«على العهد يا رجالة».. الأطباء يتصدون لفتنة الإرهابية

السبت، 30 مايو 2020 07:00 م
«على العهد يا رجالة».. الأطباء يتصدون لفتنة الإرهابية
وليد يحيى- الطبيب المتوفي
دينا الحسينى

- الدكتورة هاجر حسن: «زى ما قال منسى إحنا على العهد يا رجالة وأقسمت ألا أغادر المستشفى إلا بعد شفاء آخر مريض»

كان الأسبوع الماضى فارقا فى تاريخ الأطباء، بعدما انتصروا على كل محاولات الجماعة الإرهابية للوقيعة بينهم، على خلفية وفاة الدكتور وليد يحيى عبدالحليم، إثر إصابته بفيروس كورونا بمستشفى المنيرة، ففى حين فتحت وزارة الصحة تحقيقا فى ملابسات الوفاة، بناء على تكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسى، شهد الفضاء الإلكترونى محاولات من بعض الأطباء المنتمين للإخوان، لتأليب أعضاء الجيش الأبيض على بعضهم البعض، من خلال تشيير لاستقالات لبعض الأطباء، اعتراضا على ما أسموه الإهمال الذى يعانى منه الأطباء وهم يخدمون فى مستشفيات العزل، ثم اتضح أن هذه الاستقالات التى لم يتعد عددها الثلاثة، هى لأطباء منخرطين فى أعمال سياسية، ومنتمين لجماعة الإخوان الإرهابية.

وجاءت الرسالة الأقوى على لسان الدكتورة هاجر حسن، إخصائى جراحة عامة بمستشفى أبو قير العام، والمنتدبة للعمل بمستشفى العزل بالعجمى، حينما أعلنت رفضها الالتفات لدعوات تقديم الاستقالة، وأعلنت مواصلة استكمال دورها الطبى فى معالجة مصابى مرضى كورونا المحجوزين بمستشفيات العزل، وقالت لـ «صوت الأمة»: «أنا مش همشى غير بعد شفاء آخر مريض».

وقالت الدكتورة هاجر موجهة حديثها لزملائها الأطباء: «وزى ما قال منسى.. إحنا على العهد يا رجالة..احفظوا كرامة بلدكم..ارفعوا رأسكم فخرا بجيشكم..واجهوا أكاذيب الإخوان وكارهى الوطن.. قاتلوهم كما قاتل جيشكم الإرهابيين..إرهابهم واحد ولا يتجزء».

وأضافت لـ «صوت الأمة»: «فى ظل أزمة كورونا تقوم وزارة الصحة بانتداب الأطباء للعمل لمدة 14 يوما بمستشفى العزل كل حسب دوره وبنطاق محافظته، وحينما تم تكليفى للعمل بمستشفى العزل بالعجمى لمدة 14 يوما نفذت التكليف، وشاركت فى علاج مصابى كورونا بالعزل، وحققنا وزملائى نتائج مذهلة وتحولت العديد من الحالات من إيجابية إلى سلبية، وخرجوا بعد شفائهم من المستشفى، وعقب انتهاء مدتى، تطوعت من نفسى للعمل لمدة 14 يوما أخرى بمستشفى العزل، وذلك بعدما شاهدت تزايد الحالات الواردة إلى المستشفى، وهذا سبب مقولتى (لن أغادر المستشفى إلا بعد شفاء آخر مريض)، وبالفعل أكملت 28 يوما بمستشفى العزل، وأنهيت مدتى بالعزل، وعاودت العمل من مستشفى أبو قير العام التى أمارس دورى فيها كإخصائى جراحة، ولن ألتفت إلى أى شائعات تستهدف شق الصف بين الأطباء، فأنا أمارس دورى كطبيبة وأنتظم فى عملى ابتغاء وجه الله».

وأكدت الدكتورة هاجر، أن المستشفيات العام لا تقل دورها عن الدور الذى تقوم به مستشفيات العزل، بل أخطر وأصعب، وأضافت «نحن كأطباء نعلم ذلك، لأن مستشفى العزل مؤهلة للتعامل مع حالات كورونا، أما المستشفيات العام فتتعامل مع جميع الأمراض من بينها فيروس كورونا، ومع ذلك نحن نؤدى عملنا على أكمل وجه».

وقدمت الدكتورة هاجر الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسى، لتكليفه الصحة بفتح تحقيق عاجل فى وفاة زميلهم الطبيب وليد يحيى، وأكدت أن الدولة تقف خلف الأطباء منذ أزمة كورونا، وقدمت لهم الدعم المادى والمعنوى، وأبدت استياءها من الهجوم الشرس ضد الأطباء من البعض، وقيامهم ببث الإحباط بين الأطباء، فى حين أن الأطباء يعملون ابتغاء وجه الله.

من جهتها أكدت الدكتورة شيرين الجيار، استشارى طب الأطفال والتغذية العلاجية بمستشفيات جامعة القاهرة، وزوجة الشهيد الدكتور هشام الساكت، وكيل كلية طب قصر العينى لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أنها وزملاءها على العهد والقسم ولن يتخلى أطباء مصر عن المرضى مهما كانت الظروف، وبعثت برسالة لأطباء مصر بمواصلة الجهد  والعمل فى خدمة المرضى فى مقطع فيديو لاقى رواجا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعى، روت خلاله بطولة زوجها الذى كان يعمل تحت ضغط عمل بسبب تزايد حالات كورونا، وظل يؤدى رسالته، ويقدم خدمة طبية للمرضى ومارس عمله حتى آخر لحظة فى حياته، رغم إصابته بفيروس كورونا.

وقال الدكتور هشام عطا، مساعد وزير الصحة السابق، إن الوقت غير مناسب للالتفات لمثل هذه الشائعات، لأن المعركة الحالية تستدعى التكاتف والتماسك من أجل الوطن وأهلنا، وقال: «هذا واجبنا كأطباء مع الوضع فى الاعتبار أن وزارة الصحة عليها دور فى حماية الأطقم الطبية، والوزارة تعى هذا الدور جيدا، ولابد أن تكثف الوزارة من هذا الدور لبث الطمأنينة بين الطاقم الطبى بأن ظهره من الخلف محمى، من وزارته».

وأشار عطا، إلى أنه لا داعى لإثارة البلبلة والذعر بين الأطقم الطبية، متسائلا: «لمصلحة من بث الذعر بين الطاقم الطبى والتمريض؟، ولا يوجد أمامنا كأطباء حل غير المواجهة، وتقديم كل إمكانياتنا كأطباء مهما كانت بسيطة ومهما كان الثمن الذى سيدفعه الطبيب فهذه ضريبة المهنة، ورحم الله شهداءنا».

وقال الدكتور محمد حسنى، إخصائى القلب والأوعية الدموية بمجمع الرحاب التخصصى: «نحن كأطباء نؤدى عملنا دون النظر لأى اعتبارات أخرى أو عائد، لأنه واجب مجتمعى تجاه المرضى ومبتغاه لوجه الله، ونحن كأى فئة لنا مطالب مشروعة من الدولة لتسهيل مهمة عملنا، ولكن الوقت غير مناسب الآن، فنحن نؤدى رسالة بمقابل أو دون مقابل، هذا ما ارتضيناه لأنفسنا عند أداء القسم»، مؤكدا «أنا أتحدث عن نفسى لن أتقدم باستقالتى وسأظل أمارس عملى على أكمل وجه مهمها كانت الضغوط أو الظروف لحين عبور أزمة كورونا، ومن ثم نطالب بحقوقنا المشروعة من الدولة».

الدكتور عيد سالم موسى، استشارى جراحة عامة، قال «إن رسالة الطبيب إنسانية، وهذه المهنة قدرها الله لنا كأطباء وعلينا واجبات تجاه الوطن وسنحاسب عليها، وكون طبيب يتعرض لعدوى أثناء العمل، فهو مثله مثل أى إنسان معرض للإصابة، كما أن الأطباء منذ عملهم بالمهنة يعلمون أنهم معرضون للإصابة بأى عدوى أثناء ممارسة مهنة الطب، وجميعا نأخذ احتياطاتنا الطبية، والحذر لا يمنع القدر فى النهاية».

واستكمل: «لكن ما يحدث من محاولات التأثير على أطباء مصر الشرفاء لإثنائهم عن أداء رسالتهم بالتحريض من بعض ممن لديهم توجهات نعلمها جميعا لتقديم استقالات جماعية وإظهار أطباء مصر بالجندى الهارب من الحرب، هذا لن نقبله على أنفسنا كأطباء، فنحن فى الصفوف الأولى فى مواجهة أى أمراض، وليس فيروس كورونا فقط، وسنقاتل لآخر نفس بأدواتنا الطبية وإمكانياتنا التى تعلمناها على مدار سنوات لمكافحة هذا المرض اللعين مهمها كلفنا الأمر».

وأضاف الطبيب سالم موسى: «هناك إجراءات احترازية علينا اتخاذها أثناء العمل، كما أن هناك إجراءات تستلزم توفير بعض الإمكانيات الخاصة التى تقلل من نسبة الإصابة بالعدوى، وهذه الإمكانيات بسيطة جدا، ويمكن توفيرها للطبيب عن طريق جهة العمل، ومع هذا فى ظل الظروف التى تعانيها الدولة من مكافحة الفيروس المستجد وربما مع قلة هذه الإمكانيات فهذا لا يعطى الحق للطبيب خلق أزمة جديدة بالتنصل من مسئوليته الطبية والهروب من أداء ما يمليه عليه ضميره تجاه المرضى، وألا يبخل بما تعلمه من مهنته».

فيما قال الدكتور هانى راجى، رئيس قسم القلب السابق بمعهد القلب: «نرفض استغلال أطباء مصر كسلاح سياسى ضد وطننا، وهناك تيارات تحاول استغلال ذلك ولا يجب خلط الأمور»، لافتا إلى أنه لا خلاف أو جدال على ضرورة توفير أدوات الحماية الشخصية للأطباء العاملين فى الصفوف الأولى على أعلى مستوى وتدريبهم على استعمالها، وتوافر أماكن لعلاجهم والتمريض وأسرهم فى حالة الإصابة بالعدوى، ومن حق الطبيب المطالبة بتوفير هذه الإمكانيات فكلها حقوق مشروعة لنا، ومع هذا لن نسمح للمتربصين باستغلال هذه الأزمات.

الدكتور نبيل عبد المقصود، أستاذ طب القاهرة ومدير مستشفى قصر العينى الفرنساوى سابقا، قال إنه لا يوجد طبيب مصرى وطنى سوف يترك مريضا فى حاجة إليه، لأن هذا ضد القسم الذى أقسمناه، وعلى الأطباء توخى الحذر من تمكين بعض المغرضين استخدام مطالبكم المشروعة فى توفير وسائل الحماية الشخصية أثناء العمل، وتوفير مستشفيات للعلاج فى حالة الإصابة واستغلالها للهجوم على مؤسسات الدولة.

وأضاف عبد المقصود أنه فى جميع دول العالم، حدثت وفيات بين الأطقم الطبية، ولم يستغلها أحد ضد بلده، مع العلم أنهم كانوا يملكون كل وسائل الحماية، والوفيات حدثت ولم تستغل بطريقة تسيء إلى البلد، وتهدم المنظومة، مطالبا وزارة الصحة بالعمل على التواصل المستمر مع الأطباء والحرص على توفير المبادئ الأساسية لطمأنة الأطباء وحمايتهم من هذا الميكروب اللعين.

وقال الدكتور أحمد نصر، مدير وحدة مقدمى الخدمة الطبية بوزارة الصحة، إن كل من يعمل فى الوزارة فى هذه المرحلة، يركزون فى المجهود الذى يقدمونه فقط، لافتا إلى أن الوحدة تقدم كل أوجه الدعم لمقدمى الخدمة الطبية، وهى وحدة تم إنشاؤها مؤخرا، موضحا أنه منذ منتصف شهر أبريل أجرينا 19 ألف تحليل لكل العاملين فى مستشفيات المخالطين والمترددين لجميع الفرق الطبية و8000 تحليل بى سى آر وهى المسحة.

فيما قال الدكتور شريف وديع، مستشار وزير الصحة للرعايات والطوارئ، إن هناك 11 طبيبا توفوا داخل مستشفيات العزل بسبب فيروس كورنا، كما أن هناك 291 إصابة لأعضاء بالأطقم الطبية، منهم 69 طبيبا، وهى أرقام عادية بالنسبة للأرقام الموجودة فى العالم، مؤكدا أن الطبيب يؤدى خدمة جليلة وهو شهيد واجب.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق