صلاح الجمل..كمان وكمان!

الخميس، 21 مايو 2020 04:59 م
صلاح الجمل..كمان وكمان!
مختار محمود يكتب:

كنتُ قد رفعتُ يدى عن القارئ "صلاح الجمل" منذ صدور قرار رئيس الإذاعة "محمد نوار" بتجميده فى التاسع عشر من فبراير الماضى، واعتبرتُ معركتى معه انتهت إلى الأبد، بعدما حققتْ حملتى عليه أهدافها، وتم تجريده من شرف لا يستحقه بكل تأكيد، وانتزعه فى غفلة من الزمن!
 
 قبل عام بالتمام والكمال، وفى فجر أحد أيام رمضان الماضى، نقل التليفزيون المصرى شعائر صلاة الفجر من مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها، وكان "صلاح الجمل" قارئًا، وجاء أداؤه باهتًا وصادمًا ومُخيبًا. وقبل انتهاء البث التليفزيونى اجتاحتْ منصَّات التواصل الاجتماعي منشوراتٌ وتعليقاتٌ لا تخلو من الاستنكار والاستياء والغمز واللمز، في أداء القارئ وإمكاناته، وأجمعتْ على عدم صلاحيته!
 
وبعد استقصاء للأمر، تبين لى أن المذكور تسلل إلى الإذاعة وتم اعتماده قارئًا، عُنوة وإكراهًا، دون أن يكون مؤهلًا لذلك، ودون أن يكون مُتمتعًا بالحد الأدنى من المقومات اللازمة لـ "قارئ القرآن الكريم"، من حيثُ الصوت والأداء. وعلمتُ أن رئيس الإذاعة في ذلك الوقت "عبد الرحمن رشاد" تلقى اتصالًا من رئيس الحكومة السابق المهندس "إبراهيم محلب"، يأمره فيه، بشكل واضح وصريح، باعتماد "الجمل"، الأمر الذي خضعتْ له لجنة اختبار القراء واستسلمتْ، رغم إجماع أفرادها فيما بينهم على أنه لا يصلح صوتًا وأداءً وإتقانًا، ولكنه "حُكم القوى"! المؤسفُ.. أنه في الوقت الذي تمَّ فيه اعتمادُ "الجمل" تمريرًا، فإنَّ هناك قراء آخرين، يمتلكون جميع المقومات اللازمة لقارئ القرآن الكريم، حفظًا وأداءً وحضورًا، ولكنهم لا يستطيعون اقتحام حصون "ماسبيرو"؛ لأنهم لا يمتلكون "كارت توصية" ينقلهم إلى عالم الشهرة والأضواء، ولا يُحفِّظونَ أحفادَ مسئول رفيع القرآنَ الكريمَ، حتى يُمكنَهم الانتقالُ من فئة "المُحفِّظين" إلى جداول "القراء المُعتمدين"! وقلت حينها: من المؤكد أن الأمر لا يقتصر على تمرير قارئ معدوم الموهبة واعتماده بالإكراه، فالقضية ليستْ شخصية على الإطلاق، وهى أكبر من مجرد قارئ، ولكن الأزمة الحقيقية تكمن في أنه لا شئ تغيَّرَ بعد ثورتين متعاقبتين، وأنه لا أملَ في تطهير المؤسسات الرسمية والحكومية من "داء" الواسطة اللعين، و"وباء" المجاملات الرخيصة، حتى لو وصل الأمر إلى تلاوة كتاب الله، وتلكَ خطيئةٌ لن تُغتفر لـ "إبراهيم محلب"، رغم ما بذله من جهودٍ مُخلصةٍ في خدمة الدولة المصرية، لا يُنكرُها إلا جاحدٌ، ولا يمكنُ لأى عابر سبيل أن يُزايدَ عليه. ووجهتُ كلامى للقارئ المحظوظ قائلًا: عزيزى المُحفِّظُ الطبيب "صلاح الجمل".. ليتكَ ترفعُ الحرجَ عن نفسك وعن "محلب"، الذي ربما تدخل من أجلك بحُسن نية، أو عدم إدراك لحقيقة موهبتك، فهو –بالأساس- رجلٌ يفهم جيدًا في شئون المقاولات والحديد والأسمنت والرمل والزلط، وهذا أمرٌ عظيمٌ، وليس فنون التلاوة والأصوات وحُسن الأداء، كما ترفعُ الحرجَ أيضًا عن مسؤولى الإذاعة الذين أعيتهم الحيلُ في التعامل معك، وتعتزل القراءة نهائيًا، وتتفرغ للطب وتحفيظ القرآن الكريم لأبناء وأحفاد الكبار، فقد تجيدُ فيهما أفضل من غيرك، ولكنه أصر واستكبر، حتى تم تصحيح هذا الخطأ، فى فبراير الماضى، عبر رئيس الإذاعة الحالى "محمد نوار" الذى أصدر قرارًا بتجميد "صلاح الجمل" إلى أجل غير مسمى!
 
الجديد فى الأمر.. أن أحد البرامج الفضائية استضاف القارئ المذكور، دون مناسبة، وترك له الحبل على الغارب، ليهين أكابر القراء مثل: الشيخ "محمود خليل الحصرى" و"الشيخ محمد صديق المنشاوى"، ويزعم أنهما كانا يُلحنان ويُخطئان فى التلاوة، وأنه ليس أقل منهما أداءً وصوتًا وإتقانًا. لم يكتفِ قارئ الواسطة بذلك بل أكد أن الحاسدين والحاقدين والكارهين وراء قرار تجميده، رغم أنه "نمبر وان"، على حد وصفه، وزاد على ذلك بأن اتهم زملاءه السابقين من القراء بأنهم فاسدون، وأنهم سوف يتم حشدهم فى جناح خاص بهم فى جهنم وبئس المصير. ويبدو أن الرجل لم يعترف بعد برداءة صوته وأدائه، بل لا يزال يروج الأكاذيب والأباطيل، حتى إنه ناشد الرئيس ليمنحه حقًا لا يستحقه بإجماع أهل العلم والاختصاص والاستماع. وختامًا.. أتمنى على "صلاح الجمل" أن يتوقفُ عن انتقاد الأساتذة المغاوير والقراء الِعظام، من المتقدمين والمتأخرين، الذين يفوقونه موهبة، هو يفتقدها نهائيًا، وليته يسمعُ نفسَه مرة أو اثنتين، بموضوعيةٍ وحيادٍ شديدين؛ حتى يُقدِّرَ مُعاناة مَن تسوقُهم أقدارُهم البائسة إلى سماع صوته، ولو بالمصادفة، وليته يتوقفُ عن نبرة المظلومية التي يرددها في كل مناسبة، والادعاء بأنه مظلومٌ ومحسودٌ؛ فهو ليس "الحصرى" ولا "المنشاوى" ولا "البنا" ولا "عبد الباسط".. ولكنه "صلاح الجمل"، وغفر الله لـ "إبراهيم محلب"!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق