فأبوا أن يدفنوها

الأحد، 12 أبريل 2020 01:22 م
فأبوا أن يدفنوها
محمد الشرقاوي يكتب :

قال الله تعالى في قرآنه الكريم من سورة سورة الكهف: "فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا". صدق الله العظيم. 
 
في قرية شبرا البهو، إحدى القرى التابعة لمركز أجا محافظة الدقهلية، كان هناك الخضر وموسى وأهالي القرية الذين أبوا أن يضفوهما. 
 
القصة هنا تبدأ من نهايتها، حينما دخلت سيارة إسعاف تحمل جثمان الدكتورة سونيا عبدالعظيم عارف، طبيبة بالمعاش، لدفنها في مقابر عائلتها بالقرية، حيث بلدة زوجها، فهي ابنة قرية ميت العامل. 
 
لم تعلم سونيا أن وفاتها -قدراً- بفيروس كورونا المستجد، ستمنعها من الوصول لمثواها الأخير، رغم أن زوجها بنى جداراً في القرية قديماً. 
 
تجمهر أهالي القرية ظناً منهم أن جسد الميت ينقل العدوى، رغم الدفن بإشراف وزارة الصحة، ولم يلتفتوا أن تجمهرهم سيزيد الأمور سوءاً. 
 
الأمر استنكره المصريون جميعاً، وبعض أهالي القرية تبرؤا مما فعل الآخرون، متحدثين عن خير زوج الدكتورة سونيا، والذي غطى الجميع. 
 
الزوج لم يبن جداراً واحداً، بل بنى جدراناً، لدور مناسبات ومصارف للخير، وصفه أهالي القرية المتبرؤن مما فعل أقرانهم "خيره على الكل". 
 
 
هل قالت سونيا يوماً لزوجها لم بنيت هذه الجدران فأبو أن يضيفوني؟، أم قالت له إنك لو اتخذت عليه أجراً لكان خيراً. 
 
أما قال لها زوجها المكلوم هذا فراق بيني وبينك، سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً. 
 
ماتت سونيا وافترقا، ولم يكمل زوجها مالم تصبر عليه، لكن أظن أنه جلس على قبرها يحكي لها، أن الجدران كانت لأيتام، ولفقراء ومساكين، وأنا عاملنا الله وحده وليس الناس. 
 
هل قال لها: والله يا سونيا إنه ليعز علي فراقك، ولو أن أهلي ما فعلوا ذلك ماتركتهم؟، أما قال لها اصبري واحتسبي والله سيخلد ذكرك. 
 
استجابت السماء على الفور وخلد اسمها في أجيال لا تعرف عن بخل أهاليهم طريق، فكتب اسمها على مدرسة شبرا البهو الابتدائية. 
 
رفع اسمها على المدرسة القرية ليراها كل عابر سبيل فيدعو لها بالرحمة، وليراها كل من كان في قلبه مثقال حبة من خير. 
 
يبدو أن قصة موسى والخضر عليهما السلام، تعاد مجدداً، عرفتم الآن من هما في شبرا البهو، عرفتم الآن أن الخير باق إلى أن ىأذن الله.
 
اكتبوا اسم سونيا على القرية، وفي هوياتهم الشخصية، اكتبوها على جدران المعابد، هي وكل من توفي بكورونا القاتل، اكتبوهم كي نتذكر بسالتهم في وجه المرض.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق