لا حكم شرعي حتى الآن.. هل يرخص كورونا الإفطار في شهر رمضان؟

السبت، 04 أبريل 2020 11:00 ص
لا حكم شرعي حتى الآن.. هل يرخص كورونا الإفطار في شهر رمضان؟
دار الافتاء

يتسأل الكثير من المسلمين حول مصير صيام شهر رمضان، الذي يفصلنا عن بدايته 19 يوما، في وقت تهدد فيه البشرية، أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي أصاب أكثر من مليون شخص وقاربت أعداد الوفيات لـ60 ألفًا.

وتتحدث كثير من الأخبار والتقارير المتداولة عن  ضرورة ألا يجف الحلق مع ضرورة شرب السوائل كإجراء وقائي للحد من انتشار الفيروس، وهو ما يعني بالأخير عدم صوم رمضان، إضافة إلى عدم تأدية صلاة التراويح.

وإصدار فتوى شرعية بشأن صيام رمضان فى زمن الكورونا يحتاج أولا إلى إصدار رأى طبي بشأن خطورة الصيام في تلك الفترة، حتى يكيف العلماء من رجال الدين فتوى شرعية تهدف إلى صيانة الأرواح .

وبحسب الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، وأمين الفتوى فى دار الإفتاء المصرية، فإنه من الممكن أن يصدر رأى شرعي حول صيام رمضان مع الاعتبار برأى الأطباء والتنسيق مع هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، لأن الأمر جلل لا يخص فئة بعينها بل يخص الأمة كلها، ولابد من الجلوس مع الأطباء لاستكشاف الأمر حتى تكون الفتوى متسقة مع الرأى الطبي، فأهل التخصص هم من بيدهم الأمر.
 
وأضاف عاشور، فى تصريحات صحفية، أنه لا يوجد حكم شرعى حتى الآن ولا نستطيع إصدار أى رأي شرعي دون الجلوس مع الأطباء، حيث إن هناك آراءً طبية تلزم بضرورة ألا يجف الحلق، وبناء على الرأى الطبي يتبقى دور الشيوخ في تكييف الحكم الشرعي.
 
من جانبه، أجاب مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية على سؤال ما حُكم صيام شهر رمضان فى حال رأى الأطباءُ ضرورة بقاء فم الصَّائم رطبًا طوال اليوم؛ كإجراء وقائى من العدوى بفيروس كرونا المُستجد (كوفيد – 19)؟
 
وجاء رد المركز كالآتى: وإن كان الأمر سابقًا لأوانه؛ فإنه لا يجوز للمسلم أن يُفطِرَ رمضان إلَّا إذا قرَّر الأطباء وثبت علميًّا أن الصِّيام سيجعله عرضةً للإصابة والهلاك بفيروس كُورونا، وهو أمر لم يثبت علميًّا حتى هذه اللحظة.
 
فقد حثَّ الإسلام على حِفَظِ النَّفس وصيانتها بكلِّ الطُّرق والسُّبل التى تدرأ عنها الهلاك، وتمنع عنها الضرر؛ ومن ذلك ما قعَّده الفقهاء من القواعد الوقائية فى الشريعة الإسلامية بقاعدة (الدَّفع أقوى من الرَّفع): حيث قرَّروا فيها بأنه إذا أمكن رفع الضَّرر قبل وقوعه وحدوثه؛ فهذا أَولى وأفضل من رفعه بعد الوقوع، فهذا من باب العلاج الوقائي؛ لأنَّه إن أمكن علاج الأمر ودفعه قبل حدوثه فهذا يُجَنِّب المجتمع الأضرار والكوارث التى من الممكن أن تحدث إذا لم نُسرع بمعالجة الأمور.
 
وقد يثور هنا تساؤل ألا وهو: هل من الأمور الوقائية كون الفم رطبًا دائما حتى لا يُصاب الشَّخص بعدوى فيروس كورونا المستجد؟ وهل يتوجَّب على المسلم الإفطار فى رمضان كإجراء وقائى بترطيب فمه؛ ليحمى نفسه من العدوى بهذا الفيروس؟
 
والحقيقة: أنه لم يثبت علميًّا -حتى هذه اللحظة- كما جاء عبر الموقع الإلكترونى لمنظمة الصحة العالمية –المكتب الإقليمى للشرق المتوسط– أنَّ شرب الماء من الإجراءات الوقائية من الإصابة بهذا المرض، فقد أجابت عن سؤالين عبر موقعها الإلكترونى مفادهما كما يلى:
 
السؤال الأول: هل شرب الماء يخفف من التهاب الحلق؟ وهل يقى من العدوى بمرض فيروس كورونا-2019 (كوفيد-19)؟
 
فأجابت: «من المهم شرب الماء للحفاظ على مستوى الرطوبة فى الجسم مما يحفظ الصحة العامة، ولكن لا يقى شرب الماء من العدوى بمرض كوفيد - 19».
 
السؤال الثاني: هل تساعد الغَرْغَرَة بغسول الفم على الوقاية من العدوى بفيروس كورونا المستجد؟
 
فأجابت: «لا، لا توجد أى بيِّنة على أنَّ استخدام غسول الفم يقى من العدوى بفيروس كورونا المستجد.. هناك بعض العلامات التجارية لغسول الفم قد تقضى على جراثيم معينة لبضع دقائق فى اللُّعَاب الموجود بالفم، لكن لا يعنى ذلك أنها تقى من العدوى بفيروس كورونا المستجد - 2019م».
 
وعليه: فلا يجوز للمسلمين الإفطار فى رمضان إلا إذا ثبت علميًّا أنَّ لعدم شرب الماء تأثيرًا صحيًّا على الصائمين؛ كإجراء وقائى لهم من الإصابة بهذا المرض بالإفطار فى رمضان؛ فيرجع فى حكم ذلك للأطباء الثِّقات وما يرونه؛ للحفاظ على صحة الإنسان، فهم أهل الاختصاص فى هذه المسألة، وقرارهم مُلزِمٌ لكلِّ صائم مسلم بالإفطار من عدمه.
 
وإذا أراد الصائم لأى سببٍ آخر أن يجعل فمه رطبًا، فقد سَنَّ له الإسلام المضمضة حال الوضوء، فيستعين بها على ترطيب فمه؛ شريطة ألَّا يُبالغ فى ذلك؛ كى لا يدخل الماء إلى جوفه فيبطل صومه؛ وذلك لما جاء عن سيدنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ هَشَشْتُ فَقَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَنَعْتُ الْيَوْمَ أَمْرًا عَظِيمًا، قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ مَضْمَضْتَ مِنْ الْمَاءِ وَأَنْتَ صَائِمٌ» قُلْتُ: لا بَأْسَ بِهِ، قَالَ: «فَمَهْ» [أخرجه أبو داود]، فقوله: «أَرَأَيْت لَوْ مَضْمَضْت مِنْ الْمَاء»: فِيهِ إِشَارَة إِلَى أن مجرَّد المضمضة حال الصوم ليس فيها شيء إذا لم يدخل الماء فى جوف الصائم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق