لإحباط حملة عزلة.. خطة ترامب لتعميق الانقسام بين الديمقراطيين

الجمعة، 20 ديسمبر 2019 01:00 م
لإحباط حملة عزلة.. خطة ترامب لتعميق الانقسام بين الديمقراطيين
ترامب

يبدو أن إجماع أعضاء مجلس النواب، ذو الأغلبية الديمقراطية، من الحزب الجمهورى، على رفض لائحة الاتهامات التى يواجهها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وبالتالى الدعوة إلى عزله، أشعرته بالقوة فى مواجهة خصومه، فى مرحلة تبدو حساسة للغاية.
 
ليس هذا فقط فيما يتعلق بمستقبله السياسى، ولكن فى مستقبل السياسة الأمريكية بشكل عام، فى ظل حالة التوحد بين الجمهوريين، فى الوقت الذى يواجه فيه الحزب الديمقراطى انقساما غير مسبوق، فى المرحلة الراهنة، لا تقتصر فى مداها على مسألة مساءلة الرئيس، وإنما تمتد إلى العديد من القضايا الأخرى، وعلى رأسها كيفية إدارة الحزب، واستئثار القادة التقليديين بمقاليد الأمور فى داخله، على حساب أصحاب الفكر الجديد، والذين يلقون دعما كبيرا خاصة بين جيل الشباب.
 
 
ولعل مسألة التوحد الجمهورى كانت مصدرا لتباهى الرئيس ترامب، والذى لفت إلى أن 100% من الجمهوريين داخل مجلس النواب صوتوا ضد اللائحة، مؤكدا أن حالة الاتحاد بين أنصار الحزب الجمهورى تبدو غير مسبوقة، وهو ما يمثل إشارة بانتصار صغير فى معركة كبيرة، مازالت لم تنته بعد.
 
يأتى ذلك فى ظل شراسة الحملة التى تستهدفه بقيادة رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى، والتى بدأت منذ اليوم الأول لانتخابة رئيسا للولايات المتحدة فى عام 2016، على حساب غريمته آنذاك هيلارى كلينتون، عبر حشد التظاهرات تارة، والحديث عن دور أجنبى، وتحديدا روسى، لدعم ترامب انتخابيا تارة أخرى، وانتهاءً باتهامه بالتورط فى استدعاء التدخل الأجنبى فى الانتخابات المقبلة، والمقررة فى نوفمبر من العام المقبل، على خلفية اتصال هاتفى مع نظيره الأوكرانى فلاديمير زيلنيسكى، حول تورط نجل نائب الرئيس الأمريكى السابق جو بايدن، وهو المرشح الأوفر حظا لمواجهته فى الجولة النهائية من انتخابات الرئاسة المقبلة، فى أعمال فساد.

تعميم نموذج فان درو.. ترامب يسعى لتعميق انقسام الديمقراطيين

إلا أن خطة ترامب فى التعامل مع الحملة، التى تقودها رئيسة مجلس النواب نانسى بيلوسى، لا تقتصر على وحدة صفوف الجمهوريين، والتى يتباهى بها، فى ظل نجاحه فى إعادة هيكلة الحزب الذى ينتمى إليه، عبر تنقيته من العناصر المناوئة له، وإنما تحمل مسارا أخر يقوم فى الأساس على تعميق الانقسام فى معسكر الديمقراطيين، وهو ما بدا فى الاحتفاء الكبير بقرار النائب الديمقراطى جيف فان درو، والذى أعلن انشقاقه عن الحزب، حيث لم يكتفى ترامب بالترحيب بقراره عبر "تويتر" كما جرت العادة، وإنما حرص على استقباله فى البيت الأبيض، لتهنئته، إعلان انضمامه للحزب الجمهورى، بل والتعهد بتقديم الدعم له فى الانتخابات بولاية نيوجيرسى.
 
وهنا يمكننا القول أن الرئيس ترامب سعى إلى استخدام حالة فان درو، لتحفيز أقرانه، ليس فقط المعترضين على عزله، ولكن أيضا المناوئين لقيادات الحزب، على اتخاذ الخطوة نفسها، فى محاولة لنشر عدوى الانشقاقات بين خصومه، وبالتالى إضعاف شوكتهم، فى مواجهته مع احتدام المعركة فى الأشهر القادمة، وهو الأمر الذى يساهم بصورة كبيرة فى انهيار الديمقراطيين، الذين طالما سعوا إلى استهداف الرئيس الأمريكى منذ بداية حقبته، خاصة مع ضعف القاعدة الشعبية التى تتمتع بها بيلوسى، وكافة القيادات القديمة، وهو ما يبدو واضحا فى حالة الغضب التى انتابت قطاعا عريضا من شباب الديمقراطيين، جراء فوز هيلارى كلينتون على بيرنى ساندرز، فى الانتخابات التمهيدية التى سبقت المعترك الرئاسى فى 2016، حيث يبقى الأخير أملهم فى التغيير.


تمرد النشطاء.. الرئيس الأمريكى يطلق حملة لضم المزيد من الديمقراطيين
 
وتجلت حالة التمرد لدى "نشطاء" الحزب الديمقراطى، مع بداية الترشيحات فى الانتخابات التمهيدية الحالية، استعدادا لانتخابات الرئاسة 2020، حيث أبدى قطاع كبير منهم غضبه جراء ترشح جو بايدن، والذى يبقى أحد أعضاء "الحرس القديم"، وهو ما يفسر الحملات المتزامنة التى استهدفته، وأبرزها اتهام قطاع كبير من الفتيات والسيدات اللاتى تنتمين إلى الحزب الديمقراطى له بالتحرش بهن.
 
ولم يكتف الرئيس الأمريكى بتقديم الحوافز للديمقراطيين المتمردين، وإنما أطلق حملة، باسم "تحالف الديمقراطيين الداعمين لترامب"، فى خطوة من شأنها تعزيز الانقسام فى صفوف خصومه، فى المرحلة المقبلة، حيث أنه يسعى استغلال حالة الانقسام الراهنة نحو دفع القطاع المتمرد داخل الحزب المعارض له، للانضمام إلى الحملة، للمساهمة فى كسر شوكة القيادات الذين لا يروقون لهم، وبالتالى يمكنهم إعادة هيكلة الحزب فى المستقبل بالشكل الذى يرونه مناسبا.
 
فعلى صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعى، وضع ترامب شعار الحملة المذكور، لاستقطاب المزيد من الديمقراطيين إلى الفريق المؤيد له، فى ظل السياسات التى تبنتها بيلوسى، وغيرها من القادة الديمقراطيين التقليديين، لعزل الشباب، وذلك بالرغم من محاولاتها لدمجهم، عبر تقديمهم فى انتخابات التجديد النصفى الأخيرة، إلا أن ظهور مرشحى الحزب القدامى فى الانتخابات الرئاسية قوض خطوتها الإيجابية، ليجد الشباب أنفسهم منعزلين من جديد فى ظل السياسات الديمقراطية التقليدية.
 
صورة مغلوطة.. نجاح ترامب الاقتصادى أرضى قطاع من الحزب الديمقراطى

ويعد النجاح الكبير الذى حققه ترامب فى مجال القضاء على البطالة بين الأمريكيين ملموسا إلى حد كبير، وعلى رأسهم أنصار الحزب الديمقراطى، على عكس ما تروجه الصور التى ينقلها الإعلام الأمريكى، والذى يصدر دائما التظاهرات المناهضة له، واللافتات، التى دائما ما تحمل نكران لصفته الوظيفية، كرئيس للبلاد، وهو المشهد الذى لا يبدو جديدا على الإطلاق، حيث بدأ منذ بداية فترته الرئاسية، فى يناير 2017، فى محاولة صريحة سواء من الحزب الديمقراطى، أو الإعلام المناوئ للبيت الأبيض، لإضفاء انطباع غير حقيقى عن الأوضاع فى الداخل الأمريكى.
 
ففى أخر استطلاع أجراه مركز "جالوب" للأبحاث واستطلاعات الرأى، فإن حوالى 8% من الديمقراطيين المشاركين أعربوا عن امتنانهم للأداء الوظيفى للرئيس ترامب، وهم الفئة التى يستهدفها الرئيس الأمريكى، بالإضافة إلى فئات أخرى، سبق وأن خاطبهم صراحة، وعلى رأسهم اليهود الأمريكيين، والذين أكد على ضرورة موالتهم له، بعيدا عن الأجندات الحزبية، فى ظل الخدمات الجليلة التى قدمها لإسرائيل، والتى لم يسبق لأى رئيس أمريكى مضاهاتها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق