الكاتب الصحفي علاء عصام ينتهي من كتابه الأول "ثقوب في جدار الأحزاب المصرية"
الثلاثاء، 22 أكتوبر 2019 04:49 م
"على الدين هلال": رأي المؤلف تبناه اباء الفكر الليبرالي احمد لطفي السيد وقاسم امين ومحمد حسين هيكل وعباس العقاد
تغيب الاحزاب عن ذهن وعقل وإحساس المواطن منذ سنوات طويلة رغم كثرتها ووصول عددها لأكثر من 85 حزب رسمي معترف بهم من لجنة شؤن الأحزاب، وربما من السهل ان نلقي المسؤلية على الاحزاب ذاتها من باب ان السلطة في مصر غير مقصرة وان التقصير من قيادات واعضاء هذه الاحزاب ولكن من الامانة والموضوعية ان ندرك ان هناك عوامل كثيرة السبب في هذه الحالة، واعتقد ان المسؤلية مشتركة بين اعضاء الاحزاب والسلطة في عهود مضت والان، كما ان الذي دفعني للغوص في هذه الازمة انني على يقين أن تداول السلطة والتعددية الحزبية في ظل نظام سياسي ديمقراطي حديث هو السبيل لدولة متقدمة ومستقرة، كما ان الاحزاب هي همزة الوصل بين السلطة والشعب ومصدات حقيقية لامتصاص غضب المواطنين ويتحرك قادتها بوعي حقيقي لتحقيق احلام وطموحات شعبنا دون التعرض لجسم الدولة لاي خطر.
هكذا وضح الكاتب الصحفي علاء عصام عضو حزب التجمع في مقدمة كتابه بعنوان "ثقوب في جدار الاحزاب المصرية" الاسباب التي دفعته لكي يحلل الازمات التي تعاني منها الحياة الحزبية، حيث استطاع المؤلف ان يشرح بأسلوب سهل وبسيط حسبما وصف اسلوبة الدكتور علي الدين هلال استاذ العلوم السياسية والذي كتب مقدمة الكتاب ما هي الاسباب التي تسببت في تراجع الاحزاب واهتزاز صورتها في عقل المواطنين وعدم ثقتهم بالأحزاب والتي من المفترض ان تكون حلقة الوصل بين السلطة والمواطن ومعبرة عنه وعن مشاكلة وتقوم بدورها في الرقابة والتشريع.
واكد الكاتب في الفصل الاول من الكتاب بعنوان "الازمة الثقافية" على ان الامية احد الاسباب وراء عدم تفاعل المواطنين مع الاحزاب وعدم فهم شريحة كبيرة منهم لبرامجها السياسية ودورها، لافتا الى ان المواطن يسيطر عليه الانتماء القبلي والعشائري ولا يؤمن بالدولة المدنية بشكل عام ومازال يعيش في مجتمع يسيطر عليه الفكر الرجعي والابوي التسلطي، وطالب "عصام" الى ضرورة أن يناضل السياسيين من اجل نشر الفكر التنويري الحداثي في المجتمع قبل البحث عن وصول الاحزاب للسلطة.
ولفت الى ان تداول السلطة في ظل هذا المناخ هو امر صعب للغاية كما ان هذا المناخ لا يسمح بشكل عام للتأسيس لمجتمع ديمقراطي حداثي، مطالبا الاحزاب بالدخول في حوار مع السلطة والحكومة لنشر الفكر الحداثي في مناهج التعليم وفي المجتمع من خلال الاعلام والفنون والثقافة حتي يكون الانسان قادر على تقييم الامور بشكل نقدي وعنده درجة كبيرة من الوعي ويصبح اكثر ايمانا بالاحزاب ودورها في الرقابة والتشريع ووضع السياسات مثلما هو قائم في كل دول العالم.
ويقول د.علي الدين هلال استاذ العلوم السياسية عن الكاتب في مقدمة الكتاب تعليقا على الفصل الاول "والرأي الذي يقول به المؤلف هو نفس الراي الذي تبناه اباء الفكر الليبرالي في مصر من استاذ الجيل أحمد لطفي السيد وقاسم أمين والدكتور طه حسين والدكتور محمد حسين هيكل وعباس محمود العقاد" الذين وجهوا سهام النقد الى عديد من القيم الثقافية والتفسيرات الدينية الذائعة، فمن المسلم به ان الديمقراطية ليست مجرد دستور وقوانين ومؤسسات واجراءات وحسب وإنما ايضا نسق من القيم والمعتقدات المتعلقة بالعقلانية والحرية والساواة والتسامح وهو ما يطلق عليه تعبير الثقافة الديمقراطية".
وأشار الكاتب في الفصل الخامس الى ان الاحزاب تعاني من ازمة مالية كبيرة تجعلها غير قادرة على الانفاق على الانتخابات او الانشطة الحزبية المختلفة مطالبا بتعديل قانون الاحزاب للسماح بممارسة نشاط اقتصادي للاحزاب بضوابط الى جانب دعم الدولة للاحزاب حسب نسب تمثيلها في البرلمان، كما لفت في الفصل الثالث بعنوان: "هزيمة الاعلام الحزبي" الى ضرورة إصلاح منظومة الاعلام الحزبي والتي يعتبرها احد ادوات الحزب الاساسية للوصول للمواطنين ومناقشة مشكلاتهم وقضاياهم ومراقبة الحكومة في أن واحد، مشيرا الى ان تراجع الصحافة الورقية اثر بشكل رئيسي على الصحافة الحزبية وجعلها بلا اي تأثير على المواطن، كما ان الاحزاب لم تستطع ان تجاري الواقع وتخلق قنوات اعلامية مؤثرة لضعف قدرتها على الانفاق.
ويري الكاتب ضرورة إجراء نقد ذاتي للأحزاب وممارسات الحزبيين الخاطئة كجزء من الاصلاح السياسي، حيث انتقد الكاتب في الفصل الثاني بعنوان : "النقد الذاتي" احزاب العائلة والتي تتشكل من اسرة واحدة ويسيطر عليها الاب والابناء وليس لها اي تاثير في الشارع وليس لها وجود في البرلمان او المجالس المنتخبة، كما استطاع الكاتب ان يوجه سهام النقد بشكل صريح وواضح للأحزاب التي تحالفت مع الاخوان في الانتخابات عام 2011 مثل حزب الكرامة بقيادة حمدين صباحي وطالبهم بالاعتذار للشعب وعدم التحالف مع الاحزاب الدينية في المستقبل.
وبكل جرأة انتقد الكاتب نفسه عندما كان يستخدم هتاف "يسقط حكم العسكر" واكد على ان هذا الهتاف كان يخدم الاخوان وليس مصر، مشيرا الى ان اصحاب المعاشات لقنوه درس لن ينساه عندما استخدم هذا الهتاف في احد مظاهراتهم في عام 2011 ورفضوا هذا الهتاف وانهالوا عليه بالصراخ والسباب ثم عفوا عنه عندما اعتذر، واقتنع بان القوات المسلحة هي درع مصر ولا يجب الهتاف ضد الجيش لا سيما وانهم لم يتحالفوا مع الاخوان مثلما كان يعتقد الكاتب في نفس العام بل استطاع الاخوان ان ينجحوا بنسب كبيرة لايمان الشارع المصري بهم في هذا الوقت ثم انقلب عليهم الشعب عندما كشفهم في عام 2013 وثار ضدهم.
وأستطاع الكاتب خلال 9 فصول ان يستعرض كل المشكلات التي تعاني منها الاحزاب ووضع حلول لها مختصرة كما انه كشف خطورة تداخل العمل الحقوقي مع العمل الحزبي ودور الاخوان وبعض الاحزاب في تدمير النقابات واستغلالها في اغراض سياسية بعيدة كل البعد عن الغرض الاساسي التي تأسست من أجلها النقابات.
وأقترح الكاتب الفصل بين العمل الحزبي والنقابي وان تكون النقابة فقط مكانا للمطالبة بحقوق ابناء المهنة وتدريبهم وتطوير ادواتهم المهنية، وأكد من خلال الكتاب على حق الحزبيين الترشح في انتخابات النقابة بصفتهم النقابية وليس الحزبية وان يقتصر دور الحزب في الدفاع من خارج النقابة عن حقوق ابناء المهنة وليس من حق الحزب ان يوجه اعضاء النقابة في الانتخابات ورفض ان يقوم قائد نقابي حزبي باستغلال اعضاء النقابة في الانتخابات النيابية او الرئاسية لفوز مرشح الحزب مثلما كان يفعل قادة جماعة الاخوان الارهابية.
وعكف المؤلف في الفصل السابع على شرح اسباب عزوف الشباب عن العمل الحزبي ويري ان هناك ثمة اسباب عديدة وراء ذلك ابرزها غياب ثقافة العمل التطوعي عن المجتمع والامية الثقافية التي يعاني منها الشباب الي جانب المعاناة الاقتصادية التي تحول بينه وبين اي عمل او نشاط حزبي حيث يقضي اغلب وقته في العمل واحيانا يعمل في مهنتين ليلبي مطالب اسرته ويحقق جزء بسيط من احلامه.
ويري الكاتب ان تنسيقية شباب الاحزاب والسياسيين والتي تشكلت من 25 حزب سياسي وعدد من الشباب السياسي هي الامل لتنمية حياة حزبية حقيقية، ويعول علي التنسيقية في فتح حوار حقيقي في المجتمع حول اصلاح الحياة الحزبية، وبناء كوادر سياسية قادرة على قيادة المجتمع في المستقبل.
ويقول الدكتور علي الدين هلال المتخصص في شؤن الاحزاب والاستاذ في كلية اقتصاد وعلوم سياسية والذي وافق على الفور على كتابه مقدمه الكتاب حسبما اشار في مقدمته حيث يقول : "الكتاب ليس بحثًا بالمعنى الأكاديمي ولم يهتم مؤلفه بتعريف المُصطلحات التي يستخدمها في أغلب الأحيان، ولم يكُن ذلك هو قصد صاحبه بل سعى إلى طرح وجهة نظره وتقييمه للأمور وفَهمه لاحتمالات المُستقبل، وهو مكتوبُ بأسلوب صحفي سهل وسلس وينقسم إلى تسعة فصول تتناول موضوعات: الأزمة الثقافية وضعف البنية الفكرية للكادر الحزبي, والنقد الذاتي, وهزيمة الإعلام الحزبي, والممارسة السياسية "الرخوة", والازمة المالية, والعلاقة بين الأحزاب والنقابات, وشباب الأحزاب, وإحلال الحقوقيين محل السياسيين الحزبيين, وتحولات فِكرية وأزمات تشريعية.