لماذا يجهل المصريون الفرق بين التوكل والتواكل؟

السبت، 28 مارس 2020 09:00 م
لماذا يجهل المصريون الفرق بين التوكل والتواكل؟
فيروس كورونا
محمد الشرقاوى

 
تحذيرات مشددة ومتكررة من الحكومة للمصريين، بعدم النزول إلى الشوارع والبقاء فى المنازل؛ للوقاية من فيروس كورونا المستجد، فى ظل تحذيرات وزارة الصحة بأن أعداد المصابين مرشحة للزيادة كل يوم، حال عدم التزام المواطنين بالتعليمات الوقائية التى أصدرتها، واستمرار التجمعات والعادات السيئة الناقلة للفيروس.
 
«سيبها لله.. ما حدش بياخد غير نصيبه».. هكذا يتعامل السواد الأعظم من المصريين مع مصائبهم، ظنا منهم أن ذلك إيمان بالله وكثرة تعلقهم به، متناسين أن ذلك تواكلا منهم، وليس توكلا على الله، وهو ما علق عليه البعض، بأن الموت فى هذه الحالة غباء رغم كونه «قضاء وقدر».
 
الفرق بين التوكل والتواكل يجهله الكثير من المصريين، ففى ظل الأزمة الحالية التى يشهدها العالم كله، ضجت مواقع التواصل الاجتماعى بحالة «لا مبالاة» لقدر المصيبة التى حصدت أرواح الآلاف حول العالم، ومئات الآلاف من المصابين، ولأن الدولة تعى حجم المصيبة، دعت كل الوزارات والهيئات والمؤسسات الدينية إلى الالتزام بالحجر الصحى، وعدم الخروج من المنازل إلا لأمر جلل، وهو ما أوضحته دار الإفتاء المصرية فى تفنديها لفتوى جواز الصلاة فى المنازل وقت الكوارث، وأهمية غلق المساجد وكل دور العبادة.
 
يبدو أن حديث النبى، صلى الله عليه وسلم، والذى أرسى فيه مبادئ الحجر الصحى، وقرر وجوب الأخذ بالأسباب غائب أيضا عن عقول الكثير، يقول الحديث الشريف: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه» (سنن الترمذى/ 1065)، وتقول دار الإفتاء فى شرحها للحديث، إنه يشمل الإجراءات الوقائية من ضرورة تجنب الأسباب المؤذية، والابتعاد عنها ما أمكن، والتحصين بالأدوية والأمصال الوقائية، وعدم مجاورة المرضى الذين قد أصيبوا بهذا المرض العام حتى لا تنتقل إليهم العدوى بمجاورتهم من جنس هذه الأمراض المنتشرة، بل أكدت أن ذلك كله ينبغى أن يكون مع التسليم لله تعالى والرضا بقضائه.
 
وأكدت دار الإفتاء أن هذه الأمور من كوارث طبيعية وأوبئة تعتبر من الأعذار الشرعيَّة التى تبيح تجنب المواطنين حضور صلاة الجماعة والجمعة فى المساجد والصلاة فى بيوتهم أو أماكنهم التى يوجدون بها كرخصة شرعية وكإجراء احترازى للحد من تعرض الناس للمخاطر وانتشار الأمراض، خاصة كبار السن والأطفال، مشددة على حرمة وجود من أصيب بمرض معد أو يشتبه بإصابته فى الأماكن والمواصلات العامة، بل الذهاب فى هذه الحالة إلى المسجد لحضور صلاة الجماعة أو صلاة الجمعة؛ لما تقرر فى القواعد أن الضرر يزال، مع ضرورة التزام المواطنين بالتعليمات الصحية والوقائية التى تقررها وزارة الصحة والمؤسسات المعنية؛ لأنها من الواجبات الدينية، حيث أعطى الشرع الشريف لولى الأمر والجهات المختصة الحق فى التصرف فى شئون الرعية بما فيه مصلحتهم، واختتمت بيانها: «نسأل الله تعالى السلامة والعافية لبلدنا وللإنسانية جميعا».
 
لكن «لا حياة لمن تنادى» هكذا علق رواد مواقع التواصل الاجتماعى على تعامل المصريين، وتواكلهم على الله فى أزمة كورونا، يقول المدون شريف كمال، خريج جامعة الأزهر، على موقع التواصل فيس بوك: «بعد إذن الناس الجميلة، لو مش هنجرح إيمانهم المتناهى بالله ويقينهم الداخلى ومكنونهم الكامن بأن «يا بيه اللى مكتوبله حاجة هيشوفها»، ندرك الفرق بين التوكل على الله وبين التواكل على الله» ، وضرب كمال مثلا بقوله: «يعنى لما أروح أرمى نفسى فى عرض البحر وأنا ما بعرفش أعوم ومعنديش أى سبب للنجاة، ده اسمه تواكل، هغرق وهتجازى بالإثم، بسبب إهمالى فى نفسى وصحتى اللى أنعم بيها ربنا عليا، ده غير إنى هابقى مُت غبى».
 
يقول الله تعالى فى كتابه الكريم مخاطبا عموم المسلمين، فى سورة البقرة: «وَأَنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، ما يعنى أن التقصير فى التعاطى مع فيروس كورونا والإهمال سيجازى عليه الله تعالى بالإثم، فهو الداعى إلى المحافظة عليها فى آيات عديدة، منها فى سورة النساء: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق