العالم ما بعد كورونا.. الولايات المتحدة ستفقد الزعامة.. والصين تقود.. وانهيار أوروبى

السبت، 28 مارس 2020 05:00 م
العالم ما بعد كورونا.. الولايات المتحدة ستفقد الزعامة.. والصين تقود.. وانهيار أوروبى
فيروس كورونا
محمود على

 
لا يزال تفشى فيروس كورونا فى العديد من دول العالم يسيطر على مساحات واسعة من اهتمامات القادة السياسيين ومسئولى الدول، فى وقت يحاول بعض المهتمين بالسياسات الخارجية الخوض فى القضايا المستقبلية للعالم بعد القضاء على هذا الوباء المستجد.
 
ومنذ ظهور الفيروس وتسلله إلى عدد كبير من دول العالم عبر الصين مصدر الوباء، وبدا واضحا أن كورونا يسحب بساط الاهتمام من الصراعات الدولية والنزاعات الإقليمية، فالخلافات السياسية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية التى ظلت قائمة على السطح منذ وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى السلطة قبل سنوات لم يعد أحد يهتم بها، والأزمة الإيرانية مع القيادة الأمريكية باتت فى ظل النسيان، حتى الخلاقات الداخلية فى ليبيا وسوريا واليمن والعراق ولبنان هدأت كثيرا، لكن الكثير لا يزال يتساءل كيف سيصبح العالم بعد القضاء على كورونا، هل ستستمر الأزمات التى كانت قائمة قبل ظهور الوباء؟ أم ستتغلب المواقف الإنسانية للدول فى الشدائد والمحن على الاختلافات الأيدلوجية والصراعات الاقتصادية العالمية؟
 
وعلى خلاف ما يشهده العالم فى الوقت الراهن من هدوء نسبى فى أغلب القضايا الدولية خاصة التى تتعلق بالصراع الأمريكى الصينى الاقتصادى والخلاف الروسى الأمريكى السياسى، يرى الخبراء أن تداعيات كورونا ستكون كارثية على النظام العالمى، حيث تشمل تراجع النشاط الاقتصادى وزيادة التوتر السياسى بين البلدان وزعزعة الاستقرار فى بعض الدول.
 
وترى مجلة فورين بوليسى أن فيروس كورونا، سيمثل حدثا فى تاريخ العالم كسقوط جدار برلين أو انهيار بنك ليمان براذرز، مشيرة إلى أنه سيكون حدثا عالميا مدمرا يصعب تخيل عواقبه على المدى البعيد، ونقلت المجلة عن ستيفن والت أستاذ العلاقات الدولية فى جامعة هارفارد الأمريكية أن هذا النوع الخطير من الفيروسات سيمنح بعض الدول وقياداتها قوة أكثر من خلال تعزيز الوطنية.
 
وحول القضايا الدولية الكبرى التى تمثل فيها روسيا وأمريكا والصين قطبا مهما، وفقا لوالت فإن كورونا لن يسهم فى تغيير السياسة العالمية السائدة التى يطبعها الصراع، ما يعنى أن الطابع السياسى لن تغلب عليه العاطفة أو الإنسانيات كما يظن البعض، مشيرا إلى أن الأمراض الناتجة عن الفيروسات التى مرت على البشرية من قبل لم تضع حدا للتنافس بين القوى العظمى ولم تكن نقطة بداية لحقبة جديدة من التعاون بينهما.
 
وأظهر تعامل دول الشرق الآسيوى وبعض دول شمال أفريقيا كمصر والمغرب وتونس الاستجابة السريعة لمواجهة المرض، وفى كوريا الجنوبية وسنغافورة كانت الإجراءات المتخذة للتصدى للمرض أفضل بكثير من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، حتى الصين مصدر الوباء، بالرغم من تعثرها فى البداية كان تعاطيها مع الوقت جيدا جدا بصورة وصلت إلى عدم تسجيل أى حالات إصابة جديدة فى أكثر من يوم متتال، فى حين كان الغرب غير مستعد بالشكل الكافى واستجابته بطيئة ومتخبطة على غير العادة.
 
وقالت نائبة المدير العام للمعهد الدولى للدراسات الإستراتيجية، كورى شاك، لمجلة فورين بوليسى، إن العالم ما بعد فيروس كورونا لن يشهد استمرار زعامة الولايات المتحدة، مؤكدة أن أمريكا بعد هذه الأزمة لن ينظر إليها العالم على أنها قائد دولى بمقدروه إنقاذ الدول النامية.
 
وتؤكد شاك أن هذه النظرة السلبية للولايات المتحدة جاءت على خلفية سلوك الإدارة الأمريكية الذى افتقر للكفاءة فى إدارة أزمة كورونا، فضلا عن قيامه بتغليب المصالح الذاتية الضيقة، مشيرة إلى أنه كان من الممكن التخفيف من الآثار العالمية لهذا الوباء إلى حد كبير من خلال قيام المنظمات الدولية بتوفير مزيد من المعلومات فى وقت مبكر، مؤكدة أن الولايات المتحدة كان يفترض عليها أن تقوم بهذا الدور لتثبت أن اهتمامها لا ينصب فقط على الشأن الداخلى الأمريكى، لكن على عكس المأمول فشلت واشنطن فى اختبار القيادة وفقا لشاك.
 
فى الوقت ذاته رأى مدير معهد بروكينغز أن من سيذكره التاريخ فى هذه المعركة وينال شرف كتابته هم المنتصرون فى المعركة ضد فيروس كورونا القاتل، مؤكدا أن كافة الدول باتت تعانى من الإجهاد المجتمعى الناجم بعد انتشار الفيروس بطرق جديدة وقوية، مؤكدا أن الدول التى سيكون نظامها الاقتصادى والسياسى قوى ستنجو من الأزمة وقد تفوز على الدول التى خرجت بنتائج مختلفة ومدمرة فى معركتها ضد الفيروس القاتل.
 
ورغم حالة الركود المؤقت فى القضايا الخلافية بين الصين وأمريكا بسبب تفشى فيروس كورونا، أمل المحللين والاقتصاديين أن تتغلب الدولتين على نزاعهما لمواجهة القضايا ذات الاهتمام المشترك، ولكن تلاشت تلك الآمال جراء المنافسة بين بكين وواشنطن على الحصول على لقاح للقضاء على الفيروس فى أسرع وقت ممكن.
 
واستمر الرئيس الأمريكى فى استفزاز الصين بتسمية وباء كورونا بـ «الفيروس الصينى» فيما كانت ردود أفعال الدبلوماسيين الصينيين أكثر جرأة معتمدة على نظرية المؤامرة التى تتحدث أن تفشى الفيروس فى العالم هو حرب بيولوجية مصدرها الجيش الأمريكى.
 
ودخل الصراغ بين الصين وأمريكا حول سرعة الحصول على لقاح يعالح فيروس كورونا مرحلة أخرى بعدما أكدت تقارير صحفية أن سعى الدولتين لا يقتصر على اهتمامهم بالصحة العامة فحسب، بل يتعلق أيضا بالصراع بينهم فى التجارة والتكنولوجيا، والجيش ووسائل الإعلام، والآن الفيروس.
 
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن القادة الصينيين يحفزون علمائهم ليصبحوا أول من انجازا ضد الفيروس التاجى، الذى ظهر فى مدينة ووهان الصينية أواخر العام الماضي، مضيفة أن الصين تريد إعادة كتابة دورها فى قصة الفيروس التاجى من المصدر إلى المنقذ، لتثبت- كما قال تشن نفسه- أنها تفى بمسئولياتها كقوة عظمى ومساهمتها فى البشرية، كما تريد أيضا إظهار براعة الصين العلمية، وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن أقرب فريق يمكن أن يبدأ التجارب السريرية فى أبريل المقبل فيما لا توجد تفاصيل كثيرة حول التجارب التى بدأت بالفعل.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة