تعظيم سلام للجيش الأبيض المصرى: يقود ملحمة وطنية ينحنى لها الجبين
الأحد، 29 مارس 2020 12:00 ص
آية الحديدى طبيبة بمائة رجل تحملت مسئولية مساندة رحلة أول سيدة بحجر الإسماعيلية
-بكرى عبد الستار طبيب ملحمة انقاذ مصابى مركب الأقصر
-عمرو نادى: أهالينا يطالبوننا بالإجازة ولكن رسالتنا فوق كل المخاطر الشخصية
طبيبة لزوجها بحجر لمستشفى النجيلة: «بعدك غصة فى قلبى لكنى فخورة بيك»
الطبيب كريم مصباح: نتطوع لانقاذ أرواح المواطنين ونتقدم الصفوف الأولى والزموا بيتكم لمساعدتنا
«سنقدر جهودكم.. ونحن نخوض حربا أنتم أبطالها».. رسالة وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسى للأطباء، حيث سطر «الجيش الأبيض» بمختلف المستشفيات من أطباء وتمريض ملحمة وطنية ينحنى لها الجبين أمام شجاعتهم ووقوفهم بأسلحتهم الطبية فى مواجهة شرسة مع فيروس كورونا المستجد، ورغم وصول عدد المصابين بالفيروس من الطاقم الطبى إلى 26 مصابا لتعاملهم مع المصابين، إلا أن ذلك لم يثنيهم لحظة عن القيام بدورهم، بل توجه عدد كبير من الأطباء فى تخصصات مختلفة للتطوع من أجل مساعدة زملائهم فى مستشفيات العزل والوقوف فى الصفوف الأمامية لمواجهة فيروس كورونا موجهين رسالة للمصريين بمساعدتهم فقط بالبقاء فى المنازل لتقليل مهمتهم.
ومن ضمن أبطال الجيش الأبيض الدكتور بكرى عبد الستار، نائب مدير إدارة المستشفيات بمديرية الصحة بالأقصر، الذى خرج بمفرده مصطحبا 33 حالة إيجابية من مركب الأقصر فى الطائرة التى نقلتهم إلى مستشفى العزل بمرسى مطروح، وظل معهم بالعزل 14 يوما، مؤكدا أنه لم يتأخر عن مهمته، بل عمل على طمأنة المصابين، موضحا أنه منذ علم بالحالات تقدم من تلقاء نفسه لمرافقة الحالات المصابة، وعمل منذ اللحظات الأولى على طمأنتهم، وأن المرض ابتلاء من الله ولابد من محاربته بالصبر والعزيمة حتى استطاع انجاز مهمته وشفاء عدد كبير من المصابين وخروجهم من العزل.
وأشاد الدكتور بكرى عبد الستار بالجهود المبذولة من جانب وزارة الصحة، وقال «منذ وصولنا النجيلة ومجموعات الطب الوقائى تعمل مثل خلية النحل»، مثمنا دور الجيش والشرطة والجهود الجبارة لنقل المصابين ورعايتهم قائلا: «أنا فخور بمصر وشعبها وقيادتها على ما تبذله لتوفير الخدمات الطبية والتجهيزات، حرصا منها على سلامة أبنائها وضيوفها القادمين إليها فى رحلات سياحية».
وأوضح «بكرى» أن الطاقم الطبى الموجود على متن الباخرة الموبوءة على كورنيش الأقصر ساهم فى تقديم الرعاية الطبية لـ101 حالة من الأجانب والمصريين، قبل مغادرة 83 سائحا إلى بلادهم، وبقاء بعضهم على المركب المخصص للحجر الصحى مع 18 مصريا لحين انتهاء فترة العزل المقدرة بـ 14 يوما، أن فيروس كورونا بسيط للغاية، وأن خطورته تكمن فى سرعة انتشاره، مؤكدا سهولة الوقاية منه، باتباع الإجراءات الاحترازية، منها رفع معدل النظافة الشخصية وتجنب الاختلاط بالمصابين، واتباع السلوكيات الإيجابية للحافظ على صحتنا وصحة المحيطين بِنَا.
و ضربت الدكتورة آية الحديدى، رئيس قسم العناية المركزة فى «مستشفى الصدر» بالمنصورة، خير مثال فى الإنسانية والقيام بواجبها الطبى بعد تطوعها لمرافقة عطيات السيد إبراهيم، وهى السيدة المصرية المصابة بفيروس كورونا والتى توفيت لاحقًا إلى مستشفى العزل بالإسماعيلية، دون تردد أو خوف من نقل العدوى، وأن جميع الأطباء لن يتأخروا عن القيام بواجبهم تجاه المرضى.
وعن لحظة التعامل مع المريض قالت الحديدى، إنها تحرص على تهيئة المريض نفسيا قبل إخباره بإصابته بفيروس كورونا، «لازم يبقى أسلوبنا معاه هادى عشان المريض بيبقى عنده هلع»، مشددة على أن الأطباء والطاقم الطبى يعمل على قدم وساق ولا يتهاون، موجهة رسالتها للمصريين وهى «البقاء بالمنزل على قدر المستطاع، يعنى بلاش تجمعات أو قهاوى ولا أحضان، والحرص على غسيل اليدين باستمرار وعدم ارتداء الكمامات أو الجوانتى طوال الوقت لأنه خطر ويسبب فى نقل العدوى بدلا من منعها».
ومن جانبه قال عمرو نادى، نائب مدير مستشفى ناصر، بنى سويف، أن كل مستشفيات المحافظة تجهز غرف للعزل حتى تكون جاهزة لأى حالة يتم الاشتباه فيها لخطورة تنقلها بين المستشفيات أو فى الطرقات، ويتم تشخيص الحالة إعطائها علاج للأعراض، ثم يتم عمل مسحات حتى يتم التأكد إذا كانت الحالة حاملة لفيروس كورونا أم أنها أعراض مشابهة، وإذا كان مصابا يتم تحويله على مستشفى العزل العام المخصصة لذلك.
وأضاف، نادى فى تصريح خاص لـ « صوت الأمة»، أن المستشفى تأخذ ٤ إجراءات للوقاية، وهى تعقيم المستشفى يوميا بالكلور ورش أى مكان ممكن أن يلمسه مريض، ويتم التنبيه على الأطباء الذين يتعاملون مع حالات بالاستقبال والأقسام الداخلية أن يقوموا بوضع ماسك وجوانتى، بالإضافة للبالطو لحمايته، وفى حالات العزل التى يتعامل معها الدكاترة والممرضات تقوم مديرية الصحة بأرسال بدل واقية وماسكات اضافية، وهناك حالة واحدة مؤكدة توفت داخل المستشفى بعد التأكد من إيجابية التحليل وحملها لفيروس كورونا.
وأوضح، نائب مدير مستشفى ناصر ببنى سويف، أن هناك بعض الأطباء لا يعودوا إلى منزلهم وقاموا باستئجار شقق فى الخارج لخوف أهاليهم عليهم، وتوسلاتهم بعدم الذهاب إلى المستشفيات حتى تنتهى الأزمة، ولكننا نحاول أن نطمئنهم بقدر الإمكان، وناشد عمرو، إذا كان هناك أحد له ملاحظات وتعليقات سلبية على الفريق الطبى أن يؤجلها، حتى لا تؤثر علينا، وحتى يبقى الأطباء والممرضين ليؤدوا دورهم الوطنى كاملا دون ضغوطات ويكفى ما يوجهوه من ضغوطات ووضعهم أرواحهم فداء للوطن.
«43 يوما لم أر زوجى منذ دخوله مستشفى العزل بالنجيلة».. كلمات بسيطة رصدت بها الدكتور نانسى دياب زوجة الطبيب محمد علام، نائب مدير مستشفى النجيلة، قصة بطولة زوجها فى أول مستشفى عزل بالدولة، قائلة «زوجى محمد ذهب إلى مستشفى النجيلة علشان ياخد إجازة امتحانات وكان راجع علطول علشان بنحضر للدكتوراة أنا وهو ولكن بمجرد وصوله اتحول المستشفى لحجر صحى لاستقبال حالات كورونا».
وتستكمل نانسى قائلة: «وقتها طلبت منه ياخد إجازة الامتحانات، ولكنه رد عليا مش هينفع لو محتاجنى لازم أكون موجود ورغم مطالبتى له بالعودة علشان مستقبلنا وامتحاناتنا ولكنه طمأنى وقالى يومين وراجع، ولكنه يوم 3 فبراير أبلغنى انه دخل الحجر الصحى عشان عايز يعمل حاجة صح ويحافظ على البلاد ومن وقتها مش شفت جوزى، ولما عرفت من ناس غيره أنه مبينامش بيطبق باليومين ولما بينام حاطط كنبه فى مكتب عشان ينام عليها شايل هم كل واحد جوه وبره.. كل ده عشان يحاول أن الموضوع ده ميوصلش هنا ليا ولأولاده وأهله وأهلى» .
واختتم حديثها «غصه فى القلب بسبب بعدك عنى بس فخوره أنك بتعمل كدا، ربنا يحميك أنت واللى معاك كلكم أبطال كلكم فى خطر عشانا».
الدكتور كريم مصباح، رئيس لجنة النقابات الفرعية بنقابة الأطباء، قال إن أى طبيب يقف فى استقبال المرضى أو فى مستشفيات العزل، ولم يتخل عن موقعه فهو بطل، لأنه وارد أن يستقبل أى طبيب حالة مصابة، وبالتالى هناك تضحيات كبيرة من جانب الأطباء، لافتا إلى أن هناك الكثير من الأطباء تطوعوا للانضمام إلى فريق العزل، رغم أنهم ليسوا من ضمن التخصصات التى طلبتها الوزارة، وهى أطباء الصدرية وأطباء العناية والتخدير، وهى التخصصات التى تعاملت مع أجهزة التنفس الصناعى، ولكن هناك أطباء كثيرة متطوعة.
وأضاف كريم، فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة» أنه يتم الأن ترتيب دورات تدريبية سريعة للأطباء لتعليمهم كيفية التعامل مع الحالات المصابة وطرق العلاج والوقاية، لأن هناك كثير من المتطوعين ليسوا ضمن التخصصات التى تطلبها الوزارة لحالات العزل والعناية، وبالتالى تم وضع دورات تدريبية من يوم الأربعاء الماضى، مضيفا أنه بمجرد دخول المستشفيات التى نعمل بها غرف عزل سنكون جاهزين ولن نتأخر عن أداء واجبنا.
وأوضح عضو النقابة، أن الأطباء لن تنتظر مقابل أو تكريم لأنهم يضعون روحهم على كفوفهم، والباعث الرئيسى لهم قسم الأطباء باستنقاذ الأرواح من الهلاك بغض النظر عن التقدير من عدمه، ونشكر الرئيس والحكومة على اهتمامهم.
ومن جانبه قال الدكتور رشوان شعبان، عضو مجلس نقابة الأطباء، «يكفى أن يكون من الأطباء مصابون بفيروس كورونا.. لا يوجد أكثر من ذلك تضحية يتم تقديمها من الأطباء فى المهمة شبه الانتحارية التى يقومون بها بحب وبوعى وإدراك، لخطورة الموقف ويجب أن نساعدهم كمجتمع للحفاظ على أنفسنا»، لافتا على أن نقابة الأطباء فى حالة انعقاد دائم للتواصل مع كل النقابات الفرعية فى المحافظات للتعرف على كل المعوقات والشكاوى والحالات، فضلا عن توعية الأطباء والتواصل مع وزارة الصحة لتوفير مستلزمات الوقاية الشخصية، وتقديم الدعم والمعلومات الحديثة التى تحميهم من أجل المجتمع، لأنه رذا أصيب طبيب بالعدوى سيكون خطرا على المرضى التى يتعامل معهم وعلى أسرهم والمجتمع.
وقالت الدكتور إيناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب، «إننا نقوم بمهمتنا الطبيعية ونحمل لواء رسالتنا التى أقسمنا على تحمل كافة اعبائها، ونحن جاهزين فى أى وقت وتحت أمر الدولة فى حالة استدعائنا القيام بدورنا فى أى تخصص، وهذا لسان حال كل الأطباء على اختلاف أعمارهم، كما أننا مازلنا نقوم بواجبنا فى الجامعات كهيئة تدريس دون تأخير ومتابعة الطلاب، ورغم أن أحد أعضاء هيئة التدريس بالدقهلية أصيب بالفيروس، ولكن بعد تمام شفائه سيعود للعمل بالجامعة».
وأضافت عبد الحليم، فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة» أن «الأطباء لا ينتظرون الشكر على واجبهم ولا يجب أن نغفل دور هيئة التمريض التى تعمل جنبا إلى جنب مع الأطباء، خاصة فى ظل نقص الامكانيات وظروف العمل القاسية»، مشيدة بدور القوات المسلحة فى تطهير المدارس والجامعات والشوارع وتخصيص مستشفياتها للمواطنين، وكذلك قامت بتوفير المستلزمات الطبية والمطهرات بأسعار رمزية بعيدا عن احتكار السوق السوداء وتحكم الصيدليات.