ماذا يعني إسقاط حفتر «اتفاق الصخيرات» في ليبيا؟

الأربعاء، 29 أبريل 2020 04:00 ص
ماذا يعني إسقاط حفتر «اتفاق الصخيرات» في ليبيا؟
القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر

إسقاط اتفاق الصخيرات السياسي الذي تمخض عنه المجلس الرئاسي برئاسة فائز السراج.. هذا ما أعلنه القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر في مقابلة تليفزيونية مساء أمس الاثنين، مشيرا إلي قبول التفويض الشعبي لإدارة شؤون البلاد، متهما السراج بفتح الباب أمام التدخلات الخارجية وخاصة التدخل التركى فى الشؤون الليبية.

أكد حفتر اعتزازه بتفويض الليبيين للقيادة العامة للجيش الليبي لهذه المهمة التاريخية في هذه الظروف الاستثنائية، لإيقاف العمل بالاتفاق السياسي ليصبح جزءا من الماضي بقرار من الشعب الليبي مصدر السلطات. وأوضح حفتر أن قيادة الجيش الليبى ستكون رهن إشارة الشعب وستعمل بأقصى طاقاتها لرفع المعاناة عنه، وستكون فى خدمة المواطن وحماية حقوقه وتحقيق أمانيه وتسخير المقدرات لمصلحته فى مقدمة الأولويات.

وأكد حفتر، أن بسبب إيقاف العمل بالاتفاق السياسي بعد تدمّيره للبلاد ودفعها إلى منزلقات خطيرة، معتبرا أن الاتفاق السياسى أنه أصبح من الماضي بقرار من الشعب الليبى، مؤكدا حرصه لتهيئة الظروف اللازمة لبناء مؤسسات الدولة المدنية الدائمة وفق إرادة الشعب الليبى وطموحاته مع مواصله مسيرة التحرير حتى نهايتها، بعيدا عن الحسابات السياسية الضيقة والتدخلات الخارجية.

ماذا يعني إسقاط حفتر للاتفاق السياسي؟

الجدير بالذكر أن هذا الاتفاق قامت الأطراف الليبية بالتوقيع على الاتفاق السياسى فى مدينة الصخيرات المغربية فى 17 ديسمبر 2015 برعاية أممية وشمل أطراف الصراع فى ليبيا لإنها الصراع المسلح فى البلاد، وضمان انتقال سلس للسلطة إلى مؤسسات منتخبة بواسطة الشعب الليبى.

الغريب أن بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا برئاسة غسان سلامة – المستقيل – فشلت فى تفعيل ملحق الترتيبات الأمنية الوارد فى اتفاق الصخيرات والذى يقضى بحل الميليشيات المسلحة غير النظامية فى ليبيا، وتسليم أسلحتها إلى مؤسسات عسكرية نظامية، وهو ما دفع رئيس البرلمان الليبى لعدم اعترافه باتفاق الصخيرات لعدم حصول حكومة الوفاق على ثقة البرلمان وفقا لما ورد فى بنود الاتفاق.

ويعد إعلان حفتر اسقاط الاتفاق السياسى تأكيدا على عدم اعترافه بكل المتواجدين في المنطقة الغربية سواء المجلس الرئاسى أو حكومة الوفاق أو المجلس الأعلى للدولة "كيان استشارى"، مع التأكيد علي العودة إلى ما قبل ديسمبر 2015 بالاعتراف بمجلس النواب الليبى فقط كمؤسسة تشريعية فى البلاد واعتباره الشريك السياسى الوحيد على الطاولة.

المثير في الأمر أن إعلان حفتر شكل صدمة للبعثة الأممية، لأن اسقاطه للاتفاق السياسى ستتمخض عنه تداعيات آخرى منها الانسحاب من مشاورات جنيف التى تشارك فيها حكومة الوفاق كطرف رئيسى فى اجتماعات السياسيين والعسكريين.

ماذا بعد إسقاط حفتر للاتفاق السياسى؟

وتعليقا علي إلغاء الاتفاق السياسي من جانب حفتر قال مصدر مسئول فى مكتب القائد العام للجيش الليبى إن مشاورات تجرى فى الوقت الراهن لتشكيل حكومة جديدة تضم كافة مكونات الشعب الليبى ستنال ثقة البرلمان قبيل ممارسة مهامها فى البلاد.

وأكد المصدر المسؤول أن اسقاط الاتفاق السياسى يعنى سقوط حكومة الوفاق والحكومة الليبية المؤقتة برئاسة عبد الله الثنى، مشيرا إلى أنه لا صحة لما تردد من وجود صراع بين البرلمان والجيش الليبى حول آلية حل الأزمة الليبية.

ردود أفعال المجتمع الدولي

أعربت السفارة الأمريكية فى طرابلس عن أسفها لاقتراح القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير حفتر، موضحة أنّ التغييرات في الهيكل السياسي الليبي يمكن فرضها من خلال إعلان أحادي الجانب. ورحبت السفارة بأي فرصة لإشراك القائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير حفتر وجميع الأطراف في حوار جاد حول كيفية حلحلة الأزمة وإحراز تقدّم في البلاد، وذلك فى ظلّ استمرار معاناة المدنيين خلال شهر رمضان المبارك ووباء فيروس كورونا الذي يهددّ بحصد المزيد من الأرواح.

وحثّت السفارة الأمريكية فى بيان لها، القوات المسلحة الليبية على الانضمام إلى حكومة الوفاق الوطني في إعلان وقف فوري للأعمال العدائية لدواعي إنسانية ممّا يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار على النحو المنصوص عليه في محادثات 5 + 5 التي يسّرتها البعثة الأممية للدعم في ليبيا في 23 فبراير في جنيف.

أما الخارجية الروسية فقد أعلن مصدر أن موسكو تفاجأت من إعلان قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر نقل السلطة في البلاد، مشددا على عدم وجود حل عسكري للنزاع. وقال المصدر: "هذا أمر مدهش. هناك قرارات القمة في برلين، قرار مجلس الأمن رقم 2510، الذي يجب تنفيذه أولا وقبل كل شئ من قبل الليبيين أنفسهم بمساعدة المجتمع الدولي، والأمين العام للأمم المتحدة". واختتم المصدر تصريحه بالقول: "نحن نقف مع استمرار الحوار الشامل بين الأطراف في إطار العملية السياسية، فلا يوجد حل عسكري للصراع".

البعثة الأممية تؤيد مبادرة رئيس البرلمان الليبى

‏من جانبها رحبت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني وليامز، بالمبادرة السياسية التي أعلنها رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح لإنهاء الأزمة الليبية، معتبرة أنها إشارة إيجابية.

وأكدت البعثة الأممية فى سلسلة تغريدات نشرتها البعثة عبر حسابها على "تويتر" إن وليامز تواصلت مع المستشار عقيلة صالح هاتفيا للتشاور في آخر التطورات ضمن جهودها المستمرة لإيقاف الحرب وإيجاد حل سياسي للأزمة الليبية عبر التواصل مع الأفرقاء الليبيين.

وأبدت ويليامز ترحيبها بجميع المبادرات التي لا تستثني أحدا، والتي تسعى إلى إنهاء حالة الاقتتال والانقسام والعودة إلى الحوار السياسي في إطار مخرجات مؤتمر برلين، مؤكدة أهمية الإنصات لليبيين في نداءاتهم المتواصلة للدخول في هدنة إنسانية تتزامن مع هذا الشهر الفضيل.

كان رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح أعلن الخميس الماضي مبادرة سياسية من ثماني نقاط ترتكز على إعادة هيكلة السلطة التنفيذية الحالية المنبثقة من الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات وإعادة اختيار أعضائها، وعلى الأقاليم التاريخية الثلاثة (برقة وطرابلس وفزان)، وإعادة كتابة الدستور مع استمرار مجلس النواب الليبى إلى حين إجراء انتخابات تشريعية جديدة.

وعبر رئيس البرلمان الليبى في كلمته التي أعلن من خلالها مبادرته السياسية عن أمله في أن تحظى المبادرة بدعم محلي ودولي، أنه على استعداد مع الشخصيات الوطنية والنخب السياسية لتقديم المشورة المخلصة والصادقة للوصول إلى العناصر القادرة على تجاوز وحل مشاكل وقضايا ليبيا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق