جبنة وتوم وبصل وعيش ناشف.. روشتة «فاطمة تعلبة» لإيقاف زحف كورونا (فيديو)

الإثنين، 16 مارس 2020 06:40 م
 جبنة وتوم وبصل وعيش ناشف.. روشتة «فاطمة تعلبة» لإيقاف زحف كورونا (فيديو)
مصطفى الجمل

قبل 24 عاماً من الآن، صاغ مؤلف الأغاني المخضرم أيمن بهجت قمر كلمات ظلت لسنوات طويلة تشكل وجدان المصريين، ولا سيما بعدما اقترنت بواحد من أهم الأعمال الدرامية في تاريخ الفن المصري، «الوتد».

قال أيمن بهجت قمر وكأنه يتحدث عن مصر:  «عاشت سنين كانت وتد.. والظهر مفرود للعلا ولا انحنى.. متكسرتش من الزمن.. متاثرتش من الهدد».. الكلمات التي لحنها بعبقرية الموسيقار محمود طلعت في مقدمة مسلسل الوتد، تعلق بها المصريون لسنوات طويلة، ومع تطور الزمن وظهور عصر الانفتاح والتطور التكنولوجي الزائد توارت هذه الكلمات قليلة، وتُخيلَ أنها باتت في طي النسيان، حتى جاءت الغمة، وحلت على مصر أزمات استدعت من النوستاليجا مقدمة الوتد ونهايتها وغيرها من تترات الأعمال الفنية التي لن يلحقها الفناء ولو بعد قرون.  

خلال الساعات الماضية، لم يستدع المصريون من قصة «الوتد» فقط كلمات أغانيه الملهمة والمحفزة على الصبر والترابط والتكاتف من أجل عبور أزمة تفشي جائحة كوورنا، بل امتد إلى انتزاع دستور ومنهج مواجهة الفيروس اللعين من قلب المسلسل.

في باحة منزل الحاج فاطمة تعلبة، وقفت كالجبل الراسي، وجمعت حولها أولادها وراحت تلقنهم الدرس كما تعلمته.

لم تتخرج فاطمة تعلبة في السوربون ولم تشغل يوماً منصباً في وزارة الصحة المصرية، ولم تطلب الاستفادة من خبراتها قطعاً منظمة الصحة العالمية، ولكنها الفطرة التي فطرها الله عليها، الفطرة التي ألهمتها أن أفضل حل لمواجهة الكوليرا الأشد وطأة من «كوفيد 19»، هو اللجوء إلى المنازل واعتزال العامة، وتقليل الاحتكاك والتلامس والاقتراب.

بدأت الفنانة هدى سلطان، أو الحاج فاطمة تعلبة خطبتها في أولادها بلهجة ريفية خالصة: «كل واحد فيكم يلزم قاعته مع مراته.. مش عاوزة اشوف خيال واحد فيكم في الدار.. وهدومكم تقلعوها وتحرقوها».

باغتتها نجلتها التي كانت تقوم بدورها الفنانة هالة فاخر بسؤال عن كيفية الحصول على قوت اليوم بجملة واحدة : «ناكل ازاي»، لترد كبيرة المنزل، قائلة: «هناكل عيش ناشف وجبنة وبصل.. وكل حاجة تتغلي لما تتهري من الغليان.. وكل فحل فيكم ع الصبح يقرشله فصين توم.. وكل واحد ياخد عياله في حضنه ويسقيهم طول اليوم لمون مغلي».

سبقت فاطمة تعلبة، منظمة الصحة العالمية في تلقين المصريين كيفية مواجهة الفيروس، ما قالته هدى سلطان يسير على الكوليرا والكورونا، وفي أغلب الظن كافة الأمراض المعدية، والفيروسات الي تتنقل بالرذاذ والتلامس.

علمت فاطمة تعلبة أن الحل للخروج من الأزمة، هو النظافة الشخصية أولاً والعزلة ثانياً، والانضباط السلوكي ثالثاً، لم تأمر أولادها وهم القادرون  على ذلك بأن يخرجوا للأسواق فيشتروا كل ما يقدرهم عليه الله، خوفاً من المجاعة، بل وضعت قائمة طعام شبه ثابتة حتى انقضاء الغمة «جبنة وبصل وتوم وعيش ناشف»، وحال الحاجة لما هو غير ذلك فعليهم ألا يقربوه قبل غليانه بدرجة كبيرة، قادرة على القضاء على أي ميكروبات عالقة على اللحوم أو الدجاج.

في التراث المصري والأدب والأعمال الفنية المختلفة، روشتة لمواجهة كل الأزمات التي نواجهها في العصر الحديث، مع اختلاف الأدوات المستخدمة، ما علينا فقط سوى أن نزيح عليها التراب ونطورها، قبل أن نصدرها للعامة، علهم يستفيدون ويفيدون بها.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة