مجلس الأمن يقترب من اتخاذ القرار.. قوائم الإرهاب الأمريكية تفتح ذراعيها لاستقبال الإخوان

الأحد، 15 ديسمبر 2019 09:00 ص
مجلس الأمن يقترب من اتخاذ القرار.. قوائم الإرهاب الأمريكية تفتح ذراعيها لاستقبال الإخوان
جماعة الإخوان الإرهابية
صابر عزت

 
 
تؤمن الكثير من دول العالم بخطورة جماعة الإخوان الإرهابية على استقرار الدول، لما لها من مخططات إجرامية، فمنهم من سبق الجميع فى تفكيك الجماعة، ومنهم من تأخر، وبات موقف الولايات المتحدة الأمريكية متخبطا، إلى أن بدأت الأمور تسير فى منعطفها الصحيح.
 
باتت هناك مؤشرات لوضع الجماعة وأذرعها على قوائم الإرهاب، بعد سنوات من تحريك هذا الملف الذى تزامن مع دخول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للبيت الأبيض، لكن الأمر أصابه حالة جمود بسبب وزير خارجية ترامب السابق ريكس تيلرسون، الذى كان قريب الصلة بتنظيم الحمدين فى قطر، غير أن الأمر بات محتملا الآن، وهو ما أكده تقرير للمجلس الأطلنطى الأمريكى للدراسات، بقوله إن مجلس الأمن القومى اقترب من تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.
 
يبدو بالفعل أن جماعة الإخوان الإرهابية أصبحت على بعد خطوات من مقصلة قوائم الإرهاب فى الولايات المتحدة الأمريكية، بعد الدعوات المتزايدة لإدراجهم على «قوائم الإرهاب الأمريكية»، وهو ما سيرغم بطبيعة الحال إمارة قطر على فك ارتباطها بالجماعة خوفا من الإضرار بعلاقتها بواشنطن، أو حتى التعرض لعقوبات حال تقديم أدلة تثبت الدعم القطرى للتنظيم. وفى التقرير الذى كتبته كيرستين فونتينروز، قالت إن مبادرات إدراج الإخوان كمنظمة إرهابية خلال الإدارات الأمريكية السابقة فشلت بسبب عدم التمكن من الوصول للحد القانونى، وأوضح التقرير، أن العملية السياسية المتعلقة بتصنيف الإخوان فى مجلس الأمن القومى يقودها بشكل أساسى قسم مكافحة الإرهاب، والذى لم يصل لاتفاق فى هذا الشأن، فقام قسم الشرق الأوسط الذى لم يرض عن النتيجة بالمحاولة مجددا، وهو ما لفت انتباه قطر، لأنه حتى فى حال عدم وجود موافقة بين الوكالات، لو قرر محامو مجلس الأمن القومى أن الحدود القانونية قد استوفيت يمكن للمجلس صياغة مذكرة لتوقيع الرئاسة الذى يصنف الإخوان.
ولفت التقرير إلى أن قطر صاغت ارتباطها بالإخوان كاستراتيجية لمنع الاضطراب الداخلى وضمان بقاء النظام، فامتنعت الدوحة عن إدانة أو ملاحقة الإخوان ودعمت أحزابهم فى مناطق مثل تركيا وشرق أفريقيا مقابل امتناع الإخوان عن تحدى الحكومة القطرية.
وسيكون تصنيف الإخوان هدية لمنتقدى قطر التى ستضطر للدفاع عن ارتباطها بالإخوان، حيث سيكون النظام المصرفى فى قطر تحت المجهر ولو تم تقديم دليل على الدعم القطرى للجماعة، يمكن أن تفرض عقوبات ثانوية عليها، وسيضطر الجيش الأمريكى إلى إعادة التفكير فى وجود قاعدة العديد، ولذلك فإن تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية سيلحق ضررا بسمعة قطر ومصالحها ومواردها، بينما سيؤدى فك ارتباطها عن الجماعة إلى خروجها من خط النار.
فى ذات السياق، يقول طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية، إن الإدارة الأمريكية متقاعسة عن إدراج جماعة الإخوان ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، بالرغم من وجود مطالبات كثيرة أحبطت داخل الكونجرس خلال عامى (2015 و2017)، حيث قدمت مشاريع قوانين لإدراج الإخوان ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لكنها لم تدرج، مشيرا إلى أن هناك ملاحظات حول أداء الكونجرس فى هذه القضية. 
ولفت طارق فهمى إلى أن جلسات الاستماع داخل الكونجرس كررت كلاما غير صحيح بشأن أن جماعة الإخوان لم تمارس العنف داخل الأراضى الأمريكية، بالرغم من وجود وثائق تثبت ممارسة الإخوان للعنف فى أكثر من مكان، لكن لم يتم الإنصات إليها، وهذا نتيجة لعدم وضوح الرؤية داخل الكونجرس بشأن الجماعة واعتبارها أنها لا تمثل تهديدا مباشرا للأمن القومى الأمريكى، مشيرا إلى أن إدارة «ترامب» كان لها وجهة نظر وحاولت تحريك الموضوع أكثر من مرة لكنه أحبط داخل الكونجرس، وهناك وجهة نظر لدى دوائر صنع القرار الأمريكية بأن هناك تنظيمات فرعية منبثقة من الإخوان فى: «تونس، الجزائر، المغرب، السودان، الأردن»، ودول أخرى من الصعب تصنيفها كإرهابية.
وأوضح «فهمى»، أن هناك تحركات أمريكية لإعادة فتح الموضوع والفصل بين الجماعة المركزية للإخوان فى مصر التى من المفترض إدراجها كجماعة إرهابية، وبين التنظيمات الفرعية للجماعة فى الدول المختلفة.
ويقول هشام النجار، الخبير فى شئون الجماعات الإرهابية، إن هناك علاقات تاريخية وظيفية تؤدى مهاما كبيرة فى الشرق الأوسط بما يجعل الاستغناء عن ورقة الإسلام السياسى وخاصة الإخوان أمرا مستبعدا، مشيرا إلى أن جماعات الإسلام السياسى لعبت دورا مهما فى دعم التوجهات الأمريكية والغربية خاصة.
وأضاف «النجار»: «جماعة الإخوان ورقة من الصعب تاريخيا الاستغناء عنها لدى الأمريكان، بالإضافة إلى ذلك فإن نظرة الاستراتيجيين الغربيين تميل إلى المناورة فهم لا يريدون دعما كاملا للأنظمة الوطنية ولا يريدون فقدانا كاملا للإسلام السياسى». ويقول النائب يحيى كدوانى، إن الولايات المتحدة الأمريكية لها دور فى إنشاء تنظيمات القاعدة ودعمها فى حربها ضد الروس وكذلك «داعش، وطالبان» تم إنشاؤها بأموال «أمريكية» وكل هذه التنظيمات يتم دفعها وتوجيهها من أجهزة المخابرات للإضرار بالأمن القومى بالدول العربية وروسيا والصين.
وأشار «كدوانى»، إلى أن الإخوان هى المظلة التى نشأت من خلالها كل هذه التنظيمات، وتستخدم كورقة للضغط على دولة هنا ودولة هناك بعد الاستنفاد منها سيتم حرقها.
كانت قنوات الإرهابية، ومنابرها، إضافة إلى اللجان الإلكترونية، عملت خلال الفترة الماضية على ترويج شائعة مفادها أن إدراج جماعة الإخوان المسلمين، كجماعة إرهابية، يضر بالمسلمين، لكن ترويج الجماعة الإرهابية عبر منصاتها الإعلامية بأن تصنيفها يضر بالمسلمين، قوبل بانتقاد واسع من قبل أساتذة العلوم السياسية والنواب بالبرلمان العربى، على خلفية أن إدراج الإخوان منظمة إرهابية فى أمريكا سيمنح الفرصة أمام المؤسسات الدينية لتظهر الإسلام الحقيقى وتتبرأ من الجمعيات والمؤسسات التابعة للتنظيم الدولى.
نائب رئيس البرلمان العربى اللواء سعد الجمال، عضو مجلس النواب، قال: «لا يوجد انعكاس سلبى على المسلمين سواء فى أمريكا أو خارجها، إذا ما قررت الإدارة الأمريكية تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية، متابعا: «ليس كل المسلمين منتمين للجماعة، ومن يروج لهذا الكلام يحاول أن يثنى البيت الأبيض عن وضع الإخوان على قوائم الإرهاب»، مضيفا: «المسلمون لا يمارسون أعمال عنف وإرهاب كما يفعل الإخوان».
من جانبه شن المحلل السياسى المقيم فى أمريكا الدكتور توفيق حميد، هجوما كبيرا على جماعة الإخوان الإرهابية، قائلا إن تصنيفها جماعة إرهابية من قبل الإدارة الأمريكية، خطوة جيدة وأمر مفيد لكل المسلمين عموما فى كل الدول، مؤكدا أن إزالة الإخوان بشكل عام من الحياة، سيعطى الفرصة للإسلام المعتدل الذى يحترم حقوق الإنسان.
وعن خوف أمريكا من تصنيف جماعة الإخوان كتنظيم إرهابى، قال المحلل السياسى: «الإسلام المعتدل بعيد عن الإخوان، بعيد عن جرائمهم، والهمجية والاعتداء والقتل الذى انتهجته هذه الجماعات وعلى رأسهم جماعة الإخوان الإرهابية»، لافتا إلى أن جماعة الإخوان ليست جماعة معتدلة كما يدعى البعض، فكل كتابات سيد قطب تدعو للعنف، وأيضا الشيخ «القرضاوى» أعلنها صراحة من قبل ودعوته للعنف والقتل واضحة.
كما أكدت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، أن هناك فرقا كبيرا بين تصنيف جماعة الإخوان كجماعة إرهابية من الخارج، والذى نطالب به منذ فترة، وبين المسلمين، داعية لسرعة بيان الفرق بين هذا الدين المخترع من قبل الإخوان والجماعات الإرهابية، وبيان سماحة الدين الإسلامى، لافتة إلى ضرورة أن يصاحب خروج قرار إدراج الإخوان فى قوائم الإرهاب جهود من الأزهر والمراكز الإسلامية بالخارج لاستيضاح الفارق بين الإخوان وبين المسلمين ولحماية المسلمين بالغرب من أى تمييز أو عنصرية.
وأضافت أن الدولة صاحبة القرار أيضا عليها أن تؤكد هذا الفارق مع تصنيفها للجماعة، مشددة على أن هؤلاء الإرهابيين اخترعوا دينا غير الإسلام وساروا عليه، وما هى إلا توجهات «ظالمة» تدعى ظلما وعنوانا أنها تعبر عن الإسلام، مشددة على أنه لا بد من بذل مجهودات جبارة فى هذا الصدد من جميع القوى الوسطية المستنيرة والتحرك بالخارج، وتوضيح حقيقة الدين الإسلامى وما يعتمد عليه من استنارة وحضارة إسلامية والإيمان بحقوق الإنسان التى يمتلئ بها الإسلام.
التهديد المحتمل، الذى يتربص بجماعة الإخوان، جعل الجماعة الإرهابية تبحث عن حيل عديدة لاتباعها من أجل عرقلة مساعى اعتبارها تنظيما إرهابيا فى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما دفع الجماعة ومن خلفها - قطر - لضخ المليارات مقابل ذلك، حتى لا يتم إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية، وتعتمد على اللوبى الذى تتواصل معه قطر فى الكونجرس من أجل وقف تلك المساعى الأمريكية لمعاقبة التنظيم.
فى هذا السياق قال اللواء مجدى البسيونى، الخبير الأمنى، إن الإخوان لديهم تخوف وترقب شديد من سعى الإدارة الأمريكية لإدراجهم كمنظمة إرهابية، وهذا إذا تم سيتسبب فى أزمة كبرى فى التنظيم الإرهابى فى جميع أنحاء تواجدها فى الدول المختلفة، مؤكدا أن الإدارة الأمريكية تلعب لمصالحها ومن الممكن أنها لا تقوم بذلك، وأن تكون هذه مجرد تصريحات ولم تطبق للحصول على الدعم المادى مقابل ذلك.
وأضاف الخبير الأمنى، أن التنظيم الدولى للجماعة والدول الراعية للإرهاب وعلى رأسها قطر، ستقوم بالضغط وعرض الأموال بالمليارات مقابل عدم إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية، لافتا إلى أن الفترة المقبلة ستحدد كل ذلك، عما إذا كانت هناك نية حقيقية لدى الإدارة الأمريكية حول اتخاذ هذا القرار من عدمه، وإذا طبق بالفعل سيجعل الجماعة فى حالة ارتباك شديد ويجعلها تلجأ لحيل جديدة للهروب من هذا الأمر.
وفى سياق متصل أكد الدكتور محمود علم الدين أستاذ الإعلام، وعضو الهيئة الوطنية للصحافة، أن جماعة الإخوان الإرهابية ستقوم بالضغط على كل الأجهزة المختلفة فى أمريكا مقابل ألا يتم إدراج الجماعة كمنظمة إرهابية، وذلك من خلال شركات العلاقات العامة والدعاية.
وأضاف «علم الدين»، أن الإخوان ستسعى لتحسين صورتها ومحاولة إظهار أنها جماعة إسلامية سلمية وأنهم لا يستعملون العنف ويسعون لإقناعهم بأنهم التيار الإسلامى من خلال مراكز البحوث التابعة لهم، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان الإرهابية ستسعى من خلال وسائل الإعلام الدولية لتحسين صورتها، مؤكدا أن محاولاتهم ستفشل لأنها لا تستند لمنطق، وأن هناك جانبا كبيرا من الإدارة الأمريكية بدأ يعى أن جماعة الإخوان هى تيار عنف وليس له قواعد شعبية. من جانبه أشار طارق البشبيشى، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، إلى أن الإخوان تنفق ملايين الدولارات على بعض مراكز صنع القرار فى الولايات المتحدة الأمريكية ويستميتون فى محاولة عرقلة خروج قرار اعتبارها تنظيما إرهابيا للنور، لافتا إلى أن الإخوان يدركون تأثير القرار عليهم وعلى أنشطتهم حول العالم، خاصة فى الغرب وأمريكا، لافتا إلى أن محور الشر الذى يشكله كل من قطر وتركيا وإيران يحاولون بكل الطرق منع صدور القرار، وكل منهم يضغط بأوراقه بكل قوة أبرزها ورقة الأموال والرشاوى.
ومنذ دخول «ترامب» البيت الأبيض، شهد ملف تصنيف الإخوان على قوائم الإرهاب محاولات لعرقلته رغم قناعة الرئيس الأمريكى بضرورة تصنيف الجماعة على قوائم الإرهاب، وفى وقت سابق، كشف ستيفان جوركا، مستشار «ترامب» للشئون الأمنية، والذى استقال من منصبه فى العام الأول للرئيس الأمريكى داخل البيت الأبيض، أن إدارة ترامب عانت فى أيامها الأولى من «اختراق من الموالين لجماعة الإخوان»، قائلا: «أجندة الرئيس تمت عرقلتها من قبل (تيار من البيروقراطيين الحكوميين) وبعض المعينين السياسيين المعارضين للسياسات الصارمة فى مكافحة الإرهاب».
وقال «جوركا»، فى حوار سابق قبل أكثر من عامين: «عانينا داخل الإدارة من تحولنا إلى الجمود (البيروقراطى) بسبب أولئك الذين يتعاطفون مع جماعة الإخوان وأفرادها داخل الإدارة»، مشيرا إلى أن المؤمنين الحقيقيين بأجندة «ترامب» تمت الإطاحة بهم تدريجيا من مجلس الأمن القومى والبيت الأبيض.
وألمح «جوركا»، حينها إلى وزير الخارجية الأمريكى السابق ريكس تيلرسون، وحذر من عرقلة جهود «ترامب» فى التصدى للتنظيمات المتطرفة وفى مقدمتها جماعة الإخوان، مشيرا إلى أن معركة التصدى لعملاء قطر والجماعة داخل الوكالات الحكومية والكونجرس والإعلام الأمريكى، فاصلة وستحدد مستقبل واشنطن والمنطقة بأسرها، معتبرا أن الإخوان «الجد الأكبر» لجميع التشكيلات الإرهابية حول العالم.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق