متى تنتهى أسطورة أحمد العزبى؟

الأحد، 01 مارس 2020 10:00 ص
متى تنتهى أسطورة أحمد العزبى؟
العزبى
أحمد سامي

«البنوك» تكشف صفرية حساباته والتهرب من سداد 50 مليون جنيه

محكمة الأمور المستعجلة تؤيد إسقاط عضويته من الصيادلة
 
نقيب صيادلة القاهرة: العزبى تلاعب بسوق الدواء على مدار سنوات دون عقاب رادع
 
بكلمة واحدة كتبت محكمة الأمور المستعجلة فصل النهاية فى قصة اسمها «أسطورة أحمد العزبى»، مالك سلسلة صيدليات العزبى، بإسقاط عضويته بشكل نهائى من نقابة الصيادلة فى الطعن الذى أقامه بشخصه لإلغاء القرار.
 
كما جاء حكم القضاء أيضا بمثابة الضربة القاضية على رأس «غول» محتكر الدواء، ففى الآونة الأخيرة فتحت «صوت الأمة» الملف الأسود لرئيس غرفة صناعة الدواء واستخدام علاقاته فى السيطرة على الصناعة وإدارتها لصالحه لتحقيق الملايين، دون النظر إلى حياة المرضى والمواطنين، ولم يكن الملف متعلقا فقط بصناعة الدواء بل وبالتهرب أيضا من دفع أموال الدولة والحصول على قروض دون وجود رصيد يكفيها داخل حساباته بالبنوك.
 
مع صدور أحكام قضائية نهائية بات السؤال الآن.. ما هو موقف إدارة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة من هذه الأحكام ومتى ستقوم بتنفيذها؟
 
محمد الشيخ، نقيب صيادلة القاهرة، قال فى تصريحات خاصة  لـ«صوت الأمة»، إن النقابة خاطبت التفتيش الصيدلى ومديرية الصحة بالقاهرة أكثر من مرة، ولكن لم يتم اتخاذ إجراءات فعلية فى سبيل تنفيذ الأحكام الصادرة ضد أحمد العزبى، فقد صدرت القرارات لكنها ما زالت حبرا على ورق دون تطبيق، رغم إرسال كل المستندات والأحكام القضائية الصادرة ضده، فى انتظار الحكم على كافة الصيدليات الخاصة بالعزبى والمسجلة باسمه يتم غلقها نهائيا، أما الصيدليات المسجلة بأسماء باقى الصيادلة فتغلق لمدة عام.
 
 وأضاف الشيخ، فى تصريحاته، أنه بعد تنفيذ الحكم على الصيدليات غير المسجلة باسم العزبى تتم إعادة فتحها بعد عام دون وجود لاسم العزبى، فهو لا يملك ترخيصا لفتح صيدليات، وبالتالى لا بد من إزالة علامته التجارية من جميع الصيدليات على مستوى الجمهورية، موضحا أن تنفيذ الحكم أصبح متعلقا بهيبة الدولة، فلا يمكن أن يكون العزبى فوق القانون رغم كل الأحكام القضائية الصادرة ضده وشطبه من النقابة وسجلات الوزارة، كما لا يمكن تنفيذ القانون على صغار الصيادلة، فنجد أن صيدليا بمدينة نصر صدر ضده حكم بتغريمه 50 ألف جنيه وغلق الصيدلية لمدة شهر فى اليوم التالى تم تنفيذ الحكم، فلماذا التفرقة بينهم وبين أحمد العزبى، بالرغم من أن الأخير تلاعب بسوق الدواء على مدار سنوات دون عقاب رادع.
 
 وشدد الشيخ، على ضرورة اتخاذ الإجراءات القانونية وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة ضده، موضحا أن نقابة القاهرة كانت دوما وما تزال بالمرصاد لهذه الكيانات غير القانونية مهما علا شأنها، وسوف تستمر النقابة فى مواجهة لتلك الكيانات ولن تدخر جهدا فى التحرك قضائيا ضدها، وآخرها الدعوى القضائية المقامة أمام مجلس الدولة لإلغاء نشاط إدارة الصيدليات من سجلات الشركات بهيئة الاستثمار باعتبارها الباب الخلفى لفتح السلاسل.
 
 ومن جانبه قال الدكتور ثروت حجاج، عضو النقابة العامة الصيادلة، إن المخالفات التى ارتكبها «العزبى» تستوجب الحبس إذا طبق القانون بشكله الصحيح، فالنقابة اتخذت موقفا منذ سنوات ضد العزبى بإحالته للتأديب وشطبه من سجلات النقابة وتم تأييد حكم المجلس التأديبى لعدم استئناف العزبى عليه أمام محكمة استئناف القاهرة، وبالتالى لم يعد عضوا بالنقابة ولا يجوز له الاستفادة من خدماتها، وبناء عليه تمت مخاطبة التفتيش الصيدلى بوزارة الصحة لتنفيذ الأحكام الصادرة ضده، وبالفعل تم شطبه من سجلات النقابة، وبالتالى لا يمكن له الحصول على تراخيص بفتح صيدليات أخرى.
 
وكشف حجاج، أن أصحاب السلاسل ومنهم العزبى، يتحايلون على قانون الصيادلة من خلال تأسيس شركات إدارة صيدليات وفقا لقانون الاستثمار، ولكن قانون الاستثمار لا يمنح تراخيص لفتح الصيدليات، ولكن هذه حيلة الأباطرة لمخالفة قانون الصيادلة 127 لسنة 1955، وبالتالى لا بد من غلق الصيدليتين المملوكتين للعزبى، وإزالة اسمه عن باقى الصيدليات الأخرى.
 
وأضاف عضو النقابة العامة، أن وزارة الصحة لن تتمكن من غلق كل الصيدليات لعدم توافر البيانات الخاصة بملاك الفروع، فهى مسجلة بأسماء أشخاص آخرين ويحصل على عقد من الباطن بأحقيته فى امتلاك الصيدلية، وبالتالى لا يمكن السيطرة على تغول سطوة السلاسل ما لم يتم تطبيق القانون بشكله الصحيح ووقف استغلال قانون تأسيس الشركات فى فتح الصيدليات.
 
 فيما يرى الدكتور عصام عبدالحميد، وكيل نقابة الصيادلة، أن قانون الصيادلة واضح وصريح بحكم الدستورية، حيث منح الحق للصيدلى فى إنشاء وإدارة صيدليتين، وأن إدارة صيدلى لأكثر من صيدلية تعتبر مخالفة للقانون وتقلل من فرص الصيدليات الأخرى فى ممارسة عملها بحرية وتحقيق هامش ربح، موضحا أن الصيدليات التى تتبع السلاسل بها إمكانيات أكثر وخدمات تكنولوجية، وهو ما يؤثر على الصيدليات الصغيرة، التى تعانى من أزمات خاصة فى ظل زيادة أعداد أصناف الأدوية منتهية الصلاحية، وكذلك وجود نواقص فى الأدوية، وهو ما يؤدى إلى إغلاق عدد من الصيدليات.
 
وقال وكيل النقابة، إن هناك نحو 40 سلسلة فى مصر لأسماء مختلفة، محولين للتحقيق، والدور الأساسى يقع على مديريات الصحة بالمحافظات لتنفيذ الأحكام القضائية ضد هؤلاء، وأن القضاء على السلاسل سوف يسهم فى الارتقاء بالمهنة بحيث تكون هناك عدالة فى التوزيع، احتراما للمهنة وتقاليدها وتقديم أفضل خدمة للجمهور والمرضى، مشيرا إلى أن السلاسل مبيعاتها ضخمة لما لديها من أصناف محلية من الأدوية وأخرى مستوردة دخلت مصر بشكل غير رسمى بالتهريب دون معرفة مصدرها ولا طريقة تخزينها، وبعيدا عن وزارة الصحة لفحصها، وأصبحت هناك سوق بديلة للدواء المصرى والحكومة لا تأخذ عليه ضرائب لأنه غير معلوم، ما يسبب وجود غش فى الأدوية المضروبة من الهند والصين.
 
لم تكن مخالفات أحمد العزبى، إمبراطور الاحتكار متوقفة على فتح السلاسل ونشرها كالمرض العضال فى المجتمع، ولكن أيضا التهرب من دفع حق الدولة، فقد كشفت الأحكام القضائية الصادرة ضد العزبى من محكمة الاستئناف برفض الاستشكال المقدم منه لمنع الحجز على أرصدته لتسديد الغرامة المالية الصادرة فى الحكم باتهامه بجرائم احتكار الدواء، وصدر حكم جنائى بتغريمه 500 مليون جنيه فى أول درجة وفى الاستئناف أصبحت الغرامة 50 مليون جنيه مع إدانة عدد كبير من أباطرة الدواء فى قضية احتكار الدواء رقم 447 لسنة 2018 جنح مستأنف والمقيدة برقم 1898 لسنة 2016 جنح اقتصادى.
 
وأظهرت الأحكام والمستندات أنه وقت الحجز على أرصدة العزبى أذنت محكمة استئناف القاهرة بكشف حسابات المتهم، والذى استشكل أمام محكمة الجنح الاستئنافية الاقتصادية برقم 5 لسنة 2019 ورفضت المحكمة إشكاله بحكم نهائى عندما نازع فى تنفيذ الحجز على أرصدته، وقد قدم العزبى بالقضية ما يفيد أن أرصدته تقارب الصفر، وفى تفصيلاتها وفقا للمستندات المرفقة من رئيس شعبة الدواء أنه وجد فى حساب البنك الأهلى المتحد عشرة آلاف جنيه فقط، وفى حساب العربى الأفريقى ثلاثة آلاف وأربعمائة جنيه، فقط وفى حساب «السى آى بى» ألفى جنيه ومائة أربعة وعشرين يورو وسبعة دولارات، وفى حساب شركة صيدليات العزبى وهى منشأة فردية ثمانمائة دولار وسبعين يورو وثمانية ملايين جنيه مصرى، وفى أرصدة أخرى 985 دولارا و305 يورو و685 جنيه إسترلينى.
 
وحتى الآن لم تستطع الدولة الحصول على حقها لدى «العزبى» لتسديد الغرامة المالية التى تم الحكم بها، فى قضية احتكار الدواء وهى القضية التى كشفت تلاعب العزبى بالأسواق، ورفع الأسعار، حيث اتفق العزبى وآخرون فى شهر يوليو 2013 فيما بينهم على اتباع سياسة بيع من شأنها رفع سعر الأدوية على ست فئات، الفئة الأولى أقل من 1000 جنيه فترة الأجل 75 يوما ونسبة خصم نقدى صفر%، والفئة الثانية من 1001 جنيه إلى 10000، فترة الأجل 80 يوما ونسبة الخصم النقدى 3 %، والفئة الثالثة من 10001 جنيه إلى 20000 جنيه، الأجل 85 يوما، ونسبة الخصم النقدى 3.25 %، والفئة الرابعة من 20001 جنيه إلى 30000، فترة الأجل 90 يوما، ونسبة الخصم 3.5 %، والفئة الخامسة من 30001 جنيه إلى 40000، فترة الأجل 95 يوما، ونسبة الخصم النقدى 3.75، والفئة السادسة أكثر من 40001 جنيه فترة الأجل 100 يوم، ونسبة الخصم النقدى 4 %.
 
كان جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية عثر على اتفاق مكتوب فى عام 2014 بين 5 شركات، وهى «مالتى فارما للأدوية والكيماويات»، و«ابن سينا فارما»، وشركة «رامكو فارما»، و«الشرق الأوسط للكيماويات»، و«شركة المتحدة للصيادلة»، على توحيد السياسات البيعية والتسويقية المتمثلة لها، وتقليص فترات الائتمان الممنوحة للصيدليات من الشركات أطراف الاتفاق على السداد الآجل لقيمة مشترياتها، وطبقا لهذا الاتفاق، فإذا كانت قيمة المشتريات للصيدلى أقل من 1000 جنيه فلا توجد أى مميزات خصم لصالحه.
 
وجاء الحكم النهائى بأن المتهمين حققوا منافع اقتصادية لا يمكن حصرها، فضلا عن تجنبهم احتمالات الخسارة إذا ما أخضعوا لقانون العرض والطلب والسوق الحرة دونما تنظيم مسبق، وأن المتهمين رفعوا تكلفة حصول الصيدلى على منتجات الدواء، وإن لم يتأثر سعر الدواء النهائى على المستهلك بسبب تسعيره جبريا.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق