رئيس الجهاز المركزى للإحصاء لـ«صوت الأمة»: 192 مليونا سكان مصر فى 2052

السبت، 15 فبراير 2020 12:13 م
رئيس الجهاز المركزى للإحصاء لـ«صوت الأمة»: 192 مليونا سكان مصر فى 2052
الزيادة السكانية
هبة جعفر

 

 

 
 

جاءت المولودة ياسمين ربيع، ابنة مدينة سمالوط بالمنيا، لتعلن عن وصول تعداد الشعب المصرى إلى 100 مليون نسمة، وهو ما يعد حدثا تاريخيا نظرا لضخامة الرقم مقارنة بحجم الإنتاج والنمو الاقتصادى، وهو ما جعل قضية الزيادة السكانية من أكثر القضايا التى تؤرق الدولة لتعارضها مع التنمية وخطط رفع مستوى معيشة الفرد.

كشفت الإحصاءات التى أعلنها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء عن الكثير من المفاجآت، فنجد أن محافظات الوجه القبلى وفى مقدمتها أسيوط وسوهاج وقنا تسهم بما يقارب بنحو 43% من إجمالى أعداد المواليد على مستوى جميع المحافظات، أى ما يقارب نصف مواليد الجمهورية، لافتة إلى أنه رغم تراجع معدل الزيادة الطبيعية فى أعداد السكان إلى 1.8% خلال 2019 مقابل 2.6% عام 2014، إلا أن المعدلات ما زالت مرتفعة ولا تحقق المستهدف.
من جانبه قال اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، إن خفض مستوى الخصوبة أصبح أمرا حتميا، ولا بد للدولة من إعلانها قضية أمن قومى، حيث باتت الحاجة ملحة لخفض معدلات الزيادة حتى لا نجد أنفسنا أمام كارثة سكانية بحلول عام 2050، لتضيع معها كل خطط الدولة لرفع مستوى المعيشة، مطالبا بضرورة عودة المجلس القومى للسكان ليلعب دورا قوميا مثلما حدث فى فترة السبعينيات، وساهم فى خفض مستوى النمو الطبيعى، مشيرا إلى أن الزواج المبكر أحد أهم أسباب زيادة الخصوبة لدى الإناث لزيادة فترات معدلات الإنجاب، مؤكدا أن الإحصائيات تقول إن 27% من المتزوجات أقل من 20 سنة، فضلا عن الثقافة المتوارثة لدى البعض بأن زيادة الإنجاب هى تحقيق «للعزوة والفخر»، كما أن حملات تنظيم الأسرة تواجه بالرفض من البعض لوجود معتقدات دينية برفضها وتعارضها مع الدين، الأمر الذى يلقى بالمسئولية على دور الدين لتوعية المواطن بأهمية التنظيم وعدم تعارضه مع الدين.
وأضاف رئيس الجهاز، فى تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»: لا بد من إصدار قانون للسكان يحدد مسئوليات الوزارات ودورها فى تنفيذ السياسات التى تتخذها الدولة، وتوفير الاستثمارات اللازمة للتوسع فى تصنيع وسائل تنظيم الأسرة محليا، بحيث يتم توفير وسائل منع الحمل بأسعار بسيطة فى كل الوحدات الصحية، علاوة على ضرورة تدريس المشكلة السكانية لطلاب المدارس والجامعات، مع تشكيل لجنة من كل الوزارات تكون معنية بتنفيذ توصيات الدراسة على أرض الواقع حتى لا تبقى «مركونة بالأدراج».
وأوضح رئيس الجهاز، أن تأثير الزيادة السكانية يقوم على ثلاثة محاور، أولها هى النمـو السـكانى المتزايـد نتيجـة اسـتمرار ارتفـاع معـدلات المواليـد وانخفـاض معـدلات الوفيـات وخاصـة بـين الأطفـال والرضع، وثانى هذه المحاور هو تدنى الخصائص السكانية من حيث ارتفاع نسب الأمية والتسرب من التعليم وارتفاع معدلات البطالة، وخاصة بـين الشباب، وانخفاض نسبة مساهمة الإناث فى الأنشطة الاقتصادية والحياة السياسية، أما ثالث هذه المحاور فيقوم على سوء التوزيع الجغرافى، حيث يتركز السكان فى الشريط الضيق للوادى والدلتا، ما أدى إلى ارتفاع الكثافة السكانية فى المناطق الحضرية خاصة فى المدن الكبرى بدرجة تفوق مثيلاتها فى معظم دول العالم، وقد أدى ذلك إلى خلق أعباء وضغوط كبيرة على المرافق وتلوث البيئة والزحف العمرانى على الأراضى الزراعية المحدودة وانتشار ظاهرة العشوائيات. 
من جانبه قال طارق سعد، مساعد وزيرة الصحة، إن التخطيط وتوفير البيانات عن المواليد والوفيات سيساعد فى تحديد الاحتياجات الصحية من مستشفيات وأطباء وأطقم تمريض، مشيرا إلى أن دور وزارة الصحة لا يتوقف على الميكنة فقط، بل إن الوزارة تعمل على مشروعات صحية تسهم فى الحد من الزيادة السكانية.
وأكد مساعد الوزيرة، فى تصريحات لـ«صوت الأمة»، أن توافر المعلومات يسهم بدور كبير فى السيطرة على انتشار الأمراض والأوبئة، كما أن الزيادة السكانية تؤثر بشكل سلبى على الخصائص السكانية من زيادة الأمية والبطالة وبالتالى قلة الخدمات الصحية، وهو ما تعمل الوزارة على تفاديه واستخدام التكنولوجيا لسهولة التواصل بين المستشفيات فى كل المحافظات.
وحول تأثير أزمة الزيادة السكانية خلال عشر سنوات، أى بحلول عام 2030، وأيضا خلال أربعة عقود بحلول عام 2052، على معدلات الإنتاج وسوق العمل والتعليم والصحة، فقد أوضحت دراسة عن الزيادة السكانية وتأثيرها على مستويات الإنجاب على النمو السكانى صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن النمو السكانى فى مصر من أعلى المعدلات بين دول العالم بسبب ارتفاع معدلات المواليد الناتجة عن معدلات الخصوبة المرتفعة مقارنة بانخفاض معدلات الوفيات، وقد أدى ذلك إلى وجود هرم سكانى ذى قاعدة عريضة من السكان أقل من سن العمل؛ ما يمثل عبئا على المجتمع إضافة إلى فئة كبار السن.
وتقيس الدراسة أثر الزيادة السكانية على سوق العمل، خاصة أن مصر تعانى كمعظم الدول النامية من مشكلة البطالة نتيجة لعدم التوازن بين العرض والطلب على القوى العاملة نتيجة عدة أسباب، من بينها ارتفاع معدلات النمو السكانى، ووجود فجوة بين معدلات النمو الاقتصادى المتحققة والأخرى المطلوبة لخلق مزيد من فرص العمل.
وتشير البيانات إلى أنه من المتوقع زيادة حجم القوى العاملة بمقدار نحو 56.3 مليون نسمة عام 2052، وهو ما يتطلب توفير 26.9 مليون فرصة عمل لاستيعاب أعداد السكان فى سن العمل، بينما فى حالة نجاح جهود الدولة فى خفض معدلات الإنجاب الحالية من 3.4 طفل لكل سيدة إلى 2.1 طفل لكل سيدة، فإن الزيادة فى عدد السكان فى سن العمل سيتقلص لـ50.3 مليون شخص بفارق 6 ملايين عن المعدلات المرتفعة حاليا.
وتشير الدراسة إلى أنه إذا لم تنخفض معدلات الخصوبة عن المعدلات الحالية والتى تصل إلى 3.4 طفل لكل سيدة، سيرتفع عدد السكان لـ117.9 مليون نسمة عام 2027، ثم 130.1 مليون نسمة عام 2032 وصولا لأكثر من الضعف عام 2052 ليسجل 191.3 مليون نسمة، ما سيكون له أثر بالغ على النمو الاقتصادى ومستوى المعيشة، خاصة أن معدل النمو الاقتصادى المطلوب لا بد أن يبلغ ثلاثة أضعاف معدلات النمو السكانى.
أما فى حالة السيطرة على معدلات الإنجاب الحالية وتراجعها إلى 2.1 مولود لكل سيدة، فإنه من المتوقع ارتفاع عدد السكان إلى 114.6 مليون نسمة بحلول عام 2027 ثم 123.1 مليون نسمة عام 2032، وصولا لـ153.7 مليون نسمة عام 2052.
وتتناول الدراسة أثر الزيادة السكانية على الخدمات الصحية، إذ تشير البيانات إلى أنه من المتوقع أن يرتفع عدد الأطباء المطلوب توفيرهم فى كل القطاعات الصحية إلى 257 ألف طبيب بحلول عام 2052 أى بزيادة 129 ألف طبيب لسد العجز، نتيجة للزيادة المتوقعة فى عدد السكان ولضمان استمرار الخدمات الصحية على مستواها، كما يرتفع عدد الممرضين والممرضات المطلوب توفيرهم إلى 429 ألفا، بزيادة 215 ألف فرد تمريض إضافى لتتناسب مع أعداد المرضى، إلى جانب الحاجة لمضاعفة عدد المستشفيات إلى 4 آلاف مستشفى بحلول عام 2052.
أما فى حالة السيطرة على معدلات الإنجاب الحالية وخفضها لـ2.1 بدلا من 3.4 طفل لكل سيدة، فإن الزيادة فى عدد الأطباء المطلوب توفيره سيتقلص إلى حدود 79 ألف طبيب فقط بدلا من 129 ألف طبيب إضافى، وكذلك خفض الزيادة المطلوبة فى طاقم التمريض إلى 131 ألفا بدلا من 215 ألفا، والزيادة فى عدد المستشفيات إلى 3 آلاف بدلا من 4 آلاف.
 
100
 
200
 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق