«أوقفوا التنمر.. كورونا مش جريمة».. حملة «صوت الأمة» تدفع المجتمع للتعامل الحسن مع المصابين بالفيروس

السبت، 18 أبريل 2020 08:00 م
«أوقفوا التنمر.. كورونا مش جريمة».. حملة «صوت الأمة» تدفع المجتمع للتعامل الحسن مع المصابين بالفيروس
حملة صوت الأمة
طلال رسلان

وزراء ورجال أعمال وصحفيون وإعلاميون وشيخ الأزهر يعلنون دعمهم المبادرة ويطالبون بوقف التنمر ضد مصاب كورونا 
 
«أوقفوا التنمر.. كورونا مش جريمة».. في البدء كان شعاراً اخترناه بعناية لحملتنا التوعوية لوقف التنمر ضد مصابي كورونا، قبل أن يتحول إلى منهج يضعه المجتمع بأكمله نصب عينيه لوقف مهزلة التعامل مع مريض كورونا وكأنه يحمل عاراً. 
 
نجاح حملة صوت الأمة التي بدأت مطلع الأسبوع الماضي عبر موقع الجريدة الالكتروني وصفحاتها على كافة مواقع التواصل الاجتماعي، أتى بعدها مباشرة تجاوز كبير في حق طبيبة الدقهلية، التي رفض الأهالي دفنها لوفاتها بسبب كورونا، لتضطر الشرطة التدخل والتعامل مع الأهالي، الذين تعاملوا مع الأمر وكأنه عار سيلحق بهم، في ظل أن هذه الطبيبة كانت لفترات طويلة معالجة لهم، وزوجها متكفل بأربع مقابر صدقة لدفن ذويهم، فضلاً عن تكفله ببناء مسجد لأهالي القرية. 
 
على مدار أسبوع كامل لم تهدأ ردود الأفعال على المبادرة، وانتشر تصميم المبادرة الذي حمل شعار "الإصابة بكورونا مش جريمة أوقفوا التنمر" كالنار في الهشيم، على مواقع التواصل الاجتماعي.   
 
انهالت علينا طلبات المشاركة في المبادرة من كافة أطياف الشعب، وكانت هناك أسماء بارزة من الوزراء والمحافظين والسياسيين والكتاب الصحفيين والإعلاميين والفنانين والرياضيين، الذين يؤمنون بضرورة توعية المواطن بخطورة المرض وعدم تمييز صاحبه، لأن الإخفاء قد يتسبب في كارثة محققة.
 
البداية كانت مع مشاركة الوزراء والأحزاب والمحافظين والسياسيين ورؤساء مؤسسات علمية وطبية عالمية، حيث شارك كل من السفير حسام زكي، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ، إبراهيم محلب مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، ورئيس جامعة القاهرة محمد عثمان الخشت، وحزب المصريين الأحرار ممثلا في رئيس الحزب عصام خليل، ودكتورة صبورة السيد، أمين مساعد حزب مستقبل وطن محافظة الجيزة، ووزيرة التضامن نفين القباج، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة غادة والي، المستشار محمد عبد المحسن، رئيس نادي قضاة مصر، وتنسيقية شباب الأحزاب، اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية السابق، جون جبور ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، واللواء عمرو حنفي محافظ البحر الأحمر، ووزيرة الثقافة إيناس عبد الدايم، الدكتور محمد هاني غنيم محافظ بني سويف، الدكتورة مايا مرسي رئيسة المجلس القومي للمرأة، وتامر شوقي  رئيس مجلس إدارة "بهية، وغيرهم.
 
على خطى الوزراء المحافظين ورجال الدولة كان تسابق نواب البرلمان للمشاركة في مبادرة صوت الأمة حيث شارك كل من النائب محمد فؤاد، والنائبة مايسة عطوة، والنائب حسن سيد خليل، النائب أحمد علي، وغيرهم كثيرون.
 
وكان الإعلاميون في مقدمة المشاركين بمبادرة صوت الأمة حيث شارك كل من وزير الإعلام أسامة هيكل، والكاتب الصحفي خالد صلاح رئيس تحرير ومجلس إدارة مؤسسة اليوم السابع، والدكتور عصام فرج، الأمين العام للمجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام، وكرم جبر رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والإعلامية شيريهان أبو الحسن، والإعلامي خالد أبو بكر، والكاتب الصحفي محمد الباز رئيس مجلسي التحرير ومجلس إدارة صحيفة الدستور، والكاتب الصحفي دندراوى الهوارى رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة اليوم السابع ، وعبد الفتاح عبد المنعم رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة اليوم السابع، ورئيس تحرير قناة إكسترا نيوز محمد حلمي، ومذيعي التلفزيون المصري، وألبرت شفيق رئيس مجموعة قنوات ON، وضياء رشوان نقيب الصحفيين، والكاتب الصحفي، والإعلامية بسمة وهبة، وغيرهم.
 
بالطبع لم يغب رجال الأعمال عن مبادرة صوت الأمة التي وصفوها بمبادرة الخير لإنقاذ المجتمع من آفة التنمر وخاصة في ظرف صعب مثل أزمة كورونا فكانت مشاركة رجل الأعمال، أحمد أبو هشيمة مؤسس مجموعة حديد المصريين وأسمنت المصريين، ورجل الأعمال والمنتج أحمد طاهر، وغيرهم كثيرون.
 
كما شارك في الحملة عدد كبير من الفنانيين والرياضيين مثل عصام الحضري، هاني شاكر، مصطفى شعبان، نسرين إمام، غادة عبد الرازق، صلاح عبد الله، والفنان الكبير فاروق حسني، أشرف ذكي نقيب المهن التمثيلية، والمطربة عاليا، شيرين عبد الوهاب، خالد سليم، المطربة اللبنانية تانيا.
 
فيما وجَّه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رسالة تلفزيونية إلى الشعب المصري بشأن مستجدات فيروس «كورونا»، أكد خلالها أن مظاهر التنمُّر والسُّخرية من مُصابي فيروس كورونا المستجد وضحاياه، أمرٌ خطيرٌ، ومرفوضٌ شكلًا وموضوعًا، ولا يجوزُ أبدًا ولا شرعًا ولا مروءةً أن يسخر إنسان من إنسانٍ آخَر أُصيب بهذا الوباء أو مات به أو يتنمر ضده، والواجب هو أن يدعوَ الإنسانُ لأخيه الإنسانِ، وأن يَتضامَنَ معه، وألّا يسخر منه بكلمةٍ أو نظرةٍ أو فعلٍ أو قولٍ يُؤذي المصابَ ويؤذي أهلَه.
 
وشدد فضيلته على أنه من أسوأ الأخلاقِ وأحطِّها منزلةً استغلالَ جُثَثِ الموتى للمتاجرة بها في سُوقِ «المصالحِ» الهابطة، التي يَلعَنُ اللهُ المتاجرين بها، وتَلعَنُهم الملائكةُ، ويَلعَنُهم كلُّ مؤمنٍ يُخلِص دِينَه لله تعالى، ولا يَرهَنُ ضميرَه وعقلَه للعابثين بالأديانِ والأوطانِ.
 
وعلى نفس النهج أصدرت داء الإقتاء بياناً تقوي فيه موقف مبادرة صوت الأمة، فقالت في منشور لها عبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الإجتماعي، أن التشاؤم والاستهزاء والتحقير والتنمر بالمصابين والمرضى سلوك ذميم منهي عنه شرعًا.
 
أما النائب العام المستشار حماده الصاوى فأمر بحبس ثلاثة وعشرين متهماً خمسة عشر يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات؛ في القضية رقم ٦٢٠٤ لسنة ٢٠٢٠ جنح مركز أجا لاتهامهم بالاشتراك في ارتكاب عمل إرهابي وهو منع دفن جثمان سيدة متوفاة  إلى رحمة الله  باستخدام القوة والعنف والتهديد والترويع بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع ومصالحه وأمنه للخطر وإيذاء الأفراد وإلقاء الرعب بينهم وتعريض أمنهم وحقوقهم العامة والخاصة للخطر والإضرار بالسلام الاجتماعي ومنع وعرقلة السلطات العامة من ممارسة عملها ومقاومتها، واشتراكهم في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب الجريمة الإرهابية المذكورة، والتأثير على السلطات العامة في أعمالها باستعمال القوة والعنف وبالتهديد وذلك مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم، وتعديهم عليهم بالقول أثناء وبسبب تأديتهم وظيفتهم، وتعطيلهم بالعنف والتهديد إقامة إحدى الشعائر الدينية.
 
وكشفت تحقيقات النيابة العامة تفصيلات حدوث الواقعة من شهادة الضابط رئيس وحدة تنفيذ الأحكام بمركز شرطة أجا الذي تلقى بلاغاً بها من غرفة عمليات النجدة صباح يوم الحادي عشر من شهر أبريل الجاري مفاده تجمهر بعض الأشخاص بقرية شبرا البهو بدائرة المركز لمنع دفن جثمان سيدة متوفاة بلغت من العمر أربعة وستين عاماً  بمدافن ذويها بالقرية إثر إصابتها بفيروس "كورونا" المُسْتَجَد واعتراضهم سيارة الإسعاف التي تنقل الجثمان وطاقم الطب الوقائي المُصاحِب له وذويها من الوصول للمقابر؛ فانتقل صحبة قوة من الشرطة لمحل التجمهر؛ فتَبَيَّنَه تجمهراً غفيراً يردد المشاركون فيه هتافات لمنع دفن الجثمان بمقابر القرية، كما أضرم بعضهم النيران بقش غلال بأراض زراعية محيطة بالتجمهر وبإطارات سيارات بالطريق العام لمنع قوات الأمن وسيارة الإسعاف من المرور؛ فوجهت الشرطة إليهم النصح والإرشاد ابتداءً لفض التجمهر؛ فلم يمتثلوا وتمادوا في فعلهم وتزايدت أعدادهم، وألقى بعض منهم الحجارة على قوة الشرطة وسيارة الإسعاف فأحدثت إحداها تلفاً بالسيارة الأخيرة، وسبُّوهم، وحرضوا الأهالي المتواجدين بمحيط التجمهر على المشاركة فيه؛ فأرهبوا بذلك المواطنين وكدَّروا السلم والأمن العام؛ واتخذت الشرطة لذلك إجراءات فض تجمهرهم بالغاز المُسيِّل للدموع؛ وقد أمكن ضبط ثلاثة وعشرين منهم بينما لاذ الباقون فراراً، كما أمكن اتخاذ إجراءات دفن المتوفاة تحت إشراف طاقم الطب الوقائي بالإجراءات الوقائية اللازمة.
 
وربما تكون هذه المبادرة ساهمت ولو  بجزء بسيط في توعية البعض بخطورة التنمر وهو ما ظهر على مدار الأسبوع الماضي من مبادرات لأهالي في عدة قرى مصرية يمكن أن نطلق عليهم "جيران الهنا"، هؤلاء الذين استقبلو جيرانهم المصابين بكورونا والأطباء بالورود والترحيب.
 
حينما أطلقت «صوت الأمة»، المبادرة لم تكن تتوقع هذا التكاتف والالتفاف الرسمي والسياسي والشعبي حولها، خاصة أنها لمست قضية مجتمعية غاية الخطورة، وأراد القائمون على المبادرة التحذير منها قبل أن تتحول لظاهرة يكون لها الكثير من الانعكاسات السلبية، وهي التنمر ضد مصابي كورونا.
 
المبادرة استهدفت حماية مرضى كورونا والفرق الطبية، من التعنيف والتنمر الذي يمارسه بعض الناس ضدهم، من خلال وقائع يعلمها الجميع، ولم نكن نتوقع هذه الاستجابة الواسعة من كل قطاعات الشعب المصري وفئاته، الأمر الذي يشير بقوة إلى حالة وعى يتمتع بها العقل الجمعي للمجتمع المصري، وكذلك يؤكد التقدير العام من كل المصريين للجيش الأبيض بجميع مكوناته، على دورهم البطولي الذي يقدمونه.
 
الحملة بدأتها «صوت الأمة» من منطلق إنساني بحت، وتأكيدًا على المسؤولية المجتمعية التي يحملها الصحفي على عاتقه، فالرسالة الصحفية والإعلامية لا تقتصر على حمل الأخبار للقراء، أو كشف الفساد إلخ، بل إن لها دورًا مجتمعيًا توعويًا لا يقل أهمية عن كل فنون وقوالب الصحافة.
 
وعليه دعت «صوت الأمة» كل المنابر الصحفية والإعلامية الزميلة، أن تخوض معها جنبا إلى جنب معركة الوعي المصيرية، التي تزداد أهميتها ويعلو شأنها يومًا بعد يوم. فكما نحارب فيروس كورونا بالوقاية، ونحتمي منه بالوقاية الصحية، علينا أيضًا أن نحمى أنفسنا من العادات الاجتماعية السلبية كالتنمر، والتعنيف، والوصمة بكل ما هو عار، وذلك بالوعي والتعلم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق