آليات مكافحة كورونا بين الدول.. لماذا لجأت مصر لـ«تسطيح المنحنى» في التعامل مع كوفيد - 19؟

الثلاثاء، 24 مارس 2020 11:24 ص
آليات مكافحة كورونا بين الدول.. لماذا لجأت مصر لـ«تسطيح المنحنى» في التعامل مع كوفيد - 19؟
الرئيس عبد الفتاح السيسى
محمد الشرقاوي

 

فزع عالمي أجلس الملايين في منازلهم، خشية من وباء غير معروف مصدره حتى اللحظة، لكن المؤكد أن الإصابة به تأتي بين خروج نفس ودخوله، ما دفع الكل لاتخاذ إجراءات وقائية عاجلة علها تجدي.

وفي ظل ارتفاع الإصابات بكورونا لنحو 400 ألف مصاب و17 ألف حالة وفاة، يحاول رؤوساء دول التقليل من الأزمة، التي وصفتها منظمة الصحة العالمية بالجائحة، لعدم السيطرة عليها.

رئيس البرازيل جايير بولسونارو كان من بين هؤلاء، واتهم خصومه السياسيين والصحافة بخداع المواطنين عن عمد حول مخاطر فيروس كورونا، على الرغم من استعداد دول أمريكا اللاتينية لارتفاع متوقع في عدد الوفيات الناجمة عن الوباء.

ورغم أن الوضع في البرازيل غير مبشر، لارتفاع عدد الوفيات إلى 25 حالة و1546 إصابة بالفيروس إلا أن جايير يرى أن وقعوا ضحية الخداع، مهاجما مرة أخرى حكام الولايات الرئيسية بما في ذلك ريو دي جانيرو وساو باولو، وهي الولايات التي أمرت السكان بالبقاء في منازلهم وفرضت الحجر الصحي.

وقال بولسونارو، في الوقت الذي أعلن فيه مسؤولو الصحة عن المصابيين سيرى الناس قريبا أنهم وقعوا ضحية خداع هؤلاء الحكام والجزء الأكبر من وسائل الإعلام عندما يتعلق الأمر بفيروس كورونا الجديد.

ليس رئيس البرازيل وحدة، بل هناك دول أخرى لم تلتفت إلى تداعيات كورونا، وتنوعت أساليب تعاملها وتقديرها وإدارتها للأزمة، وهو ما تناولته قراءات بحثية منها، قراءة أعدها مركز المستقبل للدراسات المتقدمة: «كيف تنوعت استجابات الدول لفيروس كورونا؟».

المتتبع للأزمة، يرى اختلاف الدول في جهودها لمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، الذي تحول إلى وباء عالمي، والحد من تفشيه، بين دول غنية إلى فقيرة، تتباين فيها معدلات الناتج المحلي الإجمالي والبنى التحتية الصحية.

يقول المركز البحثي، إنه قد ظهر مساران متناقضان للتعامل مع الفيروس، فبينما عملت معظم الدول في اتجاه السيطرة على الفيروس، والحد من انتشاره، وحصره في مناطق بعينها داخل أقاليمها الجغرافية، من خلال نهج العزل الصحي، وعبر ما يُسمى بسياسة "تسطيح المنحنى"؛ فإن دولًا أخرى طرحت مسارًا معاكسًا، كبريطانيا ومن خلفها هولندا، عبر تطبيق نظرية يُطلق عليها "مناعة القطيع"، التي في ظلها لا تقوم الدول بإجراءات العزل أو تعطيل حركة الحياة.

وتقوم استراتيجية تسطيح المنحنى في الأساس على تأخير ارتفاع وتيرة المرض وتزايد الإصابات، بإجراءات وقائية حازمة، بما يتيح للهيئات الطبية العمل دون ضغط، خاصة وأن سرعة الانتشار قد تزيد الأمر صعوبة وبالتالي من الصعب السيطرة عليه.

وبحسب العرض البحثي، فإنه مع اختلاف تجارب الدول في التعامل مع أزمة انتشار الفيروس، تُمثّل الحالة الأمريكية تجربة خاصة في إدارة الأزمة، فرغم كل الإجراءات التي تم اتخاذها على المستويين الفيدرالي والمحلي، وجهود الإدارة ومؤسساتها المختلفة؛ تحولت أزمة انتشار الفيروس من أزمة صحية إلى سياسية، وصفها البعض بأنها أخطر أزمة تواجه الرئيس "ترامب"، وتتجاوز في حدتها إجراءات العزل التي واجهها الرئيس سابقًا.

الغريب في أزمة كورونا التي تمثل تحديا كبيرا للإدارات الحكومية، هي ارتباط تخطيها بالمجتمع أيضًا، فلن تقدر الدول على اتخاذ إجراءات تتيح لها تخطي الأزمة دون عدم التزام المواطنين، ولهذا ركزت الدول على البعد الاجتماعي، واختارت صحة المواطن واحتواء انتشار الوباء رغم ارتفاع تكلفته وآثاره الاقتصادية المرتفعة.

مصر كانت على رأس الدول، التي جعلت المواطن المصري على رأس أولوياتها، دون النظر لأي أعباء مالية، في ظل برنامج إصلاح اقتصادي تنفذه الدولة على مدار 4 سنوات، لكن الإدارة السياسية كانت حازمة في تقديرها للأزمة، واعتمدت استراتيجية «تسطيح المنحني» منذ بداية الأزمة.

ويبرهن ذلك عدة إجراءات، أولها تكليفات من الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتخصيص ورصد 100 مليار جنيه لمواجهة تداعيات كورونا، وهو الأمر أثار تساؤلا كبيراً حول حجم الرقم، إلا أن الرئيس رده كان واضحًا: «خصصنا هذا المبلغ واتقال هيتجاب منين.. مصر مش دولة قليلm».

التكليفات الرئاسية واضحة للجميع، يقول عنها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن هناك توجيهات من الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن صحة المواطنين وحمايتهم من فيروس كورونا لها الأولوية في أي قرارات، دون النظر لأي خسائر مالية.

السيسي قال وفق رئيس الوزراء إن الأهم أرواح وصحة المواطنين ولا يتم النظر لأي خسائر مالية، وبالتالي كانت هناك قرارات استباقية تتخذها الدولة، للحد من انتشار الفيروس.

وتمثلت تلك الإجراءات في تخصيص مستشفيات للعزل الطبي (مركزية) بمطروح والإسماعيلية وغيرها من المحافظات، كذلك رفع حالة الطوارئ بكافة قطاعات الدولة، وتأجيل العملية التعليمية في المدارس والجامعات، كذلك تعليق الأنشطة الرياضية والتجمعات، وعلى رأسها تعطيل مسابقة الدوري العام.

لم تكن تلك الإجراءات كافية في التعامل مع المصريين، لذا كانت هناك حزمة أخرى من القرارات، أكثر حزماً، كمرحلة ثانية في التعامل مع الفيروس، بتخفيف العمالة في القطاعين العام والخاص واعتماد آليات العمل عن بعد في القطاعات التي تدعم ذلك، وهو أيضًا لم يكن كافيا، ومنع الشيشة والتجمعات بالمقاهي.

لجأت الحكومة كمرحلة ثالثة إلى قرار بغلق المحلات والمولات التجارية، واستثناء محلات الطعام بداية من السابعة مساءًا وحتى السابعة صباحاً، وتعقيم المؤسسات والأسطح العامة، بمساعدة رجال والطب الوقائي.

لكن يبقى تصريح وزيرة الصحة والسكان الدكتورة هالة زايد، حول زيادة أعداد المصابين مفتاحا لحزمة إجراءات أكثر حزماً، والذي قالت فيه إنه في حال وصلت أعداد المصابيين إلى ألف فمن الصعب السيطرة على الفيروس.

وأضافت زايد: «رغم الزيادة- 366 حالة- لكن لازلنا في مرحلة التحكم في الانتشار بشكل كبير لأننا لا زلنا قادرين على الرصد والتتبع، وهدفنا أن لا يصل منحنى الإصابات إلى أرقام كبيرة، وأنه كلما قلت الإصابات زادت فرصة العلاج بشكل أفضل وفي ذات الوقت يغذي قدرتنا الاستيعابية  للأعداد المصابة، وفي حال وصول الإصابات لرقم ألف ليس مفزعاً لكل الدول لكن بالنسبة لنا في مصر رقم ومؤشر لا نفضله ولا نحب أن نصل إليه بسرعة».

ويعزز اتخاذ حزمة إجراءات إضافية، تصريحات الرئيس عبدالفتاح السيسي، صباح الثلاثاء: «على ضوء المتابعة الموقوتة لإجراءات مكافحة انتشار فيروس كورونا، فقد كلفت الحكومة والأجهزة التنفيذية المختصة باتخاذ اللازم نحو تطوير الإجراءات الاحترازية المتبعة على مستوى الدولة والمواطن من خلال اتخاذ حزمة إجراءات إضافية تسهم في تحقيق أعلى معدلات الأمان ووفق محددات ثابتة قائمة على تحقيق سلامة المصريين، وبما لا يؤثر على متطلبات الحياة اليومية للمواطن المصري».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق