2 تريليون دولار حجم الخسائر المتوقعة عالميا بسبب كورونا

السبت، 28 مارس 2020 08:00 م
2 تريليون دولار حجم الخسائر المتوقعة عالميا بسبب كورونا
فيروس كورونا
هبة جعفر

تراجع حاد فى الأسواق الأمريكية والأسيوية.. وتقييد حركة السفر والتجارة بين البلدان

الدكتور محمد راشد: سنواجه تداعيات سلبية شديدة الوطأة على الاقتصاد العالمى ولن تنجو من تلك التبعات الاقتصادية أى دولة
 
محمد بدرة: الطلب على الاستيراد من الصين سيكون بطيئا.. وأرصدة البنوك لن تتراجع بشكل كبير فى الفترة المقبلة
 
وضعت الدولة كل جهودها وأجهزتها من أجل تنفيذ كافة الإجراءات الاحترازية اللازمة للسيطرة على فيروس كورونا المستجد، والحفاظ على صحة المواطنين ومنع البلاد من الانسحاب لسيناريو الكارثة واستفحال الأمور، وتسبب انتشار الفيروس فى حدوث خسائر ضخمة ليس فى الاقتصاد الإقليمى فقط، لكن تأثرت حركة التجارة عالميا بشكل تجاوز المليارات.
 
وشهدت أسواق الأسهم والبضائع فى الصين تراجعا ملحوظا منذ إعلان انتشار فيروس كورونا فى الصين، كما امتد أثر هذا الفيروس إلى الأسواق الآسيوية والأمريكية على حد سواء، إذ أدى انتشار الفيروس الى تقييد حركة السفر والتجارة بين البلدان، وزاد الإنفاق على العملية الاحترازية للحد من انتشاره.
 
وانعكس انتشار الفيروس على النمو الاقتصادى والطلب العالمى على النفط، بل إن انتشار هذا الوباء أثر بالسلب على معنويات المستثمرين، وهو ما دفع الكثير منهم إلى التوجه نحو الأصول الآمنة على غرار الذهب، والتى ينظر إليها كملاذ آمن للتحوط فى أوقات الأزمات.
 
 وقال الدكتور محمد راشد، الخبير الاقتصادى واستاذ الاقتصاد بجامعة بنى سويف، إنه ستكون بالطبع لفيروس كورونا تداعيات سلبية شديدة الوطأة على الاقتصاد العالمى، ولن تنجو من تلك التبعات الاقتصادية أى دولة على الإطلاق، حتى ولو لم يصل إليها هذا الفيروس، لأنه فى ظل تشابك الاقتصاديات العالمية مع بعضها البعض فى إطار متنام من علاقات الاعتماد المتبادل فأصبح من الحتمى تأثر كافة الدول، لكن بدرجات متفاوتة على حسب درجة انفتاح اقتصادها على الدول الأخرى وخصوصا الصين.
 
وأضاف راشد لـ«صوت الامة»، «من الواضح أن التأثيرات الاقتصادية لفيروس كورونا عالميا ستفوق تأثير سارس فى عام 2003، نظرا لسرعة انتشاره من ناحية وللتأثير المسبق للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين على انهاك الاقتصاد العالمى، علاوة على ارتفاع نسبة مساهمة الاقتصاد الصينى فى الاقتصاد العالمى فى الوقت الراهن بنحو أربعة أمثال ما كان عليه فى 2003، وبالتالى سيدفع ذلك إلى عدم تجاوز نمو الاقتصاد العالمى خلال العام الجارى لنحو 1.5% مدفوعا بالهبوط الحاد المتوقع فى نمو الاقتصاد الصينى، الذى قد يصل لنحو 4% لعام 2020  فى ظل توقف النشاط الاقتصادى والتصنيعى فى بعض البلدات الصينية التى ينتشر بها الفيروس على نطاق واسع.
 
وأوضح الخبير الاقتصادى أن الصين أعلنت انخفاض مؤشر مدير المشتريات من 50 إلى 35.7 خلال الشهر الماضى، وهو ما يعنى اتجاه الاقتصاد الصينى نحو الانكماش مادام أصبح تحت الخمسين درجة وهذا الانخفاض هو نتيجة مباشرة لتأثير فيروس كورونا، كما أنه من المتوقع تراجع حجم التجارة الدولية بنحو تريليون دولار بما يعادل نسبة 5% من حجم التجارة الدولية، حيث تراجعت حجم الصادرات العالمية من الصناعات التحويلية بنحو 50 مليار دولار فقط خلال فبراير الماضى، وهو ما سيؤثر سلبا على الموازين التجارية للدول لا سيما الدول النامية التى تعتمد بشكل اساسى على تصدير المواد الخام، علاوة على التأثر السلبى لموازنات الدول النفطية نظرا لتراجع الإيرادات النفطية المتوقعة بأكثر من 60% جراء انخفاض الطلب من ناحية، وتراجع سعر النفط من ناحية أخرى ليقترب من نحو 20  دولار للبرميل.
 
وأضاف رشاد «تكبدت أسواق المال العالمية خسائر تجاوزت 6 تريليونات دولار على مدار الشهرين الماضيين، ولم ينجو سوق واحد من فكاك هذه الخسائر حتى أنه من المتوقع تضاعف هذه الخسائر على مدار الشهور القادمة اذا لم ينحسر انتشار الفيروس أو اكتشاف علاج ناجع له بما يعيد إلى الأذهان تماما التداعيات المؤلمة الكساد الكبير الذى حدث عام 1929، كما أنه من المتوقع  تراجع حجم الاستثمارات الأجنبية العالمية المباشرة بأكثر من 30% والتوجه نحو الاستثمار فى الذهب والسندات الحكومية»، مشيرا إلى أن قطاع السياحة والنقل الجوى من أكثر القطاعات تأثرا بانتشار فيروس كورونا حيث منى قطاع السياحة بخسائر تقدر بنحو 12 مليار دولار خلال شهرى يناير فبراير ومن المتوقع تحقيق خسائر إجمالية خلال العام الجارى بأكثر من 80 مليار دولار وفقا لمنظمة السياحة العالمية
 
ووفقا للاتحاد الدولى للنقل الجوى «اياتا» فإن خسائر قطاع الطيران العالمى قد تصل خلال العام الجارى إلى 63 مليار دولار حال السيطرة على المرض أما فى حال انتشار المرض على نطاق أوسع فقد يصل خسائر القطاع لنحو 113 مليار دولار
وقال رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادى، إن الدولة المصرية نجحت فى تقديم نموذج ناجح فى إدارة أزمة فيروس كورونا ومواجهة التداعيات الاقتصادية لفيروس فقد أثبتت للعالم من خلال إدارتها وتعاملها مع تلك الأزمة قدرتها على مواجهة أشد أنواع الأزمات والتعامل معها بكل احترافية، لافتا إلى أن القرارات الاقتصادية المتخذة  تؤكد حرص الدولة المصرية على الحد من الآثار السلبية اقتصاديا نتيجة أزمة فيروس كورونا على الأفراد والمصانع والشركات والمستثمرين، فمنذ أن بدأت هذه الأزمة أكد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أنه لا اعتبارات لخسائر مادية مقابل الحفاظ على حياة المواطنين فى ظل وجود هذا الوباء فى العالم، ولم يقتصر ذلك الأمر على صحة المواطنين فقط بل امتد ايضا لجميع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية.
 
ولفت إلى أن جميع ما تم إعلانه من قرارات تنعكس بالإيجاب على الاقتصاد المصرى لما تطلبه المرحلة الراهنة من ضرورة دعم قطاع الصناعة والبورصة المصرية، ومساندة المصنعين والمستثمرين وعدم تحملهم وحدهم تبعات تلك الأزمة، وهو الأمر الذى يزيد من ثقة المجتمع الدولى فى الاقتصاد المصرى، فضلا عن ما تحققه هذه القرارات والإجراءات من الحفاظ على الاستقرار الاقتصادى، خاصة بعد توقف العديد من المصانع وخطوط الإنتاج بصفة مؤقتة، بالإضافة إلى أن قرار دعم البورصة المصرية بمبلغ ٢٠ مليار جنيه يحافظ على حقوق المستثمرين فيها وهو ما يسهم فى ضخ استثمارات جديدة بها خلال تلك الفترة على عكس المتوقع.
 
من جانبه قال محمد بدرة، الخبير المصرفى، إن أزمة كورونا سيكون لها تأثير سلبى كبير على الاقتصاد العالمى، خلال الفترة المقبلة وبشكل خاص على مصادر العملة الأجنبية فى مصر، وذلك انعكاسا للأزمة التى يشهدها العالم حاليا، لافتا إلى أن تراجع حجم التجارة العالمية سيؤثر بشكل سلبى على دخل مصر من قناة السويس، إضافة إلى خروج المستثمرين الأجانب من أذون الخزانة المحلية.
 
وأضاف بدرة، إن الطلب على الاستيراد من الصين سيكون بطيئا، وهذا سيعزز من الميزان التجارى، موضحا أن أرصدة البنوك لن تتراجع بشكل كبير فى الفترة المقبلة، نظرا لتراجع الطلب على الدولار خلال العام الجارى، نتيجة هبوط الواردات المصرية، مشيرا إلى أن التراجع الذى ستشهده مصر خلال الفترة المقبلة، سيكون انعكاسا للأزمات العالمية، موصيا الحكومة باستغلال الوضع الراهن لجذب مستثمرين جدد للسوق المحلية.
 
وقال بدرة «توقعت كافة الهيئات الاقتصادية العالمية، أن الوباء الفيروسى الجديد يسبب فى خسائر ضخمة للاقتصاد العالمى، ففى دراسة للبنك الدولى أكد فيها أن انتشار الأوبئة والأمراض يكلف الاقتصاد العالمى نحو 570 مليار دولار سنويا، أو ما يوازى نحو 0.7% من حجم الناتج المحلى الإجمالى العالمى، ولكن يبقى الأثر الاقتصادى لفيروس كورونا الجديد رهنا بتطورات جهود منع انتشاره، والتى تتخذها مختلف دول العالم بشكل متسارع، فاستمرار تفشى وباء كورونا يمكن أن يسبب أزمة اقتصادية لشرق آسيا بأكملها، ويتسبب الفيروس أيضا فى خسائر عالمية، فقد تسبب تفشى الوباء فى خسائر اقتصادية عالمية قدرت  الـ 50 مليار دولار، فى حين تشير تقديرات أخرى إلى أن الاقتصاد العالمى معرض لخسارة أكثر من 2 تريليون دولار».
 
 وقد تجاوزت خسارة الصين وحدها نحو الـ 20 مليار دولار خلال الأيام القليلة الماضية، خاصة وأن فترة حضانة المصاب لفيروس كورونا المستجد أكبر بكثير من باقى الفيروسات الأخرى، إذ تبلغ حوالى 10 أيام، وهو ما قد يؤدى إلى ركود اقتصادى يضغط على تمويل الصحة العامة، ما يزيد من إضعاف قدرة العالم على منع أو احتواء تفشى الفيروس بعد ذلك، كما تتوقع مؤسسة أكسفورد للاقتصاد، أن يتراجع نمو الاقتصاد الصينى بنحو 0.4 نقطة % ليصل إلى 5.5%، بحلول العام 2020، وذلك نتيجة لتفشى الفيروس، كما تتوقع أيضا تراجع نمو الاقتصاد العالمى بنحو 0.2%، ليصل إلى 2.1% فى 2020، وبدوره توقع بنك جولدمان ساكس، أن يتراجع نمو الاقتصاد الصينى بنحو 0.4 نقطة مئوية ليصل إلى 5.5%، فيما توقع تراجع نمو الاقتصاد الأميركى بنحو 0.4 نقطة مئوية فى الربع الأول من هذا العام. 
 
وخفضت  فيتش للتصنيف الائتمانى توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمى إلى 1.3% بفعل انتشار فيروس كورونا بدلا من2.5%، هى أدنى مستوياته منذ 2001، وخاصة مع تباطوء النمو الاقتصادى فى الصين لما دون 4% خلال الربع الأول من 2020، وذكرت أن الانفاق على السياحة والسفر والأنشطة المرتبة بهم انهارت بشكل تام.
 
ورجحت انكماش النمو الاقتصادى لمنطقة اليورو بنحو 0.4% وأن يقع المانيا وايطاليا واسبانيا فى فخ الانكماش بمعدلات 0.3% و0.2% و0.8% على التوالى، وتوقعت ونمو الاقتصاد الأمريكى 1% فقط، والصين 3.7%، وانكماش اليابان 1.7%، وفرنسا وبريطانيا 0.3%، خلال 2020، ونمو الاقتصاد الهندى 5.1% خلال العام المالى 2019/2020، كما اعتبرت أن سياسة التيسير النقدى والتحفيز ما هو الا تحجيم قصير المدى للدمار الاقتصادى، لكنه قد يؤدى لتعافى سريع فى النصف الثانى من العام إذا تم احتواء الأزمة الصحية.
 
وجدد مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) فى دراسة تحليلية أن الصدمة التى تتسبب بها كورونا ستؤدى إلى ركود فى بعض الدول وستخفّض النمو السنوى العالمى هذا العام إلى أقل من 2.5%، وفى أسوأ السيناريوهات قد نشهد عجزا فى الدخل العالمى بقيمة 2 تريليون دولار، داعية إلى وضع سياسات منسقة لتجنب الانهيار فى الاقتصاد العالمي.
 
وأشارت منظمة الأونكتاد إلى أن تباطؤ الاقتصاد العالمى إلى أقل من 2% لهذا العام قد يكلف نحو تريليون دولار، خلافا لما كان متوقعا فى سبتمبر الماضى، أى أن العالم على عتبة ركود فى الاقتصاد العالمى، فقدان ثقة المستهلك والمستثمر هى أكثر النتائج المباشرة لانتشار العدوى، إلا أن الدراسة أكدت أن مزيجا من انخفاض أسعار الأصول وضعف الطلب الكلى وتزايد أزمة الديون وتفاقم توزيع الدخل كل ذلك يمكن أن يؤدى إلى دوامة من التراجع تجعل من الوضع أكثر سوءا.
 
ولم تستبعد دراسة الاونكتاد، الإفلاس واسع النطاق، وربما ستتسبب فى انهيار مفاجئ لقيم الأصول التى تمثل نهاية مرحلة النمو فى هذه الدورة، وأشارت الدراسة إلى أنه يمكن مقارنة الأزمة الاقتصادية الآسيوية التى حدثت فى أواخر التسعينيات مع الوضع الحالى، لكن تلك الأزمة برزت قبل أن تصبح الصين بصمة اقتصادية عالمية، كما أن الاقتصادات المتقدمة كانت جيدة نوعا ما، لكن الوضع يختلف اليوم.
 
ووضعت الأونكتاد سيناريو يوضح تأثير هبوط أولى على الاقتصاد، ووجدت الدراسة أن العجز سيكون بمقدار 2 تريليون دولار فى الدخل العالمي، و220 مليار دولار فى الدول النامية، باستثناء الصين، وتوقع كوزيل، أنه فى أسوأ السيناريوهات حيث ينمو الاقتصاد العالمى بنسبة 0.5%، فإننا نتحدث هذا العام عن خسائر تُقدر بنحو 2 تريليون للاقتصاد العالمى.
 
وفى دول مثل كندا والمكسيك أمريكا الوسطى، ودول مثل شرق وجنوب آسيا والاتحاد الأوروبي، فإنها سوف تشهد تباطؤا فى النمو بين 0.7% و0.9%، كما أن من تربطها علاقات مالية قوية مع الصين ربما ستكون الأقل قدرة على التعافى من تأثير أزمة كورونا على الاقتصاد.
 وفى أمريكا اللاتينية، توقع تقرير «الأونكتاد» أن تعانى الأرجنتين أكثر من غيرها من الآثار المترتبة على هذه الأزمة، ولن تكون الدول النامية التى تعتمد على تصدير المواد الأولية بعيدة عن الأزمة بسبب الديون وضعف العوائد التصديرية بسبب الدولار القوي، وذكر كوزيل إن احتمال وجود دولار أقوى فى الوقت الذى يسعى فيه المستثمرون إلى البحث عن ملاذات آمنة لأموالهم، والارتفاع شبه المؤكد فى أسعار السلع مع تباطؤ الاقتصاد العالمى، كل ذلك يعنى أن مصدّرى السلع الأساسية معرّضون للخطر بشكل خاص.
 
 ووفر البنك الدولى تمويلات عاجلة قدرها 12 مليار دولار لمساعدة الدول النامية على تحسين الخدمات الصحية ومراقبة الأمراض وتوفير الإمدادات الطبية ورأس المال العامل للشركات، فيما خصص صندوق النقد نحو 50 مليار دولار فى شكل تمويلات، موضحا أن هناك أربع حالات ركود اقتصادى عالمى منذ عام 1960 وحتى الآن، وهى تلك التى وقعت فى أعوام 1975 وفى عام 1982 وفى عام 1991 وفى عام 2009 مع الإشارة إلى أن الركود المصاحب للأزمة المالية العالمية كان أكثرها تدميرا.
 
 وفيما يتعلق بالوقت الراهن فإن مدة الركود تخضع إلى حالة كبيرة من عدم اليقين وسط غموض الأمور المتعلقة بالأزمة الصحية «كورونا»، والتى فتكت بحياة 8 آلاف شخص عالميا، وأصابت أكثر من 200 ألف آخرين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق