في عيد ميلاده الـ 72.. حكايات داوود عبد السيد فيلسوف السينما صائد الجوائز

السبت، 23 نوفمبر 2019 06:25 م
في عيد ميلاده الـ 72.. حكايات داوود عبد السيد فيلسوف السينما صائد الجوائز
محمد أبو ليلة

هو أحد أشهر مخرجي النصف الثاني من القرن العشرين بدأ حياته العملية بالعمل كمساعد مخرج في بعض الأفلام، أهمها فيلم الأرض ليوسف شاهين، والرجل الذي فقد ظله لكمال الشيخ، وأوهام الحب لممدوح شكري، إنه المخرج المصري داوود عبد السيد الذي وُلد في مثل هذا اليوم الـ 23 نوفمبر من عام 1946

"لم أحب مهنة المساعد، كنت تعساً جداً وزهقان أوي.. لم أحبها، إنها تتطلب تركيزاً أفتقده.. أنا غير قادر على التركيز إلا فيما يهمني جداً.. عدا ذلك، ليس لدي أي تركيز".. كان هذا رأي داوود عبد السيد عندما توقف عن مهنة مساعد مخرج ليفتح لنفسه أفاقاً أخرى نحو الإبداع.

قرر عبد السيد أن يحمل الكاميرا وينطلق بها في شوارع القاهرة وأن يصنع أفلاماً تسجيلية اجتماعية؛ أهمها "وصية رجل حكيم في شؤون القرية والتعليم" 1976، "العمل في الحقل 1979، عن الناس والأنبياء والفنانين 1980.

حققت الأفلام لعبد السيد فرصة للاحتكاك المباشر مع الناس، ومعرفة أوسع وأعمق بالمجتمع المصري بكافة طبقاته. يتحدث عبد السيد عن بداية اهتمامه وعلاقته بالسينما، فيقول: "لم يكن ضمن طموحي في الطفولة أن أصبح مخرجاً سينمائياً، ربما أردت أن أكون صحفياً.. إلا أن ما غير حياتي هو ابن خالتي، وكان يعشق مشاهدة الرسوم المتحركة، وتطور معه الأمر لشراء كاميرا، وعمل بعض المحاولات في المنزل.

داوود-عبدالسيد

بداية الطريق

وتدريجياً تعددت علاقاته بالعاملين في مجال السينما، وعن تجربته مع السينما التسجيلية، يقول "إن الفيلم التسجيلي يتيح لك حرية التجريب بدون خوف من الخسارة المادية مثلاً.. أقصد بالتجريب هو أن تعبر عن المضمون الذي لديك بصورة متحررة.. وحين تعبر فقد صار في إمكانك التجريب، ولو نجح التجريب فستكسب الثقة فيه وتجد القدرة على المزيد منه".


جوائزه

حصل عبد السيد عام 1985 على جائزة العمل الأول في مهرجان أسوان الأكاديمي عن فيلمه الصعاليك. بينما حصل فيلمه "أرض الخوف" على جائزة الهرم الفضي من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وجائزة السيناريو من مهرجان البحرين الأول. وجائزة أحسن فيلم من مهرجان جمعية الفيلم، وجائزة أحسن إخراج من مهرجان جمعية الفيلم، عام 1999.

وسميت أفلامه "الكيت كات" 1991، "أرض الخوف" 1999، و "رسائل البحر" 2010) ضمن قائمة أهم 100 فيلم عربي التي أصدرها مهرجان دبي السينمائي الدولي عام 2013. وتم تكريمه في 2018 في مهرجان الجونة السينمائي.

31t381yzil44ws0so8

فلسفته السينمائية

ويهتم عبد السيد كثيراً بشخصياته أكثر من اهتمامه بالقضية المطروحة كقضية، مقتنعاً تماماً بأن أية قضية إنما تبرز عندما تتألق الشخصية وتعبر عن أحلامها وطموحاتها بصدق. وهو بذلك لا يبحث إطلاقاً عن حكاية تقليدية، وإنما يبحث عن نماذج وحالات نمطية تعيشها شخصياته.

ثم أنه يقدم هذه الشخصيات ويتركها تعيش واقعها وتتصرف بتلقائية حتى ولو أدى ذلك إلى تصرفات لا أخلاقية، إنه يتابعها فقط، ويقدمها كما هي، لا يدينها بل ينظر إليها برحمة ويتلمس لها الأعذار والدوافع، ويتفهم حاجات النفس والجسد، عندما أكتب أفلامي أكون في حالة خاصة ولا أتدخل في تطور الشخصيات، بل أتركها كما هي، تأخذ امتدادها الطبيعي.

 

رسائل داود عبد السيد

فيلم الكيت كات

ويتميز عبد السيد بتقديم نهايات مختلفة عن التقليد في أفلامه، فبناء النهاية عنده يشكل أسلوباً خاصاً، حيث تبدو الأفلام متعددة النهايات، ففي مشهد من الكيت كات، عندما يظهر الشيخ حسني متوجهاً إلى عمق الكادر وهو يجر العربة التي تحمل جثمان عم مجاهد، يعتقد المتفرج بأن هذا المشهد، المؤثر والمليء بالحزن والأسى، هو النهاية، إلا أن عبد السيد يتجاوز كل هذا الحزن، ليدفع بنا إلى أكثر مشاهد الفيلم مرارة وسخرية، وهو مشهد حديث الشيخ حسني في الميكروفون.

وبالرغم من عبثية هذا المشهد وجماليته كنهاية طبيعية للفيلم، إلا أنه لا يحقق لعبد السيد هدفه ورؤيته، ليعود إلى يوسف بعد أن تخلص من عجزه وهو منطلق مع والده في شوارع القاهرة في مغامرة مجنونة على الدراجة، لينتهي بهما المطاف في نهر النيل، مع إشراقة الصباح الرائعة، ليخرجا بثياب مبللة تجمعهما ضحكات صافية وساخرة، معلنة انهزام اليأس والإحباط والعجز.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق