صلوا التراويح فى بيوتكم.. إجماع فقهى على إباحة الصلاة النافلة في البيوت

السبت، 11 أبريل 2020 10:00 م
صلوا التراويح فى بيوتكم.. إجماع فقهى على إباحة الصلاة النافلة في البيوت
صلاة التراويح - أرشيفية
محمد الشرقاوى

وزير الأوقاف: الأصل فيها البيوت.. ودفع البلاء مقدم على الصلوات الجامعة.. مفتى الجمهورية: تجوز لأصحاب الأعذار.. والمسلمون الآن معذرون
 
«رمضان بلا تراويح.. رمضان بلا روح.. ماذا فعلنا ليمنعنا الله من دخول بيوته؟».. منشورات كثيرة ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعى، تارة عن حزن بسبب وقف الصلاة «جماعة» فى المساجد، احترازا من فيروس كورونا، وتارة نحيبا كما اعتاد أغلب رواد مواقع التواصل، بلا طائل.
الله أعلم بالنوايا، لكن تلك الأزمات كشفت عن خلل فى فهم صحيح الدين واستخدام الرخص التى أحلها الله تعالى، ففى حديث شريف عن النبى صلى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه وتؤدى فرائضه»، لكن ما يفعله الناس أن شقّوا على أنفسهم.
 
ولصلاة التراويح فى نفوس المسلمين والمصريين فرحة خاصة، فبعيدا عن كونها أحد مناسك الشهر الكريم، إلا أن المصريين يتبارون فيما بينهم على المساجد، للاستمتاع بالذكر الكريم وحسن التلاوة من الأئمة وحفظة القرآن الكريم، ومع قرار وزارة الأوقاف بغلق المساجد والجوامع ووقف الصلاة «جماعة» ضمن الإجراءات الوقائية والاحترازية لمنع انتشار وتفشى فيروس كورونا، زاد المصريين حنقا فلأول مرة يأتى عليهم رمضان بلا صلاة تراويح فى المساجد، ناسين أن الفقهاء أنفسهم اختلفوا فيما بينهم عن صلاتها فى المساجد أم فى البيوت. 
 
يقول الإمام النووىّ، رحمه الله: «اتّفق العلماء على استحباب صلاة التّراويح، واختلفوا فى أنّ الأفضل صلاتها منفردا فى بيته أم فى جماعة فى المسجد؟.. فقال الشّافعى وجمهور أصحابه وأبو حنيفة وأحمد وبعض المالكيّة وغيرهم: الأفضل صلاتها جماعة كما فعله عمر بن الخطّاب والصّحابة رضى اللّه عنهم، واستمرّ عمل المسلمين عليه).
 
الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، من فريق صلاة التراويح فى المنزل، يقول فى تصريحات له، إن الأصل فى صلاة التراويح أنها تؤدى فى المنزل، ونؤديها فى المساجد خلال الظروف والأوضاع الطبيعية، مضيفا أن الدين الحقيقى يكون حيث أمرك الله وحيث تكون المصلحة، مؤكدا أنه إذا لم ينته البلاء وظلت الحالات الإيجابية فالحفاظ على النفس البشرية مقدم على صلاة الجمع والجماعات والحج والعمرة والتراويح.
 
ويدلل وزير الأوقاف على ذلك بما ورد فى السير أن النبى صلى الله عليه وسلم، لم يُصلِّ التراويح بالمسلمين جماعة خوفا من أن تُفرض عليهم، وكان يُصلّيها منفردا فى بيته، والتزم صحابته بهذا الأمر تيمّنا به، إلا أنّ أول صلاة جماعة كانت بعد الرّسول عليه السّلام كانت فى عهد عمر بن الخطّاب حين صلّى أُبيّ بن كعب فى المسلمين جماعة، ومازال المسلمون يُقيمونها حتّى هذا اليوم.
 
وعن التابعى إسماعيل بن زياد قال: مر على بن أبى طالب رضى الله عنه على المساجد وفيها القناديل فى شهر رمضان، فقال نور الله على عمر قبره، كما نور علينا مساجدنا. وهو ما رواه الأثرم، ونقله فى المغنى 1/457، وقال الإمام البهوتى فى دقائق أولى النهى (1/2245): «إن والتّراويح بمسجد أفضل منها ببيت، لأنّه صلى الله عليه وسلم جمع النّاس عليها ثلاث ليال متوالية، كما روته عائشة، وقال صلى الله عليه وسلم: (من قام مع الإمام حتّى ينصرف حسب له قيام ليلة).
 
الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، كانت له أطروحة فى ذلك، ففى عام 2018، أفتى بجواز صلاة التراويح فى المنازل وخاصة لأصحاب الأعذار، وإن كان الأفضل صلاتها فى المسجد لمن استطاع لأنها من شعائر الإسلام، وعلى الإمام أن يراعى أحوال الناس فعليه أن يخفف ولا يطيل القراءة أو الصلاة، مشيرا إلى أن التراويح هى جمع الترويحة وقد سميِّت بذلك لاستراحة القوم بعد كل أَربع ركعات، ويتبين أن صلاة التراويح الأفضل فيها أن تكون أكثر مِن ثمانى ركعات، وهو ما ذهب إليه جمهور الأئمة والعلماء والمذاهب الفقهية على مر العصور؛ حيث قالوا إن صلاة التراويح عشرون ركعة، ولكنها سنة مؤكدة وليست واجبة، فمَن تركها حُرِم أجرا عظيما، ومَن زاد عليها فلا حرج عليه، ومَن نقص عنها فلا حرج عليه، فلا ينبغى أن ننشغل فى هذا الشهر الكريم بإثارة الخلاف فى العدد أو تخطئة أحدنا للآخر، بل المنتظر -وهو المهم- أن نخرج من هذه الصلاة وقد ارتاحت قلوبنا وشفيت أمراضنا القلبية، وأن نخرج وقد انزاح الغلُّ والحسد والكراهية من قلوبنا تجاه الآخرين؛ فتلك هى الثمرة الحقيقية لصلاة التراويح ولكل صلاة بطبيعة الحال، فليست العبرة فى الكم وإنما فى أثر هذا الكم فى النفس.
 
وعن صلاة المرأة للتراويح فى المساجد، أوضح مفتى الجمهورية أن المرأة كانت تصلى بالمسجد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، فحضور المرأة الصلاةَ ومجالس العلم والذِّكر من الأمور الطيبة التى يجب أن تحرص عليها المرأة فى رمضان؛ لكى تستنير فى أمور العبادة، وتتعلم به من أحكام الدين ما ينفعها فى دنياها وآخرتها، بشرط أن تراعى آداب الخروج إلى المسجد وألا تهمل بيتها وزوجها وأولادها، فقد فتح الله للمرأة المسلمة فى رمضان أبواب خير كثيرة شأنها شأن الرجال، فما من عمل صالح تعمله فى بيتها أو عملها أو تربية أولادها، وكذلك طاعاتها إلا ولها فيه أجر مضاعف.
 
وقياسا على الفترة الحالية وتفشى فيروس كورونا، يدخل المسلمون جميعهم ضمن أهل الأعذار، لأن صلاتهم فى جماعة سيكون ضررها أكبر من نفعها، وبالتالى لا يتوافق ذلك مع مقاصد الشريعة الإسلامية، واتفق جميع الفقهاء على اختصاص البيوت بصلاة النافلة، لتكون عامرة أيضا بالذكر، ويستحب أن تكون أن يؤم الرجل أهله، èÇäÃáÖä Ðäã.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق