ديكتاتور تركيا يخطط لابتلاع ليبيا.. أردوغان يهدف لإنشاء قواعد عسكرية في الأراضى الليبية للحصول على بترولها

السبت، 04 يناير 2020 07:00 م
ديكتاتور تركيا يخطط لابتلاع ليبيا.. أردوغان يهدف لإنشاء قواعد عسكرية في الأراضى الليبية للحصول على بترولها
محمد الشرقاوى

 
 
«التحركات التركية فى ليبيا تنم عن أطماع فى ثرواتها، وهى تمثل خطرا على أمنها ومستقبلها»، كان هذا جزء من البيان المصرى فى اجتماع مجلس جامعة الدول العربية، الثلاثاء الماضى، على مستوى المندوبين لمناقشة التدخلات التركية فى ليبيا، مؤكدا أن التحركات التركية تنم عن أطماع معروفة فى ليبيا وثرواتها.
 
السفير علاء رشدى، مندوب مصر الدائم لدى جامعة الدول العربية، أكد على خطورة التحركات التركية فى المنطقة على أمن ومستقبل ليبيا، مؤكدا ضرورة التوصل لحل سياسى يمهد لعودة الأمن والاستقرار للدولة الشقيقة، محذرا من تداعيات ما يتردد عن إرسال قوات تركية إلى ليبيا على المنطقة، وكذلك المعلومات المتوفرة حول إرسال عناصر إرهابية ومقاتلين أجانب ينتمون إلى تنظيمات إرهابية على متن رحلات طيران إلى ليبيا، وهو الأمر الذى وافقه المندوبون، وأحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية.
وأشار رشدى، إلى حرص مصر الكامل على إنهاء الأزمة الليبية، أخذا فى الاعتبار الصلات الجغرافية والتاريخية بين البلدين، وارتباط الأمن القومى المصرى بشكل وثيق بالأمن القومى الليبى، فضلا عن التهديد الذى تفرضه حالة عدم الاستقرار وغياب الأمن وانتشار الجماعات الإرهابية فى ليبيا على الأمن القومى العربى الجماعى.
المتتبع للأمر يرى أن مؤشرات عقارب الساعة تواصل تحركها تجاه تصعيد كبير فى المنطقة، فى ظل إصرار الحكومة التركية على تمرير مشروع يتيح لها إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، وفق مذكرة أمنية تم توقيعها بين رجب طيب أردوغان وفائز السراج، رئيس الحكومة غير الشرعية - الوفاق، حيث يخطط أردوغان لإنشاء قواعد عسكرية تركية فى الأراضى الليبية.
ووقعت تركيا اتفاقين منفصلين الشهر الماضى مع حكومة الوفاق الوطنى، أحدهما بشأن التعاون الأمنى والعسكرى والآخر يتعلق بالحدود البحرية فى شرق البحر المتوسط، كما أرسلت أنقرة إمدادات عسكرية إلى حكومة الوفاق الوطنى بالرغم من الحظر الذى تفرضه الأمم المتحدة، وذلك حسبما أفاد تقرير للمنظمة الدولية اطلعت عليه «رويترز» الشهر الماضى.
ويبدو أيضا أن التحرك التركى نحو إرسال قوات عسكرية لإنقاذ حكومة الوفاق تزداد وتيرته، فالاثنين الماضى أرسلت حكومة أنقرة مشروعها إلى مجلس النواب، والذى يحظى برفض المعارضة، رغم محاولات تشاووش أوغلو وزير الخارجية التركى فى أواخر ديسمبر بالحشد لتمرير القانون.
المصالح التركية فى ليبيا
تزعم الحكومة التركية أن إرسالها لقوات وميليشيات إلى ليبيا هو لحماية مصالحها وأنها إرث أجدادها العثمانيين- وفق رجب أردوغان- لكن تبقى ماهية تلك المصالح والأطماع غائبة عن الكثير، فالمذكرة الرئاسية لمشروع القانون حول إرسال القوات قالت ذلك أيضا.
 المذكرة تقول: وجود مزاعم تدفع تركيا نحو إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا وعلى رأسها حماية المصالح الوطنية لتركيا انطلاقا من القانون الدولى واتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة ضد المخاطر الأمنية والتى مصدرها جماعات مسلحة غير شرعية فى ليبيا، والحفاظ على الأمن ضد المخاطر المحتملة الأخرى، مثل الهجرات الجماعية، وتقديم المساعدات الإنسانية التى يحتاجها الشعب الليبى، وتوفير الدعم اللازم للحكومة الشرعية فى ليبيا، كما بينت المذكرة أن تقدير زمن إرسال قوات تركية إلى ليبيا ومكان انتشارها، سيكون فى عهدة رئيس الجمهورية وفقا للمبادئ التى حددها الرئيس بشأن اتخاذ جميع أنواع التدابير للقضاء على المخاطر والتهديدات، وأن مدة التفويض ستكون لعام واحد قابل للتمديد، وفقا للمادة 92 من الدستور التركى المتعلقة بإرسال قوات عسكرية إلى دول أجنبية.
يقول مراقبون إنه بالتمعن فى حجم الأطماع التركية فى ليبيا والعوائد الهائلة التى ستعود عليها تتضح المصالح الاقتصادية التى ستحققها أنقرة من الأموال الليبية، فالدولة التى دخلت السوق الليبية للإنشاءات، عام 1972، من خلال تولى شركة STFA التركية بناء ميناء طرابلس، تمتلك مشاريع بمليارات الجنيهات. 
صحيفة «ديلى صباح» التركية، قالت فى تقرير سابق لها، إن المقاولين الأتراك امتلكوا مشاريع فى ليبيا تصل قيمتها إلى 28.9 مليار دولار، وحاولت تركيا إنقاذ تلك المشروعات بعقد مباحثات اقتصادية مع حكومة الوفاق، مكثفة، غير أن معركة طرابلس التى شنها الجيش الوطنى الليبى فى أبريل الماضى، عطلت ذلك. 
ووفق مؤرخين، فإن ليبيا تعد إلى جانب روسيا وتركمانستان والعراق وكازاخستان أكبر الأسواق أمام شركات البناء التركية التى نافستها الشركات القطرية والإماراتية والكويتية والأوزبكية فى العام 2016 ونمت على حساب حصتها، وواجه القطاع خسائر فى ليبيا (التى تشكل مع روسيا والعراق أكثر من 35% من مشروعاتها فى الخارج) بسبب الأوضاع الأمنية.
وتقول الصحيفة إنه قبل شهر من إعلان الجيش الوطنى الليبى انطلاق معركة تحرير طرابلس من الميليشيات الإرهابية المسلحة المدعومة من قطر وتركيا، اتفقت مجموعة عمل تركية ليبية لمقاولين، على استكمال المشاريع غير المنتهية للشركات التركية فى ليبيا، والتى بلغ إجمالى المبالغ مستحقة القبض لتلك الشركات مليار دولار، بالإضافة إلى 1.7 مليار دولار قيمة خطابات الاعتماد، و1.3 مليار دولار قيمة خسائر المعدات والمخزونات. 
ووقع أعضاء المجموعة على مذكرة تفاهم، لبدء محادثات بين الشركات وأرباب العمل، حيث اتفقت المجموعة على إنشاء اتفاقية خاصة بأطر العمل، لتكون بمثابة خارطة طريق للتوصل إلى حلول للمشكلات المتعلقة بالاستثمارات التركية فى ليبيا، وأضافت صحيفة «ديلى صباح» التركية أن الاجتماعات بدأت بالفعل فى أنقرة وطرابلس، إلا أن معركة تحرير طرابلس عطلت كل المشاورات، وعرقلت الأطماع التركية فى ليبيا.
وسبق وتحدث رئيس نقابة المقاولين الأتراك، مدحت ينيغن، عن حجم الأعمال التركية فى ليبيا، قائلا: «تركت شركاتنا مشاريعها مهجورة فى ليبيا واضطر 25 ألف عامل تركى للعودة إلى ديارهم، ومع ذلك استمرت الشركات التركية فى سداد مدفوعاتها بما فى ذلك عمولات التأمين وخطابات الاعتماد التى تم الحصول عليها من البنوك الليبية، وصفقات التعاقد من الباطن، ونفقات حفظ الأمن فى المواقع، والتعويضات الأخرى، والمقاولون الأتراك يواصلون سداد 50 مليون دولار سنويا مقابل خطابات الاعتماد الخاصة بهم، مما يضر بأعمالهم».
ولتعويض هذه الخسائر والحصول على استثمارات جديدة تدر مليارات الدولارات، عادت الأطماع التركية لوضع يدها على أموال وموارد ليبيا، فى محاولة لإنقاذ ما تبقى من مشروعات كانت قد وصلت ذروتها إلى ما قبل رحيل معمر القذافى فى 2011.
تركيا حصلت على النفط الليبى بثمن بخس من قبل ميليشيات الإخوان
وتختلف طبيعة المشروعات التركية فى ليبيا، حيث تتركز فى مشروعات الطاقة والكهرباء، إذ تصل إجمالى مشروعات الكهرباء وحدها إلى نحو 2.25 مليار دولار، أى ما يعادل 3 مليارات دينار ليبى بحسب تصريحات لرئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء فى ليبيا، كذلك مشروعات البناء وإعادة الإعمار، والتى تقدر وحدها بنحو 18 مليار دولار، وفق وكالة بلومبرج الأمريكية، ويقول مراقبون إن الحكومة التركية تعول على علاقتها القوية بحكومة الوفاق غير الشرعية فى تعزيز التعاون، ووضع يدها على سوق إعادة إعمار ليبيا. 
الأمر أيضا يشمل سوق النفط الليبى، حيث استطاعت أنقرة الحصول على النفط الليبى بثمن بخس من قبل ميليشيات إخوان ليبيا والموجودة فى الساحل الغربى، ويقول متخصصون فى الشأن الليبى، إن مذكرات التفاهم الأمنى والبحرى بين حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، والنظام التركى بقيادة رجب طيب أردوغان، حول السيطرة على الموارد الليبية، وبالتحديد النفط، غير شرعية.
المصالح التركية ليست اقتصادية فقط، بل هناك دوافع سياسية للتدخل، أبرزها التغطية السياسية على مساعدة تنظيم الإخوان الإرهابى فى طرابلس منذ سنوات، وهو ما أشار له الناطق باسم الحكومة الليبية المؤقتة، حاتم العريبى، الثلاثاء الماضى، قائلا: إن الدعم التركى للميليشيات المسلحة فى طرابلس وغيرها من المدن الليبية بدأ مع انطلاق الحرب على الإرهاب فى مدينة بنغازى ضمن عملية الكرامة قبل سنوات، واستمر مع إطلاق الجيش الوطنى الليبى معركة تحرير طرابلس فى أبريل.
وتخطط تركيا لمضاعفة صادراتها إلى ليبيا لتصل لـ10 مليارات دولار، حيث أعلنت جمعية رجال الأعمال والصناعيين المستقلين الأتراك «موصياد»، أن تركيا تسعى إلى رفع صادرات البلاد إلى ليبيا أكثر من 571%، لتصل إلى 10 مليارات دولار، مقابل نحو 1.49 مليار دولار فى عام 2018، وقال ممثل الجمعية لدى العاصمة الليبية طرابلس مرتضى قرنفيل، إن اتفاقية مناطق الصلاحية البحرية، المبرمة مؤخرا بين تركيا وليبيا، ستسهم فى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، بفضل انعكاس قوة العلاقات السياسية بينهما بشكل إيجابى على المجال الاقتصادى.
ويتوقع ممثل موصياد فى طرابلس، أن ترتفع قيمة الصادرات التركية إلى ليبيا بنسبة 50% لتصل إلى 3 مليارات دولار فى 2020، ويضيف: ليبيا بالنسبة لنا بمثابة البوابة المفتوحة على مصر وتونس والجزائر وأفريقيا الوسطى، وفى حال اغتنام هذا الجانب بشكل جيد، فإنه من الممكن رفع قيمة صادراتنا إليها لمستوى 10 مليارات دولار.
الجيش الوطنى الليبى حجرة عثرة فى وجه أردوغان
المؤكد أن الجيش الوطنى الليبى لعب دورا مهما فى وقف الاستنزاف التركى لليبيا، ففى يونيو الماضى ومع تزايد حدة الرفض التركى لانتصارات الجيش، واستمرار دعم ميليشيات طرابلس فى معاركها ضد الجيش بأسلحة متطورة، أمر المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطنى الليبى، بضرب السفن التركية فى المياه الإقليمية الليبية وكل الأهداف الاستراتيجية التركية على الأراضى الليبية من شركات ومقرات ومشروعات، وذلك ردا على ما وصفه - غزو تركى غاشم - تتعرض له ليبيا.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الليبى اللواء أحمد المسمارى، أن أوامر القائد العام صدرت للقوات الجوية باستهداف السفن والقوارب داخل المياه الإقليمية وللقوات البرية باستهداف كل الأهداف الاستراتيجية التركية، وتعتبر الشركات والمقرات التركية وجميع المشروعات التى تؤول للدولة التركية أهدافا مشروعة للقوات المسلحة، ردا على هذا العدوان، ويتم إيقاف جميع الرحلات من وإلى تركيا والقبض على أى تركى داخل الأراضى الليبية.
الدعم التركى للميليشيات الإرهابية دفع بالحكومة الليبية المؤقتة فى طبرق - المنبثقة عن البرلمان الليبى المنتخب – إلى الإعلان عن استبعاد جميع الشركات التركية من العمل فى ليبيا، لا سيما فى الجانب الشرقى الذى تسيطر عليه هذه الحكومة، ويعد قرار مقاطعة الشركات التركية قرارا بالغ التأثير، نظرا لضخامة حجم التبادل التجارى بين تركيا وليبيا، فقد بلغ فى العام 2014، نحو 2.3 مليار دولار وكان معظمه يمثل صادرات تركية إلى ليبيا.
فى يناير 2016 أعلنت حكومة طبرق أن القوات الجوية الليبية ستقصف أى طائرة تركية تخترق مجالها الجوى، ردا على التدخل التركى السافر فى شئون البلاد الداخلية، وإمداد الميليشيات الإرهابية بالسلاح حتى تمكنت من الانقلاب على الشرعية البرلمانية المنتخبة واستولت على العاصمة طرابلس.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق