‬تبادل‭ ‬المنفعة‭ ‬فى‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والازدهار‮»‬‭.‬

دخول‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬على‭ ‬خط‭ ‬الأزمة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مرحب‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬جانبنا،‭ ‬لأنه‭ ‬يتفق‭ ‬مع‭ ‬رغبتنا‭ ‬فى‭ ‬إشراك‭ ‬وسطاء‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الإطار‭ ‬الثلاثى،‭ ‬المصرى‭ ‬والإثيوبى‭ ‬والسودانى،‭ ‬لعل‭ ‬الوسيط‭ ‬يأتى‭ ‬بأفكار‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الصندوق،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬أطراف‭ ‬دولية‭ ‬يكون‭ ‬بمثابة‭ ‬الضامن‭ ‬لأى‭ ‬اتفاق‭ ‬يتم‭ ‬التوصل‭ ‬إليه،‭ ‬كما‭ ‬سيكون‭ ‬شاهدا‭ ‬على‭ ‬أى‭ ‬تعثر‭ ‬والمتسبب‭ ‬فيه،‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬للرئيس‭ ‬عبدالفتاح‭ ‬السيسى‭ ‬أن‭ ‬أكد‭ - ‬خلال‭ ‬إلقاء‭ ‬بيان‭ ‬مصر‭ ‬أمام‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فى‭ ‬24‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضى‭ - ‬انفتاح‭ ‬مصر‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬جهد‭ ‬دولى‭ ‬للوساطة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الاتفاق‭ ‬المطلوب‭.‬

لذلك‭ ‬أصدرت‭ ‬رئاسة‭ ‬الجمهورية،‭ ‬مساء‭ ‬السبت‭ ‬الماضى‭ ‬بيانا‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬السفير‭ ‬بسام‭ ‬راضى،‭ ‬المتحدث‭ ‬الرسمى‭ ‬باسم‭ ‬الرئاسة،‭ ‬أكد‭ ‬خلاله‭ ‬أن‭ ‬مصر‭ ‬ترحب‭ ‬بالتصريح‭ ‬الصادر‭ ‬عن‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬بشأن‭ ‬المفاوضات‭ ‬الجارية‭ ‬حول‭ ‬سد‭ ‬النهضة،‭ ‬والذى‭ ‬تضمن‭ ‬دعم‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لمصر‭ ‬والسودان‭ ‬وإثيوبيا‭ ‬فى‭ ‬السعى‭ ‬للتوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬ملء‭ ‬وتشغيل‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬الإثيوبى،‭ ‬يحقق‭ ‬المصالح‭ ‬المشتركة‭ ‬للدول‭ ‬الثلاث،‭ ‬وبمطالبة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة‭ ‬بإبداء‭ ‬حُسن‭ ‬النية‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬فى‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والرخاء،‭ ‬وفى‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬يحترم‭ ‬بموجبه‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬حقوق‭ ‬الطرف‭ ‬الآخر‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭. 

وأشار‭ ‬البيان‭ ‬إلى‭ ‬تطلع‭ ‬مصر‭ ‬لقيام‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بدور‭ ‬فعال‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬خاصة‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬وصول‭ ‬المفاوضات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أربع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬المفاوضات‭ ‬المباشرة‭ ‬منذ‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ‭ ‬فى‭ ‬‮٢٠١٥‬،‭ ‬وهى‭ ‬المفاوضات‭ ‬التى‭ ‬لم‭ ‬تفض‭ ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬أى‭ ‬تقدم‭ ‬ملموس،‭ ‬ما‭ ‬يعكس‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬دولى‭ ‬فعال‭ ‬لتجاوز‭ ‬التعثر‭ ‬الحالى‭ ‬فى‭ ‬المفاوضات،‭ ‬وتقريب‭ ‬وجهات‭ ‬النظر‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث،‭ ‬والتوصل‭ ‬لاتفاق‭ ‬عادل‭ ‬ومتوازن‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬احترام‭ ‬مبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولى‭ ‬الحاكمة‭ ‬لإدارة‭ ‬واستخدام‭ ‬الأنهار‭ ‬الدولية،‭ ‬والتى‭ ‬تتيح‭ ‬للدول‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬دون‭ ‬الإضرار‭ ‬بمصالح‭ ‬وحقوق‭ ‬الأطراف‭ ‬الأخرى‭.‬

الغريب‭ ‬فى‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬فور‭ ‬صدور‭ ‬هذه‭ ‬البيانات،‭ ‬وتأكيد‭ ‬الرئيس‭ ‬السيسى‭ ‬فى‭ ‬تغريدة‭ ‬له‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المصرية‭ ‬بكل‭ ‬مؤسساتها‭ ‬ملتزمة‭ ‬بحماية‭ ‬الحقوق‭ ‬المائية‭ ‬المصرية‭ ‬فى‭ ‬مياه‭ ‬النيل،‭ ‬ومستمرة‭ ‬فى‭ ‬اتخاذ‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬السياسى،‭ ‬وفى‭ ‬إطار‭ ‬محددات‭ ‬القانون‭ ‬الدولى‭ ‬لحماية‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬وسيظل‭ ‬النيل‭ ‬الخالد‭ ‬يجرى‭ ‬بقوة‭ ‬رابطا‭ ‬الجنوب‭ ‬بالشمال‭ ‬برباط‭ ‬التاريخ‭ ‬والجغرافيا‮»‬،‭ ‬خرج‭ ‬أبى‭ ‬أحمد،‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإثيوبية‭ ‬بمجموعة‭ ‬تغريدات‭ ‬عبر‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬تويتر‮»‬،‭ ‬نفى‭ ‬خلالها‭ ‬وصول‭ ‬مفاوضات‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬إلى‭ ‬طريق‭ ‬مسدود‭ ‬بسبب‭ ‬تعنتها،‭ ‬مؤكدا‭ ‬استعداد‭ ‬حكومته‭ ‬لحل‭ ‬أى‭ ‬خلافات‭ ‬ومشاغل‭ ‬معلقة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التشاور‭ ‬بين‭ ‬البلدان‭ ‬الثلاثة،‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬حكومته‭ ‬تعزز‭ ‬جهودها‭ ‬لإنجاح‭ ‬الحوار‭ ‬الثلاثى،‭ ‬كما‭ ‬تتوقع‭ ‬التزاما‭ ‬مماثلا‭ ‬من‭ ‬بلدى‭ ‬المصب‭ ‬مصر‭ ‬والسودان،‭ ‬مشيدا‭ ‬بوزراء‭ ‬شئون‭ ‬المياه‭ ‬فى‭ ‬إثيوبيا‭ ‬والسودان‭ ‬ومصر‭ ‬فى‭ ‬جهودهم‭ ‬لمواصلة‭ ‬الحوار‭ ‬الثلاثى‭ ‬حول‭ ‬ملء‭ ‬وتشغيل‭ ‬السد.

‬وأضاف‭ ‬أبى‭ ‬أحمد،‭ ‬أن‭ ‬إثيوبيا‭ ‬تقر‭ ‬حقوق‭ ‬جميع‭ ‬دول‭ ‬حوض‭ ‬النيل‭ ‬البالغ‭ ‬عددها‭ ‬11‭ ‬فى‭ ‬استخدام‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭ ‬وفقا‭ ‬لمبادئ‭ ‬الاستخدام‭ ‬العادل‭ ‬وعدم‭ ‬التسبب‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬ضرر‭ ‬جسيم،‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬حق‭ ‬إثيوبيا‭ ‬فى‭ ‬تطوير‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬شعبها،‭ ‬وإن‭ ‬إثيوبيا‭ ‬مستعدة‭ ‬لحل‭ ‬أى‭ ‬خلافات‭ ‬والمخاوف‭ ‬العالقة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التشاور‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭.‬

هذا‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬الإثيوبية‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬الغموض‭ ‬الذى‭ ‬يكتنف‭ ‬الموقف‭ ‬الإثيوبى‭ ‬برمته،‭ ‬فكيف‭ ‬يقول‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬إنهم‭ ‬منفتحون‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬وفقا‭ ‬لمبادئ‭ ‬الاستخدام‭ ‬العادل‭ ‬وعدم‭ ‬التسبب‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬ضرر‭ ‬جسيم،‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬وفده‭ ‬المفاوض‭ ‬يواصل‭ ‬وضع‭ ‬العراقيل،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجانب‭ ‬الإثيوبى‭ ‬أدرك‭ ‬خطورة‭ ‬تخندقه‭ ‬فى‭ ‬موقفه‭ ‬الحالى‭ ‬المعرقل‭ ‬للمفاوضات،‭ ‬وأن‭ ‬استمراره‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحال‭ ‬سيؤدى‭ ‬إلى‭ ‬كشفه‭ ‬أمام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولى،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬تسير‭ ‬فى‭ ‬اتجاه‭ ‬دخول‭ ‬وسطاء‭ ‬أجانب‭.‬

نحن‭ ‬هنا‭ ‬أمام‭ ‬تغيرات‭ ‬مفصلية‭ ‬فى‭ ‬قضية‭ ‬سد‭ ‬النهضة،‭ ‬فالأزمة‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬‮«‬ثلاثية‮»‬،‭ ‬وإنما‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬إطارها‭ ‬الضيق‭ ‬إلى‭ ‬الإطار‭ ‬الدولى،‭ ‬فى‭ ‬انتظار‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تحرك‭ ‬إيجابى،‭ ‬يفضى‭ ‬إلى‭ ‬حلول‭ ‬منطقية‭ ‬تلبى‭ ‬مطالب‭ ‬واحتياجات‭ ‬الأطراف‭ ‬الثلاثة،‭ ‬دون‭ ‬افتئات‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬أى‭ ‬منها‭.‬

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق