اكفل طفل في بيتك

السبت، 26 أكتوبر 2019 01:28 م
اكفل طفل في بيتك
سمر جاد

 
 
هناك واقع أمامنا لا يمكننا اغفاله، هناك آلاف الأطفال في دور الرعاية، كيف جاءوا إلى هنا؟.. من الذي ألقى بهم في الشارع؟.. وما مصيرهم؟
 
تبعا لمنظمات المجتمع المدني يولد 19 طفل مجهول النسب يوميا.. رقم مخيف لكن تبعا للمركز القومي للبحوث الاجتماعية فالعدد يتراوح بين طفلين إلى 3 أطفال يوميا، وفي الواقع هناك سبب وجيه لهذا الفارق، فالطفل المحظوظ هو الذي يتم العثور عليه، ويسلمه أحدهم لأحد أقسام الشرطة ليتم تحرير محضرا باستلامه وتتم بعد ذلك اجراءات كثيرة تنتهي بإيداعه إحدى دور الرعاية، وهذا هو الطفل المدرج في احصاءات المركز القومي للبحوث الاجتماعية، لكن ماذا لو عثر عليه شخص غير سوي فقرر استغلاله في تجارة الأعضاء؟.. وماذا لو وجده آخر فقرر بيعه؟.. ماذا لو عثر عليه لكن بعد أن عضته كلاب الشوارع وفارق الحياة؟.
 
اعلم أن مجرد قراءة تلك السطور مؤلم، فماذا عما يشعر به هؤلاء الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، ولقد عوقبوا على جريمة شنعاء لم يرتكبوها.. جريمة الحياة.
 
لماذا أكتب عن هذا الموضوع؟ 
 
لإيماني القوي بالإنسان المصري وقدرته على إحداث التغيير، ربما لأن قلبي يعتصر لحال هؤلاء الأطفال الأبرياء.. بالتأكيد، فهناك الكثيرون، ممن يرق قلبهم لحال هؤلاء الأطفال لكن القليلون فقط يعرفون الطريق لانتشالهم من الضياع ومنحهم الحب والأمان.
 
لقد قررت أن أكرس جهودي لتلك القضية، لأنها ليست هينة كما تبدو، هي عميقة بعمق البحر، وثوابها بارتفاع السماء، وسأبذل ما في وسعي من أجل نشر الوعي المجتمعي وإيجاد بيئة آمنة لتنشئة الأطفال مجهولي الهوية، فهم جزء لا يتجزأ منا.. من انسانيتنا ومن وطننا.
 
سوف أعمل على التعريف بكل الجهود المبذولة في سبيل انقاذ هؤلاء الأطفال وتسليط الضوء على العراقيل التي تحول دون مد يد العون السريع لهم، سواء من ناحية القوانين والاجراءات أو من ناحية المفاهيم الخاطئة والصادمة أحيانا تجاه طرق التعامل معهم.
 
سأتحدث اليوم من قلب الحدث، من مؤسسة الوداد الخيرية المشهرة منذ 2009 برقم 3399، وهي دار ايواء مؤقت للأطفال اليتامى ومجهولي النسب من عمر الولادة حتى عمر الـ3 سنوات، ورسالة المؤسسة هى خلق بيئة طبيعية لكل طفل مجهول النسب، فهى أول مؤسسة متخصصة في تطبيق كفالة الأطفال الأيتام الرضع بأسر بديلة بالرضاعة الطبيعية، ويقوم فكر ومنهج المؤسسة على ضرورة أن يتمتع الطفل بكافة حقوقه، وأهمها حقه في الحياة وأن يصبح جزءا من أسرة كريمة ترعاه وتنشئه نشأة متوازنة.
 
هي أول مؤسسة خيرية تؤسس مركز ابحاث خاص بها تحت شعار "تسخير العلم من أجل الكرامة الانسانية"،  كما أوضحت أميرة عبد الرحمن رئيس قسم الأبحاث بالمؤسسة، التي قالت في رد على سؤالى حول أسباب وجود أطفال مجهولي النسب في مصر، أنه "قد يكونوا نتاج علاقات غير شرعية أو زيجات عرفية تخلى فيها الزوج عن مسئولياته، أو بسبب ثالوث الفقر والجهل والمرض، وقد يكون بسبب خلافات عائلية، والأخطر قد يكونوا أبناء لأطفال الشوارع".
 
 رعاية هؤلاء الأطفال وتنشئتهم داخل أسرة يحقق للطفل جذورا وسيعرف معنى رابطة الدم والانتماء.
 
دار الوداد تهدف إلى توفير برامج متكاملة متطورة للاهتمام بالأطفال مجهولى النسب تراعى خصوصية ظروفهم الاجتماعية والنفسية وتعالج قضاياهم، فضلاً عن العمل على تشجيع الاحتضان بشرط الإرضاع بأسلوب يحقق الهدف المنشود بتربية الطفل فى بيئة صالحة عن طريق حسن اختيار الأسرة الحاضنة، التى تتوفر فيها الشروط اللازمة مع حسن المتابعة، وتعطى المؤسسة أسلوب الاحتضان الأولوية على أساليب الرعاية الأخرى، بالإضافة إلى تشجيع الأسر المصرية على إرضاعهم حتى يكون لهم أقارب بالرضاعة.
 
ولإن المشكلة لا تتعلق بمصر فقط، فللمؤسسة فروع أخرى في عدد من الدول العربية، منها المملكة العربية السعودية، ويقول علي جرار، الرئيس التنفيذي للمؤسسة، أن نشاطهم في السعودية كلل بالنجاح، واصبح التقديم على الكفالة حاليا من خلال موقع المؤسسة مباشرة، ويتم التقييم تبعا لمعايير محددة مسبقا من الحكومة السعودية، و تتم الموافقة او الرفض تبعا للمعيار الرقمي دون تدخل بشري.
 
من واقع التجربة التي تقوم بها مؤسسة الوداد في هذا الموضوع، يمكن الخروج بعدة ملاحظات وتوصيات أيضاً مرتبطة بإجراءات احتضان الأطفال داخل الأسر، منها أن تكون الاجراءات موحدة وواضحة في أقسام الشرطة بخصوص التعامل مع الأطفال المعثور عليهم، وأن تكون هناك معايير لتصنيف دور الرعاية تبعا لتقييم الأداء، وأن تكون الدور متخصصة تبعا للفئة العمرية للأطفال التي ترعاها، على أن تكون هناك خطط زمنية لإدماج هؤلاء الأطفال في المجتمع، وأن يكون ميعاد انعقاد لجنة اختيار الأطفال ثابتا ويكون كل شهر وليس أكثر حتى نسرع في دمج هؤلاء الأطفال داخل أسرهم.
 
ومن ناحية التوعية المجتمعية فيجب أن تكون التوعية على 3 مراحل تبعا لما يقوله علي جرير، مرحلة ما قبل ايجاد الطفل من خلال التوعية المجتمعية عن الحمل خارج الشرع، ومن خلال برامج تدعم الاسر الفقيرة، وعند الولادة بحيث نجد حلولا للولادة الامنة ولا يتم القاء الأطفال في الشارع، واخيرا عن طريق تشجيع نظام الكفالة المنزلية وفيه تصبح دور الرعاية وسيط للأسر الكافلة.
 
قال رسول الله (ص) : " أنا و كافل اليتيم كهاتين في الجنة"، وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق