كلنا وراكي يا هالة

الأحد، 01 مارس 2020 11:44 م
كلنا وراكي يا هالة
مصطفى الجمل

 
لا خلاف على أن الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة، تعتلي قائمة الوزراء الأكثر إثارة للجدل بصمتها حيناً وبتصريحاتها أحيان أخرى، كانت البداية من إلزام المستشفيات بتحية العلم، وحتى هذه اللحظة لاتزال تصريحاتها تثير ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي، لا مثيل لها، وللحق أن هذا الأمر لا تسأل عنه الوزيرة بمفردها، فلديها فريق عمل إعلامي يستحق وعن جدارة جائزة الأسوأ في تاريخ الحكومات المصرية، وليست الحكومة الحالية فقط، ولكن يبقى السؤال.. هل قصرت الوزيرة وتخاذلت في تعاملها مع أزمة فيروس كورونا الذي ضرب العالم كله.. ولم يعد هناك ما تخجل منه أي دولة لإخفاء ما تضمه حدودها من حاملين للفيروس؟ 
 
ما أراه منصفاً، أن الوزيرة تحركت بشكل سريع، وترأست بنفسها أكثر من فريق عمل شكلته بنفسها لمتابعة الحالة، ووضع الاستراتيجيات الاحترازية، وسافرت من القاهرة لمطروح ثم عادت، ثم سافرت، وظلت في جولات مكوكية، للاطمئنان على نتائج الحالات المشتبه فيها، ولم يكن في إمكانها أفضل ما قدمته إزاء هذه الأزمة، فلماذا لازالت السيدة الفاضلة محط تشكيك من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وغيرهم من المتابعيين العاديين بالشارع المصري؟. 
 
يبدو أن الأمر له علاقة بأن الانطباع الأول يدوم، ولازال المصريون يحملون للوزيرة انطباعات ليست جيدة على الإطلاق، ولكن الإنصاف والظرف التاريخي الذي يمر به العالم كله، يقتضي أن نقول لها ونحن كنا أول من هاجمها على القصور الظاهر للمبصر والكفيف في العديد من الملفات المسئولة عنها: «شكراً يا دكتورة هالة».
 
قبل ساعات من الآن، جمعت الدكتورة هالة صحفيي مصر المسئولين عن تغطية الملف الصحي، وأطلعتهم على آخر المستجدات، قبل سفرها إلى معقل المرض المفزع – الصين-، لم تبد الدكتورة هالة أي مبررات لسفرها – وهي غير مضطرة لذلك أبداً – إلا أنه تبقى إشارات لا يلتقطها إلا كل لبيب، ليس له مصلحة في تشويه كل ما هو حسن وجيد. 
 
تعالى تخيل معي المشهد الآن بعيداً عن شوشرة مواقع التواصل الاجتماعي، مصر توفد مسئول بارز في حكومتها لمساندة الصين في أزمتها ونكبتها، والتي تسببت في تعرضها لعزلة دولية، فبات العالم يعاملها وكأنها قرد أجرب سيعدي كل من يقترب منه. 
 
مردود ذلك بعد تعافي الصين من مصيبتها، وهي مؤكد ستتعافى مهما مر الزمن ومهما تكبدت من خسائر، وسيبقى فقط في ذاكرتها من ساند ودعم وقدم يد العون، ومن ابعتد ونفر وقال : «نفسي ومن بعدي الطوفان». 
 
سفر وزيرة الصحة إلى الصين في هذا التوقيت، رسالة إنسانية وسياسية واقتصادية، لن ينساها الصينيون حتى هلاكهم، رسالة تدفع للحق وحدها هالة زايد ثمنها، من اسمها الذي بات مادة خام للسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وصورتها التي لا تغيب عن عينك طوال تواجدك على صفحات الواقع الافتراضي، وصحتها التي تخاطر بها، وقلق أهلها عليها وهم يعرفون أنها قد تعود محملة بمرض يبقيها لفترة بعيدة عنهم. 
 
مهمة هالة هذه المرة، مهمة وطنية من طراز فريد، مهمة لا يجوز معها سوى إبداء التعاطف والتأييد والعرفان لها ولجهدها، وتحملها ما لا يتحمله أحد، والدعاء لها حتى العودة سالمة، واستقبالها بعد عودتها استقبال الفاتحين – قطعاً بعد اجراء ما هو معتاد من إجراءات كشف طبي على العائدين من أي سفر دولي -، فتستحق وزيرة الصحة الآن منا أن ترى وهي في مهمتها أننا كلنا على لسان رجل واحد نقول لها: «كلنا وراكي يا هالة».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة