متى تتحقق استراتيجية التنمية المستدامة حول التشجير وزراعة الغابات والنخيل في مصر؟

الأربعاء، 29 يناير 2020 12:10 م
متى تتحقق استراتيجية التنمية المستدامة حول التشجير وزراعة الغابات والنخيل في مصر؟
التنمية المستدامة زراعيا وبيئيا واقتصاديا
محمد أبو النور

يتردد مُصطلح وعِبارة الاستدامة، في العديد من المجالات بكثرة، على ألسِنة الخبراء والعلماء والمتخصصين، خاصة خلال الحديث عن الزراعة والتنمية، وتهتم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية "الفاو"، والمؤسسات والمنظمات الدولية، بتحقيق هذه الاستراتيجية، التي تعود بالخير والاستقرار، على الفِئات المُستهدفة، في دول العالم، وخاصة أقطار العالم الثالث، أو ما يُسمّى بالدول النامية.

ويمكن أن تأخذ التنمية المستدامة أشكالاً كثيرة ومُختلفة، حسب مجال عملها على أرض الواقع، فمنا مايكون حول التشجير وزراعة الغابات، ومنها مايكون حول ترشيد استخدام المياه، ومنها ما يكون دعماً للبيئة النظيفة الآمنة والصحية، وغير ذلك الكثير والكثير.

المخلفات البلستيكية فى البحار والمحيطات
المخلفات البلستيكية فى البحار والمحيطات

 

استدامة النظم الحيوية

في البداية، يشرح الدكتور محمد بدوي، أستاذ علوم الأراضي، بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة، الظروف والملابسات، الداعية لتحقيق الاستدامة بمفهومها الشامل، فيؤكد في إحدى دراساته، أنه في ظل التطورات العلمية و العالمية السريعة، والمستجدات الحديثة، التي طرأت على المجتمعات والشعوب، على اختلاف مكوناتها، يكثر الحديث عن الاستدامة، والفرد العادي، يسمع كثيراً عن هذا المصطلح، في حين أنه لا يعرف عن مفهومه وماهيته شيئاً، لذلك سنبدأ بالتعريف به، ثم الحديث عن التفاصيل الأخرى، فالاستدامة كمُصطلح، هو بيئي في الأساس، حيث يصف، كيف تبقى النظم الحيوية متنوعة ومُنتِجة مع مرور الوقت.

والاستدامة بالنسبة للبشر، هي القدرة على حفظ نوعية الحياة، التي نعيشها على المدى الطويل، وهذا بدوره يعتمد على حفظ العَالم الطبيعي، والاستخدام الواعي والمسؤول للموارد الطبيعية، حيث إن الجهل بعناصر البيئة والموارد الطبيعية، يؤدى إلى إهدارها، وهذا ما نُلاحظه كثيراً، عند الإسراف فى استعمال واستخدام المياه والكهرباء والطعام، ومايتولد عن ذلك من مخلفات صلبة وسائلة وملوثات غازية، تحتاج لمعالجتها والعناية بها إلى أموال طائلة، وهذه السلوكيات السلبية تهدر وتلوث البيئة، وتحول دون استدامة عناصرها، وهو ما يهدد البشرية بالفقر والجوع والمرض، والكوارث الطبيعية، نظراً لخرق النظام البيئى وتدهوره.

ويضيف الدكتور محمد بدوي: «لايفوتنا أهمية التربة الزراعية، والتى عكف الأجداد على استغلالها، بطرق تؤدى لتلوثها وتجريفها، وفقدان مساحات شاسعة منها يومياً، والتى من الصعب تعويضها فى ملايين السنين، وقد نجم عن ذلك السلوك السيء، غضب عارم للطبيعة، ونرى مايحدث حولنا على مستوى الكرة الأرضية، من تغيرات مناخية وحرق للغايات، كما يحدث فى غابات الأمازون بالبرازيل وفى أوربا وأستراليا، وكذلك أمطار وسيول وعواصف، وكل ذلك هو رد فعل للطبيعة، على مايقوم به البشر من قطع الغابات وإطلاق الملوثات فى البيئة، وكل هذه السلوكات الغير مسؤولة يجب تجنبها، للمحافظة على البيئة واستدامتها لنا وللأجيال القادمة، لتعزيز مفهوم استدامة البيئة».

تلوث المياه فى البحر
تلوث المياه فى البحر

 

وقد تم استخدام مصطلح الاستدامة، منذ ثمانينيات القرن العشـرين، وأول ما استُخدم بمعنى الاستدامة البشرية، على كوكب الأرض، وقد أوصلنا هذا إلى التعريف الأكثر شيوعاً للاستدامة والتنمية المستدامة، حيث عرّفته مفوضية الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في 20 مارس 1987 بقولها: "التنمية المستدامة، هي التنمية التي تفي باحتياجات الوقت الحاضر، دون المساس بقدرة الأجيال المقبلة على تلبية احتياجاتها الخاصة"، وبطبيعة الحال فإن مفهوم الاستدامة يقوم على 3 ركائز رئيسية، وهي: الاقتصاد و المجتمع و البيئة، ولتحقيق الاستدامة في أي مجتمع، لا بد من التوفيق بين هذه الركائز مجتمعة.

مفهوم الاستدامة كمصطلح بيئى

والاستدامة مصطلح بيئي، يساهم في وصف بقاء النظم الحيوية، ويشرح لنا مدى تنوعها بمرور الزمان، بينما مفهوم الاستدامة للبشر، فيعني قدرتهم على الحفاظ على نوع الحياة، التي يعيشون فيها لفترة طويلة، وهي تعتمد على حفظ العالم للموارد التي حبانا الله تعالى بها، وهذا المصطلح اتخذ نطاقاً واسعاً، حيث أنّه يتعلق بكلّ وجوه الحياه على سطح الأرض، بدايةً من المستويات المحلية ووصولاً إلى المستويات الدولية والعالمية، ومن أمثلة الأنظمة الحيوية، التي حققت مفهوم الاستدامة، المناطق الرطبة، حيث أنّ الدورات الكيميائية، تقوم على إعادة التوزيع للماء والأكسجين، وكذلك النيتروجين والكربون، في النظم الحية وغير الحية بالعالم، غير أنّ الزيادة السكانية للبشر، قد حوّلت الأمور إلى اتجاهات عكسية لمفهوم الاستدامة، ومفهوم الاستدامة بيئياً، يُطلق على تطويع التصرفات الإنسانية، من أجل التوافق مع البيئة، وعدم إهمال الحفاظ عليها.

السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى
السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى

 

وهناك تعريفات مختلفة للاستدامة البيئية، ومنها وأهمها، أن التنمية المستدامة، هي التي تلبّي احتياجات البشر في الوقت الراهن، دون المساس بما يقدر عليه الأجيال الجديدة، من أجل الوصول إلى أهدافهم، كما أنّها تركّز بدور كبير على النمو الاقتصادي المتكامل، ونتيجة لاستخدام الإنسان الكيماويات والمبيدات بكثرة، وإلقاء الفضلات الآدمية و الصناعية في المجارى المائية، فقد تلوث الماء وتسمم، وأثر بالسلب على الثروة السمكية، وعلى صحة الإنسان، وكذلك فقد تشبع الجو بالغازات والأبخرة السامة، فتلوث الهواء، وأثرت هذه الغازات على دورة الأمطار، فأصاب الجفاف العديد من بلدان العالم، ومنطقة الشرق الأوسط ودول الخليج بصفة خاصة، والضرر الأكبر نتيجة لهذا التدهور في البيئة، يقع على الإنسان في حاضره ومستقبله.

وتابع أستاذ علوم الأراضي، بمعهد بحوث الأراضى والمياه والبيئة، تحليله عن التنمية المستدامة، في الجانب البيئي منها، قائلاً: «إن سوء استغلال الإنسان لما حوله في الطبيعة، كان ولازال استغلالاً غير سليم، أثر على هذا النظام الطبيعي الدقيق، فاختل بعد أن كان متزناً، وتدهور بعد أن كان في غاية السلامة و الصحة، فاعتدى الإنسان على المساحات الخضراء، و قطع الأشجار، وهو ما أدى إلي التصحر وتدهور مساحات شاسعة من الأرض، والتي بلغ نسبتها 25 % من مساحة الأراضي، في أقل من 50 عام مضت، وكذلك فقد تأثر المناخ، فتوالت الفيضانات و السيول، وغرقت دول كثيرة، وهددها الفقر، وشتت سكانها وأضر بصحتهم».

تلوث مصادر المياه
تلوث مصادر المياه

 

التشجير وزراعة الغابات

من ناحيتها، نظّمت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، مُمثّلة في معهد بحوث البساتين، التابع لمركز البحوث الزراعية أمس الثلاثاء، ورشة عمل تحت عنوان: "استراتيجية للتنمية المستدامة حول التشجير وزراعة الغابات في مصر" وكانت تحت رعاية، السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، والدكتور محمد سليمان، رئيس مركز البحوث الزراعية، وقد ناقشت ورشة العمل، استراتيجيات زراعة الغابات في مصر، والجهود الوطنية في مكافحة التصحر، فضلاً عن التأثيرات الإيجابية والسلبية، ودور الغابات في التغيرات المناخية، فضلاً عن استعراض تجربة القطاع الخاص في إنتاج شتلات الأشجار الخشبية في مصر، وقد تم خلال ورشة العمل، استعراض الوضع الراهن لكميات مياه الصرف ومعايير المعالجة، وأماكن الاستخدام، والوضع الحالي، وتطور صناعة الورق في مصر.

زراعة النخيل وأشجار الفاكهة والغابات

وعلى هذا المنوال، شهدت مصر، خلال الربع قرن الأخير، العديد من المبادرات، منها الحكومية ومنها ما تبناه القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية، في نشر بذور التنمية المستدامة، من خلال أكثر من مشروع، منها وأهمها مشروع زراعة 10 ملايين نخلة، على حواف الترع والمصارف المائية، وعلى الطرق بالقرى والمدن، والذى بدأه المهندس وخبير الرى، جمعه طوغان منذ 15 عاماً، إلى جانب مناشدات ومطالبات، الدكتور سيد خليفة، نقيب الزراعيين، والأستاذ بمركز بحوث الصحراء، بتنفيذ مشروع قومي للتوسع في زراعة غابات المانجروف، بامتداد سواحل البحر الأحمر، على خليج السويس وجنوب سيناء، للمساهمة في زيادة الدخل القومي والإنتاج السمكي، والترويج السياحي، ومواجهة تآكل هذ السواحل، وحماية الاستثمارات السياحية، والمناطق العمرانية، بهذه الأماكن، فضلاً عن تحملها الظروف البيئية غير المناسبة، مثل ملوحة المياه والتربة والملوثات الأخرى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق