علماء في خدمة ملوك «الهوا السخن».. أطباء وباحثون يصدرون دراسات مزيفة تدعي قدرة التبغ على مواجهة كورونا

الجمعة، 01 مايو 2020 04:00 م
علماء في خدمة ملوك «الهوا السخن».. أطباء وباحثون يصدرون دراسات مزيفة تدعي قدرة التبغ على مواجهة كورونا
كورونا
​مصطفى الجمل

 

 

قيل في الأثر أن الجائحة كاشفة، ودروس التاريخ تؤكد أن لكل أزمة ومصيبة أطراف أربعة، مستفيد ومتضرر وبينهما فريقان، الأول يحاول الإفلات والخروج بأقل الضرر، والثاني يحاول تحقيق الاستفادة والمكسب بشتى الطرق.

في جائحة كورونا، حقق المصنعون للمستلزمات الطبية وأدوات التعقيم والتطهير مكاسب لا محصورة ولا معدودة، وخسرت قطاعات كثيرة، ولا سيما تلك التي تعتمد على التصدير والاستيراد، وأغلق الباب في وجهها بسبب العزلة الدولية التي فرضها فيروس كورونا المستجد كوفيد 19.

قطاع التبغ والسجائر وما حوله من قطاعات خدمية، تأثر كثيراً خلال الفترة الماضية، ليس بسبب توقف حركة الاستيراد فقط، ولكن أيضاً بسبب مطالبة الأطباء البشرية كلها بالإقلاع عن التدخين، حفاظاً على الجهاز التنفسي، الذي يحتاجه الإنسان على أفضل حال خلال تلك الفترة، نظراً لأن الفيروس المستجد يعمل على تدمير هذا الجهاز بشتى الطرق.

هذه الشركات ممنوعة حاليًا من عقد صفقات مع الحكومات بموجب قواعد منظمة الصحة العالمية ، إلا أن الشركة أكدت أنها تخطط للاتصال بمنظمة الصحة العالمية، بشأن إمكانية مشاركتها في إيجاد لقاح ضد الفيروس القاتل، وتمنت بعض من هذه الشركات أن تدخل فى شراكة مع الجهات الحكومية لتقديم اللقاح إلى الدراسات السريرية.

 

 

خسائر شركات السجائر والتبغ والمعسل، لم تحص حتى الآن في دراسة دقيقة، ولكن يمكننا أن نستنتج أنها لن تقل بأي شكل من الأشكال عن الـ 25%، ولاسيما أن قطاعاً مهماً تعتمد عليه هذه الشركات أغلق من بابه، ألا وهو قطاع المعسل.

إبراهيم الإمبابى، رئيس شعبة السجائر والمعسل بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، قال إن نسبة خسائر شركات المعسل تقترب من 100% فى الوقت الراهن، لافتا إلى أن نسبة التراجع فى استهلاك المعسل تقترب من الـ99%، وذلك بسبب تطبيق قرار إغلاق المقاهى وعدم تدخين الشيشة كإجراء احترازى اتخذته الحكومة ضمن حزمة الإجراءات المتخذة لمواجهة فيروس كورونا.

وأوضح أنه هناك 72 مصنعا لانتاج المعسل والسجائر فى مصر بينها الشركة الشرقية للدخان، والتي تعد الشركة الوحيدة المسئولة عن تصنيع السجائر في مصر، لافتًا إلى عدد المصانع التى تعمل حالياً تبلغ 42 مصنعا.

حرب ضروس خاضتها شركات السجائر، بينها وبين بعض من ناحية، وبينها وبين الأطباء والعلماء والحكام الحريصين على صحة مواطنيهم من ناحية أخرى.

في البداية شنت شركات السجائر، التي لا تمتلك خطوط لانتاج السجائر الإلكترونية حرباً على الشركات المنتجة لهذه السيجارة البديلة، وعلى الرغم من أن هذه الحرب ليست بجديدة، ولكن الظرف الراهن أشعل فتيلها، ولا سيما بعدما تلاحظ اتجاه كثيرين لهذه السجائر البديلة خوفاً من انتقال المرض إليهم عن طريق السجائر العادية.

بدأت مواقع ووكالات إخبارية عالمية وعربية، تنشر تقاريراً إخبارية عن خطورة السجائر الإلكترونية، ولم يفت هذه المواقع أن تدعم فرضياتها بآراء خبراء وعلماء وأطباء، معروف مسبقاً حصولهم على ثمن هذه الآراء التي تعطي أفضلية لنوع من التدخين على الآخر، في ظل أن الجميع والمنطق والعقل يقول أن كليهما مؤديان لنفس النهاية.. الموت.

 علماء عبر جريدة ديلي ميرور البريطانية، عبروا عن خوفهم وقلقهم من انفجار قنبلة السجائر الإلكترونية في وجه متداوليها، مشيرين إلى أنهم بحثوا ونقبوا ووجدوا أن هذا النوع من التدخين يزيد من خطورة الإصابة بفيروس كورونا الذي يُشكل رعباً للعالم بأكمله حالياً.

أمر عجيب أن يصل العلماء إلى هذه النتيجة بهذه السرعة، ولا سيما أنهم لم يتعرضوا لخطورة تدخين السجائر العادية على الإنسان ومضاعفة فرص إصابته بفيروس كورونا. 

دعا العلماء إلى الإقلاع فوراً عن تدخين السجائر الإلكترونية لأنها تزيد من خطر الإصابة بفيروس "كورونا"، كما تقلل من مناعة الإنسان وقدرته على مقاومة الفيروس في حال الإصابة الفعلية به.

وبحسب التقرير فإن العلماء يرون أن التدخين الإلكتروني أظهر سابقاً أنه يؤدي إلى تقليل المناعة في الجهاز التنفسي لدى الإنسان، كما أنه يزيد من آثار الالتهابات التي تصيب الرئتين.

ونقلت "ميرور" عن الدكتورة ميلودي بيرزادا، وهي الطبيبة المتخصصة بأمراض الرئة في مستشفى وينثروب بنيويورك في الولايات المتحدة قولها إن كل هذه الأشياء -في إشارة إلى التدخين الإلكتروني- تدفعني إلى الاعتقاد بأننا سنستقبل مزيداً من الحالات الحرجة، خاصة في أوساط الأشخاص الذين يدخنون منذ مدة طويلة، السجائر الإلكترونية".

محاولات شركات السجائر الإفلات من شبح الخسائر، وتحويل الأمر لمكاسب حتى ولو بلي ذراع الحقيقة، بدأ مبكراً بشكل بجح، وراحت إحدى شركات السجائر لادعاء تطوير لقاح مضاد لفيروس كورونا مصنوعًا من نباتات التبغ.

 الشركة قالت إنها تستطيع تصنيع ما يصل إلى 3 ملايين جرعة أسبوعيًا بدءًا من يونيو إذا حصلت على دعم من حكومة المملكة المتحدة، ويتم حاليًا اختبار اللقاح غير المثبت على الحيوانات، ولكن الشركة تدعو لتسريع اللقاح من خلال التجارب البشرية الصارمة.

وقالت الشركة إنها خصصت مواردها الهائلة والتى تبلغ 65.5 مليار جنيه إسترلينى، لمكافحة هذا الوباء، وأضافت الشركة التى يقع مقرها الرئيسى فى لندن، إنها ستبيع الاختبارات للحكومة بسعر التكلفة، دون تحقيق أى أرباح.

وأضافت الشركة فى بيان لها، "إذا سارت الاختبارات بشكل جيد نأمل الحصول على  الشركاء المناسبين والدعم من الوكالات الحكومية، فيمكن تصنيع ما بين مليون و3 ملايين جرعة من اللقاح أسبوعيًا بدءًا من يونيو المقبل".

واحدة من هذه الشركات التقطت طرف الخيط، ولم تنتظر موافقة منظمة الصحة العالمية على المشاركة، فقامت شركة التبغ العملاقة "رينولدز أميركان" بتجارب حاليا على نبات التبغ لإنتاج لقاح منها للفيروس المتفشي.

وتعتمد التجارب على زرع فيروس كورونا معدل وراثيا فى عينات من التبغ لدراسة مدى استجابتها من ناحية إنتاج أجسام مضادة تساعد فى الحصول على لقاح للوباء الذى أودى بحياة المئات وأصاب الآلاف.

وقال هيو هايدون، الرئيس التنفيذى لـ"بيوس بروسيسينغ"، التابعة لـ"رينولدز أميركان" والتى تتولى إجراء التجارب: "قد يسخر الناس من هذا الأمر لكن الحقيقة أننا قد نكون قادرين على المساعدة".

وتمثلت الطامة الكبرى، في الدراسة الفرنسية المنشورة مؤخرة، والتي تقر بأن المدخنين أقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا، معتمدة على  دراسة صينية سابقة.

الدراسة الصادرة عن الأكاديمية الفرنسية للعلوم، تقول إنه يمكن للنيكوتين أن يحمي المدخنين من فيروس كورونا الجديد، مؤكدة أنه عند فحص 482 مريضا بـ"كوفيد 19" تم دخولهم إلى مستشفى Pitié-Salpêtrière  في باريس، وجد الباحثون أن 5% فقط هم مدخنون يوميا - وهو أقل بكثير من 25.4% لدى السكان الفرنسيين الذين يدخنون يوميا.

الدراسة التي لم يبين المركز حتى الآن منهجها في البحث والاستنباط، صنفها كثيرون على أنها أخرجت لخدمة أباطرة صناعة السجائر، نظرا لصغر حجم الدراسة فضلاً عن أنها تشمل المرضى في العناية المركزة.

وفقا لمعدي الورقة البحثية، فإن النيكوتين يقوم بدور البطل في مسلسل الوباء الفيروسي الذي يستهدف الرئتين.

لم يقدم الباحثون أي نتائج للدراسة مدعومة ببيانات أكثر شمولا جمعت من مستشفيات باريس العام،  في وقت سابق من هذا الشهر في فرنسا.

تدعم الدراسات الفرنسية نتائج ورقتين صينيتين نشرتا في فبراير، وكلاهما وجدا أن نسبة المدخنين بين مرضى "كوفيد 19"، كانت أقل بكثير من عموم السكان.

 ووجدت دراسة صينية لاحقة نشرت في مجلة New England الطبية، أن 12.6% فقط من مرضى "كوفيد 19" البالغ عددهم 1000، كانوا مدخنين، على الرغم من أن المدخنين يشكلون 28% من السكان الصينيين.

وفى البداية كان يعتقد أن التدخين يزيد من خطر الإصابة بفيروس كورونا، بسبب تقارب الفيروس مع إنزيم يسمى ACE-2، والذي يوجد بأعداد أكبر لدى المدخنين.

وعلى الجانب الآخر، وجدت دراسات أخرى أنه على الرغم من أن النيكوتين قد يلعب دورا في الحماية، إلا أن المدخنين الذين يصابون بـ "كوفيد 19" يعانون من أعراض أكثر خطورة من غير المدخنين - والأمراض المصاحبة مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض الانسداد الرئوي المزمن، وكلاهما ناتج عن التدخين.  

منظمة الصحة العالمية كانت يقظة لمثل هذه الألاعيب، وأكدت أكثر من مرة كذب ادعاءات هذه الدراسات التي غاب عنها المنهج البحثي الموضوعي، وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، إن التدخين يمثل خطرا كبيرا بالنسبة للشخص المدخن في فترة وجود الوباء، مشيرا إلى "الشيشة" على وجه التحديد تمثل بيئة خصبة لنقل فيروس كورونا المستجد إلى مدخنها، كما أن السجائر تقلل من قدرة الجهاز التنفسي للتصدى لأعراض فيروس كورونا حال الإصابة به.

وأضاف ممثل منظمة الصحة العالمية، أن هناك الكثير من العلاجات التي يجرى عليها تجارب من أجل الوصول للقاح لفيروس كورونا المستجد، ومن بينها العلاج بالبلازما، مشيرا إلى أنه لابد من اتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية لمنع الإصابة.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق