حرق أقسام شرطة ومظاهرات ضد الأمن.. لعبة «جتا المصرية» إرهابي في بيوت المصريين

السبت، 01 فبراير 2020 04:17 م
حرق أقسام شرطة ومظاهرات ضد الأمن.. لعبة «جتا المصرية» إرهابي في بيوت المصريين
جانب من لعبة فيديو جتا المصرية
تحقيق - طلال رسلان

«جتا المصرية» اللعبة المفضلة لدى الأطفال تدعو لحرق أقسام الشرطة وتنظيم تظاهرات وأعمال عنف

صاحب محل «بلايستيشن»: «الشركة طورت اللعبة قريبا لما لقوا إن المصريين هم أكتر شعب بيحمل اللعبة» 

عمرو حمزة صاحب محل إنترنت: «النسخة المصرية من جتا كانت وش الخير علينا، العيال بيحبوها جدا»

أحد المختصين فى تطوير ألعاب الفيديو: النسخة انتشرت بشكل كبير جدا بعد 2016.. وشركة روك ستار هى التى طرحتها 

اللعبة مشهورة على الإنترنت باسم «مصر الثورة مستمرة» وبها ملخص أن فريقا مصريا تعاون مع الشركة الأم فى تطوير النسخة على شكل ثورة 25 يناير 

كافيهات الإنترنت غير المرخصة فى المناطق الشعبية المكان المفضل لممارسة اللعبة لدى الأطفال
 
 
 
لم يسع أحد الشوارع الضيقة فى منطقة أرض اللواء محافظة الجيزة فرحة الطفل عبد الرحمن 11 عاما، بعدما تكللت جهوده فى المشاوير وأداء طلبات المنزل طيلة الأسبوع، ببضع جنيهات حصل عليها من والدته، بالكاد تضمن له ساعة إلا دقائق لسد شغفه فى خوض غمار حرب جديدة هو بطلها داخل إحدى ألعاب الفيديو بما أطلقوا عليه فى المنطقة «إنترنت الأصدقاء».
 
WhatsApp Image 2020-01-28 at 1.10.15 AM (7)
 
20 طفلا تراصوا، وخلفهم ضعف عددهم من الجماهير الصغيرة التى تنتظر «فرج الله القريب» بأخذ دور الحجز المسبق قبل ساعتين وربما أكثر على أحد أجهزة الكومبيوتر المتراصة داخل «إنترنت الأصدقاء»، الأبصار شاخصة إلى الشاشات، إحداها حصل عليها عبدالرحمن فى لحظة ابتسام من القدر، وحناجر تهتف من خلفه: «اقتلهم كلهم يا عبدالرحمن وخد عربية الشرطة.. ثورة ثورة حتى النصر ثورة فى كل شوارع مصر».
 
هتافات الأطفال، التى لم تتعد أعمارهم أصابع اليدين، كانت كفيلة بلفت الانتباه وتحريك سيل من الأسئلة، لماذا يهتفون أثناء لعبة محملة على الكومبيوتر؟ ما هذه اللعبة أصلا وما علاقتها بالثورة؟ ومن أين جاءت؟ ومن حملها فى هذا المكان؟ وهل هى موجودة فى هذا المكان فقط؟ أم متاحة فى كل مكان مشابه؟.
 
بضع ثوانٍ من الوقوف خلف عبدالرحمن أو أحد أقرانه المنشغلين بكامل حواسهم فى سرقة سيارات الشرطة وأعمال العنف وإسقاط النظام، حتى تقذف إلى ذهنك صورة للعبة التى طالما مارسها وكانت طفرة فى ألعاب الفيديو، الشكل والصورة والفكرة تشبه بالكامل للعبة Grand Theft Auto  (gta) المعروفة فى العالم، لكن المختلف هو أن اللعبة تشمل أماكن مصرية شهيرة مثل ميدان التحرير، وملابس أبطال اللعبة دون عليها عبارات من قبيل (الثورة مستمرة) و(كفاية) و(6 أبريل).. ما القصة إذن؟ وما علاقة لعبة «جتا» الأمريكية بمصر وأحداث الثورة؟.
 
WhatsApp Image 2020-01-28 at 1.10.15 AM (6)
 
«لا دى مش جتا الأمريكية دى المصرية، بنطحن فى الشرطة وبنقتحم الأقسام، وبنروح نعمل ثورة ونتظاهر.. أقعد بس وهتشوف المجزرة».. رد مقتضب من الطفل عبدالرحمن الذى لم يستطع ببراءته إخفاء سعادته وفخره بما يحققه من انتصار فى اللعبة التى احتلت تفكيره، ويكمل: «كلنا بنلعبها كل يوم، أنا لقيتها هنا من سنتين، بس جتا المصرية أحسن بكتير من الأجنبية، هى أحسن لعبة بعد بابجى دلوقتى».
 
صفوت محمود الشهير فى المنطقة بـ «صفوت بلايستيشن»، وصاحب «إنترنت الأصدقاء»، قال إن: «اللعبة تم تطويرها من قريب والشركة طرحت عبر موقعها نسخة مصرية: «تقريبا لما لقوا إن المصريين هم أكتر شعب بيحمل لعبة «جتا» عملوا نسخة مصرية».
 
ويضيف «صفوت بلايستيشن»، الذى لا يعرف بالضبط من أى موقع تم تحميل اللعبة: «إحنا الأول كانت اللعبة فيها صور لأماكن مصرية مشهورة زى الأهرامات، وشوارع فيها إعلانات مصرية وسيارات الشرطة المصرية، وبعد كدة لقينا نسخة جديدة فيها أحداث الثورة بكل تفاصيلها».
 
بعد البحث على الإنترنت عن هذه اللعبة، وجد أن هناك الكثير من المواقع مهمتها تحميل هذه اللعبة، التى تأخذ اسم «مصر الثورة مستمرة»، وفى أحد المواقع تعريف للعبة أنها حتا الأجنبية لكنها معدلة من فريق مصرى تعاون مع الشركة الأم، على شكل ثورة 25 يناير 2011، وظهرت النسخة المعدلة فى 2012، لكن تم تطويرها فى 2015، وتوالت عمليات التطوير إلى آخر نسخة فى 2017، وهى النسخة الأكثر انتشارا.
 
WhatsApp Image 2020-01-28 at 1.07.24 AM (1)
 
GTA..  اتهامات بتأصيل العنف والإرهاب
 
Grand Theft Auto؛ أو اختصارا  GTA؛ هى سلسلة ألعاب فيديو تم إنشاؤها فى المملكة المتحدة من قبل ديف جونز، ثم فى وقت لاحق من قبل الإخوة دان هاوزر وسام هاوزر، وتم تطوير اللعبة أساسا من قبل روكستار نورث (سابقاً دما ديسيجن) ووزعتها شركة روكستار للألعاب، تحت اسم سلسلة «جى تى إيه»، المأخوذ من مصطلح يشير إلى سرقة السيارات.
 
تجرى سلسلة اللعبة فى مواقع وهمية شبيهة بالمدن الأمريكية، وتركز اللعبة على عالم حر حيث يمكن للاعب اختيار المهمات للقيام بها، فضلا عن المشاركة فى الأنشطة الجانبية، وجميع النشاطات والأحداث التى تتم، والمغامرة، وقيادة السيارات، واكتسبت السلسلة الجدل بناءً على طبيعة المحتوى للكبار والمواضيع العنيفة التى تحتويها اللعبة، كما تركز السلسلة حول الأبطال (أبطال الرواية) الذين يحاولون الوصول لمبتغاهم من خلال ممارسة الجرائم، على الرغم من أن دوافعهم للقيام بذلك تختلف فى كل لعبة، كما أن الخصوم هم عادة الذين خانوا بطل الرواية، أو الذى لديه أكبر الأثر فى إعاقة تقدم البطل فى العبة.
 
بدأ دما ديسيجن فى تطوير اللعبة فى عام 1997، وتضم حاليا عشر ألعاب قائمة بذاتها وأربعة إضافية، وأخذت GTA 3 شهرة على نطاق واسع كما كانت هى أول لعبة فى السلسلة من طراز شكل ثلاثى الأبعاد واحتوت على كثير من المغامرات، وتعتبر علامة فارقة كان لها تأثير فيما بعد على كثير من الألعاب كاستنساخها فى كثير من الألعاب المشابهة، جميع الأجزاء اللاحقة من السلسلة كانت مصممة بناءً على هذه الفكرة الأساسية.
 
فى 12 أغسطس من العام 2012، برز اسم لعبة الفيديو Grand Theft Auto كأحد المتهمين غير المباشرين فى جريمة قتل أمريكية احتلت عناوين وسائل الإعلام العالمية، عندما توجه آدم لانزا، 21 عامًا إلى مدرسة ساندى هوك الابتدائية، وقتل 26 شخصًا، وفى التحقيقات عثر المحقق مايكل ميدرى على جهاز لتحديد المواقع داخل منزل لانزا، وباستخراج البيانات منها وتحليلها، وجد أن لانزا كان قد ذهب لمكان الحادث تسع مرات فى أشهر سابقة من العام نفسه، وكان يظل لساعات طوال فى الموقع، وقادت البيانات مايكل إلى مركز تسوق يبعد عن منزل لانزا حوالى 20 كيلومترًا، كان معتادًا على زيارته، وسريعًا ما تعرف عليه العمال هناك وأخبروه أنه كان يأتى ليلعب لعبة «جتا» الشهيرة ضمن ألعاب أخرى، كانت أحيانًا تصل مدة لعبه إلى 10 ساعات فى الليلة الواحدة، حتى أن المدير كان يضطر لفصل اللعبة ليجبره على الرحيل.
 
ومع فحص القرص الصلب لجهازه الحاسوبى، وجدت عليه مجلات خاصة بالأسلحة، وكذلك صور لقتلة كولومبيين مثل «إيريك هاريس»، وقائمة بمكونات متفجرات TNT، وكذلك مجموعة من ألعاب التصويب والقتال مثل لعبة «Call Of duty»، ولعبة «Dead or alive»، وكذلك لعبة «Grand Theft Auto»، وفتحت هذه الجريمة أبواب جهنم على لعبة الفيديو والقتال الشهيرة مرة أخرى ضمن سلسلة من التعقُبات والمنع فى دول كثيرة (بعيدا عن الشرق الأوسط) والاتهامات بتأصيلها للعنف والإرهاب.
 
كيف ظهرت «جتا» المصرية؟ ولماذا؟
 
بضع خطوات إلى نهاية الشارع الشهير فى منطقة أرض اللواء حتى ترى أمامك «إنترنت كافيه» آخر، لن تحتاج إلى توجيه سؤال إلى المسئول عن المحال لكى تتأكد من وجود نسخة جتا المصرية، 20 جهازا من أصل 25 فى المكان يفتح الأطفال عليها لعبة «الثورة وحرب الشرطة» كما يفضل أن يطلق عليها الأطفال، تنافس بها الشعبية الكاسحة للعبة «بابجى» التى هى من ضمن ألعاب القتال أيضا، والتى زحفت إلى مجتمعات الكبار قبل الصغار فى شهور بسيطة.
 
يقول عمرو حمزة، صاحب محل إنترنت «جيمز 24»: «النسخة المصرية من جتا كانت وش الخير علينا، العيال بيحبوها جدا، وفيه كتير بيلعبها رغم إن لعبة بابجى أحلى طبعا بكتير، بس السن الصغير اتعود على جتا المصرية أسرع من الأجنبية، مش عارف هى ظهرت أمتى بس كل اللى فاكره إنها ما كنتش موجودة قبل 3 سنين مثلا، ومن فترة قريبة كان فيه تجديد للنسخة بتاعتها حدثناها ظهر فيها شغل الثورة والتظاهر والحجات دى».
 
فى نطاق منطقة أرض اللواء وصولا إلى المناطق الأكثر عشوائية فى بولاق الدكرور، تتراص «كافيهات الإنترنت» بشكلها الشعبى وراء بعضها، مكان صغير تحت الأرض أسفل منزل ستينى توضع عليه لافتة باسم غريب أو لا توضع، أغلب تلك الأماكن غير مرخص أو لا تصل له الرقابة من الأساس يستقطب راغبى تشغيل أى شيء وكل شيء مخالف أو غير مخالف، لا اعتبار للسن أو الرقابة، الاعتبار الوحيد فى جمع أكبر قدر من الجنيهات.
 
خلال جولة الساعتين، دخلنا إلى أكثر من «إنترنت كافيه شعبى»، لم تخل جميع أجهزتها من نسخة «جتا المصرية» بتفاصيل ملابس أبطالها، ومسارها الذى يستهدف قوات الأمن واقتحام أقسام الشرطة كشرط للفوز باللعبة.
 
WhatsApp Image 2020-01-28 at 1.07.24 AM (2)
 
 يقول وائل عبده المسئول عن إحداها «إن جتا النسخة المصرية لم تكن موجودة فى وقت سابق، لكن أعتقد بسبب شدة التحميل على النسخة الأجنبية من جانب المصريين، الشركة التفتت إلى عمل نسخة خصيصا للمصريين، وطبعا أنسب شكل سيكون فى الأحداث التى تلت 25 يناير، لأن اللعبة تعتمد بشكل أساسى على اقتحام الأقسام وسرقة سيارات الشرطة، والتخطيط للقيام بمظاهرات فى البلاد وهكذا».
 
ويضيف وائل عبده «طبعا الإقبال شديد جدا عليها من أول ما ظهرت، وخاصة العمر من 8 إلى 11 سنة، وما زالوا يلعبونها حتى الآن حتى بعد ظهور ألعاب مثل بابجى، لأن الأخيرة تحتاج إلى التسجيل بإيميل ورقم هاتف وإجراءات وهكذا، أما جتا المصرية فلا تحتاج إلى شىء، هى أصلا محملة على الأجهزة وبمجرد كتابتك على جوجل تحميل نسخة جتا المصرية هتظهرلك النسخة كاملة تحملها على الجهاز، وكل فترة بتظهر فيها تحديثات جديدة تنزلها أول بأول واللعبة هتشتغل معاك كويس».
 
وفقا لتعريف اللعبة بنسختها الإنجليزية عبر موقع الشركة المنتجة، فإن غراند ثفت أوتو: سان أندرياس (بالإنجليزية:Grand Theft Auto: San Andreas) هى لعبة فيديو من نوع أكشن طورت من قبل روكستار نورث ونشرت بواسطة روكستار، وهى ثالث لعبة ثلاثية الأبعاد فى سلسلة غراند ثفت أوتو وخامس إصدار أصلى لمنصة ألعاب والثامن عموما فى السلسلة، صدرت فى أكتوبر 2004 للبلاى ستيشن 2 وفى يونيو 2005 للإكس بوكس ومايكروسوفت ويندوز. وفى 2013 فى الأندرويد قد تلقت نجاحاً هائلاً على مستوى النقد والمبيعات على المنصات الثلاثة، فهى أكثر لعبة بلاى ستيشن 2 مبيعا على الإطلاق، غراند ثفت أوتو: سان أندرياس سبقتها لعبة غراند ثفت أوتو: فايس سيتى وتبعتها لعبة غراند ثفت أوتو: ليبرتى سيتى ستوريز.
 
تقع أحداث اللعبة فى ولاية سان أندرياس شبه الخيالية التى تحتوى على ثلاثة مدن رئيسية: لوس سانتوس، مبنية على مدينة لوس أنجلوس وسان فييرو مبنية على مدينة سان فرانسيسكو، ولاس فينتورس المبنية على مدينة لاس فيغاس، وتفصل بين هذه المدن مساحات شاسعة من الريف والبلدات الصغيرة، تدور قصة اللعبة حول عضو العصابة كارل جونسون (بالإنجليزية:Carl Johnson) ويلقب «CJ» الذى يعود إلى لوس سانتوس قادما من ليبرتى سيتى، بعد سماع خبر مقتل والدته، يجد CJ أصدقاءه القدامى وعائلته فى حالة فوضى، وعلى مدار اللعبة، يكشف CJ تدريجيا الحقيقة خلف مقتل والدته.
 
القصة فيها الكثير من التشابه مع فضيحة الفساد فى شرطة لوس أنجلوس فى أواخر تسعينيات القرن الماضى، واللعبة حتى تقدم محاكاة ساخرة لأحداث شغب لوس أنجلوس فى 1992.
 
من المسئول عن انتشارها؟
 
الغريب أن موقع الشركة لم يتضمن تعريفا أو مجرد إشارة إلى النسخة المصرية من اللعبة الشهيرة، أو حتى ذكر على حساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعى، رغم نجاحها فى مصر بشكل مبهر بالنسبة لألعاب الفيديو، دفعنا ذلك إلى محاولة التواصل مع الشركة المطورة عبر مواقعها لكن دون رد بشأن علاقتها بالنسخة المصرية المطورة وعلاقة الشركة الأم بها.
 
WhatsApp Image 2020-01-28 at 1.10.15 AM (2)
 
المهندس وليد إبراهيم هو أحد المختصين فى تطوير ألعاب الفيديو، والمشرف على قطاع عريض من صيانة «كافيهات الإنترنت»، أكد لـ«صوت الأمة» أن «نسخة جتا المصرية انتشرت بشكل كبير جدا بعد عام 2016، الشكل كان مبهرا للغاية، واستحالة تكون شركة عربية هى من قامت بطرحها، اللعبة متطورة فى شكلها، وإمكاناتها تناسب الشركات الأجنبية، مؤكد أن شركة روك ستار المطورة أصلا للعبة جتا بكل إصداراتها هى التى طرحت هذه النسخة، المشكلة فعلا كل اللينكات المطروحة على الإنترنت حاليا هى نسخة مضروبة من اللعبة الأصلية، كل المواقع تطرحها لضمان زيادة التحميل لديها، اللعبة أساسا نسخة طبق الأصل من جتا غراند ثفت أوتو: سان أندرياس، ولكن أضيفت لها الأماكن المصرية وجهاز الأمن المصرى وتفاصيل من المظاهرات فى مصر».
 
وأضاف «طبعا الأطفال متعلقين بيها إلى أبعد حد، لو دخلت أى سايبر هتلاقيها أساسى شغالة على الأجهزة وخاصة الأماكن الشعبية، اللعبة فيها ضرب وخناقات مع الشرطة والأمن ومطاردات وده نوع مبهر وبيستهوى السن الصغير، ومافيش رقابة على الأماكن دى وبيحملوا على الأجهزة كل الألعاب اللى بتجذب الزبون، وحتى لو فيه رقابة ما حدش يعرف خطورة اللعبة دى وإزاى بتملك عقل الطفل بدرجة عالية من العنف».
 
ظهور اللعبة وانتشارها فى مصر بشكل كبير ثم تطويرها مؤخرا لتوجيه أعمال العنف أكثر إلى قوات الأمن فى مصر دون غيرها من البلدان العربية، مع ضبابية مصدر تطويرها، وإن كانت الشركة الأمريكية هى الأقرب، فجر أسئلة أخرى من قبيل إلى ماذا تهدف اللعبة بالضبط؟ ولماذا مصر؟ وأين الرقابة من منع هذه الألعاب؟ وهل تعلم أصلا بوجود هذه اللعبة بالذات؟.
 
WhatsApp Image 2020-01-28 at 1.07.24 AM
 
داخل بيوت المصريين
 
فى رحلة البحث عن مدى انتشار هذه اللعبة، قال الطفل محمود عبدالمولى، 9 أعوام، تلميذ فى مدرسة جمال عبدالناصر الابتدائية بمنطقة الدقى: «أنا باحب لعبة جتا جدا، ولما عرفت من واحد صاحبى إن بقى منها نسخة مصرية روحت «السايبر» وجبتها على فلاشة وحملتها عندى على الكومبيوتر فى البيت، اللعبة حلوة وبنحارب فيها الشرطة وبنسرق العربيات بتاعتهم ونعمل ثورة، على فكرة كل العيال زمايلى بيلعبوها عادى».
 
التقط طاهر رأفت أحد أصدقاء الطفل محمود فى المدرسة طرف الحديث قائلا: «أيوة اللعبة عندنا كلنا، أصلها سهلة فى التحميل ومش محتاجة يكون عندك إنترنت فى البيت زى الألعاب التانية مثلا زى بابجى، بنجيبها على فلاشة وبننزلها عندنا على الأجهزة وبتشتغل وبندخل الحرب مع الشرطة وبنسرق عربياتهم، وبنروح نقف فى ميدان التحرير علشان نسقط النظام، وبتظهر قوات الشرطة تضرب فينا وتطاردنا، وبنشكل مجموعات مع بعض للفوز».
 
لم يختلف كثيرا حديث أحمد وائل الطالب فى الصف الأول الإعدادى عن أقرانه السابقين، وزاد قائلا: «عندى من 3 سنين اللعبة دى، ما كنتش باقوم من قدامها بالـ8 ساعات، أحسن حاجة إنها من غير إنترنت، أنا ما كنتش أعرف أصلا يعنى إيه مظاهرات ولاإزاى يعنى تفاصيلها غير كلام من التليفزيون والنت، بس لما لعبت جتا المصرية عرفت منها تفاصيل كتيرة، اقتحام الأقسام، وأخذ عربيات الشرطة، والتحرير، والثورة، وإزاى الأمن بيتعامل مع المتظاهرين، وحاجات كتيرة موجودة فى اللعبة».
 
واحد من كل 10 مواطنين سألناهم فى الشارع عما إذا كان يعرف «جتا النسخة المصرية»، وكانت النتيجة بالإيجاب، أحدهم الصيدلى صفوت عمران قال: «أيوة شوفت الأولاد بيلعبوها مرة بالصدفة، هم بيحملوا ألعاب من الإنترنت كل أسبوع وأنا براجعها وراهم، لكن اللعبة شدتنى لأنها نسخة واضحة جدا زى ما تكون حقيقة لسيارات الأمن المركزى المصرية وأقسام الشرطة، وأبطال اللعبة كانوا رافعين لافتات الثورة مستمرة، ومكملين، وحاجات من النوع ده، فشكيت فيها فعلا، وفضلت متابع الأولاد وهم بيلعبوها لأنها كانت شاداهم جدا جدا، فهمت لما سألتهم إنها نسخة من جتا الأجنبية بس بالمصرى وبتظهر فيها ميدان التحرير وكل الأماكن المصرية، أنا عن نفسى منعتها فى البيت تماما بعدها، حسيت إنها بتوصل رسالة معينة بالعنف ومهاجمة الشرطة والأمن بس رسالة مبطنة، وعلى فكرة اللعبة فى كل البيوت وبيلعبها كل الأطفال لأنها سهلة جدا ومش محتاجة يكون عندك إنترنت، لازم يكون فيه رقابة على الألعاب دى، يعنى إيه يسيبوها متداولة بالشكل ده؟ إزاى يعنى مافيش رقابة؟ يعنى لو حد غيرى مش بيتابع الأولاد، أكيد هتكون عندهم أفكار عدوانية تجاه الأمن والشرطة المصرية».
 
الإرهاب وألعاب الفيديو
 
وفى بحث للدكتور هانى رمزى، إخصائى طب الأطفال، قال إن هناك ألعاب فيديو تنمى العنف والإرهاب، ومنها جتا سواء النسخة المصرية أو غيرها، يقبل عليها المراهقون، وكثير من الدراسات العلمية التى تناولت هذه الظاهرة وآثارها السلبية وخاصة ازدياد الحدة والعنف فى سلوك المراهقين جراء قضاء وقت طويل أمام تلك الألعاب، وفى الأغلب تنجم زيادة الميل للعنف والسلوك العدوانى عن كثرة تعرض مخ لهؤلاء الذين يمارسون هذه الألعاب باستمرار لمشاهد العنف فيها واعتياد المخ عليها، وبالتالى يكون المخ أقل رفضا للعنف، وبالتالى يزداد السلوك العدوانى وذلك حسب دراسة أميركية سابقة.
 
أحدث الدراسات فى هذا الشأن أشارت إلى أن الأطفال والمراهقين الذين يقضون وقتا طويلا أمام ألعاب الفيديو لا يتمتعون بالتحكم والسيطرة الكاملة على النفس، فضلا عن ميلهم إلى الغش والحدة فى التعامل، وكانت الدراسة التى نشرت فى النسخة الإلكترونية من مجلة علم النفس الاجتماعى وعلم الشخصية Social Psychological and Personality Science قد أشارت إلى أن خطر هذه الألعاب يتعدى الميل إلى العنف إلى عيوب شخصية أخرى مثل الميل إلى الشراهة فى الطعام وعدم الالتزام بالقيم الأخلاقية، وأجرت هذه الدراسة التى قادها عالم أمريكى متخصص فى علم النفس بمساعدة باحثين إيطاليين وهولنديين عدة تجارب على 172 من طلبة المدارس الثانوية الإيطالية تتراوح أعمارهم بين 13 و19 عاما لتوضيح آثار ألعاب الفيديو على هؤلاء الطلبة. 
 
 
WhatsApp Image 2020-01-28 at 1.10.15 AM (5)
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق