50 ألف قطعة أثرية رهن الحبس الاحتياطي.. مشروع المتحف الكبير إلى أين؟
السبت، 06 يونيو 2020 06:00 م
يبدو أن 50 ألف قطعة أثرية تقريبا قد صاروا رهن الحبس الاحتياطي داخل المتحف الكبير، هذا هو الحال الأن بعد تأجيل افتتاح المشروع الأضخم في العالم والذي يضم ألاف القطع الأثرية التي جاءت من مختلف المتاحف المصرية، والتي تم وضعها في فتارين داخل المتحف الكبير، حيث جاء إعلان التأجيل الثاني والذي كان مقررا له في نهاية 2020 بسبب الظروف التي فرضها فيروس كورونا المستجد وتقليل عدد العمالة المتواجدة داخل المشروع الذي يقام في منطقة الاهرامات.
هذا التأجيل هو الثاني لافتتاح المتحف الكبير، حيث سبق وتم تأجيل افتتاحه للمرة الأولي والذي كان مقررا له في عام 2019، بعد أن أعلن المشرف العام على المتحف المصري الكبير، إنه من المتوقع الانتهاء هندسيًا من المرحلة الأولى لمشروع المتحف نهاية هذا العام (2018)، تمهيدًا لافتتاحها في غضون الربع الأول من عام 2019، إلا أن هذا لم يحدث ليتم تأجيل الافتتاح لنهاية عام 2020، إلا أن هذا لن يحدث بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا وتسببه في تعطيل جزئي للعمل بعد أن اضطرت إدارة المشروع لتقليص عدد العاملين ليصل ل 1700 عامل فقط من بين 5 ألاف عامل كانوا يعملون ليل نهار لإنجاز المشروع الأثري الأضخم في مصر.
الغريب أن البعض فسر تأجيل افتتاح المتحف المصري الكبير للعام المقبل، بمعني وقف عمليات التشييد والبناء، بما يخالف الحقيقة، ووصل الأمر إلي التمادي بنشر شائعات بعد أن تم الاعلان عن عدد من القرارات منها إجراء الكشف علي العاملين الذين ينتمون لمناطق ظهرت حالات بها، من بينهم 6 خبراء أجانب، مع خفض حجم الشركات العاملة إلي نحو 80% احترازيا، حفاظا علي سلامة نحو 5.5 ألف شخص ينتمون لحوالي 75 شركة يعملون في المتحف، والإبقاء فقط علي أصحاب الأدوار المحورية كشركة الزراعات، وذلك دون أن يتوقف العمل في المشروع يوما واحدا.
ورغم هذه الظروف الصعبة التي تمر بها مصر والعالم بسبب فيروس كورونا، إلا أن العمل لم يتوقف، حيث تتواصل عمليات نقل الآثار المختلفة إلى المتحف بشكل مستمر، والتي تتنوع ما بين آثار فرعونية ثقيلة وتماثيل من أحجام مختلفة، وقطع خشبية من مركب خوفو الثانية، وذلك بعد استخراجها من الحفرة الخاصة بها بالقرب من هرم الملك خوفو بمنطقة أهرامات الجيزة الأثرية.
وأوضح اللواء عاطف مفتاح المشرف العام على مشروع المتحف المصرى الكبير والمنطقة المحيطة به، في بيان سابق، أن عدد القطع التي استقبلها المتحف منذ بدء استخراج أول قطعة خشبية من المركب عام 2014 وحتى الآن بلغ 1006 قطعة، مشيرا إلي أن من أهم القطع الأثرية التي استقبلها المتحف المصري الكبير مؤخرًا، مجموعة مكونة من 356 قطعة أثرية من متحف التحرير من بينها 57 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون، و11 قطعة سيتم عرضها على الدرج العظيم، كما ضمت هذه القطع تمثالي للآله بتاح، ويتراوح أوزانهما ما بين 5 و6 أطنان، وتمثال من الجرانيت الوردي للملك رمسيس الثالث، وتمثال من الجرانيت الأسود للملك تحتمس الثالث، بالإضافة إلى ناوس للملك نختنبو وصندوق من الكوارتزيت لحفظ الأوانى الكانوبية من مجموعة الملك تحتمس الثالث.
كما استقبل المتحف الكبير التماثيل العشرة الخاصة بالملك سنوسرت الأول، ليتم إيداعها داخل البهو العظيم، تمهيدًا لوضعها في مكان عرضها الدائم بالمتحف. وأوضح الدكتور الطيب عباس مدير عام الشؤون الأثرية بالمتحف المصري الكبير، أن مجموعة تماثيل الملك سنوسرت الأول تم الكشف عنها عام 1894 داخل حفرة في المعبد الجنائزي للمجموعة الهرمية للملك سنوسرت الأول بمنطقة اللشت بالفيوم، وهي مصنوعة من الحجر الجيري، وتم نقلها إلى المتحف المصري بالتحرير عام 1895، وتصور هذه المجموعة الملك سنوسرت الأول في مرحلة الشباب، وهو جالسًا على كرسي العرش.
الجدير بالذكر أن التعامل مع العاملين بالمشروع يتم عبر خطة صحية تم وضعها تقوم علي التعامل مع أي حالات اشتباه بدءا من دخول البوابة عبر كشف القياس الحراري، مرورا بممرين للتعقيم من بينهما خيمة تم استخدام فيها فكرة الرش بالتنقيط المستخدمة في الزراعة، وصولا إلي ارتداء القفازات والكمامات للوقاية، كما تم تقسيم مواعيد الحضور والانصراف علي ثلاث مراحل، يفصل بينها نصف ساعة، وبالمثل مواعيد الراحة، وذلك لمنع التكدسات، إلي جانب نقطة طبية يتوافر 8 أطباء فيها يوميا، وأعمال تطهير وتعقيم شاملة للأتوبيسات الناقلة للعمالة ومواقع العمل.
كما تم وضع أجهزة تأمينية غاية في الدقة تتعامل مع جميع الاحتمالات من بينها الاقتحام، في ظل وجود 28 نظام سيطرة وتحكم لتأمين القطع الأثرية والزائرين، تغطي كل شبر داخل المتحف، وتكشف كل أرجاء المتحف بطول أسواره الخارجية من خلال كاميرات حرارية وكاشفة، بالإضافة إلي أجهزة دخول البوابات التي تتكون من 3 نوعيات: الأولي ماسح ضوئي للأجسام، والثانية للكشف عن الحقائب والثالثة اسطوانة شفافة أكثر تعقيدا في حالة الشك، وإلي جانب التأمين الشرطي في 10 غرف تحكم، سيكون هناك موظفو أمن يتبعون الشركات العاملة، فضلا عن تدريب العاملين علي مكافحة الحرائق.
ويقام المتحف الكبير علي مساحة تتجاوز 118 فدانا، وتشغل أبنيته مساحة تقدر ب 100 ألف متر مربع، من ضمنها 45 ألف متر للعرض المتحفى، وتشمل المساحة الباقية مركز أبحاث، ومعامل للترميم، ومكتبة متخصصة فى علم المصريات، ومركزا للمؤتمرات، وأماكن مخصصة لخدمة الزائرين، مثل المطاعم وسينما ثلاثية الأبعاد، ومحال لبيع الهدايا والأثر المستنسخ، وكافيتريات.
ويتبقي من تنفيذ حجم أعماله نحو 4% بالغة التعقيد، تنقسم إلي شقين، الأول يعتمد خامات محلية الصنع في عملية الإنشاءات كالرخام والحديد، يتم تشييدها بأياد مصرية وهو أمر متوافر، والثاني غير متوافر لاعتماده علي مواد يتم استيرادها من الخارج، ونحو 1000 أجنبي ينتمون لـ50 دولة ويعملون في 11 شركة أجنبية، من بينهم 34 خبيرا ومصمما، غير متواجدين لمغادرتهم البلاد بسبب تداعيات «كورونا».