حتى لا تقع في بئر «خطأ ببجي».. لماذا شكرت دار الإفتاء اللعبة المثيرة للجدل وحرمت بوكر والبوكيمون؟

الجمعة، 05 يونيو 2020 01:00 م
حتى لا تقع في بئر «خطأ ببجي».. لماذا شكرت دار الإفتاء اللعبة المثيرة للجدل وحرمت بوكر والبوكيمون؟
منشور دار الإفتاء تضمن شكر لعبة ببجي
محمد فزاع

ألعاب إلكترونية تظهر كل يوم على شبكات الإنترنت، يتداولها الشباب على نطاق واسع بحثًا عن الترفيه والتسلية، لتصبح إدمانًا بين الجميع دون النظر ما إذا كانت مفيدة أم ضارة، وهل من الممكن أن يرتكب ذنب بممارستها أم لا؟، لكن في النهاية يكون المستفيد الأكثر الشركات المصممة، إذ قدرت أرباحها السنوية ما يزيد على 165مليار دولار حتى العام 2020، متفوقة على عائدات السينما العالمية.
 
global_games_market_2012-2021_per_segment
 
وبعدما كان الكثيرون ينظرون لعالم الألعاب الإلكترونية باستخفاف، باتت اليوم قطاعًا مرعبًا لا يستخف به، حيث يدفع الأهالي بأبنائهم من أعمار مختلفة إلى استخدمها دون أي ضوابط أو رقابة، كان آخرها تلك لعبة PUPG، التي يمارسها الشباب في مصر على نطاق واسع، باستخدام تحديثاتها المستمرة، ما دفع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إلى إصدار بيان يحرم اللعبة ويكرر تحذيره منها.
التحديث الأخير للعبة الشهيرة عالميًا أثار حالة من الجدل خلال اليومين الماضيين، عقب صدور تحديث جديد يحتوي في أحد مراحله على ركوع اللاعب لصنم، ما يخالف الدين الإسلامي، وفي الإصدار الجديد، ظهرت تلك التماثيل الجديدة وهي تقوم بحركات تشبه عبادة الأصنام، وذلك من أجل الحصول على معدات جديدة يتم استخدامها لاجتياز مراحل ببجي.
وجاء في بيان مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: «من بين هذه الألعاب لعبة بابچي pubg بعد تكرر حوادث الكراهية والعنف والقتل والانتحار بسببها، ولم يتوقف خطرها عند ما سبق ذكره فحسب، وإنّما تجاوزه إلى التأثير بشكل مباشر على عقيدة أبنائنا، ليزداد خطر هذه اللعبة في الآونة الأخيرة بعد إصدار تحديث لها يحتوي على سجود اللاعب وركوعه لصنم فيها، بهدف الحصول على امتيازات داخل اللعبة».
 
maxresdefault (3)
 
وقال المركز: «لم يتوقف خطرها عند ما سبق ذكره فحسب، وإنّما تجاوزه إلى التأثير بشكل مباشر على عقيدة أبنائنا؛ ليزداد خطر هذه اللعبة في الآونة الأخيرة بعد إصدار تحديث لها يحتوي على سجود اللاعب وركوعه لصنم فيها؛ بهدف الحصول على امتيازات داخل اللعبة».
 
وتابع: «لا شك هو أمر شديد الخطر، عظيم التأثير في نفوس شبابنا والنشء من أبنائنا الذين يمثِّلون غالبية جُمهور هذه اللعبة؛ فلجوء طفل أو شاب إلى غير الله سبحانه لسؤال منفعةٍ أو دفع مَضرَّةٍ ولو في واقع إلكتروني إفتراضي ترفيهي؛ أمر يشوش عقيدته في الله خالقه سُبحانه، ويُهوِّن في نفسه عبادة غيره ولو كان حَجَرًا لا يضر ولا ينفع».
 
 
من جانبهم قال مطورو لعبة بابجي في بيان عبر الصفحة الرسمية للعبة على فيس بوك: «يودّ فريق ببجي موبايل التطرّق لمسألة القلق والمخاوف التي نتجت عن التحديث الأخير في اللعبة، ونودّ أن نعبر عن أسفنا الشديد حيال تسبب الخصائص الجديدة في اللعبة بالاستياء لدى بعض لاعبينا. نحن نقدر ونحترم قيم وتقاليد وممارسات لاعبينا ونشعر بالأسف لتسببنا بأي ضرر أو استياء، لذلك باشرنا باتخاذ الإجراءات اللازمة وأزلنا الخاصية المزعجة ونعمل على إزالة المحتوى البصري المتعلق بها». 
 
وأوضح البيان: «يقدّر فريق لعبة ببجي موبايل ويحترم جميع الأديان والثقافات ويبذل أقصى ما بوسعه لتوفير بيئة لعب آمنة وشاملة للجميع. وسنستمر بالاستماع إلى آراء لاعبينا وتحسين لعبتنا وخطوات فحص الخصائص والمزايا الجديدة قبل إطلاقها لنضمن أن اللعبة تناسب كافة أديان وثقافات وممارسات اللاعبين، ونودّ أن نشكر لاعبينا على لفت انتباهنا لهذه المشكلة ومساعدتنا في تحسين تجربة اللعبة للجميع».
 
 
بيان مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، كان حاسمًا في التحذير من اللعبة موجها بعض التعليمات إلى أولياء الأمور لتحصين أولادهم من خطر هذه الألعاب، وتنشئتهم تنشئةً واعيةً سويّةً وسطيّةً، لكن ما أثار حالة من اللغط لدى المستخدمين للعبة، نشر دار الإفتاء لمنشور وتوجيه الشكر للقائمين على لعبة «ببجي»، بعد استجابتهم السريعة لحذف التحديث الجديد الذي يحتوي على ركوع اللاعب للصنم.
 
منشور دار الإفتاء جعل الشك يساور الآباء ومستخدمي اللعبة حيث اختلفت الآراء فمنهم من يرى أن توجيه الشكر إلى اللعبة أمر يدعوا إلى عدم القلق من ممارستها، وأعطى مبررًا للرد بعدم وجود ضرر ديني أو جسدي في الاستمرار في تداول هذه الألعاب بين الشباب، وأنها «حلال» ولا ريب فيها.
 
Capture
منشور دار الإفتاء بشأن لعبة بابجي
 
منشور دار الإفتاء على «فيس بوك» فتح مزيدًا من الجدل لا غنى عنه، خاصة وأنها تنشر فتاوى لحسم السجال في الأمور الحياتية مثل انتشار الألعاب ومشروعيتها تحصينا للشباب، إما بالانتحار أو ضياع الوقت والأموال فيها، إذا كان من الواجب التحذير بعد توجيه الشكر من استخدام الألعاب بشكل عام والتي يترتب عليها وقوع الضرر، عملا بمبدأ «إضاعةُ الوقتِ من من علامةِ المقتِ» وعدم انقضاء الأعمار سدىً، حيث لا تختلف «ببجي» عن ألعاب أخرى حُرمت مثل «بوكر»، كونكر، «البوكيمون جو»، «مومو»، «الحوت الأزرق»، وأخيرا «كسارة الجمجمة»، 
 
وكان سبق لعبة «بابجي» تحريم الأزهر لألعاب أخرى، حيث أعلن في العام 2013، تحريم لعبة «بوكر»، وأكد العالم الأزهري جمال قطب، رئيس لجنة الفتاوى الأسبق، أن اللعبة عبارة عن قمار افتراضي، وأنها استنزاف للوقت، دون الحصول على قيمة، مشيرًا إلى أنها تشجع الشباب على لعب القمار الحقيقي.
 
screen-5
 
كما حرّم مركز الأزهر العالمي للفتوى لعبة «الكونكر»، واعتبرها تفتقد الضوابط التي حث عليها الإسلام، مشيرًا إلى أن أكبر المخالفات في اللعبة هو احتواؤها على قمار، إذ يلعب فيها أكثر من شخص على رصيد وهمي من النقود على شكل نقاط.
 
2015_1410529157_211
 
أما لعبة البوكيمون جو، في العام 2016، حرمها الأزهر الشريف مؤكدًا أنها تحوي كثيرًا من المفاسد، وأصبح الأطفال والشباب يسيرون في الشوارع يبحثون عنها، بل أنها تصيب بالإدمان الكامل، لهذا النوع من التطبيقات الإلكترونية حيث تجعل اللاعب لا يمارس أي نشاط بسبب الإرهاق الذهني الذي يتعرض له، وبالنسبة للأطفال فتصيبهم بالعزلة والانطوائية، فضلًا عن أنها تمثل تهديدا للأمن القومي للبلاد.
 
وفي منتصف العام 2018، انتشرت لعبة «مومو» التي تدفع الأطفال إلى الانتحار، عبر صورة في واتساب تصحبها رسالة مخيفة وتهديد بإخفاء هذا الشخص من العالم، ما دفع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إلى تحريمها، لأنها تستخدم أساليب نفسية معقدة تحرض على إزهاق الروح من خلال القتل.
 
وفي العام نفسه، أصدر الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، فتوى أكد فيها حرمانية المشاركة في لعبة «الحوت الأزرق»، وأن على من اشترك فيها أن يسارع بالخروج منها، وذلك لتسجيل المستخدم بنقش رمزٍ على جسده بآلة حادة؛ كالسكين أو الإبرة أو نحوهما، وفي هذا الفعل إيذاء من الإنسان لنفسه، وهو أمرٌ محرم شرعًا، كما أن المشارك في نهاية اللعبة يقوم بأحد فعلين: إما أن يقتل نفسه وهو الانتحار، أو يقتل غيره، وقد حَرَّمت الشريعةُ الإسلامية إتلافَ البدن وإزهاقَ الروح. 
maxresdefault (4)
 
وفي فبراير من العام الحالي، حرم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، ممارسة لعبة «كسارة الجمجمة»، والتي تقضي بتصوير أصدقاء خلال محاولة رفعهم من على الأرض وإيقاعهم على رؤوسهم، مؤكدًا أن لعبة كهذه ليست من مثُيرات الضحك لدى أصحاب الطبائع السوية، ولا دُعابة فيها، وتؤدي إلى إصابات بالغة، وأضرار جسيمة، كارتجاج المخ ونزيفه، وكسر الجُمجمة، وكسر العمود الفقريّ، وإصابة الحبل الشّوكيّ، والموت.
 
الجدير بالذكر أن لعبة ببجي المعروفة بلعبة ساحات معارك اللاعبين المجهولين صدرت في العام 2017 وكانت نسختها الأولى مخصصة لأجهزة الكمبيوتر وأنظمة تشغيل ويندوز وإكس بوكس ون، ليتم فيما بعد طرح النسخة الجديدة للهواتف المحمولة وأنظمة تشغيل آندرويد ونظام ios.
 
وتنتمي اللعبة إلى ألعاب البقاء، حيث يحاول اللاعب أن يحافظ على حياته داخل اللعبة حتى النهاية، وذلك من خلال اتباعه استراتيجية ناجحة في تجميع الأسلحة والذخائر والدروع، والحفاظ على نفسه بمواجهة اللاعبين الآخرين وقتلهم جميعاً، وفي التحديث الجديد الذي طرح منذ فترة قصيرة تمت إضافة وسيلة جديدة للفوز وهي الإنحناء لمجسم عملاق، ما اعتبره البعض إنه نوع من أنواع العبودية لغير الله.
 
ليست هذه أول مرة يحذر فيها «الفتوى للأزهر»، من لعبة ببجي، ففي 2018 أصدر بيان تحذيري حين تم رصد حالات قتل من مستخدمي هذه اللعبة، ما دفعه لإصدار بيان بتحريمها وبيان أسباب ذلك، فذكر في البيان أن الله قد حرم ارتكاب أي شيء يهدد حياتنا وسلامة أجسامنا وأجسام الآخرين فقال تعالى: «وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا».

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق