الإمام الشعراوي.. جدل من قبره

السبت، 23 نوفمبر 2019 07:00 م
الإمام الشعراوي.. جدل من قبره
محمد متولي الشعراوي
عنتر عبد اللطيف

 
حالة من الجدل أثيرت خلال الفترة الماضية حول الشيخ الشعراوى، الملقب بإمام القرن العشرين، بعد أن تعرض لسيل من الهجوم غير المبرر من بعض الشخصيات، بل إن البعض حاول تقليده من باب الشهرة، متناسين أن «الشعراوى» أصل لا صورة له، ولعل ذلك هو ما دفع البعض إلى مطالبة المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء ومجمع البحوث الإسلامية وهيئة كبار العلماء والمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بإصدار بيان شديد اللهجة برفض النيل من مقام «الشعراوى»، فى ظل سعى البعض لتحقيق مكاسب عبر بث محتوى غير هادف عبر وسائل التواصل الاجتماعى، كنوع من التجارة في الدين يقوم بها بعض ممن يزعمون قدرتهم على الدعوة الإسلامية، رغم عدم حصولهم على إجازة بذلك من الأزهر الشريف، وهو ما كشفته مقاطع عديدة لفيديوهات متداولة على «السوشيال ميديا».
 
ما بين الاتفاق والاختلاف على شخصية الإمام الراحل محمد متولى الشعراوى، يظل الرجل علامة وظاهرة فى تفسير القرآن الكريم بأسلوب سهل وجديد خطب قلوب السامعين، وجعل الكثيرين يلتفون حول التليفزيون ليستمعوا لخواطره خاصة فى شهر مضان الكريم، وما زالت برامجه- حتى بعد مرور سنوات على وفاته- إحدى علامات الشهر الفضيل.
 
الأمام «محمد متولى الشعراوى» ليس منزها عن الخطأ، يؤخذ منه ويرد عليه، إلا أن حياة الرجل حفلت بالعديد من المواقف التى تحسب له من قبيل إنه لم يسع لمنصب أو جاه، فضلا عن وقوفه وراء الالتزام الدينى للعديد من المشاهير والفنانين، فلماذا يهيل البعض التراب على إنجازات الإمام الجليل؟! والذى يصعب تقليده فهو «أصل لا صورة»، ترسخ فى أذهان محبيه ومريديه، فلماذا لا ننتقده دون أن نتطاول عليه؟! خاصة أنه فى ذمة الله ولن يستطيع الرد على سخافات البعض  فيما يكتفى أنصاره بترديد قول الله تعالى فى محكم آياته: «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ» «الحج- 38».
 
لسنا هنا فى معرض الدفاع عن الشيخ «الشعراوى» أو الإشادة به لكننا سنعرض جميع الآراء ما بين معارض ومؤيد لمواقف الإمام الراحل، ولن نتطرق إلى بذاءات من حاولوا ركوب قطار الشهرة السريع على حساب الإمام الراحل.
 
الداعية الإسلامى الحبيب على الجفرى، تطرق إلى الفتاوى التى يتخذها متنقدو الشيخ الشعراوى ذريعة للهجوم عليه قائلا: إن الفتاوى التى تم حشدها للشيخ محمد متولى الشعراوى تأتى على نوعين، نوع اجتزئ من سياقه ويحتاج إلى الاستماع لما قبله وما بعده، لافتا إلى أنه استمع لهذه الفتاوى ووجد أن الكلام على خلاف ما روج له.
 
تابع «الجفرى» عقب الجدل الذى أثارته الإعلامية أسما شريف منير، بعدما وصفت بعض أفكار الشيخ الراحل محمد متولى الشعراوى بالتطرف خلال مداخلة هاتفية لـ«الجفرى» بإحدى الفضائيات، أن النوع الثانى من فتوى الإمام الشعراوى هى فتاوى مبنية على آراء تتناسب مع مراحل معينة وثقافة عصر معين يجب إعادة النظر فيها.
 
وأكد أنه وفقا لهذه الرؤية يجب أن يتم تناول الأمر لأننا لا نعتقد «العصمة» فى الأشخاص، «فمثلا الذى ينكر وجود الصلاة كافر، لأنه أنكر معلوما من الدين بالضرورة، لكن ما الذى يترتب على كفره؟ هل نقتله؟ لا، إذن فيحاسبه الله.
 
وأضاف: «أما بالنسبة للغاضبين، فأنا أشجعكم على الغيرة على المقدسات، ثم الغيرة على العلماء ورموزنا، وهم غير مقدسين، وقيامكم برصد كل انتهاك وكل تعدٍ هذا مطلوب، ومن الذكاء الفطرى المصرى إنه كلما جاءت حملة على الشيخ الشعراوى تجد صوره على الباصات والمحلات وعربات الفول، وهو رد عفوى، ولكن لا ينبغى ألا تكون الغيرة على الحق بما يجاوز الحق بالسب والشتم بالطعن فى أعراض الناس والإساءة، لافتا إلى أنه إذا أراد أحد أن يثبت أنه مع الشيخ الشعراوى فيجب أن يتعامل بأخلاق الشعراوى.
 
يروى المحبون للشيخ الشعراوى عدة كرامات له من قبيل إنه رأى بعض الأحداث الإسلامية الكبرى فى المنام، كما رأى الأنبياء عليهم السلام، حيث يروى عبدالرحمن البياضى مدير المجمع الخيرى موقفين للشيخ حدثا أمامه، قائلا عن الموقف الأول: إن الشيخ الشعراوى قال فى وجود عدد من الأشخاص ومازال بعضهم أحياء «والله الذى لا إله إلا هو لقد رأيت الأنبياء بترتيب نزولهم، ثم بدأ فى وصف رسل الله تعالى.. إبراهيم وموسى وعيسى وصفا  دقيقا.
 
أما عن الموقف الثانى، فوفق تصريحات له، فإن «الشعراوى» قال بعد الفراغ من تراويح أحد أيام رمضان: ربنا أرانى الجنة وأرانى الولدان المخلدين وأتمنى إنجاب أطفال يرتدون نفس ملابسهم، ولم يكمل الإمام باقى كلامه بعد دخول أحد الأشخاص إلى المجلس ولم يكمل فى أى وقت تال.
 
كما أن الشيخ «الشعراوى» قبل أن يبدأ فى تفسير آيات من سورة الأحزاب قال لمن حوله من المستمعين الجالسين بالمسجد أنه رأى فى المنام وقائع وتفاصيل ما حدث فى غزوة الأحزاب كاملة، وأكمل الله نقصه فى الحلقة السابقة حين تحدث عن الغزوة.
 
وفق مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل للشيخ «الشعراوى»، فقد ذكر ثلاثة مواقف رآها فى الغزوة الأول قصة حذيفة الذى أمره رسول الله بالذهاب إلى معسكر الكفار وتحسس أخبارهم، والثانى قصة النزال الشهير بين فارس قريش، عمرو بن ود، الذى كان يقدر بألف فارس، والإمامعلى بن أبى طالب، كرم الله وجهه، الذى انتفض لمواجهة بطل قريش بعد تحديه للمسلمين بقوله «هل من مبارز؟»، ورغم منع النبى صلى الله عليه وسلم للإمام على مرتين من مواجهة عمرو بن ود، إلا أنه فى الثالثة أعطى عليا  سيفه «ذو الفقار»، لمبارزة «ابن ود» وتمكن الإمام على، كرم الله وجهه، من قتله.
 
ويروى رجل الأعمال حسن راتب جانبا من «كرامات الشيخ الشعراوى» فى مقال له بالاسم ذاته، قائلا: كان فضيلة الإمام الشعراوى، علما يتميز بين المكتسب والموهوب، والمكتسب يأتى من الاجتهاد، والموهوب يأتى من المنة والعطاء الربانى ونتاج التقرب والتقوى: «اتقوا الله ويعلمكم الله»، ‏فكان الإمام يجمع بين العلمين، المكتسب والموهوب، ويجمع بين الشريعة والحقيقة، ويحلق بروحه ويسمو بها، ويحيا واقعه بكل معطياته، فهو عالم ومفكر، قيادة وقدوة، ناسك ومجتهد، عشت معه ‏ردحا من الزمان أقرب ما أكون إليه، الجار بالجنب، أفطر كل يوم فى صحبته وأعيش فى معيته، أنهل من وعاء الخيرات ومعين الحب الإلهى الذى لا ينفد.‏
 
كانت له مواقف حاسمة، أذكر منها على سبيل المثال، أن الله أفاض عليه بالرؤية الصالحة، وكان صاحب حظ وفير لها ومنها، أن متعه الله بالنظر إلى محيا وجه خليل الله إبراهيم فى أحداث نقل ‏مقامه.‏
 
ففى أثناء وجوده بمكة رحمه الله كان سببا فى عدم نقل المقام، بعد أن كان خادم الحرمين الشريفين على وشك حضور الاحتفال، ولكنهم أبقوا عليه وقرروا عدم نقله بعد المذكرة التى أرسلها الشيخ، ‏فمن الله عليه بعدها برؤية سيدنا إبراهيم، فإن الحسابات والنظريات العقلية تتوقف ولا يكون لمناقشتها معنى إذا نظرنا إلى حياته، لأنها حافلة بالأسرار العالية لما وصل إليه من قمة بين أقرانه من ‏التفوق والرقى والغوص فى أسرار الله الكونية.‏

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق