BBC.. لسان بريطاني مسموم

الأحد، 27 أكتوبر 2019 09:00 ص
BBC.. لسان بريطاني مسموم
بى بى سى
طلال رسلان

- الإذاعة البريطانية تتحول إلى حضن دافئ لجماعة الإخوان الإرهابية وتروج لشعاراتها وخططها ضد مصر
 
«تبث BBC العربية أخبارا غير متحيزة ودقيقة، ومعلومات مبنية على الخبرة والتحليل المعمق، وتضع BBC العربية اهتمامات وحاجات المستمعين فى بؤرة اهتماماتها، ولقد أثبتت استطلاعات الرأى المستقلة أن مستمعى BBC يعتبرونها الأكثر مصداقية والأكثر نزاهة وموضوعية فى العالم العربى إلى جانب سمعتها الراسخة فى جودة الخدمة المقدمة».
 
تحت هذه المقدمة تقدم BBC نفسها للقارئ والمشاهد العربى، لكن إذا منحت نفسك 10 دقائق فقط لتفحص المادة التى تقدمها هذه الشبكة التى تدعى «استقلاليتها» ستجد أن ما قرأته عن الحياد والدقة فى الأخبار والتناول ما هو إلا ستار يخفى وراءه الكثير من الكواليس والأسرار التى تؤكد أننا أمام شبكة ظاهرها الحياد وباطنها الفتنة والأكاذيب والتضليل.
 
لا يخلو برنامج أو تقرير للشبكة البريطانية الا ويتم الإشارة فيه إلى ما يسمونه الحياد الإعلامى، عملاً بمنطق «يكاد المريب أن يقول خذونى»، فالقائمون على BBC يدركون أن سياساتهم الإعلامية مفضوحة، وأن ما يقولونه لا يمت للواقع والحقيقة بصلة، لذلك يصممون على تكرار كلمة الحياد وعدم التحيز، على أمل أن تنجلى عنهم تهمة التحيز، خاصة ضد دول الشرق الأوسط وفى القلب منها مصر.
 
علاقة BBC بمصر طويلة وممتدة منذ نشأة هيئة الإذاعة البريطانية فى عشرينات القرن الماضى، لكن زاد اهتمام المصريين بها فى الخمسينيات وتحديداً بعد ثورة 23 يوليو 1952، بعدما أصبحت هذه الإذاعة منصة للهجوم المتكرر والدائم على مصر، ومنذ ذلك الوقت وهى تمارس مهنتها المرسومة لها بإتقان من القائمين على تمويلها من الحكومة البريطانية، فهى تدعى الحيادية دائما، لكن لها الوقائع الكثيرة تؤكد أن لها تاريخ طويل وقديم فى نشر الشائعات والترويج للأكاذيب والفتنة ضد مصر، والوطن العربى، لخدمة مصالحها الخاصة وجهازها المؤسس.
 
BBC لم تكف عن مؤامراتها منذ الخمسينيات، ولقبت فى ذلك الوقت بأنها «عدو المصريين»، حتى رد عليهم جمال عبدالناصر فى هذا الوقت، لأنها لا تكف عن محاربة تحرر مصر من الاستعمار الإنجليزى، وظلت تحارب الدولة المصرية وصولا إلى نكسة 1967، حتى بعد طرد الإخوان من مصر فى عهد «عبدالناصر»، قاموا بلجوء سياسى، واتجهوا إلى لندن ثم تبنت BBC رعاية مصالحهم السياسية المزيفة، وفى خيانة العدوان الثلاثى (إنجلترا مع فرنسا وإسرائيل) ضد مصر، استخدمت بريطانيا أذرعها الإعلامية وفى مقدمتها «BBC»، للتحريض- بشكل فج وسافر- ضد مصر والعروبة، وتعمدت تشويه صورة الزعيم جمال عبدالناصر، خصوصا بعد أن وجه ضربة قاسية إلى لندن وتل أبيب وباريس وأجبرها على الانسحاب من مصر.
 
 التاريخ دائما يفضح أهدافها الشيطانية ضد مصر، إذ تتعمد فى تغطياتها على نشر أخبار وتقارير حتى أفلام وثائقية تتعمد إظهار البلاد بشكل غير دقيق وغير صادق وغير موضوعى، حتى تحول الأمر إلى «دعارة إعلامية» لا تأبه لأى معايير مهنية أو دولية، فهى تتعاون مع الجماعة الظلامية لتخريب البلاد كون مصر الثقل الأساسى وعمود الخيمة بالنسبة للوطن العربى.
 
 ومن خلال تتبع ما تبثه BBC عن مصر- خاصة خلال السنوات القليلة الماضية- سنجد أنها تتبنى منهج دعم تنظيم جماعة الإخوان الإرهابية بشكل واضح ومتعمد فى كافة تغطياتها، بدءا من صعود الجماعة للرئاسة وحتى بعد التخلص من إرهابهم، فما زالت تروج معلومات كاذبة عن حقيقة الأوضاع فى مصر لخدمة أحفاد حسن البنا، مستعينة بفيديوهات مفبركة من أبواق الجماعة الظلامية التى تبث من تركيا، وخلق قصص وهمية لإثارة الفتنة من جديد، وهو ما دفع الهيئة العامة للاستعلامات، إلى دعوة المسئولين المصريين وقطاعات النخبة المصرية، لمقاطعة هيئة الإذاعة البريطانية، والامتناع تماما عن إجراء أى مقابلات أو الإدلاء بأى أحاديث أو لقاءات إعلامية مع مراسليها أو محرريها، حتى يتم الاعتذار رسميا.
 
 وزادت خطيئة BBC ضد مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013، وتحديدا بعد انتخاب المصريين للرئيس عبدالفتاح السيسى رئيساً لمصر، ونجاحه فى اتخاذ الكثير من الخطوات التى أخرجت مصر من النفق المظلم إلى بر الأمن والأمان، فلم تهدأ BBC وكأنها تبحث عن ثأر شخصى مع القيادة المصرية الجديدة، فزادت نار القناة البريطانية وحقدها على مصر، وخصصت الكثير من برامجها لإهانة الشعب المصرى، الذى واجه إرهاب الإخوان ووقف بجوار رئيسه فى محنته، فى مخالفة واضحة وصريحة لمعايير المهنة المعروفة دوليا، وخالفت المعايير التى تنادى القناة نفسها باتباعها، وكانت حريصة على تشويه القيادة السياسية، وواصلت مسلسل الهجوم على مصر، وبثت أخبار مفبركة ومأخوذة من قنوات تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، زعموا من خلالها وجود مظاهرات فى مصر، وأسموها بـ«انتفاضة».
 
وصل الحال بـBBC إلى درجة أنها أصبحت أداة للترويج لشعارات وهاشتاجات جماعة الإخوان الإرهابية ضد مصر، وكان أبرز مثال على ذلك، ترديد القناة وعبر مواقعها الإلكترونى باللغة العربية لحملة «إنت مش لوحدك» التى أطلقها إعلام الجماعة الإرهابية عبر منابرها الإعلامية من تركيا وقطر، وهو الأمر الذى أنتبه له المصريون سريعا، فردوا عليها بتدشين هشتاج «اطمن ياسيسى إنت مش لوحدك».
 
ولا يغيب عن المتابع لـBBC أنها فقدت الكثير من رونقها الذى طالما ادعت أنها تحتفظ به، خاصة بعدما كثرت سقطاتها التى عّرت مزاعمها، ومنها التقارير التى كشفت عن تدخلات فى سياسة القناة وإملاءات لصالح أجندة أشخاص محسوبين على جماعة الإخوان، ويكفى هنا الإشارة إلى واقعة «زبيدة»، فقد نشرت هيئة الإذاعة البريطانية قبل عدة أشهر تقريرا مطولا تناولت فيه وقائع مضللة حول اختفاء وتعذيب فتاة مصرية تدعى «زبيدة» داخل السجون المصرية فى عام 2018، إذ استضافت الشبكة البريطانية سيدة قالت إن ابنتها زبيدة، مختفية قسريا، وإنها تعرضت للاغتصاب والتعذيب على يد «عناصر أمنية»، مطالبةً السلطات بكشف مصير ابنتها، واتضح فيما بعد أن تقرير BBC كان يروج لأكاذيب غير حقيقية لا تمت للواقع بصلة، تهدف إلى إثارة الفتنة فى البلاد وتشويه صورة مصر أمام المجتمع الدولى لخدمة الإخوان.
 
وكانت المفاجأة التى ألجمت مسئولى BBC هى خروج «زبيدة» على القنوات الفضائية نافية ادعاءات الهيئة البريطانية المضللة، مؤكدة أنها امرأة متزوجة وأنجبت ولدًا، وتمارس حياتها الطبيعية بكل حرية ودون أى مضايقات.
 
بالطبع فإن تقرير «زبيدة» لم يكن سوى حلقة صغيرة فى سلسلة طويلة من أكاذيب BBC التى لم تقتصر على مصر فقط، وإنما طالت حتى بريطانيا، فإذا ما عدنا إلى التاريخ القريب ففى عام 2012 نشرت الشبكة البريطانية تقريرًا كاذبًا تتهم فيه مسؤولا سياسيا سابقا فى حزب المحافظين باعتداءات جنسية، وبعد شهرين من توليه منصبه اضطر المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية «BBC» جورج إنتويستل لتقديم استقالته، بعد انتقادات واسعة وجهت إليه بشأن إذاعة المحطة برنامجًا تناول خطأ فضيحة اعتداء جنسى، أحدثت هزة فى الهيئة.
 
كما أن أزمة الروهينجا أيضا كشفت خداع وزيف حقائق قناةBBC ، إذ تعرضت الهيئة البريطانية لهجوم بسبب دفعها 33 جنيها إسترلينيا مقابل مشاركة بعض مسلمى الروهينجا فى مسلسل درامى يروى معاناتهم، وأكد بعض المشاركين فى العمل الدرامى أنهم يتعرضون لتعذيب حقيقى ومكوث لساعات داخل مياه عكرة، ومواجهة صعوبات لا تحتمل خلال التصوير، ما أصابهم بالكثير من الغضب.
 
وأثار تقرير نشر منتصف العام الجارى للجنة قسم الرقميات والثقافة والرياضة والإعلام البريطانى، المعروف اختصارًا بـ(DCMS)، التابع للحكومة البريطانية، الرأى العام والصحافة الورقية والمواقع الاجتماعية، لما نشر فيه من وقائع ومقابلات حقيقية مع موظفات فى هيئة الإذاعة البريطانية BBC تحدثن فيه عن فقدان الشفافية، وعن فجوة الدخل بين الرجل والمرأة داخل الهيئة، وهو ما أثار حفيظة اللجنة، ودعت مديرها العام للتحقيق بشأن هذا الأمر، وبدأت بالفعل لجنة المساواة وحقوق الإنسان فى المملكة المتحدة، التحقيقات حول ما إذا كانت BBC انتهكت القانون من خلال منح النساء أجورا أقل من الرجال بالرغم من قيامهن بنفس العمل، وأصدرت اللجنة بيانا أكدت فيه أنها ستنظر فى شكاوى تتعلق بالأجور الرسمية وغير الرسمية، التى أثارها بعض الموظفون فى «BBC»؛ لتحديد ما إذا كان هناك تمييز غير قانونى فى الأجور ضد المرأة وما إذا كانت الشكاوى قد تم حلها، فضلا عن أنها تدرس قضية تمييز الرجال عن النساء فى الأجور، فى أعقاب تعدد شكاوى من النساء العاملات بالهيئة بأنهن يتلقين رواتب أقل من زملائهن الذكور، موضحة أنها بغض النظر فى جميع المعلومات والتى منها كشوف، تشك فى أن بعض النساء فى المنظمة لم يتلقين أجرا متساويا مقابل قيامهن بنفس الأعمال.
 
كل هذه التلفيقات وغيرها وضعت هيئة الإذاعة البريطانية فى موقف حرج أمام متابعيها، وأيضاً مموليها من دافعى الضرائب فى بريطانيا، وهو ما جعلها عرضة لهجوم كبير من الجميع سواء كانوا بريطانيين أو غيرهم، بسبب تزييف الحقائق والتقارير المغلوطة والشائعات التى تبثها يوما تلو الآخر، ودعما للإرهاب، ومساندتها للعناصر الإرهابية، وأنها أصبحت مظلة إعلامية لهذه العناصر تتولى الدفاع عنها ومساندتها، فقد شهد مقر BBC فى بريطانيا تظاهرات كثيرة من مواطنين أعلنوا رفضهم لسياسة القناة، وما تقوم به من ممارسات وانتهاكات، واختلاق شائعات وأكاذيب، لتحقيق أجندات خاصة، مرددين هتافات ترفض سياسة القناة، ودعمها للإرهاب، وكيف تحولت لمنصة داعمة للعناصر الإرهابية على مستوى العالم، وطالب المتظاهرون القناة بالعدول عن سياسة الهجوم والشائعات والأكاذيب التى تبثها، بالإضافة لسياستها تجاه العناصر الإرهابية، وكيف أصبحت القناة خلال الفترة الأخيرة من أكبر المحطات الداعمة للإرهاب على مستوى العالم، وذلك من خلال استضافتها بعض العناصر، أو دعمها لهم من خلال تقارير مزيفة بعيدة عن الواقع، تفتقد لأدنى شروط المهنية والشفافية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة