"كورونا ابتلاء لا يصيب المؤمنين".. معضلة التجارة بالأديان في زمن الوباء

الأربعاء، 08 أبريل 2020 01:29 م
"كورونا ابتلاء لا يصيب المؤمنين".. معضلة التجارة بالأديان في زمن الوباء
طبيب
محمد الشرقاوي

من قال إن الأمراض والأوبئة لا تصيب المؤمنين؟ لذا ما قولك في مرض النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالحمى ووفاته بها في عام 11 من الهجرة، وما قولك في مرض نبي الله أيوب عليه السلام.
 
إذا لا علاقة بالإيمان بالإصابة بالابتلاءات والأمراض، وهو أمر ساقته أدلة شرعية كثيرة، خاصة تلك التي تتحدث عن الأوبئة،
 
منها ما ورد في صحيح البخاري، عن السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها، قالت: سألتُ رسول الله ﷺ عن الطاعون فأخبرني أنه: عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكث في بلده صابراً محتسباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد".
 
وبعيدا عن اتفاق العلماء وأهل الدين على أن الأمراض من عذاب الله لكنها أمور غيبية لا يجوز لنا الخوض فيها، اتفقوا أيضاً على أن الإصابة بها ابتلاء لا يفرق بين مؤمن وكافر، وكل ما يقع في هذا الكون هو بإرادة الله تبارك وتعالى. 
وفي ظل ما يشهده العالم من تفشي لفيروس كورونا، ظهرت تيارات تقول: إن الوباء لا يصيب المؤمنين إذا حافظوا على صلواتهم وعباداتهم.
 
ويدحض تلك الشبهة أمور كثيرة، ووقائع تاريخية، كان أبرزها وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بالحمى. وأما عن الأوبئة كانت الحادثة الأشهر في التاريخ "طاعون عمواس"، أحد امتددات طاعون جستنيان، وهو وباء وقع في بلاد الشام في أيام خلافة الصحابي الجليل عمر بن الخطاب سنة 18 هـ - 640 م، بعد فتح بيت المقدس، ومات فيه كثير من المسلمين ومن صحابة النبي.
 
وتقول السير التاريخية، إنه توفي في طاعون عمواس من المسلمين في الشام خمسة وعشرين ألفاً، رفعها آخرون إلى ثلاثون، وكان من بينهم صحابة أجلاء منهم: أبو عبيدة بن الجراح و معاذ بن جبل ويزيد بن أبي سفيان وسهيل بن عمرو و ضرار بن الأزور وأبو جندل بن سهيل وغيرهم من أشراف الصحابة وغيرهم، درجة أن أطلقوا على هذا العام عام "الرمادة" للخسارة البشرية العظيمة التي حدثت فيها.
 
الداعية الإسلامي الحبيب على الجفري، كانت له أطروحة في ذلك السياق، فكتب على صفحته الرسمية على موقع تويتر: "عاتب بائعٌ ولدي لارتدائه الكمامة قائلًا: ألا تصلي؟ فأجابه: بلى والحمد لله، فقال: إذا ثِق بالله تعالى ولن يصيبك الوباء!".
 
ورد الجفري على ذلك، بقوله: "وله وأمثاله يُقال: توفي سيدنا أبوعبيدة بن الجراح بطاعون "عمواس" وهو أمين هذه الأمة وأحد العشرة المبشرين بالجنة من الصحابة الكرام. قال ﷺ: (اعقلها وتوكل)".
 
وتابع: " والشاهد هنا هو أن الأخذ بالأسباب امتثالًا لأمره تعالى هي عبادة فعل ظاهر والتوكل عبادة قلب باطن، ولا ينبغي لمن لزمه العمل بهما الإخلال بأحدهما في سياق التوهم بالقيام بالآخر".
 
ضلالة أخرى حول كورونا، وذكره في القرآن، ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، غير أن دار الإفتاء المصرية، دحضتها، وقالت: نحن نؤمن بأن الله عز وجل أمرنا بالأخذ بالأسباب والتوكل على الله والدعاء، فعلاج هذا الأمر هو اتباع التعليمات الصحية من وزارة الصحة والدعاء إلى الله عز وجل برفع الوباء، وليس بنشر الخرافات ومحاولة إثبات شيء ليس له أساس من الصحة.
وقالت دار الإفتاء إن ما انتشر على صفحات فيس بوك حول وجود بعض آيات من القرآن كدليل على أن فيروس كورونا موجود فى القرآن غير صحيح، وقد واستخدم صاحب المنشور بعض آيات القرآن ليثبت صحة كلامه، مؤكدة أن هذا تدليس على القرآن وتحريف لمعنى آيات الله عز وجل.
 
وأكدت في فتواها، أنه يجب شرعًا على المواطنين الالتزامُ بتعليمات الجهات الطبية فى مواجهة فيروس كورونا الجديد "كوفيد 19"، مجيبة على تساؤل: "هل انتشار فيروس كورونا عقاب وبلاء من الله؟، وأجابت الإفتاء: "الجزم بأنه الوباء عقاب من الله لا يصح لأن هذا أمر غيبي ويجب على الإنسان في مثل هذه الأزمات عموماُ أن يرجع إلى الله بالتوبة الصادقة والاستغفار ويكثر من الأعمال الصالحة، فهذا من أسباب رفع البلاء، والله تعالى يقول: "وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ" سورة يونس 107، وفى الوقت نفسه لا يهمل منطق الأسباب ويؤخذ بها في الوقاية والعلاج".
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة